كتبت صحيفة الديار تقول: ماذا ستفعل الحكومة والقيمون على البلاد بعد الرسالة التي اتى بها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان للبنان، والتي تكاد تلخص موقف عدد كبير من الدول والهيئات المانحة ومفادها “لا مساعدات من دون اصلاح”؟
حتى الآن ليس هناك من بشائر على ان الحكومة ومن معها ومن عليها بصدد المبادرة الفورية والسريعة لبدء تحقيق الاصلاحات على كل المستويات، خصوصاً في ظل التجاذبات والمناكفات المستمرة داخل فريق الحكومة وبين الموالاة والمعارضة على الملفات الاصلاحية مثلما حصل ويحصل في شأن الاستحقاق الاصلاحي الاكبر المتعلق بملف الكهرباء ومثلما حصل ايضا بموضوع قانون آلية التعيينات الذي طعن به رئيس الجمهورية وفريقه وحظي بقرار الطعن من المجلس الدستوري.
مرجع بارز
ويلخص مرجع بارز، كما نقل زواره امس، الوضع والموقف بالقول: “لم يعد من مجال لمواصلة سياسة الهروب الى الامام، فالوقت الضائع وضع لبنان اليوم امام منعطف خطير وصعب يفترض مبادرة الحكومة والقيمين على البلاد الى خطوات سريعة وفعالة توقف الانهيار الكبير، وتضعنا على سكّة الانقاذ والحلول”.
ويعتقد المرجع ان لا مبرر للتباطؤ في المسارعة الى اقرار الاصلاحات التي يحتاجها لبنان ليس للحصول على المساعدات الخارجية فحسب بل ايضا لانها تشكل حاجة اساسية في سبيل الخروج من الازمة والتخلص من اسبابها”. لكنه يلفت في الوقت نفسه الى ان هناك عوامل سياسية ايضا تحول دون حصول لبنان على المساعدات الخارجية، مشيرا في هذا المجال الى الضغوط الاميركية التي مورست وتمارس خصوصاً على صعيد الوضع النقدي وفي شأن تزود لبنان بالمحروقات.
ماذا قال لودريان للمسؤولين؟
وبانتظار ما تنوي الحكومة القيام به على ضوء الرسالة الفرنسية الصريحة والتي اخذت شكلا تحذيريا اقرب الى التأنيب، قال مصدر بارز لـ”الديار” ان ما نقله المسؤول الفرنسي للمسؤولين اللبنانيين يكاد يكون صورة طبق الاصل عما طرحه في المؤتمر الصحافي وفي تصريحاته خارج هذه الاجتماعات.
واضاف المصدر “ما سمعناه من الوزير لودريان لم يكن جديداً بل كان متوقعاً، لكن ربما كانت اللهجة اكثر وضوحا وصرامة، ولعل عبارة “ساعدوا انفسكم لكي نساعدكم” هي اصدق ترجمة للموضوع الذي ركز عليه، خصوصا في شأن الاصلاح وفي مقدمها ملف الكهرباء”.
وكشف المصدر ان الجديد في ما سمعه المسؤولون اللبنانيون من الوزير الفرنسي ر بط ترجمة قرارات مؤتمر سيدر بمسار ومصير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وهذا امر لافت وبالغ الاهمية، ما يفرض على لبنان الاسراع بهذه المفاوضات.
واوضح المصدر البارز لـ”الديار” ان لودريان لم يحمل معه اية خطة ولم يتطرق الى خطة فرنسية للمساعدات والدعم، بل بقي في اطار الحديث العام الذي تمحور حول الاصلاح.
واشار الى انه حرص على القول بان زيارته تندرج في اطار رغبة فرنسا مجددا في التعبير عن علاقتها العميقة مع لبنان وحرصها عليه، حيث يشكل باب الفرانكوفونية للشرق.
والمح المصدر الى ان العوامل والضغوط التي تمارسها الادارة الاميركية تعكس نفسها بطريقة او باخرى على الوضع المتصل في لبنان، ولها بطبيعة الحال تأثيراتها على زيارة لودريان ونتائجها.
ولاحظ المصدر ان الوزير الفرنسي تحدث بلغة تعكس قلقاً شديداً على لبنان، وقال في احد اجتماعاته “ان امامكم فترة قصيرة والا فان لبنان سيكون في خطر”، مشيرا الى ان هذا الخطر يهدد الجميع في لبنان.
الموقف اللبناني والمفاوضات مع الصندوق
وفي خضم هذا الوضع الضاغط علمت “الديار” ان الاستعانة بشركة “لازارد” في اطار العمل لتوحيد الموقف حول المقاربات بشأن الحسابات تمحورت في الاجتماع الذي عقد اول امس حول توحيد الارقام والاختلافات بين ارقام الحكومة وارقام مصرف لبنان، وان هذا المنحى يعطي انطباعا عن حجم الوقت الذي اهدر، مع العلم ان المجلس النيابي دخل على خط المساعدة منذ فترة عبر لجنة المال التي خلصت الى وجوب تحقيق مقاربة مشتركة لتوحيد الحسابات والارقام.
كما علمت “الديار” من مصادر مطلعة ان رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان بعد تسليمه تقرير اللجنة للرئيس بري، وفي ضوء بعض ردود الافعال لم يخف استياءه من التعاطي مع حجم ما حققته لجنة المال، مشيرا الى ان ما قامت به هذه اللجنة والمجلس يعكس تعاطيها المسؤول مع القضية، ويفرض على الآخرين التحلي بنفس المسؤولية.
وتقول مصادر مطلعة انه من الضروري ان تنتهي دراسة الارقام والحسابات في غضون ايام قليلة للتوصل الى موقف موحد للوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد لتعزيز وضع لبنان التفاوضي والمساهمة في الاسراع بوصول هذه المفاوضات الى النتائج المرجوّة والملموسة.
وتضيف انه اذا كان التدقيق المالي مع مصرف لبنان يحتاج الى ثلاثة اشهر على الاقل فان توحيد موقف لبنان التفاوضي مع الصندوق امر آخر وهو لا يحتاج الى هدر المزيد من الوقت خصوصا بعد ما سمعه ويسمعه لبنان في هذا الخصوص.
آلان عون للحكومة: الكف عن سياسة الدوران
وعلى ضوء مواقف وزير الخارجية الفرنسي سألت “الديار” النائب الان عون كيف يمكن ان يساعد لبنان نفسه ليحظى بمساعدة الآخرين فقال: “علينا اولا لمساعدة انفسنا ان نتوقف عن الرهان على انتظار اي شيء من الخارج، وان نتصرف الى ما يمكن او ما يجب ان نفعله نحن. وانا هنا لا اقصد الحكومة والمجلس النيابي فحسب بل اقصد كل القيمين على البلد. ثانيا، ولكي نستطيع ان نتوصل الى نتيجة علينا ان نتوقف عن انتظار العجيبة، فاذا لم نبدأ بما هو مطلوب منا لانقاذ بلدنا كيف يمكن ان نطلب المساعدة من الخارج”.
واضاف: اذا كنا نطمح بمساعدة خارجية هناك خارطة طريق معروفة علينا ان نقوم بواجبنا تجاهها. وحتى الان نحن لم نعط اية اشارة تصّب بهذا الاتجاه، وهذه الخارطة فيها جزء سياسي وجزء اقتصادي ومالي. والجزء السياسي يحتاج بطبيعة الحال لبحث ومناقشة وتقويم”.
وعن الشق المتعلق بالاصلاحات المطلوبة اوضح عون: “ان هناك شيئا له علاقة بادائنا، ماذا استطعنا ان نصلح حتى الآن على كل المستويات وفي كل الملفات ومنها التهرب الجمركي والتهرب الضريبي، والاموال المنهوبة، والكهرباء والاتصالات وغيرها؟ لم نعط اشارة واحدة اننا استطعنا ان نغيّر في شيء. ولم نسدّ ثغرة صغيرة من السلّة “المفخوتة”.
وقال النائب عون: “لم نحقق شيئا في كل هذا الوقت الضائع، ونحن لا نستطيع ان ننجز اي شيء من الاصلاحات المطلوبة من خلال الاكتفاء بالاجتماعات والنوايا الحسنة وغيرها”.
وحوب مسؤولية الحكومة وخطواتها الحاسمة اجاب عون: “نعم من المؤكد ان توضع الحكومة امام مسؤولياتها لاتخاذ خطوات سريعة وحاسمة، بدل ان يستمر مثل هذا الاداء من البطيىء وسياسة الدوران، عليها ان تتعلم من التجارب السابقة. وهناك امثلة عديدة على هذا الاداء غير المجدي فمثلاً مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا يزال يراوح مكانه في الوقت الذي نحتاج الى المبادرة بسرعة قياسية للتقدم على هذا المسار. المطلوب من المسؤول ان يعرف ان يقرأ جيداً ويتحلى بدينامية عالية خصوصاً في هذه الظروف”.
وعن دعوة البطريرك الراعي للحياد قال: “انه موضوع طرح ويجب ان ننظر كيف سيتفاعل في المرحلة والايام المقبلة”.
حمد وكورونا: الوضع لم يعد مزحة
والى جانب ضغوط الازمة الاقتصادية والمالية التي نتعرض لها فان المواطن اللبناني وجد نفسه من جديد امام ازمة كورونا وعودة تفاقمها، بينما اجتهدت وزارة الصحة والحكومة للتوفيق بين الصرامة في الاجراءات الاحترازية وبين الحاجة الى استمرار فتح البلاد اكان على صعيد الحركة الداخلية او مع الخارج عبر مطار بيروت.
وفي ظل استمرار تسجيل اعداد مرتفعة من الاصابات يومياًو انتشارها في معظم المناطق اللبنانية حيث بلغ عدد المصابين امس 175، اعلن وزير الصحة حمد حسن امس “انا انزلقنا الى المرحلة الرابعة لان الفروس منتشر بكل المناطق اللبنانية”.
واكد في تصريح له من مستشفى بعلبك الحكومي “ان اللجنة الوزارية ستأخذ بتوصيات اللجنة الفنية وسيكون هناك اجراءات صارمة”.
وقال “اليوم هناك الزامات ومحاضر ضبط لمن لا يضع الكمامات، وهناك توقيفات لمن لا يلتزم من الوافدين بالحجر مثلما حصل في الكرك والهرمل وبرج البراجنة”.
واكد ان هذا الموضوع لم يعد مزحة، هناك مريض دخل الى المستشفى عند العاشرة صباحاً وتوفي بعد منتصف الليل بعد ان رفض عدد من المستشفيات ادخاله، ونقوم بالاتصالات لنرى اين حصل التقاعس، وسنأخذ الاجراءات اللازمة بحق مستشفى خاص او حكومي رفض استقباله”.
وعلى ضوء تشديد الاجراءات بحق مخالفين قرار التعبئة لوحظ ان قوى الامن عادت للتدقيق في تطبيق هذه الاجراءات لا سيما بشأن الزامية وضع الكمامات، والمحافظة على التباعد الاجتماعي.
وقال مصدر مطلع لـ”الديار” ان هذه الاجراءات ستكون اكثر صرامة اعتبار من يوم غد الاثنين، وانها ستطاول التدابير المتعلقة بحظر كثافة الاختلاطات في المناسبات والامكنة المغلقة.
اصابة عقيص
والبارز امس اعلان النائب في كتلة “الجمهورية القوية” جورج عقيص عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن اصابته بوباء كورونا، ودعوته كل من اختلط معهم اخذ العلم للتأكد من سلامتهم.
وفي وقت لاحق، اعلن على ضوء اصابة النائب عقيص عن تأجيل جلسات كل اللجان النيابية يومي الاثنين والثلاثاء.
كما اعلنت وزيرة الدفاع زينة عكر عن اصابة ابنتها مشيرة الى ان الفحوصات لها وللعائلة كانت سلبية.
واعلن وزير الداخلية محمد فهمي انه اذا استمر وضع “كورونا” على هذا المنوال حتى 15 آب فان المستشفيات لن تستطيع استيعاب المصابين.
من جهة اخرى اعلن نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف بعد التشاور والتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى تعليق الجلسات في محاكم قصر العدل وعدم القيام بأي مراجعات اعتباراً من يوم غد لغاية 1 آب المقبل.
ودعا المحامين الذين ارتادوا في اليومين الماضيين دائرة المباشرين وقلم محكمة الايجارات لاتخاذ اجراءات الوقاية قبل الخضوع لفحص فيروس كورونا.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: الديار تكشف محادثات لودريان مع المسؤولين اللبنانيين… ماذا قال لهم؟ الفرصة تضيق امام الحكومة… وامتحان توحيد الارقام الاسبوع المقبل وزير الصحة: انزلقنا الى المرحلة الرابعة… كورونا منتشر في كل المناطق… وسيكون لنا اجراءات صارمة