تتزاحم ملفات الفساد على «طاولة» الحكومة وفي القضاء، وفيما لا تزال الاسعار على ارتفاعها وسط غموض في مستقبل سعر صرف الدولار، يأمل اللبنانيون ان يكون مجلس الوزراء قد وضع بالامس خطة الكهرباء على «سكتها» الصحيحة بعد سنوات تسبب فيها القطاع بنصف الدين العام… في هذا الوقت بدأت الاجراءات العملية على الحدود لوقف عمليات التهريب مع انطلاق اليوم الاول من تجديد التعبئة العامة، حيث شهدت غالبية المناطق اقفالا تاما، وسير الجيش والقوى الأمنية وشرطة البلديات دوريات لضبط المخالفات والسهر على حسن تنفيذ القرار، فيما اجرت الطواقم الطبية فحوصات «البي سي آر» في مختلف المناطق، على وقع تسجيل 8 إصابات جديدة بكورونا في لبنان 6 من بين المقيمين و2 من بين الوافدين.
وبانتظارالتقويم النهائي للاقفال يوم الاحد «ليبنى على الشيء مقتضاه»، دخلت واشنطن والرياض على خط السياسة اللبنانية من «بوابة» حاكمية مصرف لبنان، ومحاولة تقييد حركة رئيس الحكومة حسان دياب في التعيينات، وفيما اعلنت وزيرة الاعلام منال عبدالصمد انه جرى التواصل مع حاكمية مصرف لبنان لضخ الدولارات في السوق لتخفيف الضغط على الليرة، اشارت اوساط سياسية مقربة من رئاسة الحكومة ان العلاقة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليست على خير ما يرام، وثمة برودة كبيرة تحكم العلاقة الثنائية مع الرئيس حسان دياب المصر على تغيير سلامة وقد وصلت الامور بينهما الى نقطة «اللاعودة» بعدما بات ملف التلاعب بسعر العملة الوطنية مكتملا على «طاولة» رئيس الحكومة الذي يردد امام زوار بانه تعرض لعملية «غش معيبة» من قبل الحاكم الذي لم يزوده بالمعلومات الصحيحة حين طلبها منه، واثبتت التحقيقات انه كان يتدخل في السوق «سلبا» بعدما سبق ونفى في حديث مطول معه ان يكون المصرف المركزي على علاقة بما يدور في سوق القطع.
لماذا غاب سلامة؟
وفي هذا الاطار، جاء غياب سلامة عن الاجتماع التفاوضي الاول مع صندوق النقد الدولي، ليزيد الامور تعقيدا بين الرجلين على الرغم من الاجتماع التنسيقي الذي عقد بين وزير المال غازي وزني والحاكم قبل ساعات وتم خلاله الاتفاق على حضوره في الجولة الثانية… وكان سلامة قد غاب عن اللقاء دون اسباب موجبة، ولم يبلغ احدا بالامر، وحضر مكانه ستة موظفين من المصرف المركزي، ووفقا للمعلومات سجل الحاكم اعتراضه عمليا على خطة الحكومة الانقاذية، خصوصا مسألة توزيع الخسائر، وهو امر سبق وابلغ به «الصندوق» وسيعيد تكرار الامر في الجولة المقبلة ما يطرح علامات استفهام حول ازدواجية القرار اللبناني؟
وفيما ابدى وفد صندوق النقد حذرا شديدا في مقاربة الخطة، معبرين عن رفضهم وجود اكثر من سعر لصرف الليرة في الاسواق اللبنانية معتبرين ان اي انطلاقة جدية للاتفاق اذا ما حصل لن يتم قبل توحيد هذا السعر، وعلم ان رئيس الحكومة يرغب في ان لا يتجاوز سعر صرف الدولار 2500وهو امر ترى فيه اوساط اقتصادية امر صعب في ظل الضغوط الهائلة على الليرة.
واشنطن تسأل عن البديل؟
في هذا الوقت، تجاوزت الحكومة مرحلة «التريث» الاميركي الذي طلبته السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا قبل اعطاء جواب على هذا الملف، ووفقا لتلك الاوساط ابلغت شيا دياب قبل ايام قليلة ان بلادها لم تعد متمسكة بشخص سلامة في رئاسة المصرف المركزي، لكنها سألت عن البديل، وذلك في اشارة واضحة الى اهمية هذا الموقع بالنسبة لواشنطن التي ترغب في تأمين انتقال سلس في هذا المركز الحساس، وهي معنية على ما يبدو بمعرفة الاسماء المرشحة، وكانت السفيرة واضحة من خلال التأكيد على رغبة بلادها بشخصية قادرة على التعامل معها، ملمحة الى انها تفضل خروجا هادئا لسلامة من الحاكمية
«هواجس» بري «والهبوط الآمن»…
ولا يبدو ان هذا الملف قد «نضج» داخليا بعد في ظل معارضة الرئيس نبيه بري لاجراء تغيير في راس حاكمية المصرف المركزي الان، ولا يزال متمسكا بمخاوفه على الوضع الاقتصادي والنقدي في حال اتخذت الحكومة خطوة في «المجهول»، واذا كانت ثمة جهات سياسية تنظر بريبة الى موقف رئيس المجلس النيابي وتعتبره جزءا من سياسة «حمائية» لمنظومة سياسية واقتصادية تتحكم بالبلاد منذ نحو 30سنة، ويتجسد الامر الان في محاولة «التستر» قضائيا من قبل جهات محسوبة على بري على دور مصرف لبنان في التلاعب بسعر الدولار، فان اوساطاً سياسية مقربة من «عين التينة» لا تقف عند هذه «الترهات» ، وتشير الى ان بري يريد «هبوطا آمنا» «للطائرة» اللبنانية لان اي خطىء يرتكب الان سيكلف غاليا، كما تبقى مسألتين شديدتا الاهمية الاولى الاتفاق على البديل المناسب، اما الامر الثاني فيبقى مراقبة المواقف الاميركية التي تدعو للريبة، وهنا «التوجس» ضروري للغاية لفهم طبيعة ما يريده الاميركيون الذين يعطون اشارات متناقضة في هذا الملف، واذا كان صحيحا انهم اعطوا «الضوء الاخضر» لاعفاء سلامة من موقعه، فيبقى السؤال عما يراد من هذا الموقف؟ وهل يصدق احد ان هذه الادارة الاميركية تمنح شيئا «ببلاش»؟
لماذا زار البخاري بري؟
وفي سياق متصل، توقفت مصادر سياسية متابعة عند زيارة السفير السعودي الوليد البخاري الى عين التينة بالامس، ولفتت الى انها تأتي في اطار تحرك السفارة السعودية في بيروت على وقع التحولات المستجدة في الواقع اللبناني، فهذا التحرك للدبلوماسية السعودية الذي جاء بعد فترة طويلة من «الانكفاء»، يأتي في سياق «الاستعلام» «والاطلاع»، دون ان يكون هناك اي جديد على مستوى الانخراط السعودي على الساحة اللبنانية، لكن البخاري حمل معه الى بري «ثناء» المملكة على دوره في الحفاظ على التوازنات السياسية في البلاد ودوره الاخير في الحكومة وخارجها والذي نال اعجاب «المعارضة» بكافة اطيافها، وهو امر تؤيده المملكة وتشدد على الاستمرار بالقيام به. من جهتها اكدت اوساط «عين التينة» ان البخاري طلب موعدا منذ ايام، والزيارة تأتي في اطار الدعم السعودي للبنان مشددة على انه لم يحمل أي رسالة من المملكة الى بري.
تغيير او «كيدية» ؟
ووفقا للمعلومات، سمع البخاري في لقائه الاخير مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كلاما «ايجابيا» حيال بري، وقد ترجم «الاعجاب» بمواقفه بزيارة عين التينة، حيث تم التأكيد ايضا ثبات الموقف السعودي حيال «القيادة السنية» في لبنان، خلافا لما اشيع عن دعم المملكة لبهاء الحريري، وكان السفير السعودي واضحا لجهة عدم السماح للحكومة باعتماد «الكيدية» السياسية بحيث تشعر طائفة كبيرة في البلد بانها مستهدفة، وقد «غمز» السفير السعودي من «قناة» رئيس الحكومة حسان دياب، ولفت الى انزعاج بلاده من نياته للقيام بعملية «تطهير» في الادارة لكل ما هو محسوب على تيار المستقبل، والخط المحسوب على 14 آذار…
وكانت مصادر السراي الحكومي قد اكدت أن رئيس الحكومة اتخذ القرار بعدم التجديد او التمديد لأحد في موقعه في الادارات والمؤسسات العامة، وهو ما رأت فيه مصادر تيار المستقبل عملية «تطهير» ممنهج «وكيدية» سياسية لن تمر دون رد…
التهريب ومحاولات «الابتزاز»
وفي هذا السياق، تفيد اوساط سياسية مقربة من حزب الله بان الحكومة ليست بحاجة لاي أذن او تنسيق مع الحزب في ملف اقفال المعابر غير الشرعية، ولم يتغير اي شيء بين اليوم والبارحة، فالحزب لا يدير تلك «الشبكات» ولا علاقة له من قريب او بعيد بمن يقوم بعمليات التهريب عبر الحدود، وهي معابر قائمة قبل «ولادة» الحزب اصلا، والقوى الامنية تملك الاحداثيات وتعرف جيدا من يقوم بها على الحدود الشرقية والشمالية، وعندما قررت الحكومة التشدد في منع عمليات التهريب لم يعترض اي من الوزراء المحسوبين على الحزب، والامر لا يحتاج ايضا لاي تنسيق ميداني، والامر منوط فقط بالقوى الامنية لتقوم بمهامها… وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله واضحا في تقديم النصيحة للحكومة لفتح قنوات الاتصال الرسمية والمباشرة مع نظيرتها السورية لزيادة التنسيق الامني عبر جانبي الحدود، لانها ستكون الوسيلة الاكثر نجاعة في خفض منسوب التهريب اذا لم يكن من امكانية لمنعه كليا. وفي هذا السياق، سبق لحزب الله ان طلب من الجيش بعد معركة تحرير الجرود، تسلم كامل المنطقة مع معابرها الحدودية، وكانت الاجابة سلبية لانعدام القدرة اللوجستية عند المؤسسة العسكرية غير القادرة على تأمين العديد الكافي لتغطية الحدود، وهذا الامر تكرر خلال الايام القليلة الماضية حيث ابلغت قيادة الجيش المعنيين في الحكومة، استحالة تامين تغطية شاملة على الحدود في الشمال والبقاع… ولذلك يبقى الحل الامثل في رفع مستوى التنسيق مع دمشق لتقاسم المهام على الحدود المشتركة والمتداخلة.
حزب الله «يعبد الطريق» لدياب
وفي هذا الاطار، يعمل حزب الله بهدوء وروية «لتعبيد الطريق» امام رئيس الحكومة حسان دياب لكي يعمل على تطوير العلاقة مع الحكومة السورية، دون ان يضغط عليه، لانه في موقع مختلف عما كان عليه الرئيس سعد الحريري، فالحزب يقدر الظروف المحيطة باتخاذ قرار مماثل، ويدرك ان دياب يحتاج الى الوقت، لتهيئة الظروف الدولية والاقليمية المناسبة، ولذلك تعمل قيادة حزب الله على تحفيزه للقيام بالخطوات الملائمة التي تخدم المصلحة اللبنانية. فوقف التهريب عبر التنسيق الامني المشترك ستكون له فوائد كبيرة على الاقتصاد اللبناني المنهار، والتواصل سيفتح ابواباً كبيرة امام الاقتصاد اللبناني في السوقين العراقية والسورية، ويمنح الحكومة مساحة اكبر للمناورة في المفاوضات مع «صندوق النقد» من خلال ايجاد بدائل اقتصادية متنوعة بين «يديها» ، وكل تاخير في وضع هذا «الملف» على «الطاولة» يراكم الخسائر على الاقتصاد اللبناني، ويفتح ايضا «ابواب» التدخلات الخارجية حيث جرت خلال الايام القليلة الماضية محاولات اميركية جدية في الامم المتحدة لاعادة تسويق مسألة توسيع مهام قوات اليونيفل لتشمل الحدود الشرقية، والمستهدف طبعاً حزب الله وليس منع التهريب الحدودي، وهذا ما دفع السيد نصرالله الى حسم النقاش» قاطعا الطريق» امام اي محاولات مشبوهة تصب في خانة استغلال الاوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد لتمرير شروط سياسية وامنية…
وفيما قرر مجلس الوزراء مصادرة الشاحنات والصهاريج التي تهرب مع حمولتها، ضبطت وحدات الجيش على الحدود اللبنانية ـ السورية الشمالية والشرقية 10 صهاريج و2 بيك آب وفان محملة بحوالى 215000 ليتر من مادة المازوت، كما ضبطت شاحنتين و4 بيك آب محملة بحوالى 71 طناً من الطحين، كما أوقفت 25 شخصاً. وأحيل الموقوفون مع المضبوطات إلى الجهات القضائية المختصة. وقد طالبت وزيرة العدل ماري كلود نجم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بإجراء التعقبات في حق من يلزم في جرم تبييض اموال وذلك في كتاب وجهته اليه، بناء على المعلومات المتداولة عن عمليات تهريب مادة المازوت بكميات كبيرة عبر الحدود اللبنانية، لكون هذه العمليات تشكل جرم التهريب وفق قانون الجمارك وجرم التهرب الضريبي.
ما جديد «الفيول المغشوش» ؟
في هذا الوقت، شدد رئيس الحكومة حسان دياب خلال جلسة الحكومة على متابعة تحقيقات في المضاربة على العملة الوطنية، واكد ان الحكومة لن تتدخل في التحقيقات، لكن من حق المواطن أن يعرف الأسباب والنتائج، داعيا «لكشف جميع أسماء المتورطين، في ملف «الفيول المغشوش»، واضاف «نحن حريصون على كشف الحقيقة من دون أن نتدخل، ولن نقبل مسايرة أو كيدية» ، مشددا على أن «لن نسكت عن تمييع التحقيقات في ملفي ارتفاع الدولار والفيول المغشوش ولن نقبل المسايرة.
وفي هذا السياق تكشف التحقيقات في ملف الفيول المغشوش وجود عدد كبير من المتورطين في اكثر من مخالفة، وقد ادت مراجعة «داتا» الاتصالات الى الابقاء على أورو الفغالي موقوفة بإشارة من مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، فيما سيكون مصير كمال الحايك على المحك يوم الاثنين المقبل في ظل توسع التحقيقات في مسألة المراسلات التي تلقاها على مدى سنوات بوجود فيول «غير مطابق» واسباب عدم اتخاذه اي اجراءات لوقف التعامل بها.
الكهرباء: الأولوية للزهراني
لأول مرة تبدو ازمة الكهرباء التي تسببت بنصف الدين العام على «السكة» الصحيحة بعد موافقة مجلس الوزراء على مذكرة التفاهم مع الشركات الراغبة في بناء المعامل، وقال وزير الطاقة ريمون غجر «وافقنا مع بعض التعديلات بكل تفاصيل الاتفاق والشروط المتبادلة». واضاف «هناك استعداد من الشركات للتعاون وتم توحيد مذكرات التفاهم بمذكرة واحدة تمت الموافقة عليها والصين ابدت رغبة بالتمويل.
ووفقا للمعلومات، فإن مهلة التفاوض حددت 6 اشهر كحد اقصى، بعدها يتم تقديم العروض ورفعها الى الحكومة، وقد حصل نقاش مستفيض خلال الجلسة حول معمل سلعاتا بعد اعتراض وزراء امل وحزب الله على التكلفة العالية للاستملاكات، وبعد التصويت لم ينجح وزارء التيار الوطني الحر في وضعه على «خارطة» المعامل، وجرى الاتفاق على ان تكون الاولوية لمعمل الزهراني ودير عمار، وفي مرحلة ثانية سيجري نقاش مستفيض حول معمل سلعاتا…