مع اقتراب قانون قيصر الاميركي الذي ستكون له تداعيات على الدولة اللبنانية بما ان لبنان له حقائق جغرافية واسعة مع سوريا الى جانب فرض عقوبات على شخصيات من حزب الله وخارجه وتصريح وزير الخارجية الاسرائيلي في يوم تحرير الجنوب، «تركنا لبنان، لكن لبنان ليس وراءنا ولم تنته المواجهة. ويبدو لبنان من الداخل ممزقا غير موحد يعيش ازمة رؤية سياسية وازمة رؤية اقتصادية وازمة هوية اذ ان القوى السياسية غارقة في تجاذبات سياسية غير مجدية في هذه المرحلة الدقيقة، خاصة بين التيار الوطني الحر وحزب الله. كما توجد ورقة حكومية وورقة للمصارف على الطاولة في مفاوضات صندوق النقد الدولي وأزمة هوية حيث البعض نعى صيغة 1943 والبعض الاخر يريد الفيدرالية. وبالتالي هناك فريقان في لبنان يريدان اخذه في اتجاه مختلف عن الآخر، وهذا الامر يضعف موقع الدولة اللبنانية امام الدول المانحة او المستعدة لإسعاف لبنان من الانهيار المالي والاقتصادي الحاصل. فهل هكذا يتحصن لبنان دولة وشعبا في ظل شد الحبال بين اميركا وايران من جهة والتهديد الاسرائيلي لكيان الدولة اللبنانية من جهة اخرى؟
علاقة الوطني الحر ـ حزب الله
تظهر بعض القوى السياسية انها لا تعطي الاولوية للوضع الاقتصادي الخطر بل لبرنامجها الخاص وتحسين صورتها امام الرأي العام. ذلك ان حليف حزب الله والذي اعطاه غطاء مسيحيا واسعا يطلق سهام انتقاداته بوجه المقاومة في هذه المرحلة الحرجة، سواء عبر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل او النائب زياد اسود والنائب جورج عطالله، وسببه عدم دعم حزب الله للملفات التي يطرحها تكتل لبنان القوي، وآخرها ملف سلعاتا الى جانب حملة مكافحة الفساد واخذ بعضها الى القضاء. على هذا الاساس، هل تندرج انتقادات الوطني الحر لحزب الله في خانة الانتقاد «الموسمي» ام انها تحول في سياسة الوطني الحر مع تضييق واشنطن الخناق على المقاومة؟
هذه العلاقة المتخبطة بين التيار الوطني الحر وحزب الله ترجمت ابتزازا للمقاومة بتسليم سلاحها معللا الوطني الحر ان الشعب اللبناني لا يستطيع تحمل وزر اعباء الانخراط في محور ضد آخر. وتزامن ذلك مع ارتفاع اصوات تطالب بالفيدرالية وكأن لبنان لا يعيش هذه الحالة لو بطريقة غير رسمية.
في المقابل، كشفت اوساط سياسية للديار ان حزب الله منذ الافراج عن العميل عامر فاخوري ثم ترحيله الى واشنطن، شعر بارتياب من التيار الوطني الحر وعلى راسه الوزير جبران باسيل وعلى هذا الاساس، اعتبرت المقاومة ان الوطني الحر ليس حليفا لها في مواجهة اميركا وضغوطاتها على لبنان، لا بل يريد حماية رأسه وتحييد نفسه عن هذه المواجهة والعقوبات الاميركية. وعليه، «فرمل» حزب الله تعاطيه مع التيار الوطني الحر بما ان المقاومة اصبحت على قناعة ثابتة ان الوطني الحر خائف على مصالحه ويريد «مسايرة» واشنطن.
ولفتت هذه الاوساط للديار ان حزب الله يفصل في علاقاته بين العهد، اي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبين جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر. وعلى هذا الاساس، وبعد عدم ارتياحه للوطني الحر، قرر حزب الله عدم التدخل في الخلافات الحاصلة بين الوزير جبران باسيل والوزير سليمان فرنجية على خلفية الفيول المغشوش او اي ملف داخلي يشتبك به التيار الوطني الحر مع فريق سياسي اخر. وهذا القرار الاخير الذي اتخذته المقاومة ارتكز على عدة اسباب ابرزها ان حزب الله عندما يتدخل لحلحلة المشاكل بين «حلفائه»، يستغل هذا الحليف الظرف ليطرح شروطه وبرنامجه لرئاسة الجمهورية في حين ان حزب الله لا يريد التكلم حاليا في هذا الاستحقاق، خاصة ان المقاومة لا تريد الالتزام مع الوزير جبران باسيل باي مشروع مستقبلي في هذا المجال.
من جهة اخرى، اعتبرت مصادر وزارية ان الرسائل المتبادلة بين الطرفين سواء الوطني الحر او حزب الله ترتد سلبا على كلا الفريقين لان لا خيمة فوق رأس احد، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي والمالي. واضافت هذه الاوساط: هل ينفع ابتزاز حزب الله، او بالاحرى هل فعلا قادر التيار الوطني الحر على احراج المقاومة وابتزازها؟
وعليه، رأت هذه الاوساط الوزارية ان الخلاف السياسي ليس وقته الان لان الضائقة الاقتصادية وايجاد الحلول يجب ان يكون الاولوية ولا يعلو عليهما اي شيء. بيد ان الجوع بات يخيف اللبناني اكثر من كورونا، واي سجال سياسي لا يؤدي الى تخفيض الاسعار ولا يأتي بمردود ايجابي للمواطن على الصعيد المعيشي يعتبره اللبناني سجالا لا يعنيه. فالاحوال المعيشية تزداد سوءاً وقد عبر المواطنون عن غضبهم عبر قطع طريق عام حلبا – القبيات امس بالاطارات احتجاجا على الاوضاع المعيشية الاقتصادية. وهذه الخطوة ليست الاولى ولن تكون الاخيرة اذا لم تقدم الحكومة على خطوات عملية تداوي وجع اللبناني.
مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي: ورقتان اقتصاديتان على الطاولة
في غضون ذلك، حافظت وكالة «موديز» على تصنيفها الائتماني للبنان عند «Ca»، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، علما أن أي تعديل للتقييم يرتبط بقدرة الدولة على التزام الإصلاحات البنيوية. ويرتبط هذا الترتيب المتدني بالمخاطر السيادية للدين العام خاصة والبالغ رسمياً نحو 93 مليار دولار، الذي ترجح الوكالة أن يتعدى نسبة %205 من قيمة الناتج المحلي هذا العام، ويرتد إلى نسبة 180% خلال العام المقبل.
بموازاة ذلك، تنطلق اليوم الجولة الثالثة مع صندوق النقد الدولي والتي تتركز على الورقة الحكومية الى جانب الاجراء الذي يتخذه مصرف لبنان اليوم لحماية الليرة اللبنانية وضبط تفلت سعر الصرف .
من جهته، وتعقيبا على تصنيف وكالة موديز، رأى الخبير الاقتصادي سامي نادر ان التصنيف الائتماني لم يتدهور اكثر، وهذا مؤشر مهم سببه قرار لبنان الرسمي مفاوضة الصندوق النقد الدولي مشيرا الى انه لولا البلبلة التي حصلت حول صندوق النقد الدولي وطرح الخيار البديل المشرقي لكان تصنيف لبنان تحسن.
وفي سياق مفاوضات صندوق النقد الدولي التي تجريها الدولة اللبنانية ,اعتبر نادر ان التباين على الارقام بين الحكومة وبين مصرف لبنان على خسائر الاخير يضعف من موقع الدولة في المفاوضات . ووصف الخبير الاقتصادي سامي نادر ورقة الحكومة الاصلاحية بالورقة العرجاء لانها ترى الازمة المالية والاقتصادية بعين واحدة وتضع اللوم على المصارف ومصرف لبنان، وعليه، تريد اصلاح فقط القطاع المصرفي والنقدي في حين تغض النظر عن المالية العامة والخسائر الناتجة منها وعن المال الذي استدانته الدولة وكيفية صرفه، فلماذا لا تصارح الحكومة الرأي العام في تفاصيل صرف الديون؟
وشدد نادر انه على الحكومة ان تقارب بالتفصيل نفسه الذي اتبعته مع المصارف ومصرف لبنان ,مسألة اصلاحات المالية العامة ومكامن الهدر لان ذلك هو الاولوية لسد الثقب قبل اللجوء الى وضع آليات للتمويل من صندوق النقد الدولي. وهنا تساءل الخبير الاقتصادي ما نفع الاتيان بتمويل خارجي طالما الثقب في الهدر والفساد لم تتم معالجته وسده؟
وايضا، شدد نادر على ضرورة توحيد ورقة الحكومة وورقة المصارف، وذلك يحصل بعد تفاهم بين الطرفين وتحديد كلفة الخروج من الازمة وبمعنى اخر معرفة الكلفة التي يجب ان تتوزع بشكل عادل لافتا الى ان لو حصل ذلك لكان موقف لبنان اقوى مما هو عليه في مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي . وندد الخبير الاقتصادي سامي نادر بدفع المواطن العادي كلفة الانهيار المالي في حين ان على الدولة تحملها.
اما بالجانب السياسي، فاعتبر الخبير الاقتصادي ان الدول المانحة ستهتز ثقتها بلبنان اذا استمرت الخلافات السياسية والوجودية التي تحصل في الاونة الاخيرة وستفقد حماستها في تمويل لبنان اذا رأت «تناتش» بين الافرقاء السياسيين على النفوذ في ما بينهم وعلى اختلاف النظرة لهوية لبنان الى جانب عدم تطبيق قرار 1701 بشكل كامل ومعارضة فريق لبناني نشر جنود اليونيفيل على الحدود اللبنانية – السورية.
وزارة العدل تدرس عقود شركات التدقيق
بموازاة ذلك، تدرس وزارة العدل توقيع العقود مع الشركات التي ستدقق في حسابات مصرف لبنان ومجلس الانماء والاعمار منذ عام 1992 حتى اليوم . وعندما يتم اختيار الشركة التي ستدقق ستحسم الارقام وستكون هناك اجتماعات مباشرة بين صندوق النقد الدولي والحكومة وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف في حال تم فتح المطار في لبنان.
الاتجاه نحو الشرق: نموذج اقتصادي فاشل
اعتبرت مصادر سياسية واقتصادية ان تطرق فريق لبناني الى خيار بديل عن صندوق النقد الدولي وهو خيار الاتجاه نحو الشرق، اي بمعنى اخر ان يكون لبنان على غرار النموذج السوري والعراقي فهذا نموذج اقتصادي فاشل. وهنا شددت المصادر على التزام لبنان الشرعية العربية والدولية، وكل خيارات اخرى هي للاستهلاك السياسي ولا تشكل مخرجا للانقاذ حتى ان الجمهورية الاسلامية الايرانية طرقت باب صندوق النقد الدولي لمعالجة ازمة كورونا.
القوات اللبنانية: البديل عن صيغة 1943 هو الفوضى
اعتبرت مصادر في القوات اللبنانية انه يجب الابتعاد عن كل الملفات التي تسرع في وتيرة الانهيار والتركيز حصرا على كيفية اخراج لبنان من القعر، ولا شك ان كلام المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان ونسفه لصيغة 1943 غير مقبول وقالت: «كنا نتمنى من المفتي ان لا يشكل خطابه في مرحلة اعياد مساحة للمواجهة بل مساحة للحوار « فضلا عن ان لبنان يشكل استمرارا في كل مراحله وخاصة في المرحلة الاولى التي هي مرحلة الاباء المؤسسين، وهم بشارة الخوري ورياض الصلح وقد شكلت حقبة اساسية ومميزة على الصعيد المالي والتربوي السياحي والثقافي والاقتصادي والاستشفائي ولم يكن الوضع على غرار الوضع الحالي. واضافت المصادر القواتية انه لا يجوز التنكر لتاريخ هذا البلد ولقيادات سياسية للبنان. وتساءلت ما هو البديل عن صيغة 1943 فهل هي صيغة الفوضى؟ من وجهة نظر المصادر القواتيه انه يجب ان يكون التوجه السائد التمسك بصيغة 1943 والالتزام في تنفيذها، واذا كان هنالك من خروج عن الصيغة هو الذهاب نحو ادوار اكبر من لبنان في حين المطلوب العودة الى لبنان والالتزام بسقف الدستور وليس الخروج عنه. وايضا، التركيز على انقاذ لبنان في ظل الازمة الراهنة والانسحاب من ازمات المنطقة ووضع القرار الاستراتيجي بيد الدولة اللبنانية وفقا للمصادر القواتية.
اما من جهة الجلسة التشريعية التي ستعقد غدا، كشفت المصادر في القوات اللبنانية ان هنالك اتصالات تتم في موضوع العفو العام والمعروف ان كل دول العالم تلجأ في محطات معينة الى قوانين عفو، شرط ان تكون متوازنة وتطال في اكثريتها الجنح ولذلك المطلوب بهذا القانون ان يكون اولا متوازناً وثانيا ان لا يطبق بمقياس ومعايير فريق واحد انما يأخذ بعين الاعتبار مقاييس كل القوى السياسية الاساسية في ظل وجود وجهات نظر مختلفة مطروحة حول قانون العفو. وعليه اعتبرت المصادر القواتية ان قانون العفو العام يجب ان يطال من يستحق، فعلا ان يفتح صفحة جديدة دون التأثير على الاستقرار والنسيج الوطني ودون ان يمس معنويات الجيش والقوى الامنية والى ما هنالك.
وحول الكابيتال كونترول او اجراءات مراقبة وضبط لاموال المودعين ورغم اعتراض الرئيس نبيه بري عليه سابقا، دعت المصادر القواتية الالتزام بمقدمة الدستور اللبناني وبالتالي ان تستحوى القوانين بالحرية الاقتصادية التي تميز بها لبنان وان لا يشكل اي قانون نسفا لجوهر دور لبنان الاقتصادي والليبرالي الحر. فلا يجب تحميل حاكم مصرف لبنان والمصارف وحدهم المسؤولية للازمة الاقتصادية والمالية في حين ان السلطة السياسية لها الحيز الاكبر في حصول الانهيار الاقتصادي والمالي فهي التي تقاعست في المراقبة وتقديم المخارج اللازمة لجهة الاصلاحات المطلوبة.
وشددت المصادر القواتية ان لبنان لن يتمكن من انتزاع اي مساعدة مالية من مؤسسة دولية قبل تنفيذ الاصلاحات طبعا اذا سمح للحكومة الذهاب في هذا الاتجاه بعيدا عن الخطابات التنظيرية والخطوات النظرية. وفي هذا المجال اعتبرت القوات ان الاكثرية الحاكمة التي تقف وراء هذه الحكومة قد تمارس ضغوطات على حكومة حسان دياب لاتخاذ اجراءات اصلاحية على سبيل المثال المعابر الغير الشرعية وملف الكهرباء والجمارك وملفات اخرى.
كورونا: 50000 ل.ل. ضبط لمن لا يضع
أكد وزير الصحة حمد حسن أن الإصابات بفيروس كورونا لا تزال تحت السيطرة متمنيا في الوقت ذاته على الوافدين المغتربين الالتزام بالضوابط الوقائية. وقال حسن: «لا زلنا في الموجة الأولى، وبأقل أعدادٍ من الإصابات الممكنة». وتابع «قد تكون هناك موجة ثانية موسمية تأتي في أول الخريف لكن الحكمة بالتعاطي كفيلة بأن نقطع قطوع الموجة الثانية، إذا وقعت».
وفي السياق نفسه، اضافة الى الاجراءات الوقائية للحد من فيروس «كوفيد 19» او كورونا، اعلنت قوى الامن الداخلي انه سيكون هناك محضر ضبط من الفئة الاولى قيمته 50000 ل.ل. ابتداء من يوم الجمعة بتاريخ 29 ايار 2020 بحق كل شخص لا يضع كمامة واقية اثناء انتقاله سيرا على الاقدام.