كتبت صحيفة النهار تقول: قد يكون الاستحقاق الأكثر الحاحاً الذي يواجه الحكومة كلا في الأسبوع الطالع هو مواجهة تحدي الاحتواء السريع والحتمي للانتشار الوبائي لفيروس كورونا بعد أسبوع القفزات الكبيرة والمقلقة التي وضعت لبنان على مشارف مرحلة التفلت الخطير وكان أخر ارقام العداد أمس سجّل 75 إصابة.
وإذا كان هذا الاختبار يشغل الحيز الكبير من الاهتمامات الطارئة وسط ترقب الإجراءات التي أعلن وزير الصحة انها ستتخذ وستعلن الاثنين المقبل في ظل التطورات المقلقة التي حصلت، فإنّ ذلك لم يحجب الجوانب السياسية والاقتصادية والمالية من التأزم الداخلي، علماً أنّ الأسبوع المقبل سيشهد أيضا محطة بارزة تتمثل في اول زيارة منذ بدء جائحة كورونا لمسؤول غربي وأوروبي كبير هو وزير الخارجية الفرنسي إيف لو دريان لبيروت الذي يصل الأربعاء المقبل، ويرجح ـن تستمر زيارته الى الجمعة، وتتسم لقاءاته ومحادثاته مع الرؤساء الثلاثة والمسؤولين الرسميين والسياسيين بأهمية كبيرة نظراً الى المواقف المتقدمة التي اتخذها من الازمة اللبنانية في شهادته الأخيرة امام مجلس الشيوخ الفرنسي.
وتتضاعف أهمية زيارة لو دريان لبيروت في هذه اللحظة المشحونة باستحقاقات داهمة في اعتبار أنّ فرنسا هي الدولة الأكثر انخراطاً والتزاما حيال الوضع اللبناني سواء في الجانب المتصل بالازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تضربه في العمق او في استحقاق آخر يبدو انه سيشكل هما ضاغطا إضافيا ويتعلق باستحقاق التمديد للقوات الدولية في الجنوب اليونيفيل في نهاية آب المقبل. وهو استحقاق يشهد شد حبال متصاعد بين الولايات المتحدة من جهة والدول الأوروبية والصين وروسيا من جهة أخرى على خلفية الضغط الأميركي لتعديل مهمات اليونيفيل وجعلها اكثر فعالية، الأمر الذي يثير احتمالات مختلفة حيال طبيعة التمديد المقبل اذا كانت الخلافات الدولية ستتفاقم حول الموقف الأميركي .
وسط هذه المناخات، لم يكن مستغرباً أن تثير المواقف الجديدة التي اعلنها رئيس الحكومة حسان دياب من الديمان بعدما قام بزيارة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مزيدا من الإشكاليات والتساؤلات، بل والانتقادات لرئيس الحكومة. واذا كانت الزيارة شكلت بذاتها خطوة إيجابية لتوسيع الحوار بين اركان السلطة والبطريرك حول طرحه في شأن حياد لبنان فان ذلك لم يخف أولا التباين الواضح بين البطريرك ورئيس الحكومة في هذا الموضوع وهو ما ترجمه دياب بأعلانه بعد اللقاء أنّ موضوع الحياد “هو سياسي بامتياز وفي حاجة الى حوار وطني شامل يجمع عليه كل الأطراف السياسيين وان موضوع تأييد طرح البطريرك يتطلب وضوحا لان هناك أطرافا يؤيدونه وآخرين يعارضونه لذا لا نتخذ أي موقف من الحياد قبل معرفة الأبعاد”. وإذ اعتبر دياب أنّ “مقولة ان الحكومة هي حكومة حزب الله أصبحت أسطوانة مكسورة ولم تعد تمر على احد” اعلن انه “لن يستقيل اذ في حال استقالت الحكومة فالبديل غير موجود وسنستمر في تصريف الاعمال لسنة او ربما لسنتين وهذه جريمة بحق البلد واللبنانيين”. اما في شأن الإصلاحات التي يزعم ان حكومته نفذتها فقال دياب: “بدأنا بتطبيق الإصلاحات من اول أيار والجمهور اللبناني لا يعرف عنها شيئا وهذا تقصير منا”.
وبدا واضحاً أنّ حوار طرشان يطبع النقاش بين الراعي والسلطة حول موضوع الحياد بدليل ان البطريرك اعلن مساء خلال ترؤسه قداساً في مسقط القديس شربل بقاعكفرا، عشية عيد القديس، تقدم الحضور السياسي فيه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وزوجته النائبة ستريدا جعجع “ان البعض فهم الحياد بكل مفاهيمه، والبعض الاخر لم يفهمه ولبنان مدعو بحكم جغرافيته وطبيعته ان يلتزم مبدأ الحياد والموضوع ليس سياسيا ولا حزبيا ولا طائفيا”. واكد ان نظام الحياد فيه شرف اللبنانيين وكرامتهم وعلى لبنان ان يكون منفتحا على الجميع ومعطاء وسخيا يحترم الكرامة البشرية والحريات”.
ووسط التخبط الذي طبع المعطيات الأخيرة حول مصير الخطة المالية التي وضعتها الحكومة، وأطلقت على أساسها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أعلنت أمس المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في حديث الى محطة “الحدث”، “اننا لم نتوصل الى اتفاق مع حكومة لبنان” وأكدت أن “المشاكل الهيكلية في القطاع المصرفي وعدم وجود رؤية موحدة سبب التلكؤ في المباحثات”.