يبدو أن الإصابات الـ50 الجديدة بفيروس كورونا التي سجلت أمس في قفزة قياسية مقلقة تنذر بانفلات جديد للانتشار الوبائي لم تكن كافية لردع الترف السياسي الذي طبع مناقشات مجلس الوزراء الذي صادق على توصية المجلس الأعلى للدفاع بتمديد حال التعبئة العامة حتى الخامس من تموز المقبل. لكن أولويات العهد والحكومة بقيت عند هواية مهاجمة الخصوم وقت تقف البلاد عند خطرين داهمين: أولهما فقدان السيطرة على الانتشار الوبائي في حال استمرار العجز عن الرقابة الصارمة على ألوف الوافدين من الخارج الذين يتحولون المسبب الرئيس لارتفاع الإصابات. وثانيهما خطر افتعال الاضطرابات عشية التحضير لموجة احتجاجات غدا السبت في وسط بيروت من خلال تحريك استعدادات لشارع مضاد تحت عنوان “رفض التعرض للمقاومة”.
وفي الخطر الوبائي الطارئ برزت قفزة خطيرة من خلال تسجيل 50 إصابة تعتبر الرقم الأكبر الثالث منذ تمدد الوباء الى لبنان في شباط الماضي وتوزعت 42 إصابة بين المقيمين و8 إصابات بين الوافدين. كما سجلت وفاة لامرأة كانت تعاني داء عضالاً. وتبين أن الارتفاع المفاجئ للإصابات يعود الى مخالطة بين سيدة عادت حديثا من المملكة العربية السعودية ولم تلتزم الحجر الإلزامي وعدد من أبناء بلدة برجا، فسجلت في برجا 36 إصابة، كما سجلت ست إصابات في جدرا كان أصحابها خالطوا بدورهم المصابين في برجا.
وبدا واضحا ان هذا التطور السلبي سيترك اثره على تمديد الموعد المبدئي لاعادة فتح مطار رفيق الحريري الدولي اذ سيصعب إعادة فتحه قبل إعادة النظر جذريا في التدابير القسرية لإلزام العائدين الى لبنان الحجر.
أما في ما يتصل بالاستعدادات الجارية لاطلاق الموجة الجديدة من التجمعات الاحتجاجية للانتفاضة الشعبية غداً في وسط بيروت، فبرزت اتجاهات واستعدادات مضادة تقف وراءها قوى حزبية في تحالف 8 آذار ولا سيما منها “حزب الله ” تحت شعار رفض تحويل الانتفاضة منصة سياسية للمطالبة بتنفيذ القرار 1559 ونزع سلاح الحزب. وتحدثت أوساط معنية عن احتمال حشد انصار قوى 8 آذار تجمعات مناهضة للتجمعات التي ستحصل السبت بما يرتب مشهداً مفتعلاً انقسامياً لاجهاض الموجة الاحتجاجية الجديدة.
“الاستهدافات” !
في غضون ذلك، حرصت الحكومة المختلفة على التعيينات على استعادة معزوفة مواجهة “الاستهدافات”. وشن كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء حسان دياب هجوماً مضاداً على الخصوم في السياسة او في الشارع.
في مقابل ذلك، غاب ملف التعيينات بحكم استمرار الخلاف عليها.
وعلم في هذا السياق ان ثمة اتجاهاً الى استعجال إقرار التعيينات الإدارية الخميس المقبل لتمرير تعيين محمد حيدر مديراً عاماً للاقتصاد قبل تخطيه الأربعين في اليوم نفسه وهو مرشح حركة “أمل” للمنصب. كما ان الرئيس دياب متمسك بتعيين ندى يقظان رئيسة لمجلس الخدمة المدنية.
وفهم ان الاتفاق بين الرئيس نبيه بري والنائب جبران باسيل انجز حول تقاسم إدارة قطاع الخليوي وستصدر تعيينات مجلسي الإدارة لشركتي “ألفا” “وتاتش” كالأتي: مجلس إدارة “تاتش” برئاسة علي ياسين وعضوية شربل قرداحي وحياة يوسف. ومجلس إدارة “الفا” برئاسة رفيق حداد وعضوية عماد ناصر ورلى أبو ضاهر.
وعلمت “النهار” ان الرئيس عون طرح من خارج جدول الاعمال اقتراحا لفرض زيادة خمسة الاف ليرة على صفيحة البنزين لتوفير التمويل للعائلات المحتاجة، لكن الاقتراح اثار ملاحظات عدة ابرزها الحاجة الى قانون لفرض أي ضريبة جديدة وعدم ملاءمة المعطيات العامة لفرض أي رسوم وضرائب، اذ ذكر بعض الوزراء بأن رسماً محدوداً على خدمة “الواتس آب ” أشعل الانتفاضة في تشرين الأول الماضي.
على الصعيد المالي، صرح النائب ابرهيم كنعان لـ”رويترز” أمس بان اللجنة الفرعية المنبثقة من لجنة المال والموازنة ستعقد اجتماعات مغلقة عدة مع مصرف لبنان وجمعية المصارف والحكومة لتضييق الفجوة في الأرقام قبل الاثنين المقبل. وأشار كنعان الى ان غالبية الكتل النيابية أيدت نهجاً يتعامل مع الخسائر تدريجاً وليس مرة واحدة. وقال: “من المهم العودة الى البرلمان خصوصاً، ان أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي يجب ان يصادق عليه مجلس النواب دستورياً”.