كتبت صحيفة العربي الجديد تقول: شهدت بعض المناطق اللبنانية، مساء السبت، حالة من الغضب العارم بعد إطلاق مناصرين لـ”حركة أمل” التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، و”حزب الله”، في مقطع فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هتافات مسيئة لزوجة النبي السيدة عائشة، خلال مواجهتهم التظاهرة التي نظمت في ساحة الشهداء في بيروت.
وقطع عدد من الشبان المحسوبين على “تيار المستقبل” الذي يرأسه سعد الحريري طريق كورنيش المزرعة وطريق قصقص بالعاصمة، هاتفين شعارات ضد “حزب الله” وأمينه العام حسن نصر الله، ووجهت دعوات للتجمع قرب مسجد جمال عبد الناصر، وسط إطلاق نار كثيف سُمع في المكان بعد ذلك.
وأوردت “الوكالة الوطنية للإعلام” الرسمية، نفياً لما أشيع عن سقوط قتيل في منطقة الطريق الجديدة ببيروت، وأفادت بإصابة شخصين أحدهما أصيب في عينه والآخر إصابته طفيفة.
وفي صيدا، تجمع عدد من الشبان في تقاطع إيليا احتجاجاً على العبارات المذهبية التي أطلقت، وسارع الجيش اللبناني إلى إغلاق جميع المسارب منعاً لحصول أي تطورات أمنية.
وفي إقليم الخروب، قطع عدد من المحتجين “الأوتوستراد” الساحلي في محلة السعديات بالحجارة والإطارات المشتعلة، وسط حالة غضب عارمة في المكان. كذلك تم قطع عدد من الطرقات في مناطق شمالية وجنوبية وفي البقاع شرقاً، اعتراضاً على الهتافات المذهبية المسيئة.
على وقع هذه التطورات الأمنية، حذرت دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، في بيان، من “الوقوع في فخ الفتنة المذهبية والطائفية”. وشددت على أنّ “شتم أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، من أي شخص كائناً من كان، لا يصدر إلا عن جاهل ويحتاج إلى توعية، وأبواب دار الفتوى مفتوحة لتعليمه من تكون السيدة عائشة زوجة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وأي إساءة بحقها تمس كل المسلمين”.
ورأى البيان أنّ “ما صدر من سب وإهانات من بعض الجهلة الموتورين لأنهم في غفلة من أمرهم ولا يفقهون تعاليم ومفاهيم ومبادئ الإسلام، وعليهم الاقتداء بأخلاق الإسلام استناداً بما جاء في الحديث النبوي الشريف (لم أبعث سباباً ولا شتاماً ولا لعاناً انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)”.
وتوالت المواقف السياسية الداعية إلى التهدئة وتدارك الفتنة، وشدد “حزب الله”، في بيان على أن “ما صدر من إساءات وهتافات من قبل بعض الأشخاص، مرفوض ومستنكر، ولا يعبر إطلاقاً عن القيم الأخلاقية والدينية لعامة المؤمنين والمسلمين”. وحذر “بشدة من مسببي الفتن والمستفيدين منها، وكل أولئك الذين يروجون للفتنة ويدعون لها، ونرفض بشكل تام كل ما يمكن أن يؤدي إلى الفرقة والاختلاف والتوتر المذهبي والطائفي والديني”.
ووجه رئيس “تيار المستقبل”، النائب سعد الحريري، في سلسلة تغريدات على حسابه عبر “تويتر”، نداءً إلى “كافة الأهل والأحبة في كل المناطق أن نأخذ بدعوة دار الفتوى وتحذير جمهور المسلمين من الوقوع في فخ الفتنة المذهبية. لعن الله الفتنة ومن يوقظها”. وأضاف أن “أي تطاول على السيدة عائشة أمر مشين ومرفوض أصابنا جميعاً في الصميم، ويشكل إهانة لكل المسلمين من دون استثناء، وليس لطيف واحد من أطيافهم، وهو ما كان محل استنكار وإدانة عن أولي الأمر في السياسة ورجال الدين من إخوتنا في الطائفة الشيعية، بمثل ما صدر عن أهل السنة ودار الفتوى تحديداً”.
وأكمل الحريري: “أتوجه إلى كافة المواطنين الذين هالهم التعرض لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، منبهاً إلى التزام حدود الوعي والحكمة وعدم الانجرار لأي ردات فعل يمكن أن تهدد السلم الأهلي، وتفسح في المجال أمام الجهلة لإشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد”.
بدوره، أشار نائب رئيس المكتب السياسي لـ”حركة أمل”، الشيخ حسن المصري، في بيان باسم الحركة، أنّ “ما يتم تناقله عبر بعض وسائل التواصل المشبوهة، هو محاولة مكشوفة لبث الفتنة بين المؤمنين، وهو خارج نطاق القيم النبيلة والأخلاق الإسلامية الحميدة”.
واعتبر أنّ “أي إساءة أو تطاول أو تجرؤ يحاول البعض من الجهلة الذين لا يعرفون مدرسة أهل البيت وتعاليمهم، هي مدانة ومرفوضة ومستهجنة خصوصاً إذا حاولت، ولو بأي حد، مهما كان، المس بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها. هي أم المؤمنين زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”. داعياً إلى “ضرورة الانتباه من قليلي الدين والإيمان الذين يحاولون أن يصيبوا المسلمين بمقدساتهم، وهم لا يعلمون أن أهم مبادئ مدرسة أهل البيت هي أن كونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا. هذه المدرسة التي نصر على التمسك بها والتي ستكون دائماً بالمرصاد لكل من يحاول العبث وبث الفتنة بين المسلمين والمؤمنين”.
من جهته، أكد رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، في تغريدة على حسابه عبر “تويتر، أنّ “أهم شيء في هذه الظروف أن لا نقع في لعبة الأمم على حساب الوحدة الوطنية في لبنان”.
واستنكر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، في بيان، “المحاولات المشبوهة لإثارة الفتن المذهبية بين اللبنانيين، وضرب وحدتهم الوطنية والإسلامية، خدمة لأعداء الدين وتحقيقاً لأهداف سياسية تخدم العدو الصهيوني الذي يتربص بأمننا واستقرارنا ووحدتنا”.
وأدان “أي إساءة لأي رمز ديني، من منطلق رفضنا للشتم والإساءة والتعرض لكرامة الرموز الدينية من كل الطوائف والمذاهب، ولاسيما شتم أم المؤمنين السيدة عائشة، فهذه الإساءة مرفوضة ومدانة على مختلف المستويات الأخلاقية والدينية”. وأهاب بـ”المؤمنين واللبنانيين عدم الانجرار خلف دعوات الفتنة، والتحلي بالعقلانية والحكمة والتصدي لكل دعوة تستهدف اثارة النعرات الطائفية والمذهبية”.
ومع عودة الهدوء إلى الشارع، أصدرت رئاسة الحكومة اللبنانية التي يرأسها حسان دياب بياناً، عند منتصف الليل، أدانت فيه واستنكرت “بأشد العبارات، كل هتاف أو شعار طائفي مذهبي، ولا سيما التعرض لأم المؤمنين السيدة عائشة”. وأهابت “بجميع اللبنانيين وقياداتهم السياسية والروحية التحلي بالوعي والحكمة والتعاون مع الجيش والأجهزة الأمنية المكلفة حماية الاستقرار والسلم الأهلي”.
وكانت ساحة الشهداء في بيروت، قد شهدت، السبت، سلسلة مواجهات بين معتصمين دعوا إلى “تظاهرة 6 يونيو” شملت سلسلة من المطالب منها على خلفية الوضع المعيشي، ومناصرين تابعين لـ”حركة أمل”، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، و”حزب الله”، على خلفية دعوة بعض المجموعات إلى نزع سلاح “حزب الله”، تطبيقاً للقرار 1559/2004، القاضي بـ”حلّ جميع المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها”.