أشار الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، إلى أن «فلسطين من البحر إلى النهر هي ملك الشعب الفلسطيني، ويجب ان تعود اليه، ونحن في لبنان تربينا على هذا الموقف منذ القدم»، لافتًا إلى أن «إسرائيل هي كيان غير شرعي ومغتصب ومحتل ولا معنى ولا شرعية لبقائه، وعلى اللذين اتوا الى فلسطين المحتلة العودة الى بلدانهم».
وخلال كلمته بمناسبة يوم القدس العالمي، لفت نصرالله إلى أن «موقفنا من فلسطين والقدس والمقدسات في فلسطين هو موقف عقائدي ايماني ديني فقهي شرعي حقوقي، اضافة الى كونه موقفا انسانياً واخلاقياً وهذا الموقف غير قابل للتبديل والتناسي والتغافل»، مشددًا على أن «من يراهن انه من خلال حروب عسكرية او عقوبات او تجويع او التضليل يمكنه ان يغير هذا الموقف هو مشتبه ويجب ان يغير رأيه واذا كان البعض يعتبر ان ما يجري اليوم في الساحة هو حماس شبابي فهو مشتبه، بل هو عقائدي ويتربى عليه جيل بعد جيل».
كما أوضح أن «الحق لا يتغير بمرور الزمن وما اخذ بالسرقة لا يصبح ملكاً شرعياً عبر مرور الزمن، ولو اعترف كل العالم بشرعية ما سرقه اللص»، مفيدًا بأنه «لا يحق لأي أحد فلسطيني او عربي او مسلم او مسيحي ان يهب جزءاً من فلسطين او القدس للصهاينة، وهذه مقدسات الأمة وهذه الارض ملك للشعب الفلسطيني وليس للجيل الحالي وانما الاجيال القادمة ايضاً».
ونوّه نصرالله بأن «مسؤولية استعادة المقدسات والحقوق هي مسؤولية الشعب الفلسطينية اولاً ولكنها ايضاً مسؤولية الامة وفي يوم القيام الكل سيسأل عن هذا الامر»، مشددًا على أن «المقاومة بكل اشكالها هي وحدها السبيل لتحرير الأرض والمقدسات واستعادة الحقوق وكل الطرق الاخرى هي مضيعة للوقت ولا تؤدي الا الى الطريق المسدود كما حصل في المفاوضات الاخيرة ولا ينجز التحرير في 2-3 سنوات والمقاومة الشعبية تستنزف سنوات كبيرة». وأشار إلى أن «طول زمن المعركة لا يجوز ان يكون سبباً لليأس، والأجيال يجب ان تحمي هذه المسؤولية ويجب ان تتواصل المقاومة. وإذا كان الجيل المعاصر يشعر انه غير قادر على المقاومة عليه أن لا يعطي تبريراً للشرعنة ولا يجب ان يعترف به او ان يوقع له».
ولفت كذلك إلى أن «الشعب الفلسطيني يقاوم ويناضل وفي الصورة الظاهرية انه يقاتل الجيش الاسرائيلي والحكومة الاسرائيلية، ولكن في النظرة الباطنية القتال هو مع الولايات المتحدة الاميركية وهذه النظرة البعض يقبلها والذي لا يقبلها يجب ان يعيد النظر»، موضحًا أنه «في لبنان وفي فلسطين من الذي يدعم اسرائيل بالسلاح والتكنولوجيا والمعلومات بالإضافة إلى الدعم المالي والاقتصادي! هذا الدعم الكبير تقوم به الولايات المتحدة الاميركية».
وأفاد نصرالله بأن «اميركا لم تكن تسمح بإدانة اي جريمة ترتكبها اسرائيل في لبنان، كما أنها توظف كل علاقاتها الدولية لمصلحة اسرائيل ومع الانظمة الآن. ولكي تصبح ملكاً، عليك ان تقدم خدمات لإسرائيل وان تطبع العلاقة معها. من الذي قام بهذه البوابة؟ اميركا نفسها»، لافتًا إلى أن «اميركا تشن الحروب في المنطقة لمصلحة تثبيت اسرائيل وتدفع بالحروب في المنطقة من اجل تثبيت اسرائيل ودعمها وعلى سبيل المثال حرب صدام حسين على ايران واليوم الحرب المفروضة على اليمن».
بموازاة ذلك، شدد نصرالله على أن «بعض الدول في العالم العربي والاسلامي خرجت من المعادلة وهذا الامر لا يعنيها وهي مشغولة بأزماتها الداخلية الحالية وتتنعم بسلطانها، وبعض الدول خرجت من معادلة الصراع مع العدو لتنتقل الى موقع من يساعد العدو في هذه المعركة عبر الطرق الممكنة»، منوّهًا بأن «بعض الدول انتقلت الى موقع الصديق والمساند لإسرائيل والخصم الضاغط مع الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بشكل سلبي، وبعض الدول ما زالت في قلب المعادلة والصراع وفي مقدمها ايران وسوريا».
وأشار نصرالله إلى أنه «في النظرة الاميركية – الاسرائيلية، ايران هي الثقل الاكبر والابرز لمحور المقاومة وهي مركز ثقل، وخلال العام الماضي كان يوجد رهان على اسقاط النظام في ايران او تغير سلوك النظام، وترامب عند الانسحاب من الاتفاق النووي اعتبر ان الانسحاب سيشكل ازمة كبيرة في ايران ومظاهرات كبيرة ورهاناً على تغير النظام».
كما نوّه بأن «الاسرائيلي كان يدفع بقوة لقيام حرب اميركية – ايرانية ولكن هذا الرهان فشل»، لافتًا إلى أن «إسرائيل راهنت على فيروس كورونا وانتشار الفيروس في ايران بشكل كبير، ولكن ايران ستخرج من هذا الامتحان اقوى بكثير».
وفي الموضوع العراقي، أشار نصر الله إلى أن «الحفاظ على العراق وقوته يتنافى مع المشروع الصهيوني، واسرائيل كانت من اشد المحرضين على العراق»، منوّهًا بأن «مسؤولية العراقيين هي الدفع بالعراق باتجاه موقعه الطبيعي في مواجهة العدو الاسرائيلي».
وتطرق نصر الله إلى الوضع في سوريا، ولفت إلى أن «سوريا موقعها في محور المقاومة ولا يحتاج الى شرح، وهي تصدت لحرب كونية وأفشلتها، وما زال امامها بعض المعارك لخوضها»، لافتًا إلى أن «ما حدث في سوريا هو خيبة كبيرة لما تريده اسرائيل، كما أنها أسقطت المشروع الاميركي – الاسرائيلي لإسقاط الدولة السورية».
ورأى أن «الحرب على اليمن هي لمنع قيام دولة تؤيد محور المقاومة ومن أجل ألا يكون لها دور في الصراع مع اسرائيل»، مشيرا إلى تعاظم القوة في اليمن عكس ما أرادته الحرب عليها»، وقال: «إن فشل الحرب على اليمن ساهم في إفشال صفقة القرن، التي كانت ستفرض على الشعب الفلسطيني».
وشدد على أنه «بما يخص لبنان إسرائيل قلقة وتخشى الذهاب الى حرب وتحسب ردات فعل المقاومة، وأن يكون الردع موجوداً على الصعيد الاسرائيلي واللبناني هو جيد»، لافتًا إلى أن «اسرائيل تعترف بأنها فشلت في منع تعاظم قوة المقاومة في حزب الله، وفي الانتخابات الماضية وعدت اسرائيل بانقلاب في البيئة الشيعية وانصدمت اسرائيل من النتائج واليوم تراهن اسرائيل على العقوبات». وأفاد بأن «الشروط الاميركية لا تنتهي سواء بالنسبة لسلاح المقاومة او بالنسبة لترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل»، موضحًا أننا في لبنان «أقوياء ولسنا بين خيارين ونستطيع من خلال امكاناتنا ان نتغلب على الازمة القائمة التي نواجهها».
وأعلن أن «الدول التي استسلمت تعيش حالا من الجوع ولم يساندها أحد»، وقال: «يمكننا بتضامننا أن نحافظ على سيادتنا ونكون أقوياء ونردع عدونا ونحفر آبار نفط وغاز، ونكون بلدا لا يجوع».
وتناول الوضع الفلسطيني مؤكدا أن «استمرار العمليات في الضفة الغربية يؤكد صمود الشعب الفلسطيني، واسرائيل لم تجد فلسطينياً واحداً يمكن ان يوقع على صفقة القرن أو يقبلها وهذا فشل اميركي واسرائيلي كبير»، مشيرًا إلى أن «اسرائيل تستغل الوقت المتبقي لرئيس الولايات المتحدة الاميركي دونالد ترامب في البيت الابيض لانه يشكل قرصنة تاريخية لها». ولفت إلى أنه «نحن نستطيع من خلال قدراتنا البشرية والمادية ومن خلال تضامننا ان نحافظ على سيادتنا وقوتنا وان لا نموت من الجوع كما يتم التهويل، والردع موجود على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة واسرائيل قلقة وحذرة من اي حرب لذلك تراهن على الوضع الداخلي للبنان اقتصاديًا وسياسيًا».
ولفت نصرالله إلى أن «التطبيع مسار فاشل وخائن وخياني ويجب ان يتوقف، واستشهاد القائد الكبير قاسم سليماني كان ضربة وخسارة للمحور وكل دمائه ترسخ وتعزز الاتجاه المقاوم»، مشيرًا إلى أن «الافق امامنا اليوم يدعو الى التفاؤل وتعزيز الصمود واستكمال القدرة في كل محور المقاومة ولن يستطيع العدو ايقافه لا في ايران والعراق واليمن وفلسطين وسوريا».
ونوّه بأن «خيارات الحروب العسكرية المباشرة من قبل اسرائيل واميركا قد تكون مستبعدة وأولوياتهم العقوبات. قواعد الاستباك التي اسسها الصمود الاسطوري في حرب تموز ما زالت قائمة». وشدد على أنه «نحن ذاهبون الى وضع دولي واقليمي جديد وقد تنشأ فيه تهديدات لم تكن موجودة في السابق. صفقة القرن باتت عدواناً واركانها اي ترامب ونتانياهو وابن سلمان يعيشون مشكلات مختلفة».
وتحدث عن «انتشار كورونا وظاهرة التراخي التي حصلت»، داعيا المواطنين الى «تحمل المسؤولية لمواجهة هذا الخطر الذي يبدو كأنه ينتشر من جديد»، واصفا «تحمل هذه المسؤولية بأنها أخلاقية وإيمانية وشرعية».