لم يعكس اليوم الأول لقرار الإقفال صورة فعلية للالتزام، إذ أن ذلك اقتصر على المؤسسات العامة والخاصة المشمولة، فيما بقيت حركة المواطنين على الطرقات كما في الأيام الماضية، وقد سطّرت القوى الأمنية محاضر ضبط عديدة. وما يدعو لمزيد من القلق هو ما كان يحصل في المرات السابقة حيث كان التزام الاجراءات ما يلبث أن يتراخى فتعود وتيرة الاصابات الى الإرتفاع. وهنا يطرح السؤال مجددا، هل يلتزم المواطنون بقرار التعبئة العامة؟ وهل تكفي إجراءات التعبئة أم المطلوب أكثر؟
ومع تسجيل عدد جديد من الإصابات أمس وتحذيرات بعض المجالس البلدية من تفاقم الأمور، توقعت مصادر طبية لـ “الأنباء” زيادة أخرى في عدد الإصابات مع بداية المرحلة الجديدة من إعادة المغتربين ووصول طلائعهم من تركيا والإمارات العربية المتحدة ونيجيريا وأوكرانيا. وأكدت المصادر أن الإصابات التي أعلن عنها في شحيم وتسببت في قرار عزل البلدة ومنع الدخول اليها من غير سكانها مرتبطة بشكل أو بآخر بالكارثة الصحية التي ألمّت بالمحكمة العسكرية، والتي لا زالت تنبئ بظهور عوارض جديدة، وعلى هذا الأساس جاء قرار فاعليات البلدة ونائبيها بلال عبدالله ومحمد الحجار والبلدية في بالعزل على غرار ما شهدته برجا وبشري في المرحلة الماضية.
ورأت المصادر الطبية أن قرار العزل هو الحل الأفضل، لأن أهم شيء في الوقاية التباعد وعدم الإختلاط والالتزام بالحجر المنزلي حتى تجاوز هذه المحنة.
في مجال آخر، استمرت محاولات ملاحقة المهربين ضمن المتاح من إمكانات، وقد عملت قوى الجيش والأجهزة الأمنية على تفعيل إجراءات المراقبة والتعقب للمواد الأولية وخاصة تلك المدعومة من الدولة، كالمازوت والطحين والقمح. وتمكنت القوى الأمنية من توقيف عدد من الصهاريج والشاحنات المستخدمة في تهريب هذه المواد على عدة معابر غير شرعية في عدد من المناطق.
مصادر أمنية أوضحت لـ “الأنباء” أن القوى الأمنية “لن تكتفي بملاحقة الصهاريج والشاحنات على المعابر غير الشرعية، بل إنها ستقوم بمداهمة الأماكن التي تحمّل منها هذه المواد بعد تمكنها من جمع المعلومات وأسماء المهربين الحقيقيين”.
وفي سياق متصل، توقفت مصادر اقتصادية عند القرار الذي أعلنه رئيس النظام السوري بشار الأسد بإعفاء المواد الأولية المستوردة للصناعات السورية من الرسوم، فشددت على ضرورة درس التداعيات المحتملة لهذا القرار على الواقع الاقتصادي اللبناني، خصوصاً وأن الهدف منه تقليل كلفة انتاج الصناعات المحلية السورية، وهو الأمر نفسه الذي يسهم به التهريب عبر الحدود، حيث لفتت المصادر الى أن عمليات تهريب المواد الأساسية المدعومة من الحكومة اللبنانية، وفي ظل فارق الأسعار الذي يقارب 22 ألف ليرة في كل صفيحة مازوت على سبيل المثال، وبين مئتين وثلاثمئة دولار في كل طن طحين أو قمح، إضافة الى غيرها من السلع، فإن ذلك يضخ في السوق السورية أيضا مزيدا من المواد الاساسية بكلفة أرخص.
ودعت المصادر الاقتصادية عبر “الانباء” الحكومة اللبنانية الى ليس فقط الاكتفاء بقرارات ملاحقة المهربين، بل توفير كل ما يلزم لتحقيق ذلك وتشديد المراقبة على المعابر الشرعية وغير الشرعية لمنع التهريب الى سوريا، والطلب من المسؤولين السوريين إحترام التزاماتهم بالاتفاقيات بالسماح للصادرات اللبنانية بالمرور عبر معبر نصيب على الحدود السورية – الأردنية، ومعبر البوكمال على الحدود السورية – العراقية الى الدول العربية.
في غضون ذلك لا تزال عدم مشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامه في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تتفاعل، بعدما كان وزير المال غازي وزني قد دعا سلامه ليكون في عداد فريق التفاوض مع الصندوق. وفي معلومات “الأنباء” أن سلامه لم يشارك في الاجتماع مع الصندوق عبر السكايب إحتجاجا على عدم الأخذ برأيه بخطة الحكومة الإقتصادية وتعمّد تجاهله في الآونة الأخيرة من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة، والإعتراض الذي سجله لدى طرح الموضوع المالي وتقديم الحكومة مقاربة مختلفة لمقاربة البنك المركزي.
مصادر مالية لفتت عبر “الأنباء” الى أن الإجتماع الذي عقد بين وزني وسلامه عرضت فيه نقاط التباين، وأن سلامه وعد وزني بتقديم مقاربة جديدة شرط أن تكون مقبولة من الحكومة، وفي ضوء ذلك يتقرر مشاركته في الإجتماع المقبل، فيما كان واضحًا أن سعر الصرف وإصلاح قطاع الكهرباء هما من الأولويات التي طالب بها صندوق النقد الدولي، خصوصاً وأن الحكومة أقرت أمس لوزير الطاقة حق التفاوض مع شركات راغبة بالاستثمار في قطاع الكهرباء وتوقيع مذكرة تفاهم معها، دون اجراء مناقصة عمومية وفق القانون، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الموضوع.