كتبت صحيفة ” الأنباء ” الالكترونية تقول : فيما البلاد تحتضر على سرير الانهيار، ومن يديرون عملية الإسعاف الأخيرة لا يفقهون البتّة في ما هم فاعلون، بل همّهم البحث عما يمكن انتزاعه من أعضاء الجسد المريض، تتقدم المشهد السياسي محاولات من خارج منظومة الحكم تسعى بإخلاص الى ضخ الأوكسيجن في رئتي لبنان عن طريق الحراك الرامي الى تكريس ابتعاد لبنان عن الصراعات التي دمّرت العالم العربي والشرق الأوسط وهي تخنق اللبنانيين حتى الموت.
وفي صلب هذا الحراك يواصل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التشدد في المطالبة بحياد لبنان، وقد جاءت زيارته الى القصر الجمهوري للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في اطار المتابعة لمواقفه وخلفياتها ومضمون مبادرته لتحييد لبنان، على اعتبار أن رئيس الجمهورية بحكم موقعه مخوّل بحث هذه المبادرة مع القوى السياسية كافة، بمن فيها حزب الله.
وفي الوقت الذي كشفت فيه مصادر بعبدا عبر “الأنباء” عدم انزعاج الرئيس عون من مبادرة الراعي، أكدت أنه على استعداد لتبنيها بشرط موافقة كل القوى عليها، واعداً بمناقشتها مع كل الفرقاء السياسيين في أقرب فرصة ليبنى على الشيء مقتضاه.
وفي الوقت الذي أعلن فيه الراعي أن الحياد ليس موجّهًا ضد أحد وأن هدفه تحييد لبنان عن الصراعات الدائرة من حوله وأن لا خلاف بينه وبين رئيس الجمهورية على مفهوم الحياد، مشدداً على مبدأ الحياد الايجابي المفيد بعيداً عن الاحلاف، أفادت مصادر بكركي عبر ”الأنباء” ان الراعي يزور الفاتيكان الاسبوع المقبل ليضع البابا فرنسيس في تفاصيل مبادرته بهدف تبنيها والعمل على تحقيقها مع الدول صاحبة القرار كي يصبح لبنان مشابها لكل من سويسرا والنمسا والسويد. وذكرت معلومات خاصة بجريدة “الأنباء” أن موقفاً في هذا الصدد قد يصدر عن الحبر الأعظم.
وشددت مصادر بكركي على ان مبادرة الراعي ليست موجهة ضد حزب الله او الثنائي الشيعي او ضد اي فريق لبناني، فحياد لبنان بالنسبة لبكركي اصبح اليوم بمثابة الكي بالنسبة للمريض الذي يعجز الاطباء عن علاجه، كاشفة ان بكركي عندما وجدت ان لبنان قد يخسر هويته الوطنية بين من يطالب بارتباطه بهذا المحور او ذاك وأن الحكومة أعجز من ان تقوم بأية مبادرة على هذا الصعيد لصون سيادته واستقلاله بسبب التخبط الذي تعانيه للخروج من الأزمات المتفاقمة وعدم شروعها في الاصلاح المطلوب، أطلقت هذه المبادرة وقد ناشد الراعي رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور لتحقيقها.
مصادر بكركي قللت من أهمية قيام جبهة معارضة لهذه المبادرة، معتبرة ان مصلحة لبنان العليا يجب ان تكون فوق المصالح الخاصة والفئوية.
من جهتها، مصادر “القوات اللبنانية” استبعدت في اتصال مع “الأنباء” تشكيل جبهة معارضة لمطلب الحياد الإيجابي “لأن أي فئة تعلن معارضتها له انما تعني بذلك انها ستكون متورطة في الصراعات”، معتبرة ان “على حزب الله مراجعة حساباته والعودة الى كنف الدولة والعمل على ايجاد مخرج مقبول لموضوع السلاح، لأن في حياد لبنان مصلحة للجميع، فاذا كانت الحكومة لا تستطيع القيام بالاصلاحات المطلوبة فعلى الأقل يجب التأكيد على الحياد وتأييد مبادرة الراعي من أجل حصول لبنان على المساعدات المطلوبة”.
مصادر “تيار المردة” أيّدت مطالبة الراعي بالحياد، وقالت عبر “الأنباء”: “الحياد مطلب الجميع بمن فيهم حزب الله، لأن البلد في وضع مأزوم ما يفرض على كل القوى السياسية اعطاء صورة للعالم أننا متفقون اقله على حياد لبنان الذي يعني كل اللبنانيين دون استثناء”.
على صعيد آخر، وفي الوقت الذي تنتقل فيه الحكومة من فشل الى آخر، ولا تجيد منذ لحظة تشكيلها سوى الهروب الى الامام، وفيما رئيسها حسان دياب يعيش “فوبيا” المؤامرات والانقلاب على حكومته ومنعها من تحقيق الاصلاحات المطلوبة، وقّع وزير الاشغال العامة والنقل ميشال نجار على قرار رفع تعرفة النقل، متساويا بذلك مع زميله وزير الاقتصاد راوول نعمة الذي رفع قبل أسبوعين سعر ربطة الخبز، في وقت لا يزال فيه الحد الأدنى للأجور يراوح مكانه من دون أي جهود لتحقيق اي اصلاحات تحقق النمو الاقتصادي من جديد. وهو الأمر الذي أثاره “اللقاء الديمقراطي” بعد اجتماعه برئاسة النائب تيمور جنبلاط حيث دعا الى درس زيادة سلفة غلاء معيشة لموظفي القطاع العام بشكل مدروس بالتوازي مع إقرار اقتراح القانون المقدم من اللقاء لإنشاء صندوق بطالة لدعم موظفي القطاع الخاص.
وفي هذه الأثناء، عادت أزمة النفايات لتطل برأسها من جديد بعد الاضراب المفتوح للعاملين في جمع وكنس النفايات وغالبيتهم من جنسيات أجنبية على خلفية مطالبتهم بقبض رواتبهم بالدولار، فكانت النتيجة ان تكدست النفايات من جديد في الشوارع في بيروت والمتن وكسروان، في مشهد عاد بذاكرة اللبنانيين الى العام 2015 حين غرقوا بالنفايات على مدى أشهر.
مصادر حكومية رمت في اتصال مع “الأنباء” المسؤولية على متعهدي جمع النفايات، واتهمتهم بتنفيذ “بمؤامرة” اغراق البلد بالنفايات من أجل مآرب خاصة، مهددة إياهم “بعدم الرضوخ” لشروطهم مهما كلف الأمر مع تحميلهم ما ينتج عن هذه الأزمة من عطل وضرر.