الحدث اللافت في المشهد السياسي اللبناني الذي برز الى الواجهة هو زيارة مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم لدمشق المعروف بدوره الاساسي في متابعة ملفات معينة فهذه الزيارة ليست الاولى لسوريا انما توقيتها يعطيها خصوصية ويتزامن مع السجال الحاصل على المعابر غير الشرعية والحدود البرية وعبور مواطنين من سوريا الى لبنان لو ان المسألة الاخيرة توقفت في مرحلة التعبئة العامة بسبب جائحة كورونا. وزيارة اللواء ابراهيم لدمشق لها رمزية كبيرة خاصة انها اتت بعد اسبوع من خطاب امين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله الذي شدد في كلمته على اهمية التواصل مع الحكومة السورية لمعالجة موضوع التهريب. فهل يتخذ قرار لبناني ـ سوري في معالجة المعابر غير الشرعية والتوصل الى حسمها؟
وفي هذا السياق، تقول مصادر امنية ان التهريب يحصل من الجهتين اللبنانية والسورية اذ يتم تهريب السكر ومواد غذائية من سوريا الى لبنان في حين يهرب من لبنان المازوت والطحين الى سوريا . انما التهريب الخطير فهو الذي يحصل من لبنان الى سوريا ذلك ان المازوت والطحين المدعومين من مصرف لبنان يؤديان الى استنزاف موارد الدولة اللبنانية التي هي في حالة يرثى لها.
ولفتت هذه المصادر ان اجراءات امنية اتخذها الجيش لمنع التهريب خصوصا في معبر العبودية-عكار كما على بعض مسالك للمهربين الواقعة في منطقة الكواخ على حدود البقاع الشمالية الشرقية اضافة ان الجيش اللبناني ازال جسرا صغيرا على الحدود الشمالية يستخدمه المهربين لاتمام عملياتهم.
اما مسألة عبور مواطنين لبنانيين من سوريا الى لبنان فهو ايضا امر بالغ الاهمية لانه من المفترض اجراء فحوصات لهم خاصة عندما تعاد فتح الحدود البرية التي اقفلت عند بدء ازمة كورونا في لبنان.
الصراع السياسي يشل عمل الحكومة
في موازاة ذلك، وعلى الصعيد الحكومي يزداد الصراع السياسي بين مكونات الحكومة الواحدة على عدة اصعدة وقد بان ذلك في جلسة مجلس الوزراء امس حيث التشكيلات القضائية لا تزال متعثرة والتعيينات المالية مؤجلة والاخطر ان الحكومة بهذه الصورة التي تعكس تنافرا كبيرا بين قواها السياسية وليس برؤية موحدة تفاوض صندوق النقد الدولي من اجل الحصول على المساعدة المالية لانقاذ لبنان اقتصاديا وماليا. وسواء عن جهل او تجاهل للواقع الاقتصادي المرير وألم اللبنانيين الذي يتفاقم يوما بعد يوم، لا يبدو ان هناك اتجاها فعليا للحكومة في تنفيذ الاصلاح الحقيقي لا الوهمي الذي يترقبه وينتظره الشعب اللبناني بفارغ الصير. فأي مقاربة هي هذه المقاربة التي تعتمدها الاكثرية الحاكمة تجاه صرخة الناس التي عبّرت عنها في مظاهرات وانتفاضة منذ 17 تشرين الاول 2019 الى يومنا هذا؟ الشعب جائع، راتبه خسر نصفه وسعر الصرف يرتفع ولا سياسة قادرة على ضبط ذلك والالم يتفاقم والمفترض ان تقوم الحكومة باسترضاء الشارع وليس فقط لاخماده لتعيد له الثقة بالدولة.
وبموازاة ذلك، يتوجب على الحكومة والافرقاء السياسيين تحصين الساحة اللبنانية نظرا لدقة الاحداث الاقليمية التي تحصل والتي قد تؤثر على لبنان سلبا. بيد ان شهر ايار هو شهر دقيق حيث الحكومة الائتلافية في اسرائيل التي يترأسها نتنياهو والتي تعهدت بضم الضفة الغربية ستخلق حالة غضب تؤدي الى تفجير الساحة الفلسطينية . والعامل الثاني هو المحكمة الدولية التي ستصدر حكمها في هذا الشهر الجاري وهنا تتخوف اوساط سياسية من ان يؤجج ذلك الصراع الداخلي في لبنان.
الشيخ نعيم قاسم
وقال الشيخ نعيم قاسم في حديث للإعلام: لا تحاسبوننا على حلفاء واصدقاء بل عن انفسنا والوزير فنيش تجاوب مع القضاء في قضية الفيول المغشوش.
وأضاف: نقول لحلفائنا طالما هم مقتنعون ببراءة من لديهم فليذهبوا الى المساءلة والتجني السياسي اذا حصل سيظهر.
وعن حاكم مصرف لبنان قال: ليس لحزب الله موقف خاص مع او ضد سلامة او البنوك بل يلتزم قرار الحكومة.
وأضاف: لا دليل على ضغط سياسي من دول خارجية بموضوع الدولار والخروج من الازمة يتطلب تحريك عجلة الاقتصاد الى جانب الاجراءات.
«لبنان القوي»: حريصون على كشف المتورطين بشأن الفيول
اما في قضية شركة سوناتراك، فقد حولت وزارة الطاقة والمياه كتاب الشركة الى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل لابداء الرأي حوله وعلى ضوء التحقيقات القضائية الجارية حول موضوع مادة الفيول اويل التي وردتها الشركة الى لبنان لمؤسسة كهرباء لبنان. وايضا، طلبت وزارة الطاقة من وزارة الخارجية والمغتربين متابعة الموضوع حول توريد شركة سوناتراك الى لبنان كميات من مادة فيول أيول المخالفة للمواصفات التعاقدية مع السلطات الجزائرية المختصة.
وقالت مصادر مقربة من التيار الوطني الحر : «نحن حريصون ان لا يضيع مسار التحقيق وكشف المتورطين جميعهم والتيار سيتابع هذا الملف حتى النهاية بانتظار ان تأخذ العدالة مجراها ونطالب القضاء باظهار الحقيقة للشعب اللبناني»
وحول كلمة جبران باسيل في مؤتمره الصحافي اوضحت هذه المصادر ان الوزير باسيل يرى ان لحزب الله دورا بارزا في مكافحة الفساد معتبرا انه اذا ضم صوته لصوت التيار الوطني الحر سيكونان اقوى في استئصال الفساد .وشددت هذه المصادر ان التيار الوطني الحر وحزب الله متوافقان ومتحدان في مكافحة الفساد.
ازمة كورونا: التوجه الى تخفيف الاجراءات تدريجيا
وايضاً في جلسة مجلس الوزراء امس تم التطرق الى ازمة كورونا وقد برز اتجاهين داخل الحكومة: اتجاه يريد الابقاء على التشدد في مواجهة كورونا واتجاه اخر يميل الى التخفيف من شدة الاجراءات لان البلد لا يحتمل اقفالا طويل الاجل. وفي هذا المجال، كشفت اوساط سياسية ان التطبيق لا يتم بشكل منظم بين منطقة واخرى مشددة على ان اتخاذ الاجراءات بشكل دائم ومنتظم وعدم ترك الامور سائبة في مناطق اضافة الى عدم التساهل مع العائدين الى لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي اكثر اهمية من الاقفال وشل الحركة الاقتصادية والتجارية. وقد اضافت هذه الاوساط ان الحكومة تتحمل مسؤولية كبيرة في قضية العائدين مؤخرا الى لبنان والذين طلبت منهم الدولة الالتزام بالحجر الصحي الا انهم خالفوا ذلك والسبب ان الدولة لم تتابع هؤلاء ولم تلاحقهم للتأكد من التزامهم بقرارها. فلا يجوز على الدولة الطلب من المواطن الوقاية بينما هي تتراخى احيانا في تطبيق الاجراءات بطريقة جيدة . وعلى سبيل المثال، تراخت الدولة في الزام الناس بالتقييد بالاجراءات التي وضعتها في الضاحية وعكار واحياء معينة في بيروت منها عائشة بكار وصبرا والاسواق الشعبية في العاصمة كذلك في طرابلس وصيدا. فلماذا القاء اللوم على المواطن في حين ان الدولة هي المسؤولة عن تطبيق الاجراءات وتدابير الوقاية من كورونا ؟
المفاوضات مع الصندوق النقد الدولي
اما في مجال المفاوضات بين الدولة وصندوق النقد الدولي، فان الجولة الثانية ارتكزت على تحرير الليرة وسعر الدولار المتصاعد خاصة ان صندوق النقد يشدد على تحرير سعر الصرف ولكن لم يحسم الموضوع من ناحية لبنان لان الدولة غير قادرة على تحرير سعر الصرف قبل الحصول على مساعدة مالية. وهنا قالت مصادر وزارية ان صندوق النقد الدولي ليس لديه اجوية كاملة واضحة حتى الان فهو يكثر من الاسئلة ولكن لا يعطي اجوبة.
من جهة اخرى، علمت الديار ان صندوق النقد الدولي يعتبر ان مسألة المفاوضات لا تزال في اول الطريق لافتا الى انه سمع من وزير الاقتصاد ووزير المالية في تصريح لهما رأيهما في مسألة سعر الصرف ولكن ليس بطريقة مباشرة منهما.
القوات اللبنانية: عدم توقيع التشكيلات القضائية خطيئة كبرى
على صعيد اخر، اعتبرت القوات اللبنانية ان عدم البت في التشكيلات القضائية يرتقي الى مثابة الخطيئة بحق الدولة اللبنانية لان لا دولة حقيقية دون قضاء شفاف وفعلي ونزيه حيث لا تستطيع السلطة السياسية التدخل في تعيين هذا القاضي او نقل هذا القاضي. وتابعت المصادر القواتية ان ما حصل امس في جلسة مجلس الورزاء يؤكد ان السلطة السياسية هي الآمر الناهي في القضاء وتعطي اشارات للقضاة انها هي المهيمنة وليس مجلس القضاء الاعلى بمجرد انها لم توقع على التشكيلات القضائية. واضافت ان حزب القوات يشدد على ضرورة توقيع التشكيلات القضائية التي وضعها مجلس القضاء الاعلى ولكن اذا حصل خلافا لذلك فيعني ان السلطة السياسية لا تريد الاصلاح.
ولفتت المصادر القواتية ان هذه المسألة كان يفترض التوقيع عليها يوم اصر مجلس القضاء الاعلى على موقفه ولائحة القضاة الذي سماهم بعد ان ردت وزيرة العدل التشكيلات اليه. ذلك ان المرجع الصالح في هذا الموضوع هو مجلس القضاء الاعلى فلا يمكن بناء مؤسسات الا على هذه القاعدة ومجلس القضاء الاعلى هو من يتحمل المسؤولية اذا كان هناك اي خلل في التشكيلات التي وضعها.
وعلى قاعدة «اعطي خبزك للخباز…»، طالبت القوات اللبنانية بعدم تدخل السياسيين في السلطة القضائية حيث ان مجلس القضاء الاعلى هو الاعلم في معرفة الامور المتعلقة بالمؤسسات القضائية ومن يجب واين يجب من القضاة ان يكون انطلاقا من معرفة سيرتهم الذاتية .
وحول التعيينات المالية اعتبرت القوات اللبنانية ان الاشكالية على هذه التعيينات والتي ادت الى تأجيلها تنخرط في مسار المحاصصة حيث كل طرف يريد مواقع النفوذ ان تكون له في حين ان المحاصصة هي التي دمرت مؤسسات الدولة والطبقة السياسية التي اتبعت هذا النهج تتحمل مسؤولية كبيرة في ايصال البلد الى ما وصل اليه اليوم.
ورأت المصادر انه لغاية اللحظة لا يمكن التحدث عن انجازات للحكومة على الصعيد السياسي والمالي والاقتصادي سوى الانجاز الصحي المتعلق بضبط كورونا ومنع حالة التفشي في البلاد. والحال ان هنالك وعودا وخطابات و«فزلكات» ولكن ما من شيء ملموس ولا عمل جديا رغم ان وتيرة الانهيار تتسارع بشكل خطير والمطلوب افعال على ارض الواقع.
وفي مسألة المعابر غير الشرعية، أكدت القوات انه لا يجوز ان تكون دولة في موقع الانهيار وشعبها جائع ان تسمح للمهربين بتكبيد الخزينة اللبنانية والشعب اللبناني خسائر بالمليارات من اجل ان يعزز المهربون وضعيتهم السياسية. ويذكر ان النائب زياد حواط المنتسب لتكتل الجمهورية القوية تقدم باخبار للنيابة العامة التمييزية ترجمة للوعد الذي اطلقه في مؤتمره الصحافي الاخير وطبعا حواط وتكتل الجمهورية القوية على رأسه الدكتور سمير جعجع بمتابعة هذا الموضوع الى ان يتم اقفال المعابر غير الشرعية.
وحول الحملة المتصاعدة على حاكم مصرف لبنان والمصارف، رأت مصادر القوات اللبنانية انه من الواضح ان هذه الحملة ليست في محلها ذلك عندما تطلق قوى سياسية سهامها باتجاه اطراف معينة دون ان تجري تقييما او تشخيصا للواقع كما يجب فتكون هذه القوى السياسية في موقع من يستهدف قطاعا معينا وليس من موقع يريد تطبيق القانون على الجميع. و تابعت هذه المصادر القواتية انه اذا كان هناك من تقصير وتردي الحالة الاقتصادية والمالية والمعيشية فذلك سببه الاكثرية السياسية الحاكمة التي تسن القوانين والتي تشرع و تراقب وتضع الموازنات وهي التي اوصلت لبنان للانهيار الحالي.
سد المسيلحة
قالت مصادر قريبة من التيار الوطني الحر ان لا علاقة له بسد المسيلحة ولذلك اعتبر ان الشائعات التي يتم تداولها مؤخرا لا تعنيه.
من جهة اخرى، قالت مصادر مطلعة في وزارة الطاقة والمياه انه اذا كانت الدول في مؤتمر سيدر تريد مساعدة لبنان فان بعض الجهات اللبنانية تدفع لعدم اسعاف الدولة . والسبب ان هذه الدول عندما تشاهد وتقرأ عن الحملات التي تشن على سد المسيلحة و تشويه السمعة للجهات التي تقوم بمشاريع في لبنان من بينهم متعهدو الدولة اللبنانية ومستشاريها فكيف ستثق بالدولة اللبنانية وتعطي مساعدة مالية؟
وفي هذا النطاق، قال برنار كارديو نائب رئيس الجمعية العالمية للسدود ان سد المسيلحة هو من اجمل المشاريع. وافادت مصادر في وزارة الطاقة ان تربة مخصصة لمنع التسرب استعملت وتم نشرها في كل مساحة البحيرة . واشارت الى انها اجرت تجارب في السد وهي تهدف لاظهار الثغرات من اجل ازالتها علما ان مساحة الارض 500 الف متر مربع. وتابعت ان الوزارة تقوم بتفضية 700 الف متر مكعب يوميا وحصل ذلك لمدة 20 يوما وهذه الصور التي ظهرت عن التفسخ والحفر اقل من نصف متر. ولذلك هذه الحملة التي تشن على سد المسيلحة غير مبنية على وقائع علمية بل حملة عشوائية. وعلى سبيل المثال، حصل في سد القرعون تجارب لمدة 10 سنين ولذلك ما يحصل في سد المصيلحة امر عادي جدا.