يحطّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، رحاله في بيروت ليؤكد على ما تناوب عليه معظم دبلوماسيّي المجتمع الدولي، لناحية ضرورة الشروع في الإصلاحات، وإيلائها الأولوية من أجل إنجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والذي يُعتبر الباب الوحيد للمساعدات على أن تتعاقب المؤتمرات، ومنها “سيدر”، لمدّ يد العون إلى لبنان، وإنقاذه من أزمته المالية المستفحلة.
يصل لودريان على وقع إنجازاتٍ “وهمية” يفاخر بها رئيس الحكومة حسان دياب، ولم ترها الدول المانحة بعد. ومن المفترض أن يدعم وزير الخارجية الفرنسي موقف البطريرك مار بشارة الراعي القاضي بحياد لبنان، والذي لا زال يلقى تفاعلاً ضمن الأجواء السياسية اللبنانية، وحيث تراقب كتلة الوفاء للمقاومة بدورها ردود الفعل الصادرة، حسبما أكد النائب محمد رعد من عين التينة أمس.
في سياقٍ آخر، وفي خطوة يُخشى أن تُستخدم في سياق الكيدية التي تميّزت بها حكومة حسان دياب، وأن تكون مجرد عتبة للولوج منها إلى مزيدٍ من التشفّي السياسي تحت شعارات الإصلاح، أقرّ مجلس الوزراء الاستعانة بشركة Alvarez & Marsal، لإنجاز التحقيق المالي الجنائي لكل السنوات السابقة، وفي فترة لا تتعدى الستة أشهر، مع تحفّظ كل من الوزراء عماد حب اللّه، وحمد حسن، وعباس مرتضى.
واللّافت كان ارتفاع تكلفة عقد الشركة، بحيث تتجاوز قيمته المليونين والـ220 ألف دولار، فيما عقد شركة Kroll التي تم رفضها سابقاً بذريعة أمنية، بلغ 500 الف دولار، رغم أن الملف الأمني للشركتين مماثلٌ لناحية وجود موظفين إسرائيليين لديهما.
وفي اتصالٍ له مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، اعتبر الأستاذ الجامعي والمدير العام للشؤون الإدارية والمالية في مجلس النواب، أحمد اللقيس أن التدقيق يبقى، “الطريق الأسلم لمعرفة مصير أموال مصرف لبنان التي صُرفت ضمن الوزارات والمؤسّسات العامة”، لكنه شدّد على، “ضرورة أن يطال هذا التحقيق كافة مؤسّسات الدولة، على اعتبار أنها الجهة التي أنفقت هذه الأموال، وأولها مؤسّسة كهرباء لبنان، فهذا المسار بحال استكمل يخدم الهدف الأسمى، ويصبّ في معرفة مصير الأموال ومكامن الهدر في الدولة على مرّ السنين”. ولفت اللقيس إلى أن ما حصل هو “أحد مطالب صندوق النقد، إذ تقضي بملاحقة مكامن الهدر، وتتبّع الأموال المصروفة”، لكنه أكد أنها “وحيدةً لا تكفي، ما لم يشمل التحقيق مختلف مؤسّسات الدولة، كما والتطرق إلى الإصلاحات الأخرى المطلوبة، وأبرزها في قطاع الكهرباء، والمطالبة بالهيئة الناظمة”.
وعن وجود موظفين إسرائيليين في الشركة المذكورة، أشار اللقيس إلى، “وجود موظفين يحملون جنسية الكيان في مختلف الشركات”، مستبعداً “توفر شركة دون وجود أفراد إسرائيليين فيها، إلّا أن الشركة الحالية لا تمتلك مكاتب على أراضي الكيان، كما أن وزير المالية هو الذي طرح اسمها”.
في سياق أخر، لا يزال لبنان غارقاً بالعتمة والوعود على حدٍ سواء. فالتغذية بالطاقة الكهربائية لم تشهد تحسناً ملحوظاً في اليومين الماضيين، ما يؤشّر إلى ضعف حظوظ الأيام القادمة، وذلك بعد أن نصّ كلام وزير الطاقة على لمس تحسنٍ في التغذية من ليل الإثنين.
وفي هذا الإطار، حذّر رئيس لجنة الطاقة النيابية النائب نزيه نجم، في اتّصالٍ مع “الأنباء” من “خطورة وقوع لبنان في عتمة لا- متناهية في ظل غياب أي إجراءٍ جدّيٍ مستدام من قِبل الحكومة لمعالجة الأزمة، خصوصاً وأن القطاع كبّد الدولة هذه السنة، وحتى اليوم، مليار و500 مليون دولار كفرق في سعر الصرف فقط”، آخذاً بعين الاعتبار فرق الاستهلاك بين الأشهر الستة الأولى، مع انتشار فيروس كورونا، والأشهر القادمة مع عودة فتح البلاد، سائلاً، “من أين ستوفر الحكومة الأموال المستلزمة، وهي لا تُدخل المال إلى البلاد؟”
وتجدر الإشارة إلى أن عقد شركة سوناطراك ينتهي مع نهاية العام في ظل غياب أي بديل. وفي ما خصّ تجهيز دفتر الشروط من أجل تأمين البديل، أشار نجم إلى “عدم جهوزية أي دفتر حتى اليوم، ولا جواب لدى حسان دياب في هذا الخصوص، إلّا أن العقد يجب أن يوقّع قبل 3 إلى 4 أشهر من انتهاء عقد الشركة الأساسية”.
كما نبّه نجم من تمويل مصرف لبنان لقطاع الكهرباء من الاحتياطي، وسأل “إلى أي مدى يستطيع “المركزي” تسليف المؤسّسة؟”
إلى ذلك، وفي إطار محاربة تهريب واحتكار مواد المحروقات، ينفّذ الأمن العام دوريات على المنشآت النفطية ومحطات المحروقات لمراقبة عمليات البيع. وفي هذا السياق، شدّد عضو نقابة أصحاب المحطات، جورج البراكس، في اتصالٍ مع “الأنباء” على وجوب، “ملاحقة الحكومة والأمن العام المستودعات الخاصة، وليس المنشآت فحسب، بحكم أنها شريك أساسي في التهريب والاحتكار، وعقد الصفقات من تحت الطاولة، وملاحقة التجّار أيضاً، لمعرفة مسار المواد، وإنجاح الخطة”.
إلّا أن البراكس أشار إلى “مشكلة أساسية غافلة عنها وزارة الاقتصاد، وهي تلاعُب الشركات المستوردة للنفط بالكميّات المسلّمة للمحطات التي تحمل اسمها، إذ أن العقود الموقعة بين الطرفين تنصّ على طلب المحطات كمياتٍ معيّنة من الشركة، فيما الشركات تسلّم كمّيات أقل بكثير تبعاً للتقنين الحاصل في المادة، إلا أنها تعود وتقاضي المحطة، وتلزمها ببنودٍ جزائية جرّاء عدم طلبها الكميات المنصوص عليها في العقد. وهذه مخالفةٌ صريحة، والنقابة رفعت الصوت في هذا الموضوع، وعلى وزارة الاقتصاد معالجة أزمة العقود، كما أزمة التسليم من أجل مصلحة صاحب المحطة والمواطن على حدٍ سواء”.
وعن وصول شحنات مازوت وبنزين يوم الخميس، أكّد البراكس صحة الكلام، إلّا أنه أشار إلى أن الكميات لن تكون كافية لوقتٍ طويل، مشدداً على وزارة الاقتصاد وجوب توزيعها، ومنع احتكارها.
طبياً، لا زال فيروس كورونا ينتشر في صفوف اللبنانيين بشكلٍ بات يهدّد بفوضى المرض وربما الموت، وفق ما حذّر من ذلك رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، والذي دعا إلى العودة إلى الإجراءات الصارمة، وذلك مع تسجيل وزارة الصحة 75 إصابة جديدة في لبنان أمس، بينها 63 من المقيمين، وهو رقم مرتفع. وفي هذا السياق، تجدّد مصادر طبيّة دعوتها إلى الالتزام بالتدابير الوقائية، خوفاً من وصول القدرة الاستعابية في المستشفيات إلى تخومها، وعندها تقع المشكلة، ونكون تأخّرنا عن الحلول.