مع اكتمال الفريق اللبناني للتفاوض مع خبراء صندوق النقد الدولي بعد انضمام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليه، هل يمكن القول إن الأمور أخذت مسارها الطبيعي وأن لبنان لم يخرج بخفيّ حنين من هذه المفاوضات شرط التزامه بالإصلاحات التي تعهّد بها قبل سنتين أثناء انعقاد مؤتمر “سيدر” لدعم لبنان وتخصيص مبلغ 11 مليار دولار لدعم الاقتصاد اللبناني وفق رزمة من الاصلاحات لم يُنفَّذ منها شيئا؟ وهل جرى توحيد الورقة اللبنانية وأزيل التباين بين سلامة والحكومة بشأن الأولويات التي تطالب بها الحكومة اللبنانية؟
أسئلة كثيرة لا تزال بلا أجوبة واضحة، وهي ترسم مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي بنتيجته ترتبط كل آمال اللبنانيين بالخروج من أتون الهلاك المعيشي الاقتصادي. وتبدو الأمور للأسف تدور في الحلقة ذاتها، خصوصًا وأن غياب حاكم مصرف لبنان عن المفاوضات في مراحلها الأولى جعل لبنان موضع شك فريق الخبراء الدوليين، الذين كرروا في الاجتماع الثاني على مدى ساعة ونصف على مسامع الفريق اللبناني شروط اقتران الخطط بعمل حقيقي تنفيذي.
مصادر الوفد اللبناني أوضحت عبر “الأنباء” أن النقاشات التي جرت الكترونياً تركزت بمعظمها حول حسابات مصرف لبنان، وأن حاكم “المركزي” شرح لخبراء الصندوق رؤيته لبرنامج الإصلاح النقدي من دون الدخول في التفاصيل الرقمية لهذا البرنامج، لأن خبراء الصندوق ما زالوا في إطار جمع المعلومات من دون تحديد الأرقام. كما جرى الاتفاق بين الطرفين على عقد اجتماعات دورية بينهما بمعدل اجتماعين كل أسبوع او ثلاثة اجتماعات عند الضرورة.
من جهة ثانية، توقفت مصادر حكومية عبر “الأنباء” عند الاجتماع الثاني الذي عُقد في السراي الحكومي بدعوة من رئيس الحكومة لسفراء الدول المشاركة في مؤتمر “سيدر” بحضور الوزراء المختصين، مشيرة إلى أن هناك رابطاً بين المحادثات مع وفد الصندوق وما تقترحه الحكومة لجهة مؤتمر “سيدر” وحملة “اليوروبوند”، لكنها ذكرت انه سيكون من الصعوبة التوصل الى مفاوضات مع الدائنين قبل ان يتضح المسار الذي تسلكه المفاوضات مع صندوق النقد.
وفيما أبدى السفير الفرنسي برونو فوشيه استعداد فرنسا لدعم لبنان، كان لافتا ما قاله السفير السابق بيار دوكان في المداخلة التي أجراها عن بعد خلال الاجتماع، بأن مؤتمر ”سيدر” ما زال ملائما للبنان لكنه في المقابل بدا حريصا على وضع جداول زمنية تتعلق بالاصلاحات التي تعهد بها لبنان، مشددا على ثلاثية مشاريع وإصلاحات وتمويل، وإلا تُرك لبنان لمصيره.
ولفتت المصادر إلى أن اولى شروط العمل الاصلاحي تقتضي بتخطي إشكالية تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء التي يعارضها التيار الوطني الحر لها بذريعة تحد من صلاحيات وزير الطاقة، بينما هي ضرورة ملحة لمراقبة عمل الوزارة وللشفافية في ابرام العقود التي تتم بالتراضي من دون ان يكون للحكومة أية رقابة عليها.
في سياق المواقف مما يتم التحضير له على صعيد التفاوض مع صندوق النقد او من خلال المحاولات اليائسة للحكومة للاستفادة من مقررات “سيدر”، استبعد النائب نقولا نحاس في حديث مع “الأنباء” حصول لبنان على أية مساعدات لا من صندوق النقد ولا من “سيدر”، لأن الذهنية لم تتغير من العام 2018 حتى اليوم، فالدول المانحة تطالب لبنان بالاصلاحات وتلحّ عليها والجانب اللبناني يصم أذنيه عن هذه المطالب، لذلك من غير المتوقع الحصول على مساعدات مالية بسبب استمرار فريق الحكم بهذه الذهنية.
وأضاف نحاس: “لقد مللنا من هذه الاسطوانة، وليس هناك من جديد في كل ما يحصل يمكن ان يبنى عليه في كل هذا الحراك الجاري لتأمين المساعدات وهذه الضجة الاعلامية الدائرة حولها”، قائلا: “وطالما اننا نسمع ولا ننفذ لا يمكننا ان نتوقع اية مساعدة لأن الثقة مفقودة”.
الى ذلك بقي الشأن الصحي متقدماً في الاهتمامات، وبعد الإقفال الذي استمر 4 أيام تبدو صورة اللبنانيين وكأنهم عائدون من معركة، وقد بات كورونا يلاحق كل لبناني. وعلى الرغم من عودة الحياة شبه الطبيعية الى البلد ما زال القلق سيد الموقف بعد الإعلان عن اكتشاف العديد من الإصابات المختبئة في الغرف المكتظة التي تضم مجموعات من العمال الأجانب، ما يعني أن عودة الحياة الى طبيعتها دونها الكثير من المطبات.
مصادر صحية دعت في اتصال مع “الأنباء” الى الانتباه من وجود ظواهر مماثلة في المدن والبلدات وبين العمال الاجانب الذين يعملون في قطاعات مختلفة كورش البناء والزراعة وسواها. وطالبت المصادر اتخاذ أعلى درجات المراقبة لهؤلاء وتشجيعهم على اجراء الفحوص، مناشدة الأجهزة الامنية والبلديات الاستمرار بوتيرة التشدد تداركًا لتسجيل المزيد من الإصابات والابلاغ عنها فور حصولها
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : مصير لبنان الاقتصادي ينتظر التزامه “ثلاثية” التفاوض: إصلاح، مشاريع، ثم تمويل