الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: واشنطن مجدداً: حكومة غير خاضعة لـ”حزب الله”
flag-big

النهار: واشنطن مجدداً: حكومة غير خاضعة لـ”حزب الله”

كتبت صحيفة “النهار” تقول: تضع “القفزات” المتعاقبة في عدّاد الاصابات بفيروس كورونا المستجد والتي سجّلت رقماً مقلقاً جديداً أمس بلغ 91 اصابة، مجمل الواقع الداخلي تحت وطأة المخاوف البالغة الجدية التي يفرضها التمدد الوبائي بما بات يصعب معه على الحكومة المضي في الاجراءات العادية المتبعة والقيام بأقصى سرعة بما يمليه تمدد الخطر. وإذا كان ملف التمدّد الوبائي أخضع منذ البداية لتمايز في التعامل مع الحكومة ووزارة الصحة العامة وعزل الى حد بعيد عن المناخات السياسية، فإن هذا التمايز يبدو كأنه فقد مفاعيله تماماً بعدما تمادت الحكومة نفسها في التراخي مع موجبات التشدّد المطلوبة خصوصاً بعد اعادة فتح مطار رفيق الحريري الدولي، كما أن المناخات السلبية التي تسبّبت بها الحكومة ورئيسها حسان دياب في اتباع نهج رمي التبعات والمسؤوليات على المعارضين والحكومات السابقة وغسل أيديهما من التقصير والعجز والتخبّط لن يبقي أمام الحكومة أي هامش للتهرب من مسؤوليتها في استدراك الخطر المحدق باللبنانيين في أقصى سرعة.

ومع أن الأوساط الوزارية على اختلاف اتجاهاتها تؤكد أن لا خلافات داخل الحكومة على الاستمرار في فتح الاقتصاد والخدمات والمطار لأن العودة الى الإقفال مكلفة جداً ولا يمكن لبنان تحملها وسط تصاعد أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فإن ذلك لم يحجب بدء تصاعد أصوات وزارية بضرورة اعادة النظر في الإجراءات اللازمة لمنع اتساع الانتشار الوبائي الى حدود تهدد بخروجه عن السيطرة، وتالياً ضرورة الكف عن سياسة الانكار ووضع خطة جديدة لئلا تنزلق البلاد نحو السيناريوات الأشد خطورة.

وترى أوساط سياسية معارضة للحكومة أن ملف كورونا بات بين أيدي الحكومة الحالية ينذر بأن يتطوّر الى حالات مشابهة للأزمات الأخرى المتفاقمة، وهو الأمر الذي لم يعد جائزاً السكوت عنه، خصوصاً أن رئيس الحكومة يمارس أسوأ وجوه السياسات من خلال دوامة هجماته الكلامية الخشبية على المعارضة والخصوم ومحاولات إلهاء الناس بمعارك وهمية “دونكيشوطية”، فيما تنزلق البلاد أكثر فأكثر بفعل هذا القصور الحكومي والرسمي والسلطوي الهائل نحو مزيد من الانهيارات. وتقول الأوساط المعارضة نفسها إن الوضع العام سواء من خلال الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتصاعدة أو من خلال أزمة التمدّد الوبائي لكورونا، بات ينذر بمؤشرات بالغة الخطورة بما يتعيّن معه القيام بتحركات سياسية ومدنية ضاغطة جداً، علماً أن الحكومة تلقّت في الفترة الأخيرة ما يكفي من رسائل خارجية ضاغطة لإفهامها بأن طريق الحصول على الدعم الخارجي مفتوح في اتجاه واحد هو الاصلاحات أولاً ولا دعم قبل الاصلاحات. وجزمت الأوساط أن الحكومة باتت تسمع مضموناً واحداً دولياً سواء من الدول الغربية أو الخليجية في هذا الشأن ولا امكان تالياً لرئيس الحكومة للمضي في سياسة افتعال معارك وهمية مع أحد وتكبير الحجر بالحديث عن مؤامرات فيما حكومته لم تفتح واقعياً بعد ملفاً اصلاحياً واحداً وتنجزه.

بومبيو مجدداً
وبرز أمس موقف أميركي جديد ربط أي مساعدة خارجية للبنان بالاصلاح “وعدم الخضوع لتأثير حزب الله”. فقد صرح وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بان صندوق النقد الدولي سيوفّر التمويل اللازم للحكومة اللبنانية إذا قدّمت برنامجا إصلاحياً”.

وقال: “المطلوب وقف الفساد والمطلوب حكومة غير خاضعة لتأثير “حزب الله” الارهابي، وعندما تظهر حكومة كهذه، سيساعد العالم وصندوق النقد الدولي لبنان، للتوصل الى خطة إصلاح ترضي اللبنانيين، وهذا موقف الادارة الأميركية الحالية والمقبلة”.

عون والراعي
وسط هذه الأجواء استرعى اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس في قصر بعبدا اهتمام الأوساط السياسية في ظل الاستقطاب الواسع الذي أثارته مواقف البطريرك الراعي في الأسبوعين الأخيرين بعدما أطلق نداء الى رئيس الجمهورية للعمل على فك الحصار عن القرار الشرعي كما ناشد الأسرة الدولية المساعدة في تحييد لبنان. وعلمت “النهار” أن البطريرك شرح للرئيس مضمون موقفه وأهدافه والطرح الذي قدّمه في موضوع حياد لبنان وقال إن هذه الفكرة لا تستهدف أي فريق في لبنان بل تحييد لبنان عن الصراعات. وجرى نقاش في الموضوع وأكد الرئيس عون أن التوافق بين المكونات اللبنانية هو الأساس لأي خيار يتناول الواقع اللبناني. واعتبر أن الوفاق الوطني هو الضمان الأساسي لأي حل للأزمة اللبنانية. وأوضحت أوساط بعبدا أن لا خلاف بين رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي بل تباين في وجهات النظر. وأشارت الى أن البحث بينهما تناول قضايا عدة منها موضوع المدارس والمواضيع المعيشية.

وصرح البطريرك بعد اللقاء بأن “الحياد لا يعني أن أتنحى جانباً ولا أتعاطى أي أمر. بل المقصود الحياد الإيجابي المفيد والناشط، حيث أن لبنان اذا ما تمتع بنظام حيادي يشبه سويسرا والنمسا وفنلندا والسويد، فهو يلتزم القضايا العامة للعالم العربي من دون الدخول في الصراعات السياسية والعسكرية أو في أحلاف، لكنه يكون المدافع الأول والمعزّز للعدالة والسلام والتفاهم في القضايا العربية والدولية. بالإضافة طبعاً أننا نستثني دائماً إسرائيل التي بيننا وبينها عداوة. ولبنان يحمل القضية الفلسطينية بكاملها لأنها قضية حقوق للفلسطينيين، كذلك الأمر بالنسبة الى القضايا العربية المشتركة البعيدة عن الشؤون السياسية والعسكرية، فيكون لبنان المعزّز لها. ولا ننسى أن لبنان كان طوال تاريخه يلعب دور الجسر الثقافي والحضاري والاجتماعي بين الشرق والغرب، بيننا وبين أوروبا. وقد حملنا تراث الشرق الى الغرب وأتينا بتراث الغرب الى الشرق. هذا هو لبنان ودوره الذي لا يمكنه أن يقوم به اذا لم يكن حيادياً”.

وقال: “إن لبنان حيادي بطبيعته وانطلاقته، من دون أن يكون ذلك مدوّناً في نصوص…. ولا يجب اعتبار الحياد موجهاً ضد أحد على الاطلاق، بل هو لصالح جميع اللبنانيين، وجميع الفئات والأحزاب والمكوّنات اللبنانية لأنه يجلب الاستقرار السياسي الى الوطن. عندها يكون لدينا النمو الاقتصادي والتجاري والاجتماعي والمالي. وما من أمر بإمكانه إنهاضنا من الوضع الذي نحن فيه اليوم بما فيه من أزمة اقتصادية الى جانب الفقر وغير ذلك الا الحياد. ولأننا نعيش هذه الفترة من الفقر والبطالة والحاجة، بات الباب مشرّعاً للجميع لكي يتدخلوا عندنا. ومع الأسف، هناك الكثير من التدخلات الخارجية من هنا وهناك، وهي تقوم بدفع الأموال لجماعات وتنشىء جمعيات لها، وكأن البلد أصبح سائباً. لا، لبنان ليس سائباً. ونحن عندما نتكلم على الحياد، فهذا يعني أن هناك دولة قوية وجيش قوي، لأن من أول شروط نظام الحياد أن تكون الدولة قادرة على حماية نفسها بنفسها اذا ما اعتدى أحد عليها… هذه المفاهيم ليس حولها أي اشكال حولها مع فخامة الرئيس، وهو من أوّل المنادين بها. البعض اعتقد كأننا نغني في اتجاه فيما رئيس الجمهورية هو في اتجاه آخر، لدرجة أن كثيرين قالوا إن هناك خلافاً ما. إن الرئيس هو أوّل مُطالب بالحياد وفق المفاهيم التي شرحتها الآن”.

والتقى الراعي في بكركي مساءً النائب نهاد المشنوق الذي قال: “أننا في حصار كامل وأزمة كبيرة والنقاط الثلاث التي طرحها البطريرك الراعي هي المسار الوحيد المتاح لفتح كوة في هذا الحصار على البلد والشرعية”.

ورأى أن “الحكومة غير قادرة على القيام بأي إصلاح وكل الجهات الدولية تقول كلمة واحدة وهي الاصلاح وحتى الحكومات السابقة لم تقم بأي اصلاح جديد”.

وأكد أن “لا حل الآن الا بالجلوس طاولة حوار حول النقاط التي طرحها البطريرك الراعي فالأزمات هي الوحيدة القادرة على خلق استراتيجيات جديدة”.

“الجبهة المدنية الوطنية”
في غضون ذلك، بدا أن الانتفاضة تتحفّز لاطلاق مبادرات جديدة متعاقبة من شأنها إعادة ضخ الحركة الشعبية بجرعات منشّطة جديدة. فتحت عنوان “الثورة مستمرة”، تلاقى أمس في فندق “هيلتون” عدد من ناشطي ثورة 17 تشرين ومجموعاتها وقادة الرأي من أكاديميين وقضاة وسفراء سابقين وضباط متقاعدين وأطلقوا “الجبهة المدنية الوطنية” إطاراً وطنياً جامعاً لتنسيق العمل وتوحيد الجهود للوصول إلى تحقيق مطالب الثورة”. وتُلي في اللقاء نصّ وثيقة تأسيسية تشدّد على ثوابت: تشكيل حكومة مستقلة، وإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة، وبناء قضاء مستقل، وتنفيذ إصلاحات بنيويّة وقطاعيّة، والتشبّث بالسيادة اللبنانية، وتثبيت مسار الدولة المدنية، وبناء اقتصاد وطني منتج ومستدام في خدمة المواطن. ثم عقدت خلوة للمشاركين لمناقشة آليات المتابعة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *