كتبت صحيفة الأنباء تقول: فيما تنتقل البلاد من أزمة الى أخرى، تتراكم تباعاً هموم المواطنين بفعل الضغوط المتزايدة خارجياً، والفشل المتنامي محلياً في مختلف السياسات المطروحة وعلى شتى الصعد، وقد دخلت الأفران مرة جديدة على خط هذا التراكم المتعلق بلقمة العيش بعد تمنعهم عن توزيع الخبز إلى المحلات التجارية في كافة المناطق، ما أدى الى تهافت كبير على الأفران ووقوف الناس في طوابير أمامها، وهو مشهد يتكرر مع كل أزمة أمام المخابز أو محطات الوقود ومحلات الصرافين والمصارف.
أزمة الخبز هذه التي تصر الحكومة بوزير اقتصادها على نفي وجودها، أتت بعد ساعات على اطلاق المنصة الالكترونية المفترض انها لضبط سعر صرف الدولار، وبعيد الإعلان عن توسيع السلة الغذائية المدعومة المزعومة، فأتت النتيحة معاكسة تماماً، أما الحكومة فاكتفت ببيان عن مكتب رئيسها حول “اتصالات مكثفة أجراها لحل أزمة الخبز”، لكن البيان لم يطعم خبزاً للبنانيين؟
مصادر وزارة الاقتصاد اعتبرت في حديث مع “الأنباء” أن “حل الأزمة سيتم قريبًا، لأن عدم توزيع الخبز على المحال التجارية وفي المناطق يضر بأصحاب الأفران قبل غيرهم، لأنه من غير المعقول للفرن الواحد الذي يوزع يوميا من ألف الى ألفين ربطة خبز أن يكتفي ببيع مئة ربطة في اليوم، وبالتالي لا بد من ايجاد حل لهذه المعضلة، والوزارة لن تسمح ان يكون الحل على حساب تجويع الناس أو تكبدهم مشقة الذهاب الى الأفران”.
في المقابل أوضحت مصادر نقابة الأفران عبر “الأنباء” انها لا تستطيع بعد اليوم ان تسلم الخبز بسعر 1150 ليرة للموزعين الذين يسلمونها بدورهم للمحال التجارية بسعر 1300 ليرة لتصل الى المواطنين بسعر 1500 ليرة، وذلك نظرًا للكلفة الباهظة التي يتكبدونها لشراء المواد الأساسية للعجين والتي باتت تكلف 5 أضعاف السعر القديم يوم كان الدولار يساوي 1500 ليرة.
وناشد أصحاب الأفران الحكومة بضرورة المساعدة لإيجاد الحل “من خلال إدراج السلع التي يحتاجها الخبز الى السلة الغذائية حتى تعود الأمور الى طبيعتها”.
وفيما كان بعض من في السلطة الباحثين عن ذرائع لرمي المسؤوليات عن كاهلهم؛ فإن الخبير المالي أديب طعمة أكد في حديث مع “الأنباء” أن “البلد أمام أزمة غذاء حقيقية وستتفاقم أكثر بعد رفع الدعم عن العديد من السلع المرتبطة بالغذاء والسلع التي تندرج في خانة المواد الغذائية، ما قد يؤدي الى ارتفاع أسعارها وفق سعر الدولار، وحينها سيشعر المواطن اللبناني أنه أمام كارثة غذاء حقيقية”.
وعن وعود وزير الاقتصاد راوول نعمة بدعم 200 صنف غذائي مرتبط بالسلة الغذائية المدعومة، سأل طعمة: “من أين سيأتي وزير الاقتصاد بالدولار لدعم هذه الأصناف؟ وهل يعقل أن أحداً لا يملك الدولار ويتحدث عن دعم 200 صنف غذائي وهو غير قادر على دعم 3 أصناف في ظل وجود 4 أسعار لصرف الدولار؟”، مضيفا “مع العلم ان الحكومة تعلم انها لا تملك دولارات ورغم ذلك لا تكف عن الوعود وهي في حالة ضياع وتخبط”.
واعتبر طعمة ان “المنصة الالكترونية هي تضييع للوقت والسياسة المالية للحكومة قد أثبتت فشلها”، مشددا على ان لا حل الا بالشروع بالاصلاحات واستعادة الثقة.
وفيما أزمة الغذاء تطبق على معيشة اللبنانيين، كانت أزمة قمع الحريات تقبض على أنفاسهم، اذ “لم تنفك ابداعات الغرف المظلمة تطل برأسها في بعض القضاء وبعض مؤسسات الدولة وتسعى لتغيير وجه لبنان المتعدد المتنوع” وفق ما جاء في بيان الحزب التقدمي الاشتراكي في معرض تعليقه على القرار الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح بشأن منع وسائل الإعلام من نقل تصريحات السفيرة الأميركية دوروثي شيا، ومنعها من الادلاء بتصريحات لمدة سنة.
في هذا السياق، اعتبرت مصادر قانونية في اتصال مع “الأنباء” ان لبنان كان بغنى عن هذه السقطة، لأن فيه من الأزمات ما يكفيه، لتأتي هذه الخطوة المتعارضة مع مبدأ الحريات الاعلامية ضمن ما تكفله القوانين اللبنانية والدولية”.
الخبير في القانون الدولي شفيق المصري رأى في معرض حديثه مع “الأنباء” حول قرار مازح أنه “في لبنان كل شي وارد هذه الأيام، لكن هذا الشيء ليس واردا في قوانين الدول كلها على مساحة العالم، فالعلاقات بين الدول محكومة بمعاهدات ومواثيق، وهناك معاهدة فيينا التي تنظم العلاقات الدبلوماسية، ومعاهدة فيينا التي تنظم العلاقات القنصلية، وكل سفير مسؤول في الأساس أمام دولته كموظف عادي لكن لديه حصانة دبلوماسية حسب قانون الدولة المعتمد لديها، ومتابعته ستكون على عاتق وزارة الخارجية، فالدولة التي يكون معتمدا لديها ليس لها الحق بملاحقته لكنها تبعث للدولة المرسِلة برسالة مفادها ان هذا الشخص غير مرغوب فيه، ودولته هي التي تحاسبه. وبالتالي عملية المحاكمة غير واردة إطلاقا، فكيف لقاضي العجلة أن يصدر حكما بحق السفيرة!”، لافتا الى أنه “من المفروض على مجلس القضاء الأعلى ان يحاسب القاضي على هذا العمل أو يصوّب عمله بما ينسجم مع القوانين المرعية، ونحن بانتظار مجلس القضاء ان يقول كلمته، كما على الحكومة ايضا تصويب الأمور”.