لا أجواء تفاؤلية في البلاد. التشاؤم سيد الموقف، والسبب خيارات السلطة الحاكمة التي تقفل كل الأبواب بوجه الخيار السليم الوحيد: الإصلاح. وبتهرّب السلطة من الإصلاحات مراراً وتكراراً فإنّ كل الزيارات واللقاءات للموفدين اللبنانيين إلى الخارج أو للموفدين الأجانب إلى لبنان، لن توصل إلى أي مكان. وفي هذا السياق لم تكن زيارة اللواء عباس ابراهيم إلى الكويت على قدر ما رسم لها في بيروت من توقعات إعلامية، إذ لم تحقق الأهداف المنتظرة، لا لناحية جذب الأموال والودائع المصرفية، ولا لإنجاز عقود أو الإستحصال على تسهيلات من أجل إستيراد النفط إلى لبنان، المادة المهددة بالنفاذ قريبًا مع وقف العمل بعقد “سوناطراك” في نهاية العام.
نتيجة الزيارة تقدم إشارة واضحة إلى أن العلاقات مع العالم العربي، والخليجي بالتحديد، لن تعود إلى سابق عهدها بسهولة قبل تغيير الأداء اللبناني. وهذا التغيير المنتظر ينسجم مع موقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بالحياد الإيجابي، ودعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التي تنصّ على حياد لبنان عن الصراعات وإتباع سياسة النأي بالنفس، وهو المطلب نفسه الذي أديته القوى المسيحية التي زارت الديمان، لا سيما القوات اللبنانية وتيار المردة.
البطريرك الراعي سيقرن أقواله بأفعال واضحة التوجهات والمعالم، صريحة المعنى، وهو يصرّ على مبناها. هذه المواقف سيبلغها الراعي لرئيس الجمهورية ميشال عون في لقاء يعقد بينهما بعد ظهر اليوم الأربعاء في قصر بعبدا. سيتوجه الراعي ألى القصر الجمهوري حاملاً رسالة واضحة تمثّل الرأي العام المسيحي واللبناني حول عدم قدرة اللبنانيين على تحمّل السياسات المتبعة التي ستؤدي إلى القضاء على الصيغة اللبنانية ومميزاتها وكل ما تبقى فيها.
يذهب الراعي مدعوماً بموقف كنسي يمتد حتى الفاتيكان، ووطني شامل بفعل اللقاءات التي عقدها في المقر الصيفي في الديمان وفي بكركي كذلك، بالإضافة إلى الحركة الدبلوماسية اللافتة التي شهدها المقر البطريركي، ما يعكس تماهياً في مواقف الكنيسة المارونية والمجتمع الدولي، لا سيما أن وزير الخارجية ناصيف حتي كان قد سمع خلال زيارته إلى الفاتيكان مواقف مشابهة لمواقف الراعي.
وبحسب ما تكشف مصادر متابعة لـ”الأنباء” فإن الراعي سيطرح مع عون كل الملفات الداهمة على الساحة اللبنانية، من الأزمة المالية والمعيشية والإقتصادية، إلى انغماس لبنان السياسي في انقسام المحاور، الأمر الذي يرفضه المسيحيون ولم يعتادوا عليه، وهم يعارضون توجهات الحكومة بالذهاب شرقاً أو بابتزاز المجتمع الدولي، وسيعتبر الراعي أن هذه السياسات تؤدي إلى خسارة المسيحيين لكل مكتسباتهم التي يكرسها الدستور اللبناني والطبيعة السياسية والإجتماعية التي أرسوها في لبنان ربطاً بالنظام الإقتصادي والمصارف والمؤسسات التعليمية والتربوية التي وصلت إلى مراحل خطيرة جداً تهدد مصيرها.
وبحسب ما تشير المعلومات فإن حزب الله تواصل مع رئيس الجمهورية وطلب منه أن يتواصل مع الراعي في سبيل تهدئة خطابه وعدم الإصرار على مبدأ الحياد، لأنه لم يحصل في تاريخ لبنان أن كان على الحياد في قضايا أساسية، لكن من الواضح أن مطلب الحياد حالياً لا يمثل مطلباً لبنانياً فقط إنما هو انعكاس لجملة مواقف عربية ودولية، خصوصاً ان كل المعطيات تؤكد أن جانباً من الأزمة التي يعيشها لبنان هي بسبب عدم التزامه بالحياد الإيجابي والإصرار على الإنخراط في صراعات المحاور.
حكوميا، إجتمع مجلس الوزراء امس، وأقر بند تعيين خفراء الجمارك، بعد طول إنتظار، في وقت يحتاج فيه لبنان لهؤلاء العناصر لمحاولة ضبط الحدود اللبنانية ووقف التهريب، كما يحتاجه الشباب الذين ينتظرون أي فرصة عمل في ظل التدهور الحاصل، والخوف من المستقبل الضبابي. إلّا أن ناجحي مجلس الخدمة المدنية لا زالوا محرومين من حقهم، فبند تعيين الناجحين سقط وما زال عالقا بين أدراج السراي، في ظل رفض الحكومة إقرار هذا البند لعدم إستيفاء التوازن الطائفي، الموضوع الذي عرقل مرور التعيينات منذ زمن.
وتعليقاً على إسقاط هذا البند، رأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أن “الحكومة أخطأت، وهي تعاود أخطاء الحكومة السابقة وتعمل في النهج نفسه”، لافتا إلى أن “الناجحين لا زال حقهم مهدوراً حتى اليوم، وهذا ظلم”.
واستغرب هاشم “تلطي الحكومة خلف شعارات بالية كالحفاظ على الميثاقية والتوازن، فالعودة إلى هذا الأسلوب هو أمر بغيض ومؤسف وإذا كان يدل على شيء فهو لتغطية المحاصصة الحزبية والمناطقية والطائفية، كما أن هذا السلوك يشكل خرقا واضحاً للدستور الذي ينص على التوازن فقط في الفئة الأولى، وليس الرابعة والخامسة”.
وعن إمكانية تمرير البند قريبا إستلحاقا بتعيين خفراء الجمارك، رأى هاشم أن “الملف لن يمر إلّا عند تحقيق التوازن الذي يريدونه، وللأسف، هذه الإرتكابات جميعها تقف حاجزا أمام الإنتقال للدولة المدنية المرجوة التي تحقق عدالة الكفاءة على المحاصصة والإستنسابية”.
في ملف آخر، وبعد أن عانى اللبنانيون على مدى الأسابع الماضية عتمة خانقة جراء النقص الحاد بالفيول، وفراغ الوعود التي أطلقت سابقا، أكان لجهة تأمين المادة أو لعودة التغذية بالتيار الكهربائي، وعد وزير الطاقة ريمون غجر مجددا بعد جلسة مجلس الوزراء بتحسن تدريجي في التيار الكهربائي بدءا من منتصف الأسبوع المقبل.
وفي هذا السياق، أوضح رئيس لجنة الطاقة والأشغال العامة والنقل النيابية النائب نزيه نجم في حديث مع “الأنباء” أن “المشكلة الأساس تكمن في تأخر وصول الشحنات في البواخر، إلّا أننا كلجنة أيضا تلقينا الوعد نفسه من الوزير المعني، على أمل تطبيقه هذه المرة”.
وعن إحتمال الوقوع في العتمة قريبا، كشف نجم عن “إجتماع سيصار إلى عقده الإثنين المقبل بين اللجنة والوزير للإطلاع منه على الملف بالتفاصيل في هذا السياق”.
إلّا أن ما كان لافتا في تصريح غجر بعد الجلسة حديثه عن “تبخّر” مادة الفيول إما عن طريق التهريب، أو التخزين، وقد توقف نجم عند هذه النقطة، مشيرا إلى أن “كلام الوزير في هذا المنحى يدل على فشل المحاولات التي أعلن عنها سابقا في ما خص محاربة الإحتكار أو التهريب”، لافتا إلى أن “جميع الإجراءات غير فعّالة نسبةً للقرار السياسي المنتظر في هذا الملف”.
بدورها مصادر في نقابة أصحاب المحطات في لبنان تحدثت عبر “الأنباء” فقدان مادة المازوت في السوق نتيجة هذه الممارسات المذكورة”، وبعد تواتر أحاديث عن رفع سعر صفيحة البنزين، رجّحت المصادر إرتفاع سعرها اليوم 400 ليرة إضافية مع جدولة الأسعار.
معيشيا، دخلت السلة الغذائية أسبوعها الثاني، دون أن يلحظ المواطنون أي تغيّر جذري في أسعار مختلف المنتجات. وفي حديث له مع “الأنباء”، أوضح نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن “نتائج السلة تحتاج إلى أسبوعين أو ثلاثة للمس تغير حقيقي، إذ أن عددا من الشحنات لم تصل بعد، كما أن وجود أسعار مختلفة في السوق يعود إلى وجود سلع قديمة غير مدعومة، يعود تاريخها إلى ما قبل العمل بالسلة، لكن مع الوقت، وبحال إستمرت الأمور في ما هي عليه، فنحن بإنتظار أن نشهد التغيير المطلوب
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : الحكومة تحرم الناجحين في مجلس الخدمة المدنية من التعيين حزب الله طلب من عون… الراعي في بعبدا بمواقفه