في خضم الجهود التي تُبذل على أكثر من صعيد لمحاصرة ما تظهره الأرقام من زيادة عدد المصابين بوباء كورونا والتدابير الجديدة التي قد تتخذها الحكومة اليوم مع التوجه الى إقفال عام حتى نهاية الأسبوع والتشدد بفرض الحجر المنزلي تداركاً لخطر انتشار العدوى بالتزامن مع المرحلة الثالثة لعودة المغتربين، قفز الى الواجهة السياسية المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والهجوم الذي شنّه على التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، محمّلا اياهم مسؤولية ما وصلت اليه البلاد من “دمار وخراب منذ حرب التحرير الى اليوم”، على حد قوله.
هذا التصعيد رأت فيه مصادر متابعة في اتصال مع “الأنباء” بأن معركة رئاسة الجمهورية قد فُتحت على مصراعيها، مشيرة الى اصرار فرنجية على بعث رسالة الى حزب الله مفادها “اذا كنتم تريدون رئاسة الجمهورية فيجب أن تأخذوها من بنشعي وليس من ميرنا الشالوحي بعد ان برأتم ذمتكم بالنسبة لتفاهم مار مخايل، واليوم آن الأوان لتصويب البوصلة لأن الغطاء المسيحي الذي تبحثون عنه ما زال في عهدتكم فلا تضيعوا البوصلة هذه المرة”.
مصادر “تيار المردة” أوضحت عبر “الأنباء” ان ما كشفه فرنجية كان “مجرد عناوين أراد تذكير الرئيس ميشال عون وباسيل بها، وأما التفاصيل الدقيقة التي ستقلب الأمور رأسا على عقب لم يحن موعدها بعد، وهذا يتوقف على ردة فعل التيار التي لم تكن بحجم اتهامات فرنجية له”.
وأكدت مصادر “المردة” أن فرنجية “لن يتوقف بهجومه على التيار والعهد عند هذا الحد بل سيتناول في المرة المقبلة الصفقة التي أبرمها عون مع القيادة السورية لتحقيق عودته إلى لبنان في 7 أيار 2005”.
مصادر “التيار الوطني الحر” اعتبرت في اتصال مع “الأنباء” أن المؤتمر الصحافي لفرنجية “لا يرقى الى مستوى الرد من خلال محاولته تأليب الرأي العام اللبناني على التيار ورئيسه ورئاسة الجمهورية، وهو الذي يعتبر أن الرئيس عون قد انتزعها منه، في وقت كان ينبغي عليه ان يعلن انه مستعد لتسليم المطلوبين الى القضاء دون التباهي بحمايتهم”.
وشددت مصادر “الوطني الحر” على أن “أحدًا لا يريد رأس فرنجية، فالتيار يملك كتلة نيابية توازي ربع عدد نواب المجلس بينما كتلة فرنجية لا تصل الى 5 نواب”.
توازيا، أعربت مصادر عين التينة عبر “الأنباء” عن أسفها لوصول الأمور الى هذا المنحى “في وقت أحوج ما يكون البلد الى التضامن والتكاتف للتصدي لأزمة كورونا والأزمات الاقتصادية والنقدية ومنع التهريب ومكافحة غلاء الأسعار والتهريب التي يعاني منها اللبنانيون”. وفيما اعتبرت ان “الكلام في السياسة مسموح”، أيدت مصادر عين التينة ما قاله فرنجية بأن “لا تكون الاستدعاءات في ملف الفيول المغشوش استنسابية ويجب الذهاب بالتحقيقات الى نهايتها”.
على صعيد اخر، تتجه الأنظار اليوم الى بدء مفاوضات وفد صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اللبنانيين والتباحث معهم بشأن خطة الحكومة الاقتصادية ومطالبة لبنان صندوق النقد بتقديم مساعدة فورية لانتشاله من الانهيار قبل فوات الأوان. وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة أسماء ممثليها للتفاوض مع الوفد الى جانب وزير المال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأسماء ممثلي رئيس الجمهورية في هذه المحادثات، علمت “الأنباء” من مصادر حكومية ان هذه المرحلة من التفاوض مع وفد صندوق النقد سيكون استطلاعية وقد تبحث في عناوين الخطة الاقتصادية ولن تدخل في تفاصيلها وشروط الصندوق للمساعدة، لأن ذلك ستتم مناقشته في اللقاءات المقبلة التي ستتكرر بشكل روتيني بمعدل مرة او مرتين في الشهر او كلما تقتضي الحاجة.
عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم اوضح في حديث مع “الأنباء” ان لقاءات صندوق التقد قد تضع لبنان تحت المراقبة الشديدة من قبل المراجع الدولية المهتمة بدعم الدول التي تلجأ اليها لطلب المساعدة، وأن صندوق النقد بما يُعرف عنه لا يمكنه ان يقدم مساعدات مجانية لأحد، فهو ينطلق في محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين من بوابة الاصلاحات التي تشمل بالدرجة الأولى الكهرباء والضريبة على القيمة المضافة والادارة والضرائب والهدر والجمارك ومالية الدولة وعدد الموظفين ورواتبهم، وحقيقة التلاعب بسعر صرف الدولار، كما ستراقب التحقيقات الجارية بالنسبة للفيول المغشوش وتهريب المازوت والطحين والدولار الى سوريا.
وأمل نجم ان يراعى الجانب الاجتماعي في المحادثات مع صندوق النقد لأن الهم المعيشي ينذر بكارثة حتمية اذا لم تجد الحكومة العلاج الشافي له.
من جهة أخرى، جاءت لافتة زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى بيت الوسط ولقائه الرئيس سعد الحريري، التي أتت بعد أيام من لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث اكد نجم ان علاقة جنبلاط بالحريري راسخة ولا يمكن لأحد ان يؤثر بها، واصفا جنبلاط بالوفي، والحريري لا يمكن ان يتخلى عن علاقته به.