لم يخرج قرار الحكومة بملف الكهرباء مطابقاً لشروط التفاوض المُضني والطويل على ما يبدو بين لبنان وصندوق النقد الدولي. فالملاحظات التي ساقها مراقبون على لجوء الحكومة إلى خيار منح وزير الطاقة حق التفاوض على توقيع مذكرات تفاهم مع شركات راغبة في إنشاء معامل إنتاج كهربائية، تبدأ من استغراب تأخير تعيين هيئة ناظمة للقطاع التي عليها يجب أن تقع مسؤولية التفاوض، إلى تغييب مفهوم من دولة لدولة حيث أن صيغة القرار الحكومي تشرعن التفاوض بين الدولة اللبنانية وشركات، إلى تغييب اعتماد القانون في ضرورة إقامة مناقصة عمومية بدل العقود بالتراضي، الى غيرها من البنود التي تركت علامات استفهام عديدة حول ما إذا كان سيقتنع المانحون الدوليون فعلاً بوجود نية إصلاح حقيقي لدي لبنان.
مصادر نيابية، فصّلت في اتصال مع “الأنباء” عيوب ما حصل في قرار مجلس الوزراء، فذكرت أن تكليف وزير الطاقة التواصل مع الشركات من دون المرور بإدارة المناقصات يُعد مخالفة قانونية، ومن الخطأ ان تدشّن الحكومة مشوارها مع صندوق النقد بها، وذلك نظراً للمعارضة الشديدة لطريقة التلزيم خارج اطار إدارة المناقصات، ما قد يبعث على الريبة من قبل الصندوق الذي لن يتردد عن مساءلة الحكومة حول التلزيمات بالتراضي بعد ان أوصلت البلد الى ما وصل اليه.
من جهته، عضو تكتل الجمهورية القوية النائب وهبي قاطيشا اكد في حديث مع “الأنباء” رفض التكتل لتلزيم معامل الكهرباء بالتراضي من دون المرور بدائرة المناقصات، معربا عن دهشته لمحاولة الحكومة تجاوز كل القوانين. ورأى ان ما يجري “هو نوع من الهرطقة التي لجأت اليها الحكومة لإيهام صندوق النقد بأنها مهتمة بقيام الدولة، وأنها تعمل على ذلك من خلال توقيف احد الصيارفة او اقفال احدى المعابر وتحميل صغار الموظفين مسؤولية الفيول المغشوش والابقاء على الرؤوس الكبيرة حرة، وكأن صندوق النقد لا يعلم أسباب الازمة اللبنانية”.
ورأى قاطيشا ان “بناء الدولة لا يتم بهذه الارهاصات وتخيير اللبنانيين بين صندوق النقد والعلاقة مع النظام السوري”.
وفي سياق آخر يثير القلق، لفتت المصادر النيابية إلى تلميح وزير المالية غازي وزنة الى قرب إقرار قانون “الهيركات” في مجلس النواب، وهو ما شكّل صدمة من جديد لدى المودعين الذين كانوا اطمأنوا لموقف رئيس المجلس نبيه بري بأن “أموال المودعين مقدسة”.
المصادر أبدت خشيتها من تصميم الحكومة على هيكلة المال العام من خلال تخفيض عدد المصارف الى النصف، إما عن طريق الدمج أو عن طريق الاقفال للمصارف المتعثرة، بحسب ما نقلت وكالة “فرانس برس” عن وزير المالية، وهو ما يفتح الباب أيضاً على جملة تساؤلات اضافية حول ما يتم تحضيره للقطاع المصرفي من خطوات غير محسوبة.
في السياق جددت مصادر مصرفية عبر “الأنباء” معارضتها لخطة الحكومة و”ما يتسرب عنها من معلومات لتدجين المصارف وتغيير هوية لبنان النقدية القائمة على السرية المصرفية والنظام الاقتصادي الحر”، رافضة تحميلها مع مصرف لبنان مسؤولية الأزمة التي يمر بها البلد.
في الشأن الصحي، أفادت مصادر طبية في اتصال مع “الأنباء” ان اجتماعا سيعقد مساء الأحد بين رئيس الحكومة والوزراء وقادة الأجهزة الأمنية المعنيين من أجل تقييم مرحلة الاقفال وامكانية رفع هذا التدبير او تجديده، الامر الذي يتوقف على نتائج الفحوصات العشوائية التي أجرتها وزارة الصحة في المناطق اللبنانية