مع تقدم الساعات التي تسبق اللقاء المرتقب في القصر الجمهوري يوم الخميس المقبل، تبدو الصورة ضبابية ولا شيء محسوماً بعد بالنسبة لحضور الشخصيات التي وُجهت اليها الدعوات، وخاصة رؤساء الحكومات السابقين ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وقد اعتاد الأخير أن يبقي موقفه غامضاً حتى آخر لحظة. هذا مع بروز تلميحات إلى امكانية إلغاء اللقاء بحال تبيّن أن مكوّناً أساسياً سيغيب عنه، في إشارة إلى القوى والشخصيات السنّية.
وفيما تجهد غالبية القوى السياسية في مقارنه حسابات “حقل” مقاطعة اللقاء مع حسابات “بيدر” المشاركة، جدّد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عزم الحزب المشاركة في لقاء بعبدا، في وقتٍ رأت مصادر مُعارضة في الدعوة “اعترافاً من الحُكم بالعجز عن تسيير شؤون البلاد بالتفرّد”، الا أن جهات معارضة متريّثة في المشاركة قالت عبر “الأنباء” إن “هدف اللقاء هو تعويم العهد والحكومة ومن وراءها، بعد الشعور بأن قانون قيصر سيطالهم بشكل أو بآخر”.
وتردّ مصادر مقربة من بعبدا عبر “الأنباء” بالقول إن “السبب الذي دفع رئيس الجمهورية ميشال عون للدعوة لهذا اللقاء تأتي على خلفية المعلومات التي وصلته من الأجهزة الأمنية عن تحضيرات تجري في الخفاء لأعمال شغب وعنف طائفي ومذهبي من قبل بعض الجهات، وهو ما من شأنه أن يعيد عقارب الساعة الى الوراء ويؤدي الى فتنة، وما حصل في بيروت وطرابلس خير دليل على هكذا مخططات ولم يكن بريئاً”.
وأشارت مصادر بعبدا الى ان “عون وتحسساً منه بالمسؤولية أراد من هذا اللقاء ان يضع كل القوى السياسية أمام مسؤولياتها، وبناء عليه كانت فكرة الدعوة للقاء الخميس”.
لكن مصادر سياسية أوضحت عبر “الأنباء” أن “الحافز لهذا اللقاء ينطلق من العزلة التي بدأ يشعر بها الحُكم جراء الجفاء الحاصل مع معظم القوى السياسية وصولاً الى ما يشبه القطيعة، هذا فضلا عن العزلة الدولية والعربية”.
من جهته، كشف رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور في حديث مع “الأنباء” ان “تكتل الجمهورية القوية على تشاور دائم انطلاقاً من نقطتين، الأولى ان أية دعوة حوارية من داخل المؤسسات تتلقفها القوات بمنطق إيجابي داعم لكل المؤسسات ومن دون أي تردد، الثانية تتعلق بمشاركة جعجع في اللقاء الاقتصادي الذي حصل في القصر الجمهوري لدراسة الخطة الاقتصادية التي لم يُطبق منها اي شيء ولم تترجم على أرض الواقع المأساوي الذي تعيشه البلد”.
وقال جبور: “لذلك نحن بصدد دراسة جدية لمشاركتنا بهذا اللقاء الوطني بغياب أي آلية للحوار، فإذا شاركنا في الحوار ولم يكن هناك آلية نستطيع من خلالها انقاذ البلد، فما الفائدة؟ بالنسبة لنا الخطة الاقتصادية تتقدم على ما عداها لأن الإصلاح أهم من أي شيء اخر، وهناك ملفات الكهرباء والجمارك والقضاء، والبلد أصبح على شفير الانهيار، والناس بدأت تجوع”.
وسأل جبور: “هل هناك جدوى من المشاركة بهذا اللقاء؟ هل علينا أن لا نشارك لأن هذا الفريق لا يريد ان يفعل شيئا بما يتعلق بالإصلاحات؟”، داعياً إلى تشكيل جبهة سياسية لتشكيل قوة ضغط على السلطة الحاكمة.
في مجال آخر، علّق جبور على زيارة وفد كتلة اللقاء الديمقراطي الى معراب، مشيرا الى انها أتت “في سياق التواصل بين القوى السياسية، فالقوات والحزب التقدمي الاشتراكي على تفاهم دائم في كل المواضيع”.
على جبهة أخرى، وفيما تستمر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على إيقاع غير واضح في ظل الفارق الكبير في الأرقام المقدرة لبنانيا لحجم الخسائر والعجز، كانت لافتة اللقاءات التي شهدتها امس عين التينة بين الرئيسين نبيه بري وحسان دياب، وبين الأخير ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم ابراهيم كنعان الذي زاره في السراي الحكومي، حيث تركز البحث على الملف المالي والمفاوضات.
وتعليقاً على هذا الحراك، أشارت مصادر مالية عبر “الأنباء” الى أن بري ودياب بحثا خطة الحكومة بعد تقرير لجنة تقصي الحقائق وأن المباحثات تمحورت حول تخفيض الارقام المقدرة سابقا من قبل الحكومة، والاتفاق على مشاركة مجلس النواب في المفاوضات مع صندوق النقد.
في هذا السياق، رأى الخبير الاقتصادي انطوان فرح في حديث مع “الأنباء” أن “أرقام الحكومة كان مبالغ فيها وكانت تعتقد أنها من خلال هذه الأرقام يمكنها الحصول على الدعم من صندوق النقد، واعتبرت أن هذا الأمر قد يخفف عنها شروط الاصلاحات لكن هذه الخطة كانت خطيرة لأنها كانت تضر بالقطاع المالي والمصرفي”، معتبراً أن “الأرقام اليوم اصبحت اكثر واقعية وأصبح هناك مجال للتفاوض”.