لولا عودة عداد «كورونا» إلى الواجهة مع تسجيل 66 إصابة أمس في رقم قياسي ذَكّر اللبنانيين بالمراحل الأولى للجائحة الكورونية، فإنّ الحدث السياسي كان طاغياً على الأزمة المالية والمعيشية التي أصبحت من يوميات اللبنانيين، حيث انقسم هذا المشهد إلى شقين: الشق الأول أميركي بامتياز في ظل المواقف المعلنة والصارمة في المواجهة مع طهران و»حزب الله»، والشق الثاني استمرار توافد الشخصيات السياسية إلى الديمان وبكركي تأييداً لكلام البطريرك بشارة الراعي.
من المتوقع ان يتواصل التصعيد الأميركي ويرتفع منسوبه كلما اقتربت الانتخابات الأميركية، ويَتمظهر هذا التصعيد بأشكال مختلفة بدءاً من المواقف العالية النبرة، وصولاً إلى تشديد العقوبات، ولكن لا مؤشرات حتى اللحظة الى انّ هذا التصعيد سيجد ترجماته على أرض الواقع اللبناني في ظل تَبدية القوى الأساسية للعنوان المعيشي على السياسي، وعدم حماس هذه القوى للعودة إلى اصطفافات سياسية ما زالت أساساً مستبعدة بسبب التباينات بين أركانها واختلاف الأجندات في ما بينهم.
وتبقى الأنظار مشدودة ليس فقط لِعظة الراعي يوم الأحد المقبل بعد موجة التأييد الوطنية الواسعة لمواقفه، إنما أيضاً للخطوة التالية التي يمكن ان يُقدم عليها، فهل سيكتفي مثلاً بتسجيل المواقف السياسية المنددة بالواقع الحالي والمحذرة من الأسوأ مع التراجع المخيف في أوضاع البلد المالية والاقتصادية، أم سيبادر إلى خطوات عملية؟
وفي الانتظار يبقى الهمّ الأساسي معيشي الطابع وينقسم بدوره إلى شقين: الشق الأول يتعلّق بالناس الخائفة من الآتي وتبحث عن صمود لم يعد ممكناً مع تراجع ما ادّخَرته من قرش أبيض لأيام سود لم تعتقد يوماً بأنها ستكون حالكة إلى هذا الحد، والشق الثاني يرتبط بالسلطة التي ينحصر همها الوحيد بمراكمة نفوذها وتشديد قبضتها على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وكأنها مفصولة عن الناس والواقع.
في محاولة سريعة لتثمير القرارات الحكومية الأخيرة، ومنها التعيينات في مجلس ادارة كهرباء لبنان، طلبَ الجانب اللبناني إحياء الإجتماعات الثنائية المجمّدة منذ اجتماعها السادس عشر الأسبوع الماضي مع صندوق النقد الدولي للبحث في ملف الكهرباء، فوافَقَ الجانب الدولي.
وعلمت «الجمهورية» انّ الاجتماع سيعقد الرابعة بعد ظهر اليوم بالوسائل الالكترونية ما بين بيروت وواشنطن، بمشاركة كل من وزيري الطاقة ريمون غجر والمال غازي وزني وعضو لجنة الرقابة على المصارف مروان مخايل بالإضافة الى مستشارين في شؤون الطاقة، وذلك للبحث في الخطوات التي تلي تعيين مجلس الإدارة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ وفد الصندوق لم يكن ينتظر هذه الخطوة، فتعيين اعضاء مجلس الإدارة لا يعني شيئاً في ظل غياب الخطوات التنفيذية المؤدية الى تشكيل الهيئة الناظمة لإدارة القطاع وتعزيز استقلاليتها في ظل المشاريع المطروحة لتطويقها وتفريغها من الصلاحيات سلفاً وإسقاط البحث في اي دور يغيّر من كونها «هيئة استشارية» بدلاً من ان تكون «هيئة تنفيذية» تقرّر وتُشرف على القطاع بلا رعاية او وصاية وزارية او سياسية، وتحديداً من وزير الطاقة.
أرقام الصندوق
وجاءت هذه الخطوة من حيث لم تكن مُحتسبة في ضوء الاجتماع المالي الذي انعقد في السرايا الحكومية مساء امس بعدما كان مقرراً اليوم، وقد خصّص للبحث في الشأنين المالي والنقدي في سياق المساعي المبذولة لتوحيد أرقام الخسائر في القطاع المصرفي.
وقالت مصادر السرايا لـ«الجمهورية» انّ الاجتماع اقترب من وضع الاتفاق شبه النهائي بشأن أرقام الخسائر في القطاع المصرفي، بعدما وافق حاكم مصرف لبنان على ارقام صندوق النقد التي وضعت بالتنسيق غير المعلن بين الصندوق، وهي الاقرب الى الارقام التي وضعتها الخطة الحكومية بناء على اقتراح تقدمت به شركة «لازارد» التي تولّت إحصاء الخسائر وتجاهل ارقام «لجنة تقصّي الحقائق النيابية» في شأن تقليص ارقام الخسائر بنسبة كبيرة عن ارقام الحكومة اللبنانية.
وأشارت اوساط المجتمعين الى ان لا صحة لِما جرى تَداوله عن موافقة صندوق النقد الدولي على ارقام الحكومة، خصوصاً انّ هذه الارقام تغيّرت وتم الاتفاق على 3 من التغييرات التي طرأت عليها مع الصندوق.
واشارت المعلومات الى انّ وزير المال غازي وزني وجّه كلاماً جازماً الى أحد المستشارين المشاركين في الاجتماع، مؤكداً تمسّكه بصلاحيّاته ورافضاً تجاوز المستشارين للوزارة في الاتصالات والاجتماعات.
وعلم انّ صندوق النقد الدولي مُصرّ على التفاهم اللبناني ـ اللبناني خصوصاً مع المجلس النيابي، اذ انّ القرض يحتاج الى موافقة البرلمان ليصبح ساري المفعول.
وفي معلومات لـ«الجمهورية» انّ المجتمعين بدأوا يدرسون جدياً أمر وَضع حد لحال المراوحة في مقاربة ارقام الخسائر، بحيث انه ستقدّم لصندوق النقد الدولي كل المقاربات لهذه الارقام لدى الحكومة ومجلس النواب وجمعية المصارف، على ان يحدد الصندوق في ضوئها التفاوض على اساس ايّ من هذه المقاربات، وان يكون له الحق في التفاوض على اساس مقاربة خاصة به.
التدقيق المالي
على الصعيد المالي توقّع مصدر وزاري ان تكون نتائج المسح الامني للشركة التي ستتولى التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان قد انتهت مع حلول موعد جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، على أن يتم إبلاغ وزارة المال بالنتيجة. واشار المصدر الى انّ المشكلة لا تكمن فقط في خطر الاختراق الاسرائيلي، إذ انّ معظم الشركات الدولية التي تعمل في هذا المجال تضمّ أمنيين في عداد موظفيها.
الدولار يتراجع
الى ذلك، وبالتوازي مع اعلان البدء في تطبيق خطة دعم استيراد السلة الاستهلاكية التي قيل انها تشمل نحو 80 في المئة من المواد الاستهلاكية التي يشتريها المواطن من السوبرماركت، لوحِظ تراجع الطلب على الدولار في السوق السوداء الأمر الذي أدّى الى تراجع سعر الصرف امس الى حوالى 8 آلاف ليرة.
وفي قراءة تحليلية، قال خبير مالي لـ«الجمهورية» انه يصعب الحكم على ما يجري في السوق السوداء، أو التسرّع في رسم استنتاجات قد توحي بإيجابيات في غير محلها. لكن من المؤكد انّ أيّ عامل مُستجد يساهم في تخفيف الطلب على العملة الخضراء، من شأنه ان يخفف الضغط على سعر الليرة، ويؤدّي بالتالي الى وقف اندفاعة الدولار نحو الارتفاع.
وأكد الخبير نفسه، انه بمجرد ان يتم الاعلان عن بدء العمل في آلية دعم لائحة طويلة من المستوردات، فهذا يعني انّ كل التجار الذين كانوا يتّجهون الى السوق السوداء لشراء الدولار سيتجهون اليوم الى المصارف، وهذا سيريح السوق، ويخفف كثيراً من حجم الطلب على الدولار. لكنّ مفاعيل هذا الوضع قد لا تستمر طويلاً، لأنّ الأزمة في عمقها تعود الى انهيار الاقتصاد، بحيث اصبح الدولار ملاذاً آمناً لكل اللبنانيين، بكل فئاتهم وقطاعاتهم. وفي هذا الوضع سيبقى الطلب اكبر من العرض، وستظل السوق السوداء عرضة للارتفاع في اي لحظة.
مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء قد قرّر أمس «الموافقة على تعيين 3 مفتّشين لدى هيئة التفتيش القضائي، وهم: ماري أبو مراد، مايا فواز، وجاد معلوف»، كذلك قرّر «الموافقة على تجديد التعاقد مع أطباء مراقبين في وزارة الصحة العامة».
وخلال الجلسة التي انعقدت في السرايا الحكومية رأى رئيس الحكومة حسان دياب أنّ «مع كل خطوة تُقْدِم عليها الحكومة، تزداد الحملات عليها»، معتبراً أنّ «الحملات لا تستند إلى منطق النقد الموضوعي». وقال: «ليست الدولة هي التي أخطأت بالسياسات المالية التي أوصلت البلد إلى الإنهيار إنما السلطة هي التي أخطأت». وأضاف: «لذلك، توجّهنا إلى التدقيق بحسابات مصرف لبنان، والتدقيق الجنائي ضمناً، كمحطة أولى، وأنا مع توسيع هذا التدقيق ليشمل كل مؤسسات الدولة»، مشيراً إلى أنّ «هذه نقطة أساسية في عملية الإصلاح، والحكومة ماضية بخطواتها الإصلاحية، على الرغم من محاولات تهشيم صورة هذه الإصلاحات».
وأكّد دياب أنه «ليس لدى الحكومة نيّة لتغيير النظام الاقتصادي الحر. لكنّ المشكلة هي في فَهم مفهوم النظام الاقتصادي الحر. كانت الفوضى الاقتصادية الحرّة هي السائدة في البلد، أو ربما نظام الهدر الحرّ. لذلك، ما نقوم به هو تصحيح المفهوم والنظام الاقتصادي الحر».
من محضر الجلسة
وخلال الجلسة دار نقاش حول البند 5 المتعلق بعرض وزيرة العدل التدبير السادس لمكافحة الفساد، لجهة المعايير والاصول التي يقتضي اعتمادها لتعيين اعضاء اللجنة التي تتولى مهمة إجراء مسح شامل لثروات جميع الاشخاص الذين شغلوا او يشغلون مناصب دستورية او قضائية او عسكرية او ادارية وغيرها، فاعترض عدد من الوزراء على هذا البند وسألوا ما اذا كان تعيين اللجنة هو من صلاحية وزيرة العدل؟ فتبيّن أنّ هذا الامر غير دستوري. وكان اللافت انّ رئيس الحكومة بنفسه رأى انّ تعيين هذه اللجنة هو من صلاحياته وليس من صلاحيات الوزيرة، وفي نهاية النقاش تقرر أن يعيّن رئيس الحكومة اعضاء هذه اللجنة.
ومهمة هذه اللجنة التي طالبت بها وزيرة العدل (بند رقم 5) هي مسح الملكيات والاموال الظاهرة لكل شخص تولّى منصباً في الدولة مع مقارنة بين معاشه والملكيات التي يملكها، وفي حال كان هناك فارق كبير بين الراتب والملكيات يُحال الى القضاء.
وعند تعيين 3 قضاة في التفتيش القضائي مجدداً، اعترض على الآلية التي اتبعتها وزيرة العدل في التعيين، من خلال رفعها 3 اسماء الى مجلس الوزراء، كلّ من الوزيرين: عماد حب الله، منال عبد الصمد، وانضمّ اليهما وزراء آخرون سائلين عن سبب اختيارها 3 قضاة من دون تقديم اسماء أخرى؟ حتى أن دياب خاطبها قائلاً: لماذا لا تأتي الى مجلس الوزراء بمجموعة أسماء ونحن نختار من بينها؟»، فأجابت: «القضاء له خصوصية وهو لا يخضع الى الآليات المتّبعة في الآليات الاخرى». وانتهى النقاش في هذا البند بالأخذ بالاسماء الثلاثة المقترحة التي اقترحتها وزيرة العدل.
وأثار وزير المال موضوع خفراء الجمارك العالقين، فوعده رئيس الحكومة انّ هذا الامر سيدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل.
غجر
وبعد الجلسة أكد وزير الطاقة ريمون غجر لـ«الجمهورية» انّ «اول باخرة فيول وصلت منذ 3 ايام انتهت من تفريغ حمولتها، وينتظر ان تأتي نتيجة الفحوص من دبي ليُباشر العمل فيها، وخلال 48 ساعة سيبدأ التحسّن بنحو ساعتين الى ثلاث ساعات. امّا الباخرة الثانية فتصل الثلاثاء المقبل وستزوّد معملي الذوق العتيق والجية العتيق، وفي الاسبوع الذي يليه ستصل باخرة الغاز اويل لتزوّد الزهراني، دير عمار، صور وبعلبك. عندها نستطيع القول انّ التغذية ستعود الى طبيعتها، وكل هذه البواخر من سوناطراك».
وحول تعيين رئيس مجلس ادارة ومدير عام كهرباء لبنان، اكد غجر «انه يتبع لآلية معينة ليست كآلية تعيين اعضاء المجلس، لأنه موظف. وانا لا استطيع تعيينه بمفردي إنما مجلس الوزراء هو من يعيّنه ويتخذ القرار لأنه موظّف ويتبع لآلية الموظفين من الفئة الأولى ومجلس الخدمة المدنية وغيرها».
وفي سياق متصل افادت اوساط السرايا الحكومية انّ مصارف عالمية، من ضمنها jp Morgan، كانت قد رفضت التأكيد على اعتمادات مالية لبنانية لشراء المحروقات بحجة أنّ لبنان يستورد أكثر مما يحتاج إليه وتهرّب الكميات إلى سوريا، وهذا ما تسبب في أزمة الكهرباء الراهنة لجهة زيادة التقنين.
حتي
وبدوره، اكد وزير الخارجية ناصيف حتي لـ«الجمهورية» انّ الخارجية اللبنانية تتفاوض حالياً مع الدول الاوروبية من اجل فتح مطاراتها في وجه لبنان، جازماً في «أنّ قرار الاقفال هذا ليس سياسياً أبداً 1000 في المئة، بل هو قرار تقني يتعلق بهم. ونفى أن تكون هناك نية لدى السلطات اللبنانية لتغيير الاجراءات في مطار بيروت بعد اصابات كورونا، قائلاً: «كل شيء يسير بحسب خطة فتح المطار، ولن نغيّر من هذه الاجراءات».
وحول اعلان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لو دريان نيّته زيارة لبنان، أكد حتّي أنه تبلّغ ما قاله لو دريان أثناء عودته في الطائرة، لكن لم يفاتحه احد من المسؤولين الفرنسيين بهذا الأمر ولم يحدد لودريان اي موعد رسمي لهذه الزيارة، «فهو فقط أعلن نيته وسننتظر لنرَ».
الحراك الاميركي والاستثناءات
في هذه الاثناء تواصل الحراك الاميركي، وفي هذا الاطار زارت أمس السفيرة الاميركية دوروثي شيا رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، في لقاء جاء غداة استقبال بري قائد المنطقة المركزية الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال كينيث ماكينزي أمس الاول.
وعلم انّ السفيرة الأميركية أبلغت الى بعض المسؤولين اللبنانيين الذين زارتهم أخيراً، وعلى رأسهم رئيس الحكومة حسان دياب، الاستعداد للاطلاع على الاستثناءات التي يقترحونها في خصوص قانون قيصر بغية درسها والتدقيق فيها، انما من دون أن يعني ذلك بالضرورة الموافقة عليها.
ماكينزي
في غضون ذلك، اوضح ماكينزي أنّ هدف زيارته للبنان هو فقط لكي يعرّف عن نفسه لقيادة البلاد ولقيادة الجيش اللبناني، مشيراً الى انه كان قد تمّ تأجيل هذه الزيارة بسبب كورونا و»لكن خاطرنا قليلاً في المجيء لأنني شعرتُ أنه من المهم جداً أن أقوم بهذه الزيارة».
وأكد ماكينزي، في حديث الى قناة LBCI، انّ «الولايات المتحدة ستستمر في دعم الجيش اللبناني بصفته الممثل المسلح الوحيد لحكومة لبنان».
ورداً على سؤال عن مستقبل العلاقات بين الجيشين الأميركي واللبناني، قال: «أعتقد انّ العلاقات تتخطى الجيش لأنها علاقة مشتركة وتؤثر على سلاح الجو اللبناني والبحرية اللبنانية، وهي علاقة عميقة ستتجاوز أيّ اضطراب له علاقة بالسياسة».
تظاهرة امام السفارة
وسيتزامن الاجتماع مع صندوق النقد بعد ظهر اليوم مع دعوة ممثلي الهيئات الطالبية والشبابية من «حزب الله» وحلفائه الى التظاهر عند الرابعة من بعد ظهر اليوم امام السفارة الاميركية في عوكر، إستنكاراً لما سمّاه بيان الدعوة «لتدخلات الإدارة الأميركية وسفيرتها في شؤون لبنان الداخلية، ورفضاً للحصار الأميركي الجائر على الشعب اللبناني، وتضامناً مع الشعب الأميركي ضد العنصرية».
«القوات اللبنانية»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ أسوأ جريمة ترتكب بحق منطق المؤسسات تتمثّل بتجميد التشكيلات القضائية والطعن بقانون آلية التعيينات في الفئة الأولى، فعن اي دولة مؤسسات يمكن الحديث من دون قضاء مستقل وفي ظل إدارة محشوّة بالأزلام والمحاسيب؟ وأيّ إصلاح يرجى طالما انّ ذهنية المحاصصة تتغلّب على كل شيء؟ وايّ مساعدات منتظرة طالما انّ المجتمع الدولي يربطها بشكل مُحكم بالإصلاحات؟».
وأضافت المصادر: «إنّ آخر ما كان يمكن تصوّره هو عرقلة مسار مؤسساتي بدأ مع التشكيلات القضائية وتوِّج مع آلية التعيينات، فإذا كانت الأكثرية الحاكمة ما زالت تُبدي نفوذها على الإنقاذ في لحظة انهيارية غير مسبوقة تستدعي ممارسة مختلف القرارات شكلاً ومضموناً، فكيف ستتصرف في أوقات عادية؟
وإذا كان باستطاعة رئيس الجمهورية ان يحوِّل اي قانون إلى المجلس الدستوري للنظر بدستوريته، ولكن ليس باستطاعة أحد ان يصدر الحكم بعد دستورية قانون معيّن، وان يرسل هذا الحكم إلى المجلس الدستوري لإبطاله. وإذا كانت أكثرية في المجلس النيابي لا تعي ما هو دستوري وما هو غير دستوري، فعلى الدنيا السلام، والتشكيك بالقانون الذي أقرّ غير مقبول».
وختمت المصادر: «من المعيب ان يبقى لبنان حتى اللحظة من دون تشكيلات قضائية ومن دون آلية للتعيينات في مراكز الفئة الأولى، ولذلك لا أمل يرجى بأكثرية أوصَلت البلد إلى الانهيار وتواصل هدم بنيان الدولة، ولا حلّ سوى بانتخابات مبكرة تطيح بهذه الأكثرية لمصلحة أكثرية جديدة تعيد الاعتبار لمنطق الدولة والمؤسسات».
«كورونا»
في الملف الصحّي، عاد ملف «كورونا» الى إقلاق اللبنانيين مجدداً، إذ أعلنت وزارة الصحة أمس تسجيل 66 إصابة جديدة بالفيروس، 44 من المقيمين مقابل 22 من الوافدين، ما رفع العدد التراكمي إلى 1373.
وفي السياق، قالت مصادر طبية لـ«الجمهورية» انّ «عدد الإصابات يفوق العدد المعلن عنه، وانّ الفيروس أصبح خطراً أكثر من السابق».
وفي السياق، كان وزير الصحة قد أعلن بدوره أمس، أنّ «عدد المصابين سيكون صادماً اليوم، لأنّ مغترباً اختلطَ مع محيطه وحضر عرساً وذهب الى المسبح، ولم يأخذ الاحتياطات اللازمة او يلتزم بالحَجر بعد عودته».
وقال حسن لـ«الجمهورية» انه «بعد فقدان الأمل في إمكان التعويل على الضمير الإنساني والمسؤولية المجتمعية لمواجهة وباء «كورونا»، فإنّ هناك توجهاً رسمياً جدياً نحو فرض غرامة مالية مرتفعة وإجراءات قانونية في حق كل من يخالف قواعد الحجر المنزلي ومقتضيات التعبئة العامة، لأنّ هذا التصرف المتفلّت من كل الضوابط ينطوي على تهديد للسلامة الوطنية والصحة العامة».