تلقّت الحكومة جرعة إنعاش من حاضنتها السياسية، التي حدّدت لنفسها في هذه المرحلة هدفاً اساسياً وحيداً، هو تفعيل الحكومة، والسير بها نحو الانتاجية الملموسة، وعلى قاعدة أنّ هذه الانتاجية ولو جاءت متأخّرة، فهذا أفضل بكثير من ألاّ تأتي أبداً، على غرار ما كان سائداً طيلة الفترة الممتدة منذ نيل هذه الحكومة ثقة المجلس النيابي وحتى اليوم.
يأتي ذلك في وقت، تحضّر فيه الحكومة لبدء ترجمة ما تصفها اوساط السرايا الحكومية ايجابيات زيارة الوفد الوزاري العراقي الى بيروت، وذلك في فترة قد لا تتعدّى نهاية الشهر الجاري، فيما لفت الانتباه حضور كويتي على خط الازمة الداخلية، مرخياً مناخاً ايجابياً يؤشر الى خطوات كويتية محتملة لمساعدة لبنان في هذه المرحلة، وأشّر الى ذلك بشكل غير مباشر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بعد استقباله في عين التينة امس، سفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي، بقوله رداً على سؤال عن اسباب زيارة السفير الكويتي: «آمل بخير قريب بعد لقاء سفير لبلد شقيق وصديق».
مافيا
على انّ هذا التفعيل بات واجباً من منظور السلطة، لأنّها ضاعت في «السوق السوداء» التي تحكمها مجموعات منظّمة لـ«شفط الدولار». وكما يقول مرجع سياسي لـ«الجمهورية»، هو «اكثر من مطلوب وملحّ في هذه الفترة، وذلك لتحقيق هدف رئيسي يحتل صدارة الاولويات، اي «ضبط الدولار»، والمواجهة الصارمة لـ»المافيا» التي تتلاعب به. فبعض الصرافين هم جزء صغير من هذه «المافيا»، وبعض المصرفيين هم ايضاً جزء من هذه «المافيا»، الّا انّ «المافيا» الكبرى، تلك التي تدير السوق السوداء وتتحكّم بها بقفزات جنونية وغير واقعية للدولار، وتسعى الى ايصاله الى مستويات عالية جدا».
ورداً على سؤال عمّن يقف خلف هذه المافيا الكبرى، قال المرجع: «لا شك العوامل الداخلية متعدّدة للانهيار المالي، واهمها عجز السلطة وضعفها وانعدام مبادراتها، وكذلك انعدام الثقة الشعبية بالمنظومة السياسية، وبإجراءات الحكومة، وخصوصاً تلك المتعلقة بضبط الوضع المالي وحماية الليرة. اما في ما يتعلق بالمافيا الكبرى، فقد ثبت لدينا بالملموس وبالمعلومات اليقينية، بأنّ هناك منظومة خارجيّة لضرب الليرة، لديها ادوات داخلية كثيرة ومتعددة الاشكال والالوان، وتشغّلها في هذا الاتجاه».
بري
في سياق متصل، قالت أوساط عين التينة لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس بري يأمل ان تتوالى الخطوات الحكومية في هذه المرحلة في مواجهة الازمة، والاساس لجم سعر الدولار وردع المتلاعبين بالعملة الوطنية.
وبحسب هذه الأوساط، فإنّ الاولوية هي ان تبادر الحكومة الى العمل الحثيث، وتحقيق ما هو مطلوب منها في هذه المرحلة، فأمامها الكثير لكي تقوم به. وخصوصاً في مجال الاصلاحات التي تربط كل المساعدات الممكنة للبنان باتمامها.
«ما فينا نكمّل هيك»!
الى ذلك، فإنّ الجامع المشترك بين اطراف الحاضنة السياسية للحكومة، وأكثر من أي وقت مضى، هو الإقرار بأنّ تجربة الحكومة خلال اشهر ولايتها القصيرة مُنيت بفشل ذريع، يتحمّل بعض اطراف هذه الحاضنة مسؤولية مباشرة عن هذا التفشيل، يُضاف الى الوضع الركيك للحكومة بلونها التكنوقراطي، الذي كان دون مستوى مواجهة ازمة اقتصادية ومالية خانقة، تتطلب خبرة وجرأة ومبادرات وقرارات سياسيّة مباشرة.
هذا الإقرار يتلازم مع شعار جديد أجمعت الحاضنة على رفعه، ومفاده: «ما عاد فينا نكمّل هيك». الّا انّ السؤال الذي يواكب هذا الشعار: بعد جرعة الانعاش وتعذّر الذهاب الى حكومة جديدة، ماذا ستقدّم الحاضنة السياسية لحكومتها؟ وهل سيفرج القرار السياسي عن الحكومة ويتركها «تنغل» في ميدان الاصلاحات؟ وماذا لدى الحكومة لتقدّمه؟ وأي ابواب ستلج منها الى الانتاجية والانجازات؟ وهل تملك اصلاً خريطة طريق لتبني من خلالها جسور الثقة بها من قِبل اللبنانيين اولاً، وكذلك بالمجتمع الدولي الذي يضعها في خانة الاتهام بالتهرّب من المسؤولية، وتجاهل المطالب الدولية المتتالية بإجراء اصلاحات؟
شهران: نقلة نوعية!
هذه الأسئلة يُفترض أن تقدّم السلطة الاجابات عنها، من خلال خطوات عملية وعدت بالإقدام عليها، ضمن فترة لا تتجاوز شهرين، تُعدّ بمثابة اختبار نهائي لحكومة حسان دياب في احداث نقلة نوعية، من مرحلة سجّلت فيها هذه الحكومة على نفسها سلسلة طويلة من الاخفاقات، الى مرحلة تسجّل فيها سلسلة نجاحات وانجازات.
وهذه النقلة النوعية، وعلى ما تعكسه أجواء الحاضنة السياسية للحكومة، جوهرها الاساس عدم تضييع الوقت على ما كان متبعاً في الاشهر الاخيرة، وإنّما ملء الوقت بإنجازات إصلاحية وخطوات علاجيّة واجراءات وقائية لاحتواء الازمة، والأهم احتواء الدولار ولجم ارتفاعه وردع السوق السوداء التي تتحكّم به.
وبحسب مصادر موثوقة في هذا الجانب، فإنّ هذه النقلة النوعية اكّد عليها اللقاء الأخير في عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، والذي يمكن وصفه بأنّه وضع حجر الأساس لما يُفترض أن يكون عليه الأداء الحكومي في المرحلة المقبلة، حيث جرى تقييم للواقع السياسي بكل تفاصيله الحكومية وغير الحكومية، وكذلك كل ما يتصل بالأزمة الاقتصاديّة والمالية، ليس فقط من جانب مسبباتها، بل الاسباب التي تفاقمها، سواء الداخلية او تلك الاسباب الآتية من الخارج، مع التشديد على انّ عجلة الانجاز والانتاج لا بدّ ان تتحرّك سريعاً، والانتقال فوراً الى مرحلة بلورة حلول سريعة، والمبادرة الى سلسلة علاجات لم يعد ممكناً التأخير بها، وأولها الولوج الفعلي الى الاصلاحات في القطاعات التي تستوجبها، والتي تُعدّ الشرط الاساس لترييح الداخل ولو نسبياً من جهة، ومن جهة ثانية تلبّي المطالب المتتالية للمجتمع الدولي وكل المؤسسات المالية الدولية وفي مقدّمها صندوق النقد الدولي.
قلق من التشويش
إلّا أنّ مصادر حاضنة الحكومة، لا تقلّل من صعوبة الانتقال السلس الى تلك النقلة النوعية، وهذه الصعوبة مردّها الى جهات كامنة للحكومة على «كوع التشويش» عليها. وقالت المصادر لـ«الجمهورية»، انّها «تخشى من تعرّض الحكومة في المرحلة المقبلة لهجوم مركزّ من قِبل الجهات المعارضة، بقصد ارباكها وإعاقة عملها، والتشويش على كلّ إيجابية يمكن أن تحققها. وهذا التشويش اطلّت نذره مع ما تعرّض له اللقاء الأخير بين بري وباسيل، اذ في الوقت الذي كان يعبّر فيه الطرفان عن ارتياحهما البالغ للأجواء التي سادته، سارعت بعض جهات التشويش الى رسم سيناريوهات وهميّة حول اللقاء، قلبت الحقائق رأساً على عقب، وقدّمت وقائع مغايرة تماماً لا علاقة لها بكل ما دار فيه، علماً انّ كل لقاء يُعقد على هذا المستوى بين الطرفين، يكون افضل من سابقه، وهذا ما سمعه بالفعل زوار عين التينة، وأكّدت عليه أوساط التيار الوطني الحر.
شروط النقلة
واذا كانت الحكومة قد حزمت أمرها أخيراً وقرّرت أن تخطو أولى الخطوات في المسار الاصلاحي في جلسة مجلس الوزراء اليوم، عبر تعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان الشاغر منذ سنوات طويلة، (لن يتمّ اليوم تعيين مدير عام جديد لوزارة المالية بدلاً من المدير المستقيل الان بيفاني)، فإنّ هذا الأمر كما تؤكّد مصادر نيابيّة لـ«الجمهورية»، يُشكّل اختباراً لتوجّه الحكومة الجديد، والعبرة تبقى في كيفية اتمام هذا التعيين، فإن تمّ وفق معيار الكفاءة والجدارة بعيداً من معيار المحسوبية والمحاصصة السياسية، فهذا معناه اثباتاً لجدّية الحكومة في هذا التوجّه، اما إذا تمّ التعيين على غرار الطريقة التي اتبّعت في التعيينات المالية والادارية الأخيرة، فمعنى ذلك انّ كل ما يُقال عن مرحلة جديدة من الانجاز والانتاج ليس اكثر من كلام فارغ.
وبحسب المصادر نفسها، فإنّ «على الحكومة ان تستفيد من اخطائها السابقة، ولتتذكّر انّها لا تستطيع ان تغش الناس، ولا أن تغش المجتمع الدولي المطالب بإصلاحات جوهرية وليس بتعيينات وليدة محاصصة سياسية، ويجب ان تتذكّر الحكومة، والقرار السياسي المتحكّم بها، انّ صندوق النقد الدولي الذي يطالب من ضمن مطالباته بإصلاح قطاع الكهرباء، سبق وعبّر عن صدمته وخيبته من التعيينات الاخيرة، واعتبرها اشارة في منتهى السلبية، تؤكّد عدم صدقيّة وجديّة الحكومة في سلوك المنحى الاصلاحي كما يجب».
هل ستصدر التشكيلات؟
واذا كانت الكفاءة والجدارة شرط اساس لتؤكّد الحكومة من خلاله صدق توجهّها نحو اصلاحات جديّة، فثمة شرط آخر تشير اليه اوساط سياسية مختلفة، وبينهم موالون ومعارضون، هو التشكيلات القضائية. فهل سيفرج عنها رئيس الجمهورية ويُصدرها بالشكل الذي وضعه مجلس القضاء الاعلى؟ فتوفّر هذا الشرط في رأي هذه الاوساط، سيثبت بشكل لا يقبل ادنى شك، جدّية لدى السلطة الحاكمة في ولوج باب الاصلاح من دون معوقات او مداخلات او فيتوات سياسية. اما اذا بقيت هذه التشكيلات معلّقة، فستبقى علامات الاستفهام والتشكيك تزنّر اي منحى اصلاحي، تقول هذه السلطة بأنّها ستسلكه.
دياب
وحول العمل الحكومي في المرحلة المقبلة، قالت أوساط رئيس الحكومة حسان دياب لـ«الجمهورية»: سنكمل بالاصلاحات، وأمامنا سلة في هذا الاتجاه.
وقالت الاوساط انّ رئيس الحكومة يخالف كل منتقدي التعيينات الاخيرة، ويعتبر انّ هذه التعيينات جيدة. وليست شبيهة أبداً بالتعيينات التي كانت تجريها الحكومات السابقة، والتي كانت في مجملها سيئة جداً.
ولفتت الاوساط الى انّ الناس يجب أن ترى هذه الحقيقة، ولا تستمع للاكاذيب التي تُرَوّج من قبل البعض وتتناقل من هنا وهناك. واذا كان هناك خلل ما في مكان او اثنين، الّا انها في مجملها، إذا وجدت، لا تُقاس ابداً مع التعيينات التي كانت تجريها الحكومات السابقة، وكانت في منتهى السوء.
وعن التعيينات التي من المقرر ان تصدر اليوم في مجلس الوزراء، قالت الاوساط: لقد تم فتح الباب لتقديم طلبات، وجرت مقابلات معهم، تولّتها لجنة متخصصة ونزيهة من عمداء وخبراء وتقنيين، وخلصت الى اختيار 3 مرشحين لكل فئة، ورئيس الحكومة لم يتدخّل على الاطلاق في عمل هذه اللجنة، والكلمة في النهاية لمجلس الوزراء الذي نعتمد فيه التصويت بشفافية مع الجميع.
ولفتت المصادر الى انّ الحملة على الحكومة ليست مرتبطة لا بتعيينات ولا بغير تعيينات، بل هي مرتبطة بهدف وحيد هو إسقاط الحكومة، ولو انك عيّنت أنبياء في المراكز فلن يقبلوا، بل سيهاجمون الحكومة لأنهم يريدون إسقاطها. والمثال واضح عَبّر عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عندما سُئل عن الخطة الانقاذية للحكومة، فقال: لا هذه الخطة ولا اي خطة اخرى سنقبل بها لأنها آتية من هذه الحكومة.
وإذ اكدت الاوساط انّ المعارضة هي التي تذبح البلد بيدها، ذكّرت بملاحظة لاذعة عَبّر عنها صندوق النقد الدولي أمام مفاوضيه اللبنانيين، وفيها: «لم نرَ بلداً في العالم يحارب نفسه، كما تفعلون أنتم بمحاربة أنفسكم».
المعارضة: المستقبل
في المقلب الآخر تبدو قوى المعارضة قد قطعت الأمل نهائياً بحكومة حسان دياب، بدءاً من «تيار المستقبل» الذي اكدت مصادره لـ«الجمهورية» انّ الحكومة فاشلة ولا نتوقع منها شيئاً، ولن تقدم على شيء، وما هو متوقّع منها في هذه المرحلة هو مراكمة فشل وإخفاقات اضافية.
ورداً على سؤال، قالت المصادر: كل الوعود التي تقطعها هذه الحكومة، بلا أي معنى، فهي في الأساس منفصلة عن الواقع، وتعيش في واد والشعب في وادٍ آخر، وقادَت البلد الى أزمة خانقة وانتحار اقتصادي. وبالتالي، لا يمكن لحكومة كهذه أن تُؤتَمن على مصير لبنان واللبنانيين».
وأشارت المصادر، رداً على سؤال آخر، الى انّ المرحلة تتطلّب تضحيات لمصلحة لبنان، والمعني الأول بتقديم هذه التضحيات هو «حزب الله» والكرة في ملعبه.
«القوات»
وبحسب مصادر «القوات اللبنانيّة» فإنّ الحديث عن مبادرة الحكومة الى إنجازات هو ذَر للرماد في العيون، فهي في الأساس لم تقدم شيئاً، لا إصلاحات ولا غير ذلك، بل تَخبّط وارتباك وخطوات تسببت بمزيد من الانهيار. وبالتالي، لا نتوقع منها أن تقدّم شيئاً.
وإذ لفتت المصادر الى «انّ الحكومة أسيرة للنهج القديم الذي يتحكّم بها»، أكّدت على موقف رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع الذي اعتبر انّ السبيل لكي تنجح هذه الحكومة يكون بخروجها من تحت سيطرة «حزب الله» وجبران باسيل».
«الاشتراكي»
بدورها، قالت مصادر اشتراكية لـ«الجمهورية» انّ «الحزب التقدمي الاشتراكي» لا يثق بحكومة حسان دياب، ومصلحة البلد تقتضي أن تسقط وترحل.
ورداً على سؤال عن خلفية ما أعلنه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بأنّ الحزب أوّل المطالبين بإسقاط الحكومة، قالت المصادر: لا أمل بإنقاذ مع هذه الحكومة التي فاقمت الازمة، وتفتح أزمات مع الداخل ومع الخارج.
وحول توجّه الحكومة الى معالجات جدية في هذه المرحلة، أجابت المصادر: هذه الحكومة خَربت البلد، كانت في بدايتها مثل البطة العرجاء، وأصابها شلل تام، فماذا تنتظر منها؟ الرهان على هذه الحكومة مثل الرهان على امرأة عجوز لكي تصبح صبيّة، فهل ستعود صبيّة؟ ومهما حاولَت ان تتصابى هذه العجوز، فلن يصلح العطّار ما أفسده الدهر.
الصين والعراق
من جهة ثانية، أعربت مصادر السرايا الحكومية عن ثقتها بظهور نتائج ايجابية ملموسة للمحادثات التي جرت مع الجانبين الصيني والعراقي.
ولفتت المصادر الى انّ الجانبين عبّرا عن رغبة جدية في مَدّ يد العون للبنان، في مجالات مختلفة، ومساعدته على النهوض بما يضع الاقتصاد اللبناني على سكة الانتعاش.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر مطّلعة على أجواء زيارة الوفد العراقي انّ مباحثاته في بيروت عكست بالدرجة الأولى قراراً جدياً لدى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بدعم لبنان في أزمته، وكذلك أكدت المباحثات توجّهاً جدياً نحو تعزيز التبادل التجاري بين البلدين على مستويات مختلفة، وانّ الجانب العراقي راغب في تخفيف العبء عن لبنان، عبر مبادرات اقتصادية تفيد لبنان والعراق، وهذا ما سيَتكشّف في الآتي من الايام.
وأشارت المصادر الى انّ الحديث بين الجانبين اللبناني والعراقي تَركّز في جانب منه على قانون قيصر الاميركي ضد سوريا، وتداعياته على الدول المحيطة بسوريا. وتوقعت في هذا الاطار حصول حركة اتصالات بهدف استثناء لبنان والعراق من هذا القانون، على غرار الاستثناء والتسهيلات للعراق في ما خَص العقوبات الاميركية على ايران.
دياب والكاظمي
وكشفت المصادر الى انّ التواصل استمر بين لبنان والعراق بعد مغادرة الوفد العراقي بيروت، وجرى في هذا الاطار تواصل هاتفي بين رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس الحكومة العراقية الكاظمي، وسيستكمل التواصل في وقت قريب عبر لقاءات مباشرة، وسيتوسّع إطار التعاون الى خارج وزارتي الزراعة والنفط الى الصناعة، ما يعني انّ البلدين متحضران للدخول في تعاون واسع.
واشارت المصادر الى انّ العراق سيوجّه دعوة قريبة الى وزير الصحة حمد حسن لزيارة العراق، في سياق زيارة ارادها الجانب العراقي للاستفادة من الخبرات اللبنانية في مجال مكافحة فيروس كورونا.
وعكست مصادر السرايا الحكومية لـ«الجمهورية» ارتياحاً كبيراً لنتائج المحادثات مع العراق، وقالت انّ الايام القليلة المقبلة، وربما قبل نهاية الشهر الجاري، ستُظهر نتائج التفاهم بين البلدين، وسيلمسها المواطن اللبناني.
ولفتت المصادر الى انّ الحكومة لن تكتفي بالانفتاح فقط على الصين والعراق، بل هي اتخذت القرار بالانفتاح على كل الدول الصديقة الراغبة في التعاون مع لبنان، مشيرة الى انّ خطوات سريعة ومتدرجة ستظهر في هذا المجال قريباً.
عين التينة
وعكست أوساط عين التينة ارتياح الرئيس بري لزيارة الوفد الوزاري العراقي الى بيروت، ووصفت الزيارة بالبالغة الأهمية وشكلت أساساً يُبنى عليه بما يخدم مصلحة لبنان والعراق في آن معاً.
وفي معرض تقييمه لزيارة الوفد العراقي، أدرج الرئيس بري نتائجها في خانة الاهمية الشديدة، ونقل عنه قوله: ما تمّ الاعلان عنه حول زيارة الوفد مشجّع، وما لم يُعلن هو مشجّع أكثر».
حتي في ايطاليا
في جانب سياسي آخر، كانت لافتة زيارة وزير الخارجية ناصيف حتي الى روما أمس، حيث التقى نظيره الايطالي. وأعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في إيطاليا انّ «اللقاء كان ذا أهمية واتّسَم بالإيجابية ويمكن البناء عليه، لأنّ إيطاليا حريصة جداً للوقوف إلى جانب لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية خطرة قد تؤدي إلى تعرّض الشعب بأكمله لمخاطر كبيره».
وأشارت الوزارة الى انّ «الاجتماع جرى في مرحلة حساسة جداً يمر بها لبنان، واعادت إيطاليا تأكيدها الوقوف بجانب لبنان من أجل الاستقرار والازدهار»، حيث اكد الوزير الايطالي «دعم بلاده لعملية الإصلاح التي تقوم بها السلطة التنفيذية برئاسة حسان دياب، وهو شرط أساسي للتغلّب على الصعوبات الحالية وإنعاش الاقتصاد وتلبية التطلعات المشروعة للشعب اللبناني».
الدولار والمصارف
مالياً، تستعد المصارف للمباشرة في تنفيذ قرار مصرف لبنان ضَخ الدولارات عبرها لتأمين العملة الصعبة للمستوردين، في إطار خطة دعم حوالى 200 سلعة استهلاكية، لخفض أسعار تلك السلع، والتخفيف من حدة الانهيار التي تتعرّض لها القوة الشرائية للمواطن.
وتفيد المعلومات انّ الدولارات التي سيتمّ تأمينها للبنوك مصدرها التحويلات التي يحصل عليها المصرف المركزي بالدولار ويدفعها بالليرة. وبالتالي، لن يكون هناك ضَخ للدولارات من الاحتياطي الالزامي حرصاً على عدم تبديد هذه الاموال التي تعود عملياً الى ما تبقّى من ودائع الناس في المصارف. واستبعد محللون ماليون ان يكون لهذه الخطة اي تأثير ايجابي على سعر الدولار في السوق السوداء، وانّ التأثير الايجابي الوحيد يتعلق بتسهيل عمل المستوردين الذين كانوا يقصدون الصرّافين للحصول على الدولار، وإعادة دور حيوي للمصارف في الحركة الاقتصادية، ولَو بشكل محدود.
في غضون ذلك، تمّ التداول بالدولار في السوق السوداء بين 8500 و9000 ليرة، فيما حافظَ دولار الصرافين على تسعيرته التي تراوحت بين 3850 و3900 ليرة.
الكهرباء والمستشفيات
من جهة ثانية، ومع إعلان إدارة مستشفى رفيق الحريري الجامعي أمس أنّه و»بسبب الظروف القاسية التي تمرّ بها البلاد حاليّاً لجهة التقنين في الكهرباء، والتي طاولت أخيراً مستشفى رفيق الحريري الجامعي، من خلال إخضاعه لجدول التقنين المطبق، قرّرت الإدارة اتخاذ إجراءات وتدابير لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية»، كشفت مصادر وزارة الصحّة عن قيامها بالتواصل مع وزارة الطاقة لتأمين مادة المازوت لمستشفى رفيق الحريري.
وقالت المصادر لـ»الجمهورية» إنّ «الطاقة أبدَت تجاوبها، وستؤمن للمستشفى المازوت من المخزون الموجود لديها، ومن البواخر التي ستصل تباعاً خلال الأيام القليلة المقبلة».
لكنّ المصادر عينها أشارت الى أنّ «الأزمة كبيرة، وما نشهده ليس سوى البداية، إذ انّ «إنقاذ» مستشفى الحريري ممكن حالياً، لكن إذا ما احتاجت مستشفيات حكومية أخرى الى مادة المازوت فستكون الوزارة عاجزة عن إنقاذها».
وأكّدت المصادر أنّ «نجاحها في جائحة كورونا كان نتيجة قبولها المساعدة التي قدّمتها الدول للبنان، من أيّ محور كانت، لذلك تأمل الوزارة إيجاد حلّ في القريب العاجل لمشكلة استجرار الكهرباء من سوريا، أو إيجاد حلّ لجَلب مادة المازوت من سوريا، كي نتمكّن من إنقاذ مرضانا بعيداً عن صراعات الدول».