دخل لبنان «اختبارا» صحيا واقتصاديا مع فتح البلاد مجددا، وفيما لا تزال الاصابات «بكورونا» مستقرة عن حدود مقبولة، كانت «الحركة» بالامس دون «بركة» في ظل تفاقم الاوضاع المعيشية وانعكاسها على القدرة الشرائية للمواطنين الذين تبدلت اولوياتهم مع انخفاض قيمة رواتبهم التي يتقاضون نصفها فضلا عن ازدياد «جيش» العاطلين عن العمل… وفيما يستعد قطاع الصرافة للعودة الى العمل غدا بتسعيرة للدولار بـ4000 ليرة «موقتا»، حذرت التقارير الامنية المتعددة من «القنبلة» الموقوتة اجتماعيا، ومن «انفجار» اجتماعي وشيك غير محصور هذه المرة، في الزمان والمكان، ما دفع رئيس الجمهورية ميشال عون الى ابلاغ القوى الامنية والعسكرية بضرورة التشدد في قمع اي محاولة لقطع الطرقات والاعتداء على الاملاك العامة والخاصة.
في المقابل، ثمة اختبار لا يقل خطورة عما سبق ينتظر لبنان بحكومته وقواه السياسية مع دخول قانون «قيصر» لفرض حصار اقتصادي على سوريا حيز التنفيذ بالامس، وتضغط الولايات المتحدة «نفسيا» وعمليا لترهيب اللبنانيين مهددة بفرض عقوبات قاسية على المتعاونين مع النظام السوري وتهددهم بعقوبات قاسية، واذا كانت محاولة تعديل القرار الدولي 1701 ليشمل الحدود الشرقية، دونها عقبات جدية في مجلس الامن مع معارضة باريس وموسكو لهذه الخطوة، واذا كانت نصائح ديبلوماسية قدمت للبنان بعدم الركون الى «التعاطف» الفرنسي لمساعدة لبنان، لان باريس عاجزة عن تجاوز «الفيتوات» الاميركية، تضع واشنطن الحكومة اللبنانية التي لم تتخذ بعد اي قرار في كيفية مقاربة العقوبات على دمشق، امام اختبار جدي للتعاون، كما تضع «التيار الوطني الحر» امام اختبار جديد لتقديم «حسن النوايا» في هذا الملف باعتباره ملفا حساسا لدى حزب الله، وسط عدم «ارتياح» لمحاولة الوزير السابق جبران باسيل وضع العلاقة مع واشنطن وحزب الله في «سلة واحدة»…
«تريث» حكومي… وضغط اميركي
وفيما اوضح المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة حسان دياب أن الحكومة بصدد دراسة تأثير قانون «قيصر» الاميركي على لبنان، والهوامش التي يمكن للحكومة العمل فيها من دون حصول ارتدادات سلبية على البلد، نافيا حصول أي التزام أو نقاش أو تبني لهذا القانون في جلسة مجلس الوزراء، اوضحت مصادر نيابية مطلعة ان واشنطن تنتظر اجوبة لبنانية محددة حول كيفية التعامل مع هذا الملف، وتضغط لمزيد من التشدد على «المعابر غير الشرعية»، وتنتظر الخارجية الاميركية ردودا رسمية واضحة من الحكومة لا مجرد ردود غير رسمية.
«اختبار» اميركي «للتيار»؟
في المقابل، لا تبدو محاولة «التمايز» التي جهد التيار الوطني الحر لاظهارها في الاسبوعين الاخيرين عن حزب الله، كافية حتى الان لاخراجه من دائرة الاستهداف الاميركي المرتقب لشخصيات سياسية واحزاب تصنفها واشنطن بانها مقربة من حزب الله، ووفقا لمعلومات «الديار»، لا التصريحات المبرمجة المنتقدة للحليف «الشيعي»، ولا الغداء في اللقلوق بين الوزير السابق جبران باسيل والسفيرة دوروثي شيا، والذي توج مؤخرا بمقابلة للسفيرة مع تلفزيون «التيار البرتقالي»، ادوا الى «الاختراق» المطلوب اميركيا من «ميرنا الشالوحي»، فما تقدم تنظر اليه الدوائر الاميركية بحذر شديد خصوصا بعدما تعامل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «ببرودة» شديدة مع كل ما حكي عن «انقلاب» في موقف التيار الوطني الحر، وهو امر اثار المزيد من الشكوك حول طبيعة التصعيد الاعلامي «البرتقالي» الذي لم تلمس واشنطن انه جدي على ارض الواقع، على الرغم من «تسليفها» الكثير من المواقف عل اهمها تسهيل خروج العميل عامر الفاخوري من السجن، ولذلك هي تنتظر المزيد كي تبعد «شبح» العقوبات عن شخصيات حزبية اومقربة من «التيار»…
اسابيع «مفصلية»…
ووفقا للمعلومات تراقب واشنطن على نحو دقيق كيفية تعامل العهد ومعه «ميرنا الشالوحي» مع قانون «قيصر» الذي يشدد العقوبات على سوريا، وهي تعتبر هذا الملف الاختبار «الاصعب» امام باسيل لانه في حال تجاوب معه وشكل حالة ضغط داخل مجلس الوزراء وخارجه سيكون لاول مرة في مواجهة «استراتيجية» مع حزب الله الذي لن يقبل باي شكل من الاشكال «بخنق» النظام السوري اقتصاديا، ولهذا تبدو الايام والاسابيع المقبلة مفصلية لان واشنطن تضع «التيار الوطني الحر» تحت الاختبار، وتحت ضغط العقوبات، ولا تبدو ان عبارة باسيل حول قوى الامر الواقع التي تسيطرعلى الحدود الشرقية كافية، فالمطلوب المزيد… ويبقى السؤال الاهم براي اوساط سياسية بارزة، لماذا وضع «التيار» نفسه في هذه «الزاوية»؟ وهل الوقت مناسب الان لاتخاذ خيارات مصيرية قد يكون ثمنها مكلفا؟ والاهم من ذلك هل باستطاعة الوزير جبران باسيل الجمع بين حزب الله والولايات المتحدة في «سلة» واحدة لتعزيز فرصه الرئاسية…؟ خصوصا ان واشنطن لا يمكنها «هضم» هذه المعادلة.
رهان «خاسر»؟
في غضون ذلك، نصحت اوساط ديبلوماسية بيروت عدم الرهان على دعم فرنسي لا يزال دون المستوى، لتقديم الدعم الاقتصادي عبر صندوق النقد الدولي او عبر «سيدر»، فلا قدرة لباريس على الضغط على واشنطن او تغيير مواقفها من الملف اللبناني، وبحسب تلك الاوساط هذا الرهان ليس في مكانه وتجربة الاتحاد الاوروبي مع ايران غير مشجعة ابدا، حيث تقف «القارة العجوز» عاجزة عن منع واشنطن من تدمير الاتفاق النووي، واكتفت مؤخرا بموقف مخجل استنكرت فيه انهاء الرئيس دونالد ترامب الاعفاءات المؤقتة للشركات الاوروبية وغير الاوروربية العاملة في ايران.
وانطلاقا من هذه المعطيات، لا يبدو تعويل لبنان على الموقف الفرنسي او الاوروبي في مكانه، فالادارة الاميركية تخوض منذ الان معركة التجديد لترامب، وكما العالم فان لبنان والمنطقة تنتظرهم اشهر ستة صعبة للغاية لان «ساكن» البيت الابيض سيفعل كل شيء واي شيء للعودة الى المكتب البيضاوي، والساحة اللبنانية جزء من ساحة صراعه مع ايران في المنطقة، ولن يتسامح معها في هذه الفترة المفصلية التي ستشهد المزيد من الضغوط لا الانفراجات، واذا كان المسؤولون اللبنانيون غير مدركين لخطورة هذه المرحلة، فانهم كمن يدفن «راسهم بالرمال»، لكن هذا لن يغير شيئا صعوبة وخطورة الامور…
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد اكد ان لبنان ليس متروكا من المجتمع الدولي الذي يولي اهتماما بمساعدته على النهوض سواء من خلال المفاوضات الجارية مع صندوق النقد التي تبشر بالتفاؤل او من خلال اللقاءات مع السفراء الاجانب وخصوصا الدول الكبرى.
عون والدعوة «للتشدد»
في هذا الوقت، وامام عودة الاحتجاجات الى الشوارع، وفي ظل تقاطع المعلومات الامنية حول توسعها في الايام والاسابيع القبلة، وبعد ما حصل امس الاول على طريق القصر الجمهوري،اوعز رئيس الجمهورية ميشال عون باعتباره القائد الاعلى للقوات المسلحة، الى القوات الامنية بضرورة التشدد بمنع اقفال الطرقات ومنع الاعتداءات على الاملاك العامة والخاصة، مع احترام حرية التظاهرات السلمية.
«ثورة جياع»؟
ووفقا للمعلومات حملت التقارير الامنية المرفوعة من اكثر من جهاز مخاوف جدية من «ثورة جياع» حقيقية في حال استمر التدهور الاقتصادي على حاله، ما يضع القوى الامنية امام معضلة شديدة الحساسية على الارض في ظل «التعاطف» الكبير، «التفهم» الذي يسود لدى مختلف القطاعات العسكرية والامنية للمطالب المحقة للمتظاهرين، خصوصا ان رواتب الضباط والعسكريين فقدت نحو 60 بالمئة من قيمتها الفعلية وبات معظمهم غير قادرعلى تسديد ما عليه من قروض، ولم يعد الراتب يكفي سوى لتأمين المستلزمات الحياتية الضرورية، وهذا يتطلب تدابير عاجلة واستثنائية قبل خروج «الامور عن السيطرة»… وقد شهدت بالامس شوارع طرابلس مسيرة احتجاجية احتجاجاً على الاوضاع الاقتصادية الصعبة، كم جرى قطع طريق البداوي بالاتجاهين…
الدولار بـ4000 موقتا؟
في غضون ذلك يعود الصرافون المرخصون الى العمل غدا الاربعاء، وبانتظار «ولادة» المنصة الالكترونية في المصرف المركزي والتي ستحدد يوميا اسعار التداول بالعملة الصعبة، سيتم بيع الدولار بدءا من يوم الاربعاء بسعر 4000 ليرة على نحو موقت يمتد لنحو اسبوعين كحد ادنى وشهر كحد اقصى، على ان يتم خفض السعر تدريجيا ليتم تثبيته على سعر 3200ليرة. ووفقا لمعلومات «الديار» لن تكون عملة شراء الدولارات مفتوحة امام الجميع وستكون محصورة باللبنانيين الذين لديهم حاجة ملحة لسداد قروض مصرفية، او تحويل اموال لابنائهم للخارج، او دفع مستحقات للعاملات الاجنبيات، او حاجات طبية وغيرها من الامور الملحة، وعلى من يريد شراء الدولار ان يتقدم بمستندات رسمية تبرر ذلك. اما الشركات التي ستستفيد من عمليات الشراء فهم المؤسسات والشركات والتجار غير المشمولين بالسلة الاستهلاكية المحددة مسبقا والذين سيحصلون على الدولار من مصرف لبنان بسعر 3200ليرة… لكن تبقى الاسئلة مفتوحة حول قدرة هؤلاء الصرافين على ضبط سوق العرض والطلب؟ كما تطرح علامات استفهام حول قدرتهم على التزام المدة الممنوحة لهم لتخفيض سعر الصرف؟ ولعل السؤال الاهم يبقى حول قدرة المصرف المركزي على التدخل في السوق لضبطه في ظل شح الدولار الموجود في حوزته؟ وهل يمكن لصندوق النقدي الدولي ان يقبل بهذا التثبيت «الوهمي» في ظل مطالبته بتحرير سعر الصرف وتوحيده؟
وفي هذا السياق، عقد الوفد اللبناني المفاوض برئاسة وزير المالية غازي وزني اجتماعه التاسع مع صندوق النقد الدولي وقد تمحور الاجتماع حول موضوع الإصلاحات المالية على أن تستكمل المشاورات يوم غد الاربعاء… وفيما يستمر التضارب في الارقام المقدمة من الحكومة ومصرف لبنان، دخل رئيس مجلس النواب نبيه بري على الخط في محاولة للتوفيق بين الخسائر المقدرة من قبل الحكومة وجمعية المصارف والمصرف المركزي، وقد استقبل في هذا السياق وفدا من جمعية المصارف برئاسة سليم صفير.
تراشق قضائي
وبعد ساعات على توقيعها التشكيلات القضائية واصرارها على ملاحظاتها، أسف مجلس القضاء الأعلى مجدّداً لما صدر عن وزير العدل ماري كلود نجم، واتهمها باجراء مقاربة غير منصفة في موضوع التشكيلات، ولفت في بيان الى ان كلامها عن مآخذ مسلكية تطال بعض القضاة في مراكز محدّدة، غير مُسند ويُجافي الواقع، فضلاً عن أنه كان من الأجدى إيراده في الملاحظات التي أولى القانون وزير العدل إبداءها حول مشروع التشكيلات، عوضاً عن ذكرها في وسائل الإعلام، وعلى الرغم مما ورد اعرب المجلس عن تطلعه إلى التعاون مع السيّدة وزيرة العدل ضمن الأطر القانونية الواجبة الإعمال، والتي من شأنها تكريس دولة القانون والعدالة والمؤسسات…».
وكانت وزيرة العدل ماري كلود نجم قد وقعت التشكيلات القضائية بعد اشهر من احالتها اليها من قبل مجلس القضاء الاعلى. وقد غردت عبر حسابها على «تويتر» بالقول: «وقعت مرسوم التشكيلات القضائية بالرغم من ملاحظاتي التي اتمسك بها، والآن اهم من التشكيلات القضائية هو قانون استقلالية القضاء».
لن تبصر النور؟
غير ان هذه الخطوة لا تعني ان «التشكيلات» «ستبصر النور» قريبا، ما دام رئيس الجمهورية ميشال عون غير موافق عليها، وتستبعد اوساط سياسية مطلعة ان يقوم الرئيس بتوقيعها خصوصا ان العهد والتيار الوطني الحر يرى فيها استهدافا للقضاة المحسوبين عليه.
ازمة محروقات ام تنفيعات؟
وفي ظل الشح في مادة المازوت، ووقف بعض المحطات عن بيع البنزين، دعت نقابة أصحاب محطات المحروقات المواطنين «إلى عدم الهلع والتهافت على المحطات لأن ذلك سيخلق أزمةً حقيقيةً ويفرّغ المحطات من مخزونها، وفيما عزا رئيس النقابة سامي البراكس المشكلة في فتح الاعتمادات مع المصارف الخارجية، تحدثت مصادر معنية بالملف عن ازمة مفتعلة ادت الى ابقاء المحروقات في المستودعات بهدف استفادت الشركات من ارتفاع اسعارها يوم الاربعاء المقبل، والاستفادة من هذا الفارق، وتساءلت عن عدم قيام وزارة الطاقة والجهات المسؤولة بالزام الشركات التي تملك مخزونا لاجتياز هذه الفترة الدقيقة، وإلزامها تسليم المحروقات من بنزين ومازوت بكميات تكفي احتياجات السوق المحلية.
ارقام كورونا «مستقرة»…
وفيما دخل قرار تخفيف اجراءات التعبئة العامة امس حيز التنفيذ، عاود عدد من المؤسسات التجارية والمجمعات التجارية فتح أبوابه، اعلنت وزارة الصحة تسجيل 13 اصابة، 7 من المقيمين، و6 من الوافدين ما رفع العدد الاجمالي الى 1233… وقد ترأس وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن إجتماعا لفريق عمل الوزارة، هدف لرفع حال الإستنفار في مواكبة الإجراءات المتخذة لتخفيف التعبئة العامة وفتح المزيد من القطاعات والمراكز التجارية. كما تركز الإجتماع على التحضير لمرحلة فتح المطار وتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها مع عودة حركة الملاحة الجوية المفترضة في 21 الجاري، وتمت الموافقة على فتح الحضانات اعتبارا من الثامن من حزيران إنما بنسبة 25% من قدرة الحضانات على الإستيعاب، بحيث يتم التخفيف من مخاطر نقل بالعدوى.