على وقع الحديث الأقرب إلى التمنيات من الحقائق عن تغيير حكومي وتشكيل حكومة تكنوقراط تأخذ على عاتقها إنقاذ البلد من أزمته المالية والمعيشية بعد أن فشلت حكومة حسان دياب، تكثفت اللقاءات والاتصالات بين رئيس الحكومة والوزراء المعنيين من جهة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف من جهة أخرى بحضور المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم من أجل التوصل الى قاسم مشترك فيما خص الأرقام المالية التي يبدو أن توحيدها يحتاج الى معجزة.
وفيما ترتفع وتيرة القهر الاجتماعي الذي فاقمه الأداء الحكومي الذي سرّع انهيار الواقع نحو الجوع والافلاس، وصولا الى الانتحار، كما حصل بالأمس في شارع الحمرا وبالأول من أمس في بلدة جدرا، وفي الوقت الذي توقفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الى حين الاتفاق على أرقام الخسائر والشروع بالإصلاحات عملاً وليس قولاً لأن الصندوق لم يعد لديه الثقة بالوعود ويريد ترجمة عملية لها، برز الحديث عن الاتصالات مع العراق، الذي يزور وفد منه لبنان.
لكن مصادر مطلعة سألت عبر “الأنباء” عن أي طريق ستتم عملية التبادل التجاري بين لبنان والعراق الذي تحدث عنه رئيس الحكومة حسان دياب؟ فإذا كانت ستمر عبر سوريا هناك قانون قيصر بالمرصاد والذي يمنع أي دولة من التعامل مع سوريا لأنها قد تواجه العقوبات التي نص عليها هذا القانون، وإذا كان هذا التبادل سيتم عبر ميناء البصرة والخليج العربي مرورا بقناة السويس وصولاً الى الشواطئ اللبنانية تبقى عملية استيراد المشتقات النفطية من الجزائر عبر شركة سوناطراك أوفر بكثير من استيراد النفط العراقي.
المصادر سألت كذلك عن الأسباب التي تحول دون إعادة ضخ النفط من العراق الى طرابلس وهي عملية محمية باتفاقيات دولية، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة أرامكو التي تصب في مصفاة الزهراني، وشبّهت المحادثات مع الجانبين الصيني والعراقي بعملية التفاوض مع صندوق النقد، إذ من الواضح أن دونها عراقيل ولا يمكن التعويل عليها بالسرعة التي يريدها لبنان، معربة عن خشيتها من ان يكون التوجه شرقا مشابه للوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها ولم تنفذ منها شيئا منذ 4 أشهر فيكون لبنان بذلك قد خسر الغرب والشرق معا.
توازيا، كشفت مصادر مالية عبر “الأنباء” أن أسباب الانخفاض النسبي في سعر صرف الدولار في السوق السوداء مردّه الى أمرين، “الأول لأسباب تتعلق بتيئيس اللبنانيين ورضوخهم للأمر الواقع ومحاولة تدبر أمورهم المالية لأن الدولار ليس مفقودًا بالكامل لدى صغار التجار الذين بدأوا بتحريك ما يملكون لتدعيم تجارتهم، والأمر الثاني التدابير الاجرائية التي أعلن عنها عبر المصارف، ومفادها ان مصرف لبنان سيبدأ الأسبوع المقبل بضخ الدولار الى المصارف من أجل شراء المواد الغذائية، وبهذه الطريقة ستنتفي الحاجة للاستعانة بالسوق السوداء، وهو ما لفت اليه حاكم مصرف لبنان في اجتماع السراي، وبالتالي بانتظار ان تتبلور الصورة بشكل أوضح مع بداية الأسبوع المقبل تبقى الأمور رهن المفاجآت وما سيخبئه الممسكون بالقرار المالي في البلد”.
وفي الشأن السياحي، وبعد النعي المفجع لهذا القطاع من قبل أصحاب المؤسسات والقطاعات السياحية، التي أقفل لغاية الآن 50 في المئة منها، بما يؤشر الى ما يزيد عن 100 ألف عاطل عن العمل في هذا القطاع، وإزاء هذا الوضع الصعب الذي لم يشهده القطاع في تاريخه حتى في عز ويلات الحرب حيث بقي لبنان قبلة السائح العربي، فقد دقت المؤسسات السياحية ناقوس الخطر معلنة عن اجراءات مرة قد تتخذها في ايلول المقبل.
وفي هذا السياق، اكد رئيس نقابة المؤسسات السياحية بيار الأشقر عبر “الأنباء” قرار هذه المؤسسات بالإقفال التام في أيلول اذا لم تتخذ الحكومة اجراءات عملية لإنقاذ هذا القطاع، الذي يعتاش منه ما يقارب 250 الف موظف أي ما يقارب 150 ألف عائلة، والذين سيواجهون هذه الأزمة الخانقة بعد توقفهم عن العمل.
الأشقر عبّر عن استيائه الكبير لوصول البلد الى هذا المنحى الخطير، سائلا عن الوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها وعن هذا التطور الكارثي الذي اصاب لبنان. وقال: “كنا نأمل مع اعلان فتح المطار ان تبدأ الحجوزات لو بالحد الأدنى، ولكن لغاية اليوم لم تُسجل عملية حجز واحدة لنستبشر خيرا، ما يعني ان قطاع كبير بأمه وأبيه أصبح قيد الاحتضار”، كاشفا بأنه لا يلوم السائح الخليجي والاوروبي لعدم المجيء الى لبنان “طالما في لبنان مجموعات تهاجم دائما هذه الدول”، واصفا الوضع بالكارثي، فضلا عن تداعيات قانون قيصر، خاتما: “لا شيء حتى الساعة يبشر بالخير والاتجاه يميل الى الاقفال التام”.