فيما الحكومة لا تزال تعيش ترف الخطابات واجتماعات اللجان وتكرار الوعود دون أي نتيجة، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يجمع ليل أمس في عين التينة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في لقاء رأب الصدع مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، لاستكمال مساعي فتح صفحة جديدة في العلاقة، تندرج ضمن المحاولات الجارية من جنبلاط وبري على السواء الى تقريب المسافات بين كل الأطياف لمواجهة ما يعتري البلاد من أزمات جسام، حيث البلد بأمسّ الحاجة للقوى التي تجمع ولا تفرّق.
ومع مرور اليوم الأول من محاولة لجم ارتفاع سعر الدولار غير المضمونة النتائج، فإن محاولات لجم كل أنواع التوتر نجحت في عين التينة، حيث وصفت مصادر المجتمعين لـ “الأنباء” أجواء اللقاء بـ”المريحة والإيجابية”، كاشفة عن متابعة ستجري على مستويات مختلفة لمقاربة مختلف الملفات، في حين أعلن البيان الرسمي عقب اللقاء عن تشكيل لجنة لاستكمال البحث في النقاط ذات الصلة.
بدوره عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى علّق في حديث مع “الأنباء” على اللقاء بالإشارة الى أن “الرئيس بري تربطه بالأقطاب الذين اجتمعوا في عين التينة علاقات ودّ واحترام متبادلين، وبما أن الجبل هو موقع أساسي في الوطن من المهم أن يكون هناك جو هادئ فيه، ولقد رأينا كيف ان لبنان بأسره اهتز عندما اهتز الجبل”.
واعتبر موسى انه “نظرا للعلاقات التاريخية بين الرئيس بري وجنبلاط وأرسلان، جرى تبديد الشوائب الموجودة، والمهم ان يكون هناك استمرارية من خلال اللجنة، فذلك يدل على استمرارية المصالحة وتأثيرها على منطق العمل وإرساء قواعد جديدة تقوم على المحبة والاحترام المتبادل”.
وإذ شدد موسى على أن الرئيس بري “هو صمام أمان في البلد، وهذا أمر ومهم جداً بالنسبة لعلاقته الجيدة بمعظم الأطراف، فإن ذلك يجعله قادراً على إدارة اللعبة السياسية وتدوير الزوايا وله خبرة واضحة باللعبة اللبنانية”. وأشار موسى الى أن “لبنان يمر بظروف صعبة ومعقدة والمطلوب حلول جذرية”، مطالباً بالاستدامة والعمل على “ما يريح الوطن ويستعيد الثقة التي تساعد على استعادة لبنان والذهاب بعمق إلى الإصلاحات وخاصة في قطاعات الكهرباء والادارة والقضاء”.
وفي السياق النقدي، فقد شهد اليوم الأول من مبيع الدولار لدى الصرافين المرخصين حركة مقبولة في الطلب على الدولار الذي ما زال يلامس الأربعة آلاف ليرة ولم يسجل انخفاضاً ملحوظاً كما كان متوقعًا، كما لم يشهد هذا النهار تهافتاً على الدولار كما في الأيام السابقة، في حين اشتكى عدد كبير من المواطنين من أن صرافين كثر كانوا يتذرعون بعدم توفر الدولار لديهم.
مصادر مالية أشارت عبر “الأنباء” إلى أن الأمور في بداية الأسبوع “بقيت في اطار الترقب الهادئ، ولم يسجل أي عمليات صرف كبيرة”، كاشفة ان “المبلغ الذي جرى ضخه في الأسواق كان بحدود 4 ملايين دولار تعامل معها الصرافون المرخصون بكل مسؤولية”.
وفي الوقت الذي لم يتخطّ سعر الصرف عتبة الأربعة آلاف ليرة علناً، علمت “الأنباء” ان التداول بالدولار في السوق السوداء بلغ 4600 ليرة لبنانية، وهذا الوضع يؤشر إلى أن الأمور لا تزال مرجحة للانفلات في أي لحظة.
أما الحكومة فكان رئيسها حسان دياب يواصل استعراضاته الكلامية وتكرار خطاباته، وهو أعلن “الحرب على الفساد”، كما قال. فيما علقت مصادر نيابية عبر “الأنباء” بالسؤال عن مبرر هذا الضجيج طالما أن الفاسدين يعرفهم الرئيس دياب بالاسم وفق قوله، مستغربة اسلوب التهويل على المواطن بالحروب الاستباقية التي يشنها على خصومه لإلهاء الناس بها، لكن الناس في واد والرئيس دياب في واد آخر. وقالت المصادر: “ليت الرئيس دياب ينكب على استنباط الخطط لإنقاذ الوضعين الاقتصادي والنقدي بدل التلهي بالقشور والتصوير كما وكأنه الشخص المستهدف تاركا عملية انقاذ البلد تراوح مكانها”.
وذكّرت المصادر النيابية دياب بما حصل في طرابلس كما في بيروت من اعمال تخريب ودمار، سائلة عما فعلته الحكومة لـ”توقيف الفاعلين الذي ارتكبوا وقاموا بكل هذا التخريب على مرأى من العالم ومباشرة عبر وسائل الاعلام”.