قالت مصادر في الموالاة، إنها تترقب ما سيؤول إليه تفاهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، لإنقاذ الحكومة وإخراجها من دوامة المراوحة التي حالت دون تحقيق ما وعدت به في بيانها الوزاري، وكشفت أن الأخير طرح عليه جملة من الأفكار تراوحت بين إمكانية إدخال تعديل على الحكومة أو تطعيمها، وصولاً للبحث في تغييرها بذريعة أن إنتاجيتها دون المستوى المطلوب وأن الوضع لم يعد يطاق.
ولفتت المصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الرئيس بري ارتأى السير بعملية برمجة لإنقاذ الحكومة، مقترحاً البدء فوراً بتحقيق الإصلاحات الإدارية والمالية التي تعهدت بها الحكومة في بيانها الوزاري وبإصلاح قطاع الكهرباء لتأمين الحلول الدائمة لتوليد الطاقة، بدلاً من اعتماد الحلول المؤقتة لتأمينها باستئجار البواخر، خصوصاً أن مقررات مؤتمر «سيدر» لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية، أوصت الحكومة بذلك، إضافة إلى إلحاح صندوق النقد الدولي على الحكومة بتأهيل هذا القطاع لخفض العجز في الموازنة لغياب الحلول الدائمة.
وأكدت المصادر نفسها، أن بري نصح بضرورة تفعيل المفاوضات الجارية بين الحكومة وصندوق النقد لدعم خطة التعافي المالي، وقالت إنها ما زالت في المربع الأول ولم تحقق أي تقدم، لأن الخلاف القائم حول التوصُّل إلى مقاربة موحّدة للخسائر المالية، لا يزال يؤخر الوصول إلى تفاهم يدفع باتجاه تزخيم المفاوضات.
وتابعت المصادر، أن عدم الإفراج عن التشكيلات القضائية لا يخدم الحكومة في مخاطبتها المجتمع الدولي بأنها جادة في تحقيق الإصلاحات من جهة وفي مكافحة الفساد من جهة ثانية، وأكدت أن ما اتفق عليه بين بري وباسيل سيكون موضع مراقبة وتدقيق للتأكد من مدى استجابة الأخير للسير في هذا التفاهم وعدم الانقلاب عليه. واعتبرت أن جميع الأطراف في لبنان باتت محرجة أكانت في الموالاة أو في المعارضة، وقالت إن اللبنانيين لا يعفون هذا أو ذاك من مسؤوليته حيال تردّي الأوضاع المعيشية التي بلغت ذروتها، من دون أن تبادر الحكومة للقيام ولو بخطوة واحدة لوقف الانهيار.
ورأت أن تغيير الحكومة قد سُحب من التداول وعزت السبب إلى أمرين: الأول مبادرة «حزب الله» للتدخل بقوة لقطع الطريق على البحث في استبدال هذه الحكومة رغم أن لديه قناعة بعدم قدرتها على زيادة إنتاجيتها، وأنها باتت تشكّل إحراجاً له أمام محازبيه، والثاني يتعلق بعدم وجود استعداد لدى قوى المعارضة للخوض في مغامرة التغيير الحكومي، في ضوء ما توصّل إليه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في مغامرته التي أدت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، على خلفية التوصُّل معه إلى تسوية أطاح بها باسيل. وقالت إن رئيس الحكومة حسان دياب لم يكن مضطراً للمواقف التي اتخذها أخيراً وكان في غنى عنها، لأنها أدت إلى ارتفاع منسوب الاشتباك السياسي مع المجتمع الدولي وعدد من الدول العربية، فيما تعاملت المعارضة مع مواقفه هذه على أنه تبنّى مجاناً طروحات «حزب الله» خصوصا أن من يدقّق فيها يلحظ أنها جاءت نسخة طبق الأصل عن المواقف الأخيرة للسيد حسن نصر الله.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن جميع الأطراف التي تدور في فلكها أجمعت على رفض الدخول في بازار تشكيل حكومة جديدة، وقالت إن الحريري لم يُدرج عودته إلى «السراي الكبير» على جدول أعماله، وأنه يأخذ وقته حالياً لاسترداد ما خسره في شارعه بسبب التسوية التي أبرمها مع عون وأدت إلى إحداث هوّة بينه وبين جمهوره. وسألت المصادر: كيف يمكن للحريري تكرار المغامرة في ظل وجود عون في سدّة الرئاسة الأولى، وتقع عليه مسؤولية إحباطه للتسوية، لأنه أجاز لباسيل بلا أي رادع إسقاطها من دون أن يتدخّل؟
كما سألت باسيل عن الأثمان السياسية التي دفعها من جراء التسوية التي أُبرمت مع الحريري؟ وقالت إنه يتنكّر لإيصال عون إلى الرئاسة وانتخابه هو شخصياً نائباً للمرة الأولى بعد أن رسب في دورتين انتخابيتين؟ لذلك فإن دياب باقٍ على رأس الحكومة بقرار من «حزب الله» الذي تدخّل بقوة لإخراج التغيير الوزاري من التداول.