بعد وفاة أول طبيب بفيروس كورونا في لبنان، واستمرار عدّاد الإصابات بالارتفاع، عاد كابوس الوباء مجدداً لينشر القلق في صفوف اللبنانيين الغارقين أصلاً تحت وابلٍ من الهموم المعيشية الخانقة. وبعدما اعتقدوا بأنهم تخطوا مرحلة احتواء هذا الوباء فإذا بهم أمام مرحلةٍ جديدة من الانتشار، ويخشون الانتقال بعدها إلى التفشّي الكامل، وفق ما حذّر من ذلك وزير الصحة، حمد حسن، بقوله إننا أصبحنا في عين العاصفة.
حسن واكب كلامه بسلسلة لقاءات دعا فيها لتشديد الإجراءات الوقائية منعاً لانتقال البلد إلى المنزلق الخطير، ومعلناً تشكيل لجنة ميدانية لمتابعة هذه الإجراءات.
مصادر طبية أوضحت لـ”الأنباء” أن الوضع الحالي أصبح ما بين المرحلة الثالثة والرابعة من انتشار الوباء، وطالبت باتّخاذ كافة الإجراءات الوقائية قبل الوصول إلى الانتشار السريع، وتحوّل العدوى إلى عدوى مجتمعية شاملة، مع ضرورة اعتماد القناع الواقي والكمامة، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وغسل اليدين، والالتزام بكل الإجراءات التي اعتُمدت في المرحلة الأولى حيث كانت نتائجها مقبولة، وكان هناك احتواء للوباء من كافة الجوانب.
المصادر الطبية أعربت عن قلقها من خطورة الوضع الذي قد يعيدنا إلى مرحلة إقفال البلد، لأن ذلك غير مستبعد في ظلّ هذا الانتشار الذي يسجّل يومياً، مشددةً على الالتزام بكل الوسائل الوقائية، لأن الاستهتار واللّامبالاة أوصلا الأمور إلى هذه النتيجة. وشدّدت المصادر على أنه، “من الضروري احتواء الوباء قبل الخريف، لأنه قد يتجدّد مع تحوّل الطقس من معتدل إلى بارد”.
طبيب الأمراض الجرثومية، الدكتور صلاح زين الدين، لفت في حديث لـ”الأنباء” إلى أن تصاعد الحالات، بعد فتح البلد وفتح المطار، مردّه إلى التراخي من قِبل البعض، وعدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي، فضلاً عن الإصابات التي سُجّلت من بين الوافدين، ومخالطتهم لأقربائهم، وهو الأمر الذي أدّى إلى هذا الانتشار. والحلّ برأيه ليس العودة إلى الإغلاق كما حصل في الماضي، بل أن المرحلة تتطلب مزيداً من الوعي والانتباه أكثر لدرء هذا الخطر.
وعلى الرغم من تفشي كورونا، وبعد أسبوع على تأجيل الامتحانات في الجامعة اللبنانية، ومطالبة العديد من الطلّاب استبدالها مطلقين عليها صفة “امتحانات الموت”، فقد عادت وانطلقت أمس وسط تدابير مشدّدة داخل الصفوف، وفوضى خارجها، حيث سُجّلت حالات اكتظاظ مختلفة في العديد من الكليّات.
سياسياً، وفيما تستمر التعليقات على طرح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الداعي إلى الحياد، واتّساع دائرة المؤيدين له، أكّدت دوائر الديمان أن الطرح بات يحظى بتأييد ثلاث أكثريات داعمة له: الأولى محليّة بعد تأييد معظم القيادات السياسية؛ والثانية عربية بعد تلقي الراعي رسائل التأييد من معظم رؤساء الدول الخليجية، ومن المغرب العربي، ومصر؛ والثالثة دولية تشمل كل الدول الصديقة للبنان.
دوائر الديمان كشفت لـ”الأنباء” أن زيارة الراعي للفاتيكان قد تتأخر لأواخر آب المقبل، لأن الفاتيكان اليوم في إجازة صيف، وبالتالي الزيارة أصبحت بحكم المؤجلة في الوقت الحاضر.
من جهتها، مصادر بعبدا لفتت في اتّصالٍ مع “الأنباء” إلى أن أي حوار في موضوع الحياد لا يمكن أن يتم إلّا ضمن المؤسّسات الدستورية. وشدّدت المصادر على أن القصر الجمهوري جاهز لاستضافة مثل هذا اللقاء بعد أن يُجري رئيس الجمهورية الاتصالات مع القوى السياسية بشأنه، وإذا ما كان هناك إجماع على هذا الموضوع فليس مستبعداً أن يُعقد مثل هذا اللقاء في بعبدا.
في غضون ذلك، وقبل يومٍ من زيارة وزير الخاريجة الفرنسي، جان لودريان، إلى بيروت، أفادت مصادر متابعة لـ”الأنباء” أن لقاءات الوزير الفرنسي مع المسؤولين تشمل بالدرجة الأولى وزير الخارجية، ناصيف حتّي، والرؤساء الثلاثة عون وبري ودياب، وعدداً من الشخصيات السياسية، كما سيلتقي ممثلين عن المجتمع المدني.
المصادر نفسها لفتت إلى أن الزيارة تأتي بالدرجة الأولى لحثّ الحكومة على التجاوب مع شروط صندوق النقد الدولي، والشروع بالإصلاحات قبل أي شيء آخر، لأنه من دون الإصلاحات من الصعب أن يتمكن لبنان من الاستفادة من مساعدات الصندوق