نزع مجلس الوزراء امس فتيل ازمة معمل سلعاتا للكهرباء «بتسوية شفوية» بعد اصرار رئىس الجمهورية على اعادة النظر بقرار المجلس الاخير الذي لم يشمل المعمل المذكور بعد التصويت الذي خذل فيه التيار الوطني الحر.
ولتفادي حصول اهتزاز جديد داخل الحكومة قرر المجلس في جلسته امس ترحيل التعيينات التي كانت مدرجة على جدول اعماله الى جلسة اخرى تعقد يوم الخميس المقبل.
وتقول المعلومات حسب مصادر لـ «الديار» ان الاتصالات والمداولات التي جرت في الايام القليلة الماضية وتوجت في الاجتماع القصير بين الرئيسين عون ودياب قبل جلسة مجلس الوزراء امس اسفرت عن اخراج هذه التسوية لازمة معمل سلعاتا التي كادت ان تحدث اهتزازا قويا داخل الحكومة وبين مكوّناتها.
وقضت هذه التسوية بعدم اللجوء الى التصويت مرة اخرى في مجلس الوزراء على هذا الموضوع والاكتفاء بإعلان رئىس الحكومة الالتزام بخطة الكهرباء والبيان بعد طلب رئىس الجمهورية اعادة النظر بقرار مجلس الوزراء في جلسته السابقة الذي اقر فيه معملي الزهراني ودير عمار ولم يحظ معمل سلعاتا الذي يتمسك التيار الوطني الحر بإقراره بشكل مواز في اطار الخطة الشاملة للكهرباء معتبرا ان المعامل الثلاثة ستوفر تأمين التيار الكهرباء 24/24.
وعلى ضوء هذه التسوية اعلنت وزيرة الاعلام بعد جلسة الامس في المعلومات الرسمية ان الرئيس عون طلب من مجلس الوزراء اعادة النظر بالقرار المتخذ في جلسة سابقة والمتعلق بخطة الكهرباء التي اقرت في العام 2019 والتي لحظت ضرورة انشاء 3 معامل (الزهراني، دير عمار وسلعاتا). واكد ان السير بهذه الخطة يشكل ضرورة للبنان وايضا للمفاوضات مع المؤسسات الدولية.
ورد رئىس الحكومة على طلب الرئيس عون بالتأكيد على ان مجلس الوزراء ملتزم بالبيان الوزاري لناحية خطة الكهرباء وتنفيذه لقراري الحكومة السابقة رقم 1 تاريخ 8/4/2019 ورقم تاريخ 21/10/2019 اللذين تضمنا مواقع انشاء انتاج الطاقة الكهربائىة.
واضاف: «مجلس الوزراء يعتبر ان قراره رقم 2 تاريخ 14/5/2020 يأتي في سياق تنفيذ خطة الكهرباء دون التعارض معها».
وتقول المعلومات انه وفق التسوية المذكورة تكون الحكومة قد تجاوزت هذا المطبّ، خصوصا انها حريصة على تعزيز توحيد الموقف من ملف الكهرباء الذي يشكل مادة اساسية في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وفي السياق ايضا قال وزير الطاقة ريمون غجر على هامش جلسة مجلس الوزراء ان خطة الكهرباء تتحدث عن ثلاثة معامل (الزهراني، دير عمار، وسلعاتا) ولا احد يستطيع الجزم من اين نبدأ، وهذا يخضع للعروض.
وعلى صعيد موضوع التعيينات فقد قرر مجلس الوزراء تأجيل البت بالتعيينات التي كانت مدرجة على جدول اعماله امس الى جلسة تعقد يوم الخميس المقبل بعد نقاشات وتباينات في الرأي داخل الجلسة حول الآلية المعتمدة خصوصا بعد اقرار مجلس النواب اول امس آلية تعيينات جديدة للفئة الاولى. كما سجلت خلافات ايضا حول الاسماء المطروحة التي يؤخذ على بعضها بأنها لا تملك المواصفات اللازمة.
وعلم ان عددا من الوزراء طلب اعادة النظر والمزيد من درس الموضوع على ضوء المستجدات لا سيما اقرار قانون الآلية الجديدة، واشاروا الى انهم يرغبون في درس ملفات الاسماء المرشحة.
وقالت مصادر وزارية لـ «الديار» مساء ان مشاورات مكثفة ستجري قبل جلسة الخميس المقبل لبلورة الآلية المعتمدة وحسم ودرس ملفات المرشحين للمراكز التي كانت على جدول اعمال جلسة الامس. والجدير بالذكر ان التعيينات تشمل: رئىس مجلس الخدمة المدنية، محافظ بيروت، مدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة، ومدير عام الاقتصاد.
وعلم ان هناك محاولة للملاءمة بين الآلية التي اقرت عام 2010 والآلية التي اقرها مجلس النواب في جلسته اول امس لاقرار هذه التعيينات الخميس المقبل مع العلم ان قانون الآلية التي اقرها مجلس النواب يحتاج لتوقيع رئىس الجمهورية لإصداره، ولا يستبعد ان يعيد الرئيس القانون الى مجلس النواب وفي مثل هذه الحال يحتاج المجلس لاقراره مرة اخرى الى الاكثرية المطلقة اي 65 نائبا وهو امر ميسر باعتبار ان عدد الذين ايدوه يفوق هذا الرقم بشكل مريح.
وفي جلسته امس اقر مجلس الوزراء طلب التمديد لقوات «اليونيفيل» في الجنوب لمدة سنة تنتهي في 21 آب العام 2021 وفق الصيغة الحالية ومن دون تعديل في مهمة هذه القوات.
من جهة ثانية عرض وزير المال لمجلس الوزراء لنتائج المحادثات التي جرت حتى الان مع صندوق النقد الدولي واشار الى ان سبل التفاهم موجودة موضحا ان الصندوق سيبدأ بعرض وجهات نظره، وان المفاوضات تجري بهدوء وتفاهم وتعاون.
وفي بيان له اكد مصرف لبنان ان الحاكم رياض سلامة «يشارك ويتفاوض وفريق عمله بحسن نية مع صندوق النقد الدولي وهذا الحوار مستمر خصوصا في ما يتعلق بالحسابات التي لم تنته المباحثات بها بعد، كما اوحت بعض وسائل الاعلام. يبقى مصرف لبنان على رأيه ولن يكشف عن فحوى المناقشات مع الصندوق نزولا عند طلب هذا الاخير».
وفي إطار التعميم الذي اصدره مصرف لبنان مؤخرا لدعم شراء المواد الغذائىة الضرورية لم يطرأ حتى الان اي تغيير او تخفيض ملحوظ في اسعار هذه المواد في الاسواق والمحلات والمؤسسات التجارية. وقالت مصادر في وزارة الاقتصاد ان الانخفاض في الاسعار يجب ان يظهر في الايام القليلة المقبلة.
وصرح وزير الاقتصاد راوول نعمة بعد انهاء جلسة مجلس الوزراء امس انه «اذا لم تخفض اسعار المواد الاساسية للسوبرماركت وفق الالية التي وضعناها سنوقف دعم الدولار».
وفي اشارة الى اهتمام الحكومة بإقفال المعابر غير الشرعية ومكافحة التهريب زار رئىس الحكومة امس البقاع الشمالي وقام بجولة على مواقع الجيش في راس بعلبك.
واكد في كلمة له «ان اللبنانيين يريدون تغييرا حقيقيا يؤمن لهم الانتقال من دولة الطوائف والمذاهب الى الدولة الواحدة».
وقال «سنتابع الجهود من اجل وقف اقتصاد التهريب عبر اقفال المعابر غير الشرعية التي تسبب بأضرار كبيرة للدولة وتستفيد منها حفنة من المهربين».
وغداة الجلسة التشريعية التي ختم الرئيس بري محضرها بعد فشل الاتفاق على قانون العفو تنتظر ان تنشط الاتصالات للملمة الوضع من جديد والسعي الى التوافق على هذا القانون الذي جرى ترحيله مرتين في جلستين متتاليتين بسبب الخلافات حوله لا سيما بين المستقبل والتيار الوطني الحر.
وربطت مصادر مطلعة بين زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم امس للرئىس سعد الحريري وبين هذه المساعي لتخفيف حدة الاحتقان واعادة قانون العفو الى سكة التواصل والتوافق بانتظار عقد الجلسة التشريعية المقبلة بعد فتح دورة استثنائىة للمجلس النيابي باعتبار ان دورته العادية تنتهي في منتصف ليل غد الاحد.
ويتوقع ان يصار الى توقيع مرسوم فتح الدورة من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة وارساله الى رئىس المجلس قريبا، وفي حال لم يبادر الرئيس عون لذلك فإن فكرة توقيع عريضة نيابية من الاكثرية المطلقة للمجلس واردة لفتح دورة استثنائىة.
وتقول مصادر نيابية مطلعة لـ «الديار» ان امتناع الرئىس عون عن توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائىة امر مستبعد لان ذلك سيفسر بأنه عرقلة للتشريع مع العلم ان الحكومة في صدد اقرار مشاريع قوانين عديدة تصب في اطار الاصلاحات المالية والاقتصادية والادارية عدا عن مشاريع انمائية وهذه المشاريع تحتاج بطبيعة الحال لدرسها واقرارها في مجلس النواب. كذلك فإن المجلس الذي بدأ ورشته التشريعية حريص على استكمالها والمضي في عقد جلسات عامة اخرى خلال الصيف.
واضافت المصادر انه من المستبعد ان يضطر المجلس للجوء الى العريضة النيابية التي تحتاج الى توقيع 65 نائبا على الاقل.
تصعيد بين المستقبل والتيار
من جهة اخرى تصاعدت حدّة السجال والتوتر بين المستقبل والتيار الوطني الحر في ظل الاحتقان بالعلاقة بينهما منذ فترة ما قبل استقالة الرئيس سعد الحريري وعلى ضوء ما جرى اول امس بين الطرفين على خلفية الخلاف حول عدد من القوانين التي كانت مطروحة على جدول اعمال الجلسة التشريعية لا سيما قانون العفو الذي ادى الى تطيير الجلسة المسائية.
وتتهم اوساط الرئىس الحريري التيار بأنه سعى ويسعى الى مقايضة قضية المبعدين او الذين انتقلوا الى اسرائىل بقضية الموقوفين والسجناء الاسلاميين لغايات سياسية وطائفية. اما مصادر الوطني الحر فترى ان مثل هذه الاتهامات في غير محلها مؤكدة انها لم ولا تطرح مبدأ المقايضة اصلا هي ضد القانون المطروح واعلنت على لسان رئىس التيار جبران باسيل هذا الموقف بكل وضوح في الجلسة اول امس.
والمعلوم ان المستقبل يعوّل على العفو عن السجناء والموقوفين الاسلاميين باعتبار ان هذه الخطوة ستعيد تحسين وضعه نسبيا في الشارع السنّي، بينما يحاول التيار الوطني الحر التشدد حيال هذه القضية رافضا العفو عن المتورطين والمعتدين على الجيش اللبناني.
وغرد النائب جبران باسيل امس قائلا «نحن مع معاقبة المجرم وضد العفو العام. طرحت مقايضة مرفوضة ولا تشبهنا: العفو عن ارهابيين ومجرمين مقابل عودة لبنانيين من اسرائىل. قانون العفو عن الفارين لاسرائىل صادر اصلا وينقصه المرسوم التطبيقي، ومن على يده دم لا يجب ان يعود. لا تبنى دولة بتشجيع الجريمة».
وردّ امين عام تيار المستقبل احمد الحريري على باسيل قائلا: «الفرق بيننا وبينك يا افلاطون زمانك نحنا مش مع تهريب المجرمين والخونة بصفقات دولية.
نحنا اشتغلنا على عفو عام قدام كل اللبنانيين لنرفع الظلم عن مواطنين لبنانيين قاعدين بالسجون بلا احكام. وللمرة الالف كلمتك ما بتعني شي لانه ما في اتفاق الاّ وطعنت فيه».
تراجع كورونا؟
على صعيد اخر سجل امس تراجع عدد الاصابات بكورونا الى اربع اصابات جديدة 3 من المقيمين واصابة من الوافدين ليرتفع العدد التراكمي للاصابات منذ 21 شباط الماضي الى 1172 اصابة.
وتم تسجيل 6 حالات شفاء ليصبح عدد هذه الحالات 705 مع العلم ان وزارة الصحة اجرت امس 1292 فحص كورونا.
وامس سيرت قوى الامن دوريات لتنفيذ قرار وضع الكمامات للمشاة وفي السيارات ورسائل النقل العام ونظمت محاضر ضبط بالمخالفين.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» انه في حال سارت الامور بطريقة ايجابية في الاسبوعين المقبلين فإن هناك اتجاه لفتح مراكز التسوق الكبرى في 8 حزيران المقبل، وتخفيف اجراءات الحظر مع التأكيد على استمرار قاعدة التباعد وعدم السماح بالتجمعات او مظاهر الاكتظاظ.