مع تمسّك اللبنانيين بحبال الهواء، علّهم ينجون من الغرق، فإن رجاءهم هو أن تشكّل مواقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي طوق النجاة المنشود، إذا ما تلاقى المعنيّون في مواقع المسؤولية والقرار على الحد الأدنى مما يطالب به السواد الأعظم من اللبنانيين، وهو الحياة الطبيعية بعيداً عن الصراعات التي لا طائل منها.
وفيما يصرّ البعض على تشويه مطلب الحياد الإيجابي، وتخوين المطالبين به تحت ذرائع تفسير مفهومه، فإن التأكيدات توالت من كل مؤيّدي هذا المطلب بفصله عن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وبوجه عدوانيّته.
وفي انتظار وصول وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إلى بيروت يوم الأربعاء المقبل، والذي يحمل في جعبته سلةً من النصح للمسؤولين بضرورة تطبيق الإصلاحات المطلوبة، كشرطٍ أساسي لموافقة صندوق النقد الدولي على مساعدة لبنان للخروج من أزمته، فإن الهمّ الصحّي عاد ليتقدم إلى واجهة الأولويات في ظل الارتفاع المطّرد للإصابات بفيروس كورونا والذي تفلّت بتفلّت الإجراءات وغياب الالتزام، وهذا ما يُملي على الحكومة أن تأخذ تدابير جديدة للحد من انتشار الوباء على مساحة لبنان.
مقرّر لجنة الصحة النيابية، النائب ماريو عون، أكّد أن زيادة الإصابات بكورونا تشكّل قلقاً كبيراً، لافتاً إلى ”وجود استهتار ناتج عن عدم التحسّس بالمسؤولية”، معرباً عن مخاوفه من تفاقم الأمر في الأيام المقبلة خاصةً مع بدء المرحلة الثانية من الوباء نهاية الصيف. وكشف عون أن وزير الصحة حمد حسن سيعلن عن سلسلة إجراءات صارمة هذا الأسبوع.
وفي السياسة، برز كلام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بعد زيارته البطريرك الماروني في الديمان، والذي جاء ملتبساً حمّال أوجه، فهو من جهة أيّد مطالبة الراعي بالحياد، ومن جهة ثانية سأل في أي اتّجاه يكون هذا الحياد، الذي اعتبر أنه يتطلب حواراً وطنياً جامعاً ليحظى بموافقة كل القوى السياسية حتى لا يشكّل حالة انقسام جديدة بين اللبنانيين.
مصادر متابعة للقاءات الديمان رأت في حديثٍ مع “الأنباء” أن موقف باسيل الضبابي كان قريباً من موقف رئيس الجمهورية، وهو يتضمن “مغازلة ضمنية” لحزب الله الذي لم يحدّد موقفه بعد، وهو “قريبٌ أيضاً من موقف الفريق السياسي الذي ينتمي إليه باسيل، من خلال اللعب على الكلام إرضاءً للراعي من جهة ومداراة للحزب وحلفائه من جهة ثانية”.
المصادر عينها لفتت كذلك إلى ما قاله باسيل من أنه يزور الديمان بناءً على طلب الراعي، في حين أوضحت مصادر البطريركية أن باسيل اتّصل بالديمان لتحديد موعدٍ له، فجاءت الزيارة بناءً لطلبه هو.
النائب ماريو عون، قال من جهته لـ “الأنباء”، إن الديمان تحولت إلى مركز استقطاب لكافة الشخصيات اللبنانية من كافة الفئات والقوى السياسية، خاصةً بعد طرح الراعي، فمن الطبيعي أن يكون رئيس التيار مع وفدٍ نيابي، ومن بينهم اختصاصيين في الشؤون الاقتصادية، ما يدلّ على الطابع السياسي – الإقتصادي لهذه الزيارة.
وأضاف عون: “مفهومنا لموضوع الحيادية في هذا الظرف قد يكون مخالفاً لرأي الآخرين. فنحن من جهة نرحب بالحياد، لكن نسأل أين الحياد بوجود قوى عسكرية داخل الأراضي اللبنانية”، مشيراً في هذا المجال إلى وجود اللّاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، وإلى سلاح حزب الله، “ما يجعلنا نقول إنه علينا أن نتباحث، وأن يكون هناك نوعٌ من الحوار اللبناني – اللبناني من أجل التوصّل إلى قواسم مشتركة، لكنها بعيدة المنال في الوقت الحاضر”.
مصادر عين التينة، ورغم أنها تريّثت في التعليق على مبادرة الراعي بانتظار اجتماع كتلة التنمية والتحرير، أوضحت لـ “الأنباء” أن الموقف الذي أعلنه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، وتحذيره البعض من إضاعة البوصلة، يعبّر عن وجهة نظرها “مئة بالمئة”.
هذا فيما كشفت مصادر حزب الله لـ “الأنباء” أن الموقف من الدعوة إلى الحياد سيصدر بوضوح بعد اجتماع كتلة الوفاء للمقاومة هذا الأسبوع