كتبت “الانباء” تقول: غادر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، لبنان خالي الوفاض من حكومةٍ تزعم بأنها حقّقت الكثير على خط معالجة الأزمات، فيما باتت هي عقدة كل الأزمات التي يتخبط بها لبنان. غادر لودريان تاركاً وراءه صدى رسالته التأنيبية التي لم تنفذ إلى مسامع المسؤولين الذين صمّوا آذانهم عن كل النصح والاقتراحات، وأعمت الكيدية عيونهم عن كل المخارج المتاحة للأزمات.
مصادر “الأنباء” أوضحت أن “المسؤول الفرنسي الذي أعلن أنه جاء إلى لبنان لممارسة دبلوماسية الصدمة، لأن بلاده من الدول القليلة التي كانت تراهن على تعديل حكومة حسان دياب لسياستها، والولوج إلى ورشة الإصلاح ومحاربة الفساد، لم يلمس منها أي حسٍ بالمسؤولية، كما لم يسمع منها ما يوحي بأنها جاهزة للتخفيف عن الشعب اللبناني معاناته ببدء الإصلاح الحقيقي، حتى ولو كان متأخراً. ولهذا السبب لم يخفِ لودريان قلقه على لبنان معرباً عن عدم ثقته بأهل السلطة والحكم”.
فهل يتلقف المسؤولون النصيحة الفرنسية، أم سيستمرون بالمكابرة حتى ينهار البلد، وتغرق السفينة بمن فيها؟
مصادر مواكبة لزيارة لودريان أعربت عبر “الأنباء” عن “خيبة أمل من الحكومة والمسؤولين في السلطة نتيجة عدم الأخذ بالنصيحة الفرنسية، وترك البلد فريسة تتآكلها الذئاب المفترسة، ووحش الغلاء الفاحش، والتجار الفاسدين”.
توازياً، ومع عودة “لازارد”، عاد الحديث عن اتجاه الحكومة مجدداً لاعتماد “الهيركات”، وتحميل المصارف مسؤولية الأزمة المالية، وهو ما أغضب جمعية المصارف التي هدّدت بالانسحاب من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يبدو بأنها لا تسير على ما يرام بسبب الخلافات على أرقام الخسائر التي لم تُحسم بعد. كما لم تقدّم “لازارد” خطتها البديلة التي وعدت بها بانتظار موقف في الحكومة من “الهيركات”.
الخبير المالي والاقتصادي أنطوان فرح رأى في حديث مع “الأنباء” أن، “موقف “لازارد بدأ يثير الريبة، وهناك تساؤلات عن الأسباب التي جعلت الحكومة تطلب موافقة “لازارد” على الخطة البديلة التي سيقدمها لبنان إلى صندوق النقد الدولي”. وأضاف: “يبدو أن هناك نقاطاً غامضة، والسؤال هو، لماذا حوّلت الحكومة شركة “لازارد” من مستشار مالي لمعالجة الوضع بين المصارف والدائنين إلى مستشار للحكومة لإقرار الخطة البديلة؟ والسؤال الأكبر هو، لماذا تشعر الحكومة بأنها لا تستطيع أن تتجاوز لازارد؟”.
على صعيد آخر، وبعد تلقي بكركي دعماً فرنسياً تمثّل بتأييد مبادرة البطريرك مار بشارة الراعي للحياد، أشارت مصادر بكركي إلى زيارة مرتقبة سيقوم بها الراعي قريباً إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأنه سيناقش موضوع الحياد مع المسؤولين الأميركيين الذين سيلتقيهم، وذلك بالإضافة إلى زيارته إلى الفاتيكان حيث سيكون موضوع الحياد من صلب محادثاته مع البابا فرنسيس.
المصادر أكدت أن الراعي، وبعد حصوله على الدعم الدولي لمبادرته سيدعو إلى عقد لقاء موسّع في بكركي لهذه الغاية ليطرح مبادرته هذه على السياسيين اللبنانيين. وفي حال الإجماع على تأييد الحياد سيتم رفع توصية إلى الأمم المتحدة بهذا الشأن لأخذ العلم، وإجراء المقتضى اللازم.
من جهة أخرى، وفي جديد الحملة المستمرة ضد مشروع سد بسري، واستمرار الاعتصامات في المرج حتى سقوط هذا المشروع نهائياً، وتحويل السهل إلى محمية طبيعية، فقد أعربت مصادر متابعة عن خشيتها من، “سياسة تخدير قد تمارسها الحكومة، وبعض الجهات المعنية، بالملف ليصار بعدها إلى تنفيذ المشروع، الأمر الذي يعزّز إصرار الناشطين والرافضين للمشروع على البقاء في المرج، ومواصلة التحركات، لا بل تفعيلها، حتى سقوطه نهائياً، وسقوط كل مهل، وصدور قرارٍ نهائي من البنك الدولي بوقف التمويل”.
وفي هذا السياق، قال عضو تكتل “الجمهورية القوية”، النائب أنيس نصار، في حديث مع “الأنباء”: “لا يُلدغ المؤمن من الجحر مرتين. ولقد رأينا ما كانت نتيجة السدود التي أنشئت من جهة معينة، من سد المسيلحة إلى سد جنة وسد شبروح وغيرها، وكلها كانت سدود فاشلة تفوح منها رائحة الصفقات والسمسرات”.
وأضاف نصار: “إن أهالي المنطقة وغالبية القوى السياسية لا يريدون السد، فلماذا الإصرار على تنفيذه بالقوة؟ والأفضل تحويله إلى محمية طبيعية، لأن مصيره سيكون كمصير معمل الموت في عين دارة”، لافتاً إلى موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، الذي جدّد أمس رفضه لهذا المشروع بالقول، “سد بسري لن يمر”، وكذلك موقف رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب تيمور جنبلاط، وتساءل: “على أي أساس إذاً سيتم تنفيذ المشروع، ولمصلحة مَن سيُنفذ هذا المشروع الذي تفوح منه رائحة الصفقات على ما يبدو؟”