مع قرار وزير الداخلية تخفيف إجراءات التعبئة العامة وإعادة فتح البلد من الخامسة صباحاً حتى منتصف الليل، تعود مشاعر القلق من احتمال عودة انتشار الوباء بعد تسجيل 29 حالة يوم أمس. الا أن القرار ورغم الخوف من كورونا، انعكس إرتياحاً نسبياً لناحية إعطاء دفع لحركة الحياة المتوقفة، وتحديدا العجلة الاقتصادية “المكربجة” بفعل عوامل عديدة، ولا علاج لها بعد.
وتبقى الخطورة في أن يعود التراخي في الاجراءات والوقاية، اذ لا يجب اعتبارعودة الروح الى المؤسسات العامة والخاصة وتحريك العجلة الإقتصادية مدخلا لعدم إتباع قواعد الحماية بشكل صارم، طالما أن لبنان لا يزال يسجل ارتفاعا في عدد المصابين.
مصادر اقتصادية وصفت لـ “الأنباء” قرار وزير الداخلية “بالهام والجيد”، معتبرةً أن ”من شأنه تخفيف التداعيات السلبية جدًا التي حصلت بسبب شل البلد بالكامل الذي يعاني أساساً من أزمة إقتصادية خانقة، وقد جاءته أزمة الكورونا لتزيد الأمور تعقيدا”.
ولفتت المصادر الإقتصادية الى أن “اللبنانيين تحولوا بفعل كل ذلك الى فريسة لجشع التجار والمتلاعبين بأسعار الدولار ما أدى الى إقفال العديد من المؤسسات والمحال التجارية، وأضحى حوالي خمسين ألف موظف وعامل خارج وظائفهم، فزاد عدد العاطلين عن العمل وارتفعت نسبة الفقر بين اللبنانيين الى معدلات خطيرة تجاوزت الخمسين بالمئة”.
وزير الإقتصاد السابق آلان حكيم لفت من جهته عبر “الأنباء” إلى ثلاثة ملاحظات: الأولى، أن قرار الإقفال حصل عندما كان عدد الإصابات في لبنان صفر، واليوم يستعجلون فتح البلد فيما الإصابات الى إرتفاع. والثانية، ما المبرر للإبقاء على قرار المفرد والمزدوج، وبماذا يساعد، علما انه يستخدم للتوفير خلال أزمة البنزين ولا علاقة له بكورونا لا من قريب ولا من بعيد؟ أما الثالثة، فما هو سبب تحديد أوقات فتح البلد من الخامسة صباحاً وحتى منتصف الليل؟ فهل إن الخطر فقط في منتصف الليل وحتى الخامسة صباحا؟
وعليه وصف حكيم قرارات الحكومة “بالمهزلة”، معتبراً أنه لمس “استهتاراً بالإجراءات الوقائية في الفترة الأخيرة، مع الإشارة إلى أن نوعية فيروس كورونا لم تؤثر كثيراً على المواطن اللبناني وهذه نعمة من عند الله”، على حد تعبيره.
وعن إعادة فتح البلد، قال حكيم: “كان يمكن للحكومة ان تعيد فتح البلد بطريقة أخرى ومنظمة”، مستغربا في الوقت نفيه التأخر الى هذا الوقت “الذي تسبب بإفلاس التجار”، وأوضح أنه “كان باستطاعة الحكومة أن تفتح أماكن محددة لا أن تقفل البلد بشكل كامل، علما أن الحكومة لم تقدم شيئا للناس للوقاية من خطر كورونا. فالناس هم الذين ساعدوا انفسهم لعدم إنتقال العدوى اليهم والتزامهم بالاجراءات الوقائية”، عازيا ارتفاع عدد المصابين الى عدم المراقبة الفاعلة للوافدين عبر المطار.
وعن تلميح وزير الأشغال ميشال نجار بإعادة فتح المطار في الحادي والعشرين من حزيران، شدد حكيم على ان الأمر يتوقف على عدد الإصابات وتحديد بؤر الفيروس قبل اتخاذ القرار. وقال: “من الطبيعي أن يعاد فتح المطار شرط أن يكون التوقيت مدروسا مع ضرورة معرفة البلدان التي تسيّر الرحلات اليها بطريقة علمية”، متمنيا أن “يكون إعادة فتح البلد مؤشرا ايجابيا يجعل اللبنانيين يتنفسون الصعداء”.
وفي السياق الصحي للقرار، اعتبرت مصادر طبية في إتصال مع “الأنباء” ان إرتفاع عدد الإصابات الى 29 حالة أمس، مرده للوافدين من افريقيا “لأن هذا الوباء تفشى في القارة بشكل خطير”. وشددت على ضرورة الالتزام بالوقاية ووضع الكمامات والاستمرار بالتباعد الاجتماعي وعدم الاستخفاف بهذا الأمر.