كتبت صحيفة الديار تقول: ماذا ستفعل الحكومة لتضخ دماً جديداً في مفاوضاتها المتعثرة مع صندوق النقد؟ وما هي حقيقة الاتجاه لتعديل خطتها المالية والاقتصادية للدفع بهذه المفاوضات؟
المعلومات المتوافرة لـ”الديار” من مصدر مطلع على نتائج الاجتماعات المالية الاخيرة التي ترأسها رئيس الحكومة وآخرها الخميس الماضي تفيد بأن هناك توجها لما وصف بتحسين الخطة والتوصل الى مقاربات مشتركة حول الحسابات والارقام في ضوء ما توصلت اليه لجنة المال النيابية وما سيتبلور في هذا الصدد الاسبوع المقبل من خلال الاستعانة مجددا بالاستشارات المالية والاجتماعات والمناقشات التي يترأسها الرئيس دياب.
وقد أعلن رئىس الحكومة أمس في هذا الصدد عن “أن ردة فعل صندوق النقد ايجابية وقد طوينا صفحة الخسارات وبدأنا الحديث عن البرنامج، وهناك لجنة تبحث الموضوع ولديها اجتماعات مكثفة الاسبوع المقبل”.
وقال مصدر وزاري في هذا المجال “ان الحكومة عازمة على حسم هذا الموضوع، أي موضوع الخطة والمقاربات في الحسابات في اسرع وقت ممكن”، ولم يستبعد ان يحمل الاسبوع المقبل بشائر ولوج هذا الحسم.
وأشار الى ان وزير المال غازي وزني بدأ درس التحسينات على الخطة ومناقشة هذا الموضوع مع مكتب الاستشارات القانوني، وسيكون هناك بحث دقيق ايضا مع شركة لازارد خلال الايام القليلة المقبلة.
وعلمت “الديار” ايضاً، حسب مصادر مطلعة، ان هذه المناقشات لا تمسّ بناء وعناصر الخطة الأساسية والاصلاحات التي وردت فيها، أكان على صعيد الاصلاحات المالية والاقتصادية أم على صعيد القوانين الاصلاحية التي شرع مجلس النواب بدرس بعضها عبر لجانه النيابية.
واضافت المصادر ان النقاش يتركز على توحيد المقاربات والحسابات كما بدأ منذ فترة، مشيرة الى ان الجهود التي بذلها مجلس النواب وما توصلت اليه لجنة المال يؤخذ بالاعتبار في هذه العملية الناشطة، خصوصاً أن ما تم التوصل اليه في اللجنة كان بحضور ومشاركة ممثلي الحكومة.
وخلصت المصادر الى القول ان هناك اجواء إيجابية بدأت تظهر على هذا الصعيد، وإن الامور تتجه الى اقرار مقاربات ورؤية مشتركة لها، ما يوحد موقف لبنان في المفاوضات، وبالتالي يعزز وضعه مع صندوق النقد.
وحسب المصادر ايضاً، فإن المفاوضات مع الصندوق لم تتوقف أو تجمد كما يتراءى أو يصوّر البعض، بل يمكن وصفها بأنها ابطئت بانتظار الانتقال الى مرحلة ثانية بعد توحيد وتعزيز الموقف اللبناني.
صندوق النقد: لا تقدم لكننا ملتزمون مع لبنان
في هذا الوقت، وصفت مديرة صندوق النقد الدولي الوضع الاقتصادي في لبنان بأنه “صعب جداً ويحتاج للقيام بإصلاحات صعبة لتجاوز أزمته، ولم نحقق بعد أي تقدم في المفاوضات مع لبنان لكننا سنبقى ملتزمين معه”.
واكدت اننا “نواصل انخراطنا مع الحكومة اللبنانية لكننا لم نتوصل بعد الى اتفاق”. وقالت اناشد اللبنانيين العمل على وحدة الهدف لنتخذ اجراءات اعادة التوازن للاقتصاد”.
زيارة لودريان
من جهة اخرى، تبرز الاسبوع المقبل الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لوريان للبنان والمشاورات التي سيجريها مع كبار المسؤولين اللبنانيين والتي ستتركز حول الخطوات التي تراها باريس مدخلا اساسيا لمواجهة الازمة الاقتصادية والمالية، وفي مقدمها الاصلاحات المطلوب تنفيذها من قبل الحكومة اللبنانية.
وسبق الزيارة اعلان الوزير لودريان عن قلقه من الوضع القائم في لبنان، وتشديده على وجوب الاسراع في الخطوات الاصلاحية، مجددا استعداد فرنسا للمساعدة في اطار السياسة التقليدية التي تتبعها تجاه لبنان.
البطريرك والحياد
على صعيد آخر، بقي موضوع دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى “حياد لبنان الايجابي” يتفاعل على الساحة السياسية، خصوصاً بعد تدخلات خارجية وإيحاءات باستثمار هذه الدعوة ونقلها الى محافل دولية.
والبارز أمس زيارة رئيس الحكومة الى الديمان ولقاؤه الراعي في زيارة وصفتها مصادر وزارية بأنها تندرج في اطار التشاور المفتوح مع بكركي حول الاوضاع، لا سيما الاقتصادية والمالية والمعيشية في ضوء المواقف الاخيرة للبطريرك الماروني ورفع الصوت من اجل تعزيز الجهود لإنقاذ لبنان وإخراجه من محنته.
ولفت في تصريح دياب مع اللقاء قوله “ان موضوع الحياد هو سياسي بامتياز، وعلى مدى عقود طويلة لبنان كان نقطة تلاق، وهذه الميزة هي أحد مصادر إثراء لبنان، وهذا الموضوع يجب ان يكون مركز حوار بين كل الجهات السياسية ليكون الموضوع جامعا لا مفرقاً”.
ويتطابق هذا الموقف مع موقف رئيس الجمهورية ميشال عون الذي ركز على التوافق في مثل هذه المواضيع، مشددا في الوقت نفسه على تجنب التعاطي مع الأمر بطريقة تساهم في إحداث مزيد من الخلافات والتشرذم.
وبعد اللقاء ايضا، جدد البطريرك الراعي القول “ان خلاصنا بالحياد، وهو السبيل لنعيش البحبوحة مجدداً، ونحن نعيش في باخرة واحدة، وهذا باب الحل والخلاص”.
واضاف: “ستكون هناك مؤتمرات حوار لاجل تبديد كل التفسيرات، فما نحن بصدده هو الحياد بمفهوم وطني وقانوني، ولا يجب ان يفهم كل شخص الحياد على طريقته”، مؤكداً ان الهجوم الشخصي عليه لا يؤثر فيه فهو يقول الحقيقة ويقوم بواجبه.
وذكرت مصادر مطلعة في هذا المجال ان فكرة الحياد التي يطرحها البطريرك الراعي ليست مجرد رأي او موقف يمكن الاخذ به او تجاهله، وهو مسألة مرتبطة بنقاش وحوار واسع حول مفهوم الحياد وأهدافه.
واشارت الى ان هناك اجواء تؤشر الى ان مصير هذا الطرح هو مشابه لمصير مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، وبالتالي مرتبط بمسار طويل من النقاش والحوار ولا يمكن البت به في فترة قصيرة، خصوصاً في ظل الظروف الضاغطة على لبنان.
وسألت “الديار” مصدراً سياسياً في الثنائي الشيعي عن الموقف من دعوة البطريرك الراعي الى الحياد فاكتفى بالقول: “لا تعليق، نحن نقرأ ونسمع ولكننا لا نرغب بالتعليق على هذا الموضوع”.
وقال مصدر في 8 آذار لـ”الديار” ايضاً “الى أين يمكن ان تنتهي مثل هذه الدعوة، وما هي آفاق مثل هذا الموقف”؟
وحول محاولات البعض استثمار موقف البطريرك الماروني وإثارة دعوته او نقلها الى المحافل الدولية، قال المصدر “هذا امر مثير للاستغراب والتعجب، وعلى كل حال نعتقد ان هذه المحاولات هي للاستهلاك السياسي، والمعادلة اليوم غير تلك التي كانت مع الوجود السوري في لبنان”.
دياب: لن استقيل
وفي مجال اخر، اطلق الرئيس دياب من الديمان سلسلة مواقف ابرزها تأكيده “أن القول ان حكومتي هي حكومة حزب الله اصبحت اسطوانة مكسورة”.
وردا على سؤال قال “لن استقيل لأن البديل لن يكون موجودا لفترة طويلة، وستكون هناك حكومة تصريف اعمال لسنة او سنتين، وهذه جريمة بحق لبنان واللبنانيين. اما مجلس النواب فهو سيد نفسه وبامكانه طرح الثقة بالحكومة”.
واشار الى “أن هناك موجة قوية من الداخل والخارج تضرّ ليس بالحكومة ولكن بلبنان، ولا تسقط الحكومة بل تسقط لبنان”.
نجم تتعهد للجنة العدل بمتابعة الملفات المقدمة من فضل الله
على صعيد آخر، علمت “الديار” من مصادر نيابية مطلعة انه في الجلسة الأخيرة للجنة الادارة والعدل برئاسة رئيسها النائب جورج عدوان وعدت وزيرة العدل ماري كلود نجم بشكل قاطع متابعة كل الملفات التي قدمها النائب حسن فضل الله المتعلقة بالفساد لدى القضاة المعنيين، وانها ستتخذ الموقف المناسب تجاه اي تقصير وتحيل القاضي المقصّر الى التفتيش القضائي.
وجاء موقف الوزيرة نجم بعد ان اثير خلال اللجنة موضوع التقصير في متابعة الملفات المقدمة من النائب فضل الله، وسأل رئيس اللجنة عدوان وزيرة العدل عما فعلته في هذا الشأن، موضحا انه كان سلم نجم جدول هذه الملفات التي كان تسلمها هو شخصياً من النائب فضل الله من خلال اقراص مدمجة وجدول مبوب بالملفات المذكورة.
واوضح عدوان للوزيرة انه حرص على تسليمها الجدول باليد من اجل متابعة كل أخباره ومصيره، مشيرا الى اننا لم نقصر في هذا المجال وكنا ننتظر منك المبادرة الى متابعة فورية لهذا الموضوع، ولم نتلق منك اي جواب.
وبعد مداخلات نيابية، اكدت وزيرة العدل امام اللجنة انها تتعهد وتلتزم متابعة كل الملفات لدى القضاة المعنيين، واذاما حصل تأخير بمدة محددة سألجأ الى خيار التحويل للتفتيش القضائي.
وهنا قال لها النائب علي حسن خليل “كان المفروض اتخاذ مثل هذا الموقف من البداية”.
وتوجه نائب آخر لها بالقول: “انت يا معالي الوزيرة مسؤولة امام المجلس النيابي، فالوزير المعني هو المسؤول امامنا وليس القاضي.
وبنتيجة النقاش جرى التأكيد على المتابعة الفورية لهذه الملفات والمستندات المتعلقة بالفساد المقدمة من النائب فضل الله.
وعد جديد لغجر: عودة للكهرباء الاربعاء
وفي غمرة هذا المشهد المأزوم والمعقد سياسيا واقتصاديا، بقي لبنان امس أسير العتمة ولم يطرأ على نظام التغذية بالكهرباء اي تحسن يذكر، وسجلت في بعض المناطق زيادة ساعتين بالتغذية بينما لم تنعم مناطق اخرى إلا بزيادة ساعة واحدة.
وجدد وزير الطاقة ريمون غجر الوعود بالتحسن التدريجي، وقال في حديث اذاعي انه يقدّر ان يعود وضع الكهرباء الى طبيعته بدءا من يوم الاربعاء المقبل مع وصول البواخر الثلاث للفيول والغاز، بالاضافة الى وصول باخرة المازوت التي تفرغ حمولتها في مرفأ طرابلس ليتم البدء بتسليم هذه المادة ابتداء من اليوم.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: خطة الحكومة لـ التحسين لا للتعديل… وأسبوع حاسم لرؤية موحّدة للأرقام دياب من الديمان: الحوار يحكم الحياد ولن أستقيل في غياب البديل الراعي يحسم التأويلات: مؤتمرات حوار لتبديد كل التفسيرات