تحت أعين مراقبي صندوق النقد الدولي الذين ينتظرون الحكومة على كوع الإصلاح المطلوب، خرج مجلس الوزراء بخطوة ناقصة جديدة، إذ لم يقر المراسيم التطبيقية لقانون تنظيم قطاع الكهرباء الذي تشكل الهيئة الناظمة أهم بنوده، فبقي القطاع تحت سطوة الذهنية المستفحلة نفسهل، التي أوصلت العجز الكهربائي الى ما يقارب 50 مليار دولار، فيما الكهرباء مقطوعة 22 ساعة في النهار.
وفي هذا السياق، أكد أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن “دعم كل تعيين يأخذ طابعاً إصلاحياً خصوصاً أننا لطالما نادينا سابقًا بتعيين مجلس إدارة وهيئة ناظمة لقطاع الكهرباء”، وأضاف: “صحيح أن الخطوة أتت متأخرة، إلّا أنها خير من أن لا تأتي”، مشيرا إلى أن “المهم في هذه الموضوع، إن هذه الخطوة لا تكتمل إلّا بتعيين هيئة ناظمة وقبل تعديل القانون 462، ولاحقا بعد التطبيق نرى ما يتبين من ثغرات، فنذهب إلى تعديل القانون المذكور بحال كان هناك من ضرورة”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت ابو الحسن أيضا إلى “وجوب إعطاء الإستقلالية لمجلس الإدارة في ممارسة دوره كاملاً بعيداً عن محاولة الهيمنة والإستئثار بالقرار في المؤسسة”، لافتا الى أن “هذا الموضوع رهن التجارب في الأسابيع والأشهر المقبلة”.
من جهته، أسف عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم لتجاهل “الحكومة قانون آلية التعيينات والعمل بنهج المحاصصة الطائفية والحزبية والمناطقية”، مشيرا إلى أن “طبيعة هذا النظام وتركيبته تبدّي دائما المصالح السياسية على المصلحة العامة، وتحول دون الإنتقال إلى الدولة المدنية التي تعتمد معيارا وحيدا وهو الكفاءة”.
وفي حديثه لـ”الأنباء” توقّف هاشم عند عدم قانونية التعيين لجهة عدم إعتماد القانون المقر في مجلس النواب، معتبرا أن “البعض يتمسّك بالقانون حيث يريد تبعا لمصالحه، ويتنصّل منه حينما يعاكس توجّهاته، متل ما بدو الفاخوري بركّب دينة الجرّة”.
وسأل هاشم عن “إغفال تعيين الهيئة الناظمة التي هي جزء من القانون”، لافتا إلى أن “مطلب تغيير القانون يأتي بعد تطبيقه، والأجدى الإلتزام به أولا وتعيين الهيئة، لا كسره من أجل المطالبة بالتعديل”.
وردا على سؤال، رأى هاشم أن “تعيين مجلس الإدارة بهذا الشكل قد يؤثّر على المفاوضات مع صندوق النقد بإعتباره منافٍ للقواعد الإصلاحية، إلّا أن الصندوق عليم بتركيبة النظام اللبناني وقد يجد المبررات من أجل المساعدة، وكذلك دول الخارج بأكملها ايضا، لكن وجب التنبيه قبل إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان هي مؤسسة مالية، ويجب العمل على إصلاحها لوقف الهدر فيها”.
من جهته، رأى عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب أنيس نصّار أن “مبدأ المحاصصة عاد، والتعيين تبعا للإنتماء الحزبي وليس الكفاءة هو الذي حصل في مسار مجلس إدارة كهرباء لبنان، متجاهلين الآلية التي أقرّها مجلس النواب”.
وفي إتصال مع “الأنباء”، إستنكر نصّار “عدم الإلتزام بالآلية التي أقرّت بالأكثرية”، غامزا من قناة التيار الوطني الحر “الذي لم يصوّت على الآلية بهدف السيطرة أكثر على “مزرعة” الكهرباء التي كبّدت الدولة 42 مليار دولار حتى اليوم” مشددا على “وجوب إحترام مجلس النوّاب”، لافتا إلى “إمكانية تقديم طعن لتجاوز الآلية”.
كما أشار نصّار إلى أن “الصلاحيات بقيت في يد وزير الطاقة، إذ أن التعديل المعمول به يجعل مجلس الإدارة بمثابة هيئة إستشارية، وعلى مر السنين، فوّض مجلس الوزراء وزير الطاقة عقد الصفقات والقيام بمهام المجلس، ما أوصلنا للوضع الحالي في القطاع”.
وتعليقاً على آثار هذه الممارسة على المفاوضات مع صندوق، سأل نصار “كم سنستغبي صندوق النقد بعد وهو عالم بكل هذه الممارسات؟”.
معيشيا، لا زالت القطاعات تترنح ما بين الصمود الشاق والسقوط والتهاوي، وفي مؤشر خطر برز امس، أعلن نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون حصر استقبال المستشفيات بالحالات الطارئة ولا سيما غسل الكلى والعلاج الكيميائي والحالات التي تهدد حياة المرضى، فقد أصبح حياة المواطنين في خطر حقيقي عند أي عارض.
في اتصال مع “الأنباء”، أشار هارون إلى أن “الأمور تتجه في مسار سلبي، ولا أفق لأي حلول، فالدولة اليوم غير قادرة على ضمان أمن المواطن الصحي وإنقاذ قطاع الإستشفاء، فلم تدفع المستحقات المتبقية عليها من جهة، ولم تجد حلولا لإرتفاع سعر الصرف من جهة أخرى، ما معناه التوجّه نحو إغلاق المستشفيات في غضون أسابيع معدودة بحال عدم تقديم أي حل”.
ويربط هارون مشكلة القطاع بأزمات البلاد بشكل عام، وكذلك الحلول، وفي تفاصيل الأرقام، يقول: “إن مصرف لبنان يدعم إستيراد المستلزمات الطبية بنسبة 85%، لكن الـ15% المتبقية اليوم على سعر صرف السوق تكاد تكون أغلى من سعر السلعة الأساسي، كما أن للدولة ديون لدى القطاع بقيمة 2500 مليار ليرة وقد فقدت قيمتها مع تراجع سعر الصرف، فيما ديون القطاع هي بالدولار، فلا يمكنه اللإستمرار في هذا المسار”.
وعن الحلول المطروحة اليوم، بما فيها إجتماع لجنة الصحة النيابية مع وزير الصحة والجمارك، يرى هارون أن ”جميع الإجتماعات واللقاءات هي بمثابة ترقيع لا ينفع”، لافتا إلى وجوب حل الأزمة الإقتصادية بشكل عام لينتقل الحل بعدها إلى القطاع، مشددا على ضرورة تغيير التركبية الحالية التي أثبتت فشلها، لافتا إلى أن المواطن لا يمكنه اليوم تحمّل أعباء الإستشفاء، فيما هو يبحث عن لقمة عيشه.
وعن إقتراح قانون المقدّم من اللقاء الديمقراطي الرامي إلى دعم المستشفيات الخاصة بمبلغ 400 مليار ليرة، والحكومية بمبلغ 100 مليار ليرة، فقد رحّب هارون بالإقتراح واصفا إيّاه بالممتاز “مما من شأنه أن يضخ أوكسيجين في القطاع وإنعاشه، متمنيا تمريره في مجلس النواب”.
وفي سياق أخر، فقد رفع قطاع النقل العام الصرخة مُجددا الدعوة التي أطلقها منذ شهر، والقاضية بإسترداد الدول للمعاينة الميكانيكية. وفي تعليق لجريدة “الأنباء”، أكد رئيس اتحادات النقل البري في لبنان بسام طليس عزم السائقون على إقفال مراكز المعاينة الخميس منذ الساعة السادسة صباحا، ولا تراجع”، لافتا إلى أن “الوعود التي تلقاعا مسبقا من وزير الداخلية كانت مجرد كلام”.
وعن إحتمال رفع التعرفة، كشف طليس عن “إجتماعات قريبة مع وزيري الأشغال والنقل والإقتصاد ومديرية النقل العام البري والبحري، والإتحادات، لدراسة موضوع زيادة الأسعار، ودعم الدولة القطاع عبر توفير دولار مدعوم من أجل إستيراد قطع الغيار”، مشيرا إلى أنها “ستحصل في النهاية”، مطالبا “الدولة والقطاع الخاص بزيادة بدل النقل للموظفين، لأنهم لا يمكنهم تحمّل أعباءً إضافية”.
ويختم طليس متطرقا إلى “الواقع الصعب الذي يعانيه السائقون، ما دفع أحدهم إلى الإنتحار لعدم تمكّنه من تأمين الغذاء والدواء لعائلاته، وفي هذا السياق لقد تقدّمنا بطلب لمجلس الوزراء لتكليف الهيئة العليا للإغاثة بمساعدة عائلته”، لافتا إلى أن “الإتحاد يحاول إحداث توازن بين السائقين من جهة، والمواطنين من جهة أخرى”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : مجلس إدارة لكهرباء لا تأتي.. وتابع الإنهيار: قطاعا الإستشفاء والنقل