القصر الجمهوري في بعبدا على موعد اليوم مع جولة حوارية مصابة بجرح مقاطعتها، وعنوانها تحصين السلم الاهلي، فيما لم تحدّد السلطة بعد موعداً لوقف مسلسل «الاجتماعات التقييمية لانتاجيتها»، وانهاء فترة انكفائها عن دورها في تحصين السلم الاقتصادي والمالي والاجتماعي، الذي يتعرّض لقوة دفع رهيبة هاوية لا قيامة منها. وكانت لافتة في مضمونها وتوقيتها، الصرخة التي اطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في وجهها، امس، لاستشعار الخطر، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، او ما تبقّى لإنقاذه، فالناس ساوى بينها البؤس، والسوق السوداء تنعف بالليرة وتدفع بالدولار الى ما فوق التحليق. وهذا يستوجب كما قال بري، «اعلان حالة طوارئ مالية، فمالية الدولة ولقمة عيش اللبنانيين لا يجوز ان تتحوّل في هذه اللحظة الى حقل تجارب لنظريّات بعض المستشارين».
في هذا الوقت، قال وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، إنّ واشنطن مستعدة «للتواصل مع حكومة لبنانية تنخرط بإصلاح حقيقي»، موضحاً أنّ «التحول الجوهري الذي يمكن أن تعتمده الحكومة اللبنانية هو الابتعاد عن حزب الله».
وأكّد أنّ الولايات المتحدة مستعدة لدعم الحكومة اللبنانية إذا نفذت إصلاحات حقيقية وعملت بطريقة «لا تجعلها رهينة» لجماعة «حزب الله» المسلحة.
وقال بومبيو: «إذا أظهرت الحكومة اللبنانية استعدادها لاتخاذ مثل هذه الإجراءات، فإنّ الولايات المتحدة والعالم بأسره سيساعدان في «نهوض» اقتصادها مجددًا».
سياسياً، سيفتتح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جلسة الحوار، بكلمة عبارة عن «كوكتيل» بين الوجداني، والوطني، والاقتصادي، والسياسي، وتعداد المخاطر والتحدّيات وكل ما يهدّد السلم الأهلي، وخلاصتها: «كلنا في مركب واحد، وكلنا مسؤولون، وواجبنا إنقاذه من الغرق». وبعده، سيتناوب الجالسون حول الطاولة الحوارية على الكلام ضمن الكوكتيل نفسه، والبيان الختامي المعدّ سلفاً، سيعكس حتماً استشعار المجتمعين لخطورة الازمة، ويُبرز حرصهم على السلم الاهلي وتأكيدهم على بناء مظلّة امان للبلد، تقيه العواصف الداخلية والخارجية. وبعد ذلك ستُرفع الجلسة وينصرف المتحاورون كلّ الى وجهته، لتبدأ بعدها حفلة مفتوحة من الزجل السياسي بين جوقتين؛ جوقة الإشادة بالبيان، وجوقة الانتقادات التي ستطوّقه من كل جوانب المعارضة، وتقصفه بالتأكيد من مربض «الميثاقية»!
بهذه الصورة، سيبدأ حوار بعبدا وينتهي، لكن ثمة اسئلة كثيرة تسبق الحفلة الخطابية التي سيشهدها القصر الجمهوري اليوم: هل سيقف المتحاورون دقيقة صمت حداداً على البلد؟ وعلى حاضر الناس الذي اغتيل، ومستقبلهم الذي دُفن، وأملهم الذي مات، ومدخراتهم التي اعدمتها شبيحة السياسة والمال، ولقمتهم التي فتك بها لصوص الهيكل وفجع التجار؟ وعلى الليرة التي أكلها الدولار؟ وغير ذلك من اسئلة تجول على كل مفاصل الدولة المنكوبة؟
رغيف الخبز
سواء انعقد الحوار في القصر الجمهوري او في اي مكان آخر، وسواء لم ينعقد على الاطلاق، فهل سيشكّل كلا الحالين فرقاً عند الناس؟ فما يريده الناس ليس اكثر من جواب عن سؤال وحيد: متى ستتوقف هذه «التَمْسَحَة» التي تقابل فيها السلطة الحاكمة، اهتراء الدولة المتدحرج على مدار الساعة، وصرخات الموجوعين، الجائعين، وشريحة كبرى منهم انحدر وضعها الى حدّ انّها اصبحت عاجزة حتى عن اللحاق برغيف خبز؟
هذه هي حال الناس، الا تراها السلطة، ليس المطلوب اعترافاً بالجريمة، فالجاني معروف بالاسم والهويّة ومكان الإقامة، ومرئي في موقع مسؤوليته ومسموع على المنابر والشاشات. الحوار جيّد ويقرّب المسافات ويؤسس لتفاهمات على مساحات مشتركة، هذا هو منطق السلطة، ولكن هاوية الأزمة تزداد اتساعاً وعمقاً، والبلد كله صار قابعاً في اسفلها. ليس المطلوب كلاماً مكرّراً لا يُشبع جائعاً ولا يطمئن قلقاً، بل ما يطلبه الناس، لا بل ما يحلمون به، هو ان يروا تلك السلطة الغائبة، التي لطالما عرّفت عن نفسها بأنّها مسؤولة امام الناس لا عن الناس، فتبادر الى النزول اليهم وترى بأم عينها ماذا يجري على الارض.
اكتمل المشهد
بعد رؤساء الحكومات السابقين والكتائب، أكمل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مشهد المقاطعين لحوار بعبدا، مع اعلانه «عدم المشاركة في اجتماع هدفه ذرّ الرماد في العيون»، واشارته الى أنّ اكثرية الشعب اللبناني مختلفة مع السلطة، ولا خلاف بين المسلمين والمسيحيين»، وقال: «المسألة اليوم في لبنان ليست تهديد الاستقرار والسلم الاهلي، فالمجموعة الحاكمة هي التي تهدّدهما وهي التي تسبّبت بالإشكالات»، متسائلاً: «من دخل إلى عين الرمانة على الدراجات النارية منذ أسابيع؟ إنّهم حلفاء العهد مباشرةً، فلماذا دعوتنا إلى اجتماع بعبدا؟». وتوجّه الى الرئيس عون قائلاً: «لتجتمع الحكومة لاتخاذ أول قرار إصلاحي واحد يحسّن وضع الليرة، البلد بحاجة إلى قرارات وليس إلى حكي واستعراضات».
حوار من طرف واحد
ومع اكتمال المشهد بات أكيداً أنّ حوار بعبدا سيُعقد بمن حضر، الرئيس بري، رئيس الحكومة حسان دياب، الرئيس ميشال سليمان، نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزي، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، النائب طلال ارسلان، النائب فيصل كرامي، النائب هاغوب بقرادونيان، النائب اسعد حردان، واما الحزب التقدمي الاشتراكي فعدّل من تمثيله، بحيث سيغيب النائب السابق وليد جنبلاط، واناب عنه ابنه النائب تيمور جنبلاط الذي سيحضر بوصفه رئيس كتلة نيابية.
وبمقاطعة قوى سياسية اساسية له، صار أشبه بحوار من طرف واحد، وكمن يحدّث نفسه، وفي ذلك نعي مُسبق لما سيصدر عنه. العهد اصرّ على الانعقاد حتى ولو لم يتجاوز الحضور عدد اصابع اليد الواحدة، لأنّ التأجيل سيعدّ انتكاسة للعهد، مع انّ هذه الانتكاسة حصلت ووقع الضرر وانتهى الأمر.
المقاطعون
أما في المقابل، ووفق ما استخلصته «الجمهورية» من اجواء رؤساء الحكومات السابقين، فإنّهم، ورغم انعقاد الحوار، يعتبرون انفسهم قد سجّلوا نقطة كبيرة على العهد، و»عزلوا» رئيس الحكومة، وكسبوا بمقاطعتهم ورقة رابحة بتقزيم الحوار وتنفيسه وإفراغه من مضمونه. وعلى ما يقول احد هؤلاء الرؤساء لـ«الجمهورية»: «موقفنا عبّرنا عنه في البيان، من حوار ما هو إلاّ مضيعة للوقت. وهل كانوا يعتقدون منّا أن نذهب لكي نقول لهم عفا الله عمّا فعلتم وعمّا تفعلونه، ونبصم على صكّ براءة لمن هو الاساس في الازمة والسبب في مفاقمتها»؟
بري: بحّ صوتنا
وفي هذا السياق، يأتي موقف الرئيس بري، الذي شدّد على استعجال الإصلاحات، وقال: «يُخطئ اي مسؤول لبناني الظن اذا ما اعتقد انّ صندوق النقد او اي دولة او جهة مانحة يمكن لها ان تقدّم لنا المساعدة بقرش واحد اذا لم ننفذ الإصلاحات. وبصراحة، انّ العالم والمجتمع الدولي يعتبران لبنان «سلّة بلا قعر»، وقبل اقفال هذا «القعر» لن تكون هناك مساعدات».
اضاف بري، الذي كان يتحدث خلال اجتماع طارئ لقيادات حركة «امل» امس: «لقد بُحّ صوتنا ونجدّد اليوم الدعوة، وقبل فوات الاوان، الى الاسراع في المعالجة الفورية لقطاع الكهرباء ووقف النزيف القاتل الذي يسبّبه في المالية العامة، والاسراع في إقرار قانون استقلالية القضاء، واجراء المناقصات العمومية بطريقة شفافة وذات مصداقية».
ولفت بري الى انّ «انهيار سعر صرف الليرة امام الدولار يفرض على الحكومة وعلى المصرف المركزي وعلى جمعية المصارف اعلان حالة طوارئ مالية، واعادة النظر بكل الاجراءات التي اتُخذت لحماية العملة الوطنية»، معتبراً انّ «من غير المقبول بعد الآن جعل اللبنانيين رهائن للاسواق السوداء في العملة والغذاء والدواء والمحروقات»، ومؤكّداً في الوقت نفسه على أنّ مالية الدولة ولقمة عيش اللبنانيين لا يجوز ان تتحوّلا في هذه اللحظة الراهنة الى حقل تجارب لنظريّات بعض المستشارين لا في الداخل ولا في الخارج».
مكافحة الفساد
الى ذلك، تواصلت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعُقد بعد ظهر امس اجتماع جديد عبر «الاونلاين»، بين ممثلي الصندوق وفريق وزارة المالية برئاسة وزير المال غازي وزني، وفي حضور وزير التنمية الادارية وممثلين عن وزارة العدل. وبحسب المعلومات، انّ الاجتماع تمحور حول موضوع مكافحة الفساد، وفي هذا الاطار تمّ البحث في مجموعة القوانين التي من شأنها ان تحقق هذه الغاية.
وزني
وقال وزير المال غازي وزني لـ«الجمهورية»: «الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي، تتمحور حول مجموعة عناوين مرتبطة بالمالية العامة، ولاسيما منها تلك المتعلقة بالإصلاح المالي والمصرفي، الى جانب عنوان مكافحة الفساد.
ولفت وزني الى انّ «الاجواء ايجابية، واولويتنا بالتأكيد ان تكون المفاوضات مثمرة، علماً انّ جلسات التفاوض تجري بوتيرة مكثفة من اجل الانتهاء بشكل اسرع والوصول الى النتائج المرجوة».
وعلمت «الجمهورية»، انّ موضوع أرقام الخسائر المختلف عليها بين الحكومة ومصرف لبنان، لم تصل الى الحسم النهائي بعد والاتفاق على ارقام موحّدة، وهو ما سيتمّ البحث فيه خلال جلسة المفاوضات مع الصندوق خلال الاسبوع المقبل.
وكشفت مصادر نيابية معنية بدراسة موضوع ارقام الخسائر لـ«الجمهورية»، عمّا سمّته «عدم ارتياح الجانب الحكومي من ارقام الخسائر التي حدّدتها اللجنة المالية، والتي اشرت الى وجود فارق كبير بينها وبين الارقام المقدّرة في خطة الحكومة».
ولفتت المصادر، الى انّ كل الارباك الذي احاط مسألة الارقام، سببته الحكومة، لأنّ ارقام الخسائر التي حدّدتها في خطتها، وضعتها من دون التشاور لا مع مصرف لبنان، حيث كان هناك توجيه حكومي بعدم التعاطي مع مصرف لبنان، ولا مع المصارف التي وصلت الى حال قطيعة مع الحكومة، وساد سوء تفاهم كبير بينها وبين رئيس الحكومة، ولا مع مجلس النواب وتحديداً لجنة المال والموازنة، وكان من المفترض ان يتمّ التنسيق مسبقاً بين الحكومة وكل المعنيين بالشأن المالي، وبناء على ذلك يتمّ تقدير الارقام واحتسابها، ولو تمّ هذا التنسيق لما كانت حصلت مشكلة، لكن الحكومة قرّرت ان تضع خطتها وحدها بمعزل عن كل هؤلاء، وتذهب الى المفاوضات مع الصندوق، الامر الذي ادّى الى هذه المشكلة وانقسام الوفد اللبناني على نفسه واختلافه امام صندوق النقد على تقدير الارقام.
حيّدوا المودعين
اللافت في هذا السياق، توالي تحذيرات خبراء اقتصاديين من لعبة الارقام، وسواء اكانت ارقام الخسائر نحو 80 الف مليار ليرة او 240 الف مليار، فمن سيدفع هذه المبالغ، مصرف لبنان، ام المصارف ام الدولة، وكلها حتى الآن تقول بأنّها لن تدفع، ويبقى فقط المودعون الذين يُخشى ان يكونوا وحدهم ضحايا هذه اللعبة. وفي هذا السياق علمت «الجمهورية»، انّ جهات سياسية بارزة بصدد خوض معركة قاسية على حلبة الارقام، تحت عنوان «حيّدوا المودعين، فهؤلاء لا علاقة لهم بكل ما جرى، وليسوا اصلاً من الاطراف المسببة لهذه الخسائر، وبالتالي ليس من المعقول او المقبول التعاطي مع المودعين كطرف اساسي من اطراف الشراكة بتسديد هذه الخسائر، اي المصرف والمصارف والدولة».
ماذا تنتظرون؟
والمعلوم انّ هذا الامر كان مدار نقاش بين الصندوق ووفد اللجنة النيابية المؤلف من رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان ومقرّرها النائب نقولا نحاس وعضو اللجنة النائب ياسين جابر.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ موضوع توحيد ارقام خسائر لبنان، على اهميته، ليس هو المشكلة، التي قد يوجد لها علاج بالوصول الى توافق بين الحكومة والمصرف المركزي على ارقام موحّدة، يمكن اعتبارها كحل وسط بين الارقام المختلف عليها، الّا انّ المشكلة الاساس تبقى في الاصلاحات، التي يكرّر صندوق النقد السؤال عنها باستمرار، وأعاد تكراره قبل ساعات قليلة: «ماذا تنتظرون لكي تبدأوا بالاصلاحات؟».
جابر
وسألت «الجمهورية» النائب ياسين جابر عن اجواء التفاوض مع وفد صندوق النقد، فقال: «اكتفي بالقول لا يغيّر الله في قوم حتى يغيّروا في ما في انفسهم، والاولوية اليوم لا بل المدخل لأي برنامج هي الاصلاحات، ولكن مع الأسف حتى الآن القرار السياسي لم يُفرج بعد عن هذه الاصلاحات».
التوجّه شرقاً
في سياق متصل، علمت «الجمهورية»، انّ عددا من رجال الاعمال اللبنانيين التقوا «ديبلوماسيين شرقيين» في الايام الاخيرة، عكسوا استغراباً للمبالغات التي تحدثت عن وجود مليارات صينية مرصودة لمشاريع في لبنان.
وبناء على ما لمسه هؤلاء من الديبلوماسيين، وضعوا سؤالاً برسم «المبالغين» مفاده، قبل ان نتحدث عن مشاريع، وقبل ان ينقسم اللبنانيون بين متحمّس للتوجّه شرقاً وبين معارض لهذا التوجّه، يجب ان نسأل انفسنا اولاً هل سيستقبلنا الشرق ان قررنا التوجّه اليه، وماذا في ايدينا لكي نقنعه باستقبالنا، لا بل هل حاولنا اقناعه؟
وبحسب هؤلاء، فإنّ الصين التي نقول يجب ان نتوجّه اليها، هي اكبر مصدّر للولايات المتحدة الاميركية، وموجودة بمشاريعها في اوروبا وافريقيا وفي كل مكان للاستثمار، ولكي تستقبل لبنان ولكي تأتي بمشاريعها واستثماراتها الى لبنان يجب ان يكون لديك ما يحفّزها على ذلك، فكيف ستأتي طالما انك لم تُظهر لها ما يحفّزها؟ فقبل ذلك مطلوب ان تكون لدى لبنان خريطة طريق لجذب الصين وغير الصين، الاساس فيها ان تبادر الحكومة الى جمع المجلس الاعلى للخصخصة ليعدّ مجموعة مشاريع وتعرضها للشراكة مع دفاتر شروط مقنعة، وتوفر لها مناخ الثقة، فساعتئذ لا تأتي الشركات الصينية فقط بل الشركات الاجنبية من الشرق والغرب. وفي هذا السياق، ابلغت مصادر نيابية موثوقة الى «الجمهورية» قولها، انّ لقاء حصل قبل فترة بين عدد كبير من النواب مع السفير الصيني في لبنان، وخلال هذا اللقاء يتوجّه احد نواب كتلة تيار المستقبل بسؤال مباشر الى السفير الصيني: «لماذا لم تبادر الصين حتى الآن في بناء مشاريع في لبنان كسكة الحديد على سبيل المثال؟»، فردّ السفير الصيني بسؤال مفاده: «هل قامت الحكومة اللبنانية بإعداد دراسات لمشاريع، وعرضتها في مناقصات دولية شفافة، وتمنعّت الشركات الصينية عن المشاركة»؟
الدولار بـ6200
من جهة ثانية، واصل الدولار امس الارتفاع في السوق السوداء، وتجاوز أحياناً عتبة الـ6 آلاف ليرة، وصولاً الى 6200 ليرة، فيما حافظ على سعره المستقر لدى الصرافين وفق تسعيرة تصدرها نقابتهم يومياً. وتمّ تحديد السعر امس بين 3850 و3900 ليرة.
في غضون ذلك، استجدّ امس عنصر جديد في ملف الدولار، تمثّل بقرار اتُخذ في اجتماع خلية الأزمة التي عقدت اجتماعها الثالث، وناقشت مفاعيل ضخ الدولار لدى الصرافين. وقرّرت إدخال المصارف التجارية في عملية بيع الدولار الى المستوردين والشركات، من خلال ضخ كمية من الدولارات في هذه المصارف. ولم يتضح ما اذا كانت الكمية التي سيضخها المركزي للمصارف ستكون اضافية على الكمية التي يضخها للصرافين (حوالى 4 ملايين دولار يومياً).
وقد أوضح وزير الاقتصاد راوول نعمه، الذي شارك في الاجتماع لـ«الجمهورية»، انّه تمّ الاتفاق على ان يضخ مصرف لبنان سيولة بالعملة الأجنبية في المصارف، بهدف تيسير عمليات الاستيراد للمواد الغذائية والاستهلاكية والمستلزمات الطبية، على غرار ما يقوم به الصرافون وبالشروط نفسها، وذلك وفقاً لسعر صرف الدولار نفسه الذي تتعامل به نقابة الصرافين.
أزمة محروقات
الى ذلك، برزت امس أزمة شح في البنزين في مناطق عدة، ليتبيّن انّ الأزمة، وفق ما أوضحه مصدر نفطي لـ«الجمهورية»، مرتبطة بنفاد البنزين في منشآت النفط منذ أكثر من شهرين، وذلك بسبب انتهاء عقد المناقصة الذي أجرته وزيرة الطاقة والمياه السابقة ندى البستاني في تشرين من العام الماضي لشراء البنزين، وعدم مبادرة وزير الطاقة الحالي ريمون غجر بعد الى طرح مناقصة جديدة في هذا الخصوص. وبالتالي، أصبحت حاجة السوق من البنزين التي كانت تموّل من المنشآت، تحت رحمة الشركات المستوردة للنفط التي تعاني بدورها من التأخّر في تسلّم البضاعة من جهة، ومن جهة أخرى تُماطل في تسليم السوق الكمية اللازمة، في انتظار صدور جدول تسعيرة المحروقات كل أربعاء.