في وقت تزداد الحالة الاقتصادية والمالية والمعيشية سوءاً الى جانب غضب الشارع والعودة مجددا الى المظاهرات في ساحة الشهداء، تبدو الحكومة في حالة من التخبط غير قادرة على اقرار التعيينات المالية والقضائية وذلك يعود الى الخلافات السياسية بين القوى الحاكمة كما يشير الى عدم ادراك السلطة السياسية عمق الازمة المالية والاقتصادية. ولا تبدو الحكومة والاكثرية الحاكمة عازمة على الحصول على اموال من المرافق والاملاك البحرية المخالفة على غرار ما قام به القاضي غسان عويدات اضافة الى عجزها في اقرار الاصلاحات في وزارة الكهرباء والاتصالات وفي عدة وزارات اخرى . والحال ان الناس تستغرب سبب عدم انشاء هيئة ناظمة للكهرباء وتعيين اعضاء جدد لمجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان نظرا للخسائر التي تكبدها للخزينة وهذا يزيد من غضب الناس ونقمتها على الطبقة السياسية البالية التي لا تزال تكابر وتتمسك بمواقع نفوذها رغم ان كيان الدولة اللبنانية بات مهدداً بالزوال.
بموازاة ذلك، يوم السبت سيكون موعداً لتجمع الثوار في ساحة الشهداء للتعبير عن آلمهم ووجعهم ورفضهم للبنان المزرعة ولبنان الضحية. وذلك الامر يؤكد ان الشعب لم يستسلم في نضاله بوجه الفاسدين والناهبين والظالمين الذين سرقوا امواله ولم يحاسبوا على اعمالهم القذرة. فماذا تنتظر الحكومة بعد لتبادر الى تنفيذ اصلاحات تخفف من غضب الشارع؟ وماذا تنتظر السلطة في لبنان لتركز على قوانين تريح المواطن الذي بات عاجزا عن تسديد المستحقات عليه وتأمين لقمة العيش بما انه خسر نصف راتبه لتفلت سعر الصرف وعدد كبير خسر وظيفته بالكامل؟
ثلاثة ملفات يركز عليها صندوق النقد الدولي
في سياق المفاوضات الجارية بين لبنان الرسمي وصندوق النقد الدولي، يركز الاخير على ثلاثة ملفات اساسية وهي ملف الكهرباء، الوضع النقدي والاصلاحات.
بداية، يأخذ ملف الكهرباء حيزا كبيرا من المفاوضات كونه يستنزف خسائر كبيرة من الخزينة وكونه حاجة ماسة للناس ولذلك يطرح صندوق النقد اسئلة عن مساره. وعليه استبقت الحكومة في هذا الموضوع باستعجالها باقرار المعامل الثلاثة دير عمار، الزهراني وسلعاتا وعلما ان ازمة سلعاتا تم تجاوزها بعد حصول تسوية بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء حسان دياب.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هو برنامج التطبيق لهذه الخطة وخصوصا ان هناك صعوبات في التمويل وتبايناً في الرأي حول تسعيرة الكهرباء. هناك فريق سياسي يطالب بتأمين الكهرباء وثم وضع تسعيرة لها وفريق اخر يطالب بجدولة التسعيرة بشكل تتلازم مع مباشرة التنفيذ.
في المقابل، تقول المعارضة اي تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي ان ما جرى في تسوية سلعاتا يكشف ان النهج القديم مستمر ولذلك تشكك في صدقية الحكومة بالتعاطي مع هذا الملف.
والملف الثاني الذي يطرحه صندوق النقد هو : الملف الاصلاحي وعدم التعاطي مع بنود هذا الاصلاح «بالمفرق» مع تشديد على ترجمة القوانين والمبادرة الى تطبيقها في ما يتعلق بمكافحة الفساد.
اما الملف الثالث الذي يشدد عليه ايضا صندوق النقد الدولي هو : الوضع النقدي. وهنا يطالب صندوق النقد بتحرير سعر الصرف وعدم السماح بوجود عدة اسعار لسعر صرف الدولار في حين تعتبر الحكومة ان تحرير سعر الصرف يأتي بعد الحصول على مساعدة مالية خاصة في ظل الظروف المالية الصعبة. وهنا تتطابق الحكومة ومصرف لبنان حول كيفية تحرير سعر الصرف وما هي الشروط التي يجب ان تتحقق لتنفيذه.
وفي نطاق متصل، قالت اوساط سياسية للديار بأن لجنة المال تعمل على توحيد الارقام المختلف عليها بين مصرف لبنان والحكومة وتقول هذه الاوساط ان جهات سياسية تعمل على تهدئة الاجواء وتحسين العلاقة بين الحاكم رياض سلامة والرئيس حسان دياب الامر الذي سينعكس ايجابا على الحوار بين الحكومة ومصرف لبنان من جهة وعلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي من جهة اخرى.
السفير الروسي : لا ضرورة لقوات اممية على الحدود اللبنانية ـ السورية
اعلن السفير الروسي لدى لبنان الكسندر زاسبكين رفض دولته لفكرة تعديل القرار الدولي 1701 الذي تطالب به واشنطن وجهات اخرى بنشر قوات اليونيفيل على الحدود الشرقية وقال للديار : «ان الوضع على الحدود الجنوبية اللبنانية – الاسرائيلية مختلف تماما عن الوضع بين لبنان سوريا وبالتالي اي ترتيب للحدود بين هذين البلدين يجب ان يتم بالحوار والتنسيق من قبل السلطات اللبنانية والسورية». واضاف : «لا ضرورة لوجود قوات اممية على الحدود اللبنانية – السورية».
وحول قانون قيصر الذي اصبح نافذا امس، ندد السفير الروسي لدى لبنان الكسندر زاسبكين بسياسة العقوبات جملة وتفصيلا بما في ذلك سوريا خاصة ان الوضع صعب جدا في بلاد الشام نتيجة الارهاب وكل الدمار والخراب الذي خلفه وراءه. ووصف هذا الاجراء بانه غير شرعي وغير انساني وغير اخلاقي وروسيا ضد هذا القانون لان اليوم الوضع صعب جدا في سوريا التي هي بحاجة الى اعادة اعمار والى تلقي مساعدات انسانية مطالبا الجميع بمساعدة الشعب السوري في حين رأى ان الادارة الاميركية تريد تجويع السوريين.
وقال السفير الروسي لدى لبنان للديار : «بحكم التجربة نعلم ان العقوبات لا تؤثر على النهج السياسي والاميركيون يريدون اليوم بعد خسارتهم وفشلهم في سوريا عبر دعم التنظيمات الارهابية التي تم الاطاحة بها بأن يعوضوا الخسارة بعقوبات مؤذية ولكن نحن على يقين انهم ايضا هذه المرة سيخسرون في سوريا».
الرئيس عون : لبنان يريد التمديد لقوات اليونفيل
في الداخل اللبناني، دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن ليبلغهم ان لبنان يريد التمديد لقوات اليونيفيل ولا يريد اي تعديل بالمهام ولا بالعديد.
القوات اللبنانية : من الخطأ تسييس القرار 1701
من جهتها، لفتت القوات اللبنانية الى ان الدعوة لتعديل القرار 1701 وانتشار القوات الاممية على الحدود اللبنانية – السورية ليست مطلباً جديداً بل طرحت في زمن انقسام 14 و8 آذار. وقالت المصادر القواتية للديار : «اليوم المطلوب بشكل جدي هو اقفال المعابر غير الشرعية» ولفتت الى انه في حال تصدر عنوان توسيع القرار 1701، عندها ستستخدم قوى 8 آذار هذا العنوان كمحاولة لاخذ الامور باتجاه آخر ومنع تطبيق هذا القرار معللة ان الهدف هو تطويق حزب الله وليس وقف التهريب ولا اقفال المعابر غير الشرعية او مكافحة الفساد. من هنا اعتبرت المصادر القواتية ان هذا التسيس يخدم فريق 8 آذار من اجل منع اقفال المعابر غير الشرعية وابقاء القديم على قدمه.
من هذ المنطلق ومنعا من اعطاء فرصة لفريق 8 آذار من استغلال هذا الموضوع خصوصا ان مسألة توسيع القرار الدولي 1701 ليست مسألة سهلة و ليست مسألة بمتناول اللبنانيين بل تتطلب نقاشا طويلا فيما لبنان يشهد ازمة اقتصادية ومالية متدحرجة طالبت القوات الاسراع في اتخاذ خطوات لاقفال هذه المعابر. واعتبرت انه اذا تم وضع هذه المعابر غير الشرعية تحت عنوان التوسيع لقرار 1701 سيؤدي بقوى 8 اذار الى الهروب الى الامام من اجل ان يستمر الوضع القائم على ما هو عليه وان تتهرب القوى المعنية من تحمل المسؤولية في هذا الصدد. ولذلك القوات اللبنانية لن تقدم اي هدية لاي طرف سياسي فاليوم الدولة اللبنانية مطالبة باتخاذ اجراءات صارمة وواضحة من اجل اقفال هذه المعابر .وتابعت المصادر القواتية بالقول انه : «من المعيب ان تكون الدولة في لبنان في انتظار توسيع قرار 1701 من اجل اقفال المعابر غير الشرعية بينما المسؤولية تقع على عاتق الدولة خاصة ان هذه المعابر تكبد الخزينة خسائر بمليارات الدولارات سنويا». ولفتت الى ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان قد تحدث عن اربعة مليارات ذهبت هدرا في العامين السابقين.
آلية التعيينات : هل هي دستورية؟
وبالعودة الى الداخل اللبناني، تنتظر بعبدا وصول القانون حول آلية التعيينات الذي اقره المجلس النيابي لتأخذ الموقف المناسب على ضوء درسه دستوريا. ولكن هناك احتمالات عدة قد تطرأ : اولها ان يرد رئيس الجمهورية القانون الى المجلس النيابي وعندها المجلس يمكنه ان يقره بالتصويت على قاعدة نصف زائد واحد اي الاكثرية المطلقة. وهناك احتمال اخر وهو الطعن بالقانون امام المجلس الدستوري وعلى الارجح سيتقدم التيار الوطني الحر بالطعن بالقانون. الا ان اجواء المجلس النيابي تقول ان القانون دستوري ولا ينتقص من صلاحيات الوزير او الحكومة. وفي كل الحالات، تشير الاجواء السياسية ان الحكومة عازمة على التسريع في التعيينات من خلال آلية التعيينات التي اقرها المجلس النيابي وقانون الوزير محمد فنيش عام 2010 القريب من القانون الذي اقر مؤخرا. ذلك ان التعيينات بند مطلوب من صندوق النقد الدولي خاصة التعيينات المالية التي هي حاجة ضرورية للحكومة لكي تنطلق في مشروعها.
وفي الموضوع ذاته، قالت مصادر مقربة من قصر بعبدا الى ان المادة 65 من الدستور تنيط بمجلس الوزراء تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفقا للقانون وبالتالي لا دور للسلطة التشريعية في هذا المجال. واضافت هذه المصادر الى انه في الفقرة الاخيرة من المادة 65 تتحدث عن المواضيع الاساسية التي تتطلب ثلثي موافقة الحكومة من بينها تعيين موظفي الفئة الاولى وهذا يؤكد ان لا دور للسلطة التشريعية في التعيينات.
وايضا في الدستور وفقا للمادة 66 التي تعطي الوزراء حصرا مسؤولية ادارة مصالح الدولة ويناط بهم وحدهم تطبيق الانظمة والقوانين كل في ما يتعلق بادارته وبما خص به».
ووفقا للمادة 17 التي تقول ان اعمال السلطة الاجرائية تناط بتعيين الموظفين. واستنادا الى المواد 65 و66 و17 من الدستور ترى المصادر المقربة من قصر بعبدا ان الحكومة هي السلطة المسؤولة عن تعيين الموظفين من بينهم موظفو الفئة الاولى. وعلى سبيل المثال، ابطل المجلس الدستوري نصاً مماثلاً بموضوع آلية التعيينات جاءت في موازنة 2019.
من جهته، اعتبر حزب القوات اللبنانية ان ما تحقق على مستوى الآلية في مجلس النواب والتي عمل عليها اكثر من طرف وتحديدا تكتل الجمهورية القوية، بأنه بند اصلاحي تغييري ثوري حقيقي في لبنان منعا لاستمرار التوظيفات في الادارة على قاعدة الزبائنية والمحاسيب والولاءات الفئوية. وشددت القوات ان اي محاولة للهروب من هذا الانجاز تحت عنوان الطعن بآلية التعيينات يكون الهدف منها ابقاء القديم على قدمه وعدم التعيين على اساس الجدارة والكفاءة. واضافت المصادر القواتية : «لن نسكت عن اي عمل يؤدي الى الاطاحة بهذه الالية وسنكون رأس حربة في هذا المجال» فضلا ان هذه الالية اخذت في الاعتبار امكانية الطعن التي حصلت عام 2001 وبالتالي نستصعب ان يصار الى الطعن بها. ولكن اذا حصل الطعن فهذا يؤكد ان هناك فريقاً سياسياً في الحقيقة لا يتطلع الى صلاحيات الوزير بل الى مواصلة السياسة القديمة التي يتبعها من اجل حسم كل التعيينات لمصلحته وليس للمصلحة الوطنية.
الحزب التقدمي الاشتراكي : وحدة الجبل اولويتنا
اعتبر رامي الريس، مستشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ان الحكومة اظهرت عجزاً في استقطاب الرساميل والاستثمارات اضافة الى انها لم تتمكن من اعادة بناء علاقات لبنان الخارجية. وحول كورونا، رأى الريس ان الحكومة تعاملت بجدية مع هذا الفيروس في بدء الامر الا انها اليوم تتراخى في الاجراءات والتدابير حيال كوفيد 19. ورأى ان هنالك حاجة خاصة لقرارات سريعة وفورية على صعيد الكهرباء والمعابر وملفات عدة لانقاذ الاقتصاد اللبناني.
وحول التقارب الحاصل من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي مع القوى المسيحية والهدنة مع العهد والتيار الوطني الحر، اوضح المستشار الخاص رامي الريس ان الوزير وليد جنبلاط حريص دائما على تحصين التعددية واستقرار الجبل.
وأوضح الريس ان الجولة التي قام بها لعدة احزاب مسيحية تأتي في اطار حماية المصالحة والاستقرار واعتبر ان الخلاف في الرأي السياسي امر مشروع في نظام ديمقراطي ولكن على ان لا يتجاوز الخلاف اصول الادبيات ويعود التوتر الى الجبل.
واضاف ان جولته اتت بعد ارتفاع الكلام مؤخرا حول صيغ غريبة على غرار المطالبة بالفيدرالية مشيرا الى ان هذه الصيغ هي مناقضة لتركيبة لبنان وللتضحيات التي بذلت للوصول الى اتفاق الطائف. واستبعد الريس ان يبرم عقد اجتماعي جديد غير اتفاق الطائف في ظل الانقسام السائد بين الاطراف والقوى السياسية.
الوزير حواط يزعج الفاسدين
الى ذلك، كشفت مصادر مطلعة مقربة من الوزير فيصل كرامي انه منذ ان قرر وزير الاتصالات طلال حواط استرداد القطاع الخليوي «الفا» و«تاتش» للدولة الامر الذي لم يكن على مراء جهات كثيرة والذي ايضا ازعج مستفيدين كثر في هذا المجال، عندها بدأت حملة ممنهجة عليه تختلق الاخبار الكاذبة فقط لان الوزير حواط لا ينتمي الى نادي الفاسدين.
وبحسب الاصول القانونية، تسترد الدولة ادارة القطاع الخليوي من الشركات وعليه تم تاليف لجنة لتسلم القطاع والمفروض في نهاية الاجراءات ان تعود للدولة. وهنا اشارت هذه المصادر انه تم تشكيل مجلس ادراة للشركتين الجديدتين ميك 1(Mic1) وميك 2 (MIC2) التابعتين للدولة.
اما عن المعلومات التي تقول ان شركة اوجيرو مهددة بالاقفال، فقد نفت المصادر المقربة من الوزير فيصل كرامي هذه المعلومات جملة وتفصيلا مشيرة الى ان اوجيرو لا تواجه صعوبات وكل ما يتم تداوله هو مخالف للحقيقة.