كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: “ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم”، بهذه الكلمات المعدودة لكنها الصارخة في التعبير يمكن اختصار زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان والرسالة التي حملها، فيما كلام السلطة كان تبريرياً فاشلاً كفشل كل ما قامت به، وآخرها إصرارها المريب على السد الخطير في بسري.
وهي لا شك رسالة تأنيب فرنسية بلغة دبلوماسية، ترافقت مع تأكيد لودريان أن لبنان ما زال يملك كل مقومات النهوض، وأن مفاعيل مؤتمر “سيدر” لا زالت قائمة مقابل شرط واحد خلاصته التزام الحكومة بالإصلاحات التي وعدت بها، فمن دون اصلاحات لا شيء سيحصل.
مصادر سياسية أشارت عبر “الأنباء” إلى أن هذا الكلام الشديد اللهجة الذي فاتح به الضيف الفرنسي المسؤولين اللبنانيين يأتي بعد سلسلة مواقف سبق أن أعلنها في كانون الثاني الماضي ثم أعاد التأكيد عليها في السابع من تموز، لكنه لم يسمع من المسؤولين الذين التقاهم عن الإصلاحات إلا هروباً إلى الأمام في ظل تبريرات مبعثرة لتغطية الفشل في تنفيذ الاصلاحات، تارة بالتذرع بالنزوح السوري الذي كلّف الدولة 40 مليار دولار على حد تبرير الرئيس ميشال عون، دون التطرق اطلاقاً الى كلفة الكهرباء التي تشكّل بمفردها نحو خمسين مليار دولار، وطوراً بسبب جائحة كورونا على حد تبرير رئيس الحكومة حسان دياب.
وفي ظل هذه الأجواء التي رافقت الزيارة، كيف قرأتها الكتل النيابية والمواقف التي أعلنها لودريان؟
في حين لم يصدر أي بيان من عين التينة عن مضمون لقاء الرئيس نبيه بري بالزائر الفرنسي، لفتت مصادرها عبر “الأنباء” إلى أن فرنسا هي دولة صديقة للبنان وتشكل مفتاحه على المجتمع الغربي، وإذا كان في كلام المسؤول الفرنسي بعض العتب فيكون نابعاً من حرص فرنسا على سيادة واستقلال لبنان والتمسك به والالتزام بمساعدته.
مصادر تكتل “لبنان القوي” وصفت في اتصال مع “الأنباء” الزيارة “بالمهمة جداً” في هذا الوقت، وقالت إن “ما كشفه الرئيس عون لضيفه الفرنسي هو التعبير الصادق عن مشكلة لبنان وقد أخذ على عاتقه محاربة الفساد ولم يتراجع عنه”.
المصادر لم تشأ الكشف عن مضمون الرسالة التي بعث بها عون الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لكنها أكدت أنها “حتما تصب في مصلحة لبنان ومساعدته للخروج من هذا الأزمة”.
من جهته، عضو كتلة “المستقبل” النائب نزيه نجم أكد في حديث مع “الأنباء” أن زيارة لودريان تأتي “من أجل ان يدق ناقوس الخطر ويقول للمسؤولين اللبنانيين والمتسلطين على الحكم إما ان تفهموا شروط المجتمع الدولي لإنقاذ بلدكم والشروع بالإصلاحات، وإما أن تتدبروا أنفسكم”، مؤكدا ان “لا حل للبنان إلا باستقالة هذه الحكومة التي وصفها بالعرجاء، وتشكيل حكومة تحظى بدعم المجتمع الدولي وتأخذ على عاتقها انقاذ البلد والا لن يكون هناك لبنان”.
وعن قول دياب إنه لن يستقيل، قال نجم: “سيستقيل عاجلا أم اجلا، وكما يقول المثل لو دامت لغيرك لما وصلت اليك”.
تزامنا، مصادر حكومية أشارت عبر “الأنباء” الى أن رئيس الحكومة أبلغ المسؤول الفرنسي صراحة أسباب الأزمة، وأن الحكومة الحالية “تحمل ارث 3 عقود من الفساد ما لا يمكن ان ينتهي بشحطة قلم”، وأن “الحكومة تقوم بواجباتها ولقد باشرت بالاصلاحات منذ فترة وهي عازمة على اصلاح الكهرباء وانشاء المعامل بعد توفر المال اللازم”.
وإزاء الموقف الفرنسي الذي جاء ليؤكد ان لا مساعدات للبنان قبل الشروع بالاصلاحات، جدد الخبير الاقتصادي أديب طعمة في حديث مع “الأنباء” التأكيد على هذا الأمر، قائلا: “للأسف منذ 3 سنوات مع مؤتمر سيدر وحتى اليوم لم يتغير شيء، ولو قاموا بالاصلاحات من ذلك الحين كنا انتهينا من أزماتنا”، محذرا من خطورة المرحلة الحالية، واصفا اياها بالخطيرة جدًا. وقال: “لا زلنا في بداية الطريق، والوزير الفرنسي جاء ليبلغ المسؤولين اللبنانيين ان هذه هي فرصتهم الاخيرة، والا سيكون مصير لبنان هو الانهيار كما كان مصير العديد من الدول التي عانت الأزمة نفسها، وان على الحكومة الاختيار اما الاصلاح او خسارة البلد”.
على صعيد آخر، وبعد إعلان وزير الصحة حمد حسن أن لبنان دخل مرحلة التفشي المجتمعي مع الارتفاع المفرط في اصابات كورونا، أوضح رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي عبر “الأنباء” اننا “ما زلنا في الموجة الأولى من الوباء ولم ندخل بعد في الموجة الثانية التي ستبدأ في أيلول وتشرين الأول المقبل والتي من المتوقع ان تكون أخطر بكثير مع تعذّر العلاجات المطلوبة وحاجة المستشفيات الى الأجهزة والأسرّة”، مشددا على كلام وزير الصحة بضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية لأننا فعلا دخلنا في مرحلة خطيرة لا شفاء منها الا بتطبيق الاجراءات الوقائية تماما كما كنا في المرحلة الأولى قبل 4 أشهر والا فإن لبنان بأسره معرّض لانتقال العدوى.