بينما كانت البلاد تستعد لاطلاق موجة جديدة من التدابير الصارمة لمواجهة تفشي فيروس «كورونا»، عاش كيان العدو ساعات عصيبة بعد ظهر امس، وسط حال من الارباك والتخبط العسكري والسياسي، ازاء ما بات يعرف «برعب الشمال»، ترجم «هيستيريا» عسكرية على الارض، وسخرية في وسائل الاعلام العبرية، حيث خاض جيش الاحتلال معركة «وهمية» مع نفسه على الحدود الجنوبية، بعدما وصل التوتر الى ذروته لدى قيادة المنطقة الشمالية بفعل انتظار رد المقاومة على استشهاد احد عناصرها في دمشق، وبعد انتظار «ثقيل» خرج حزب الله عن صمته معلنا عدم وجود اي عملية عسكرية في مزارع شبعا، مكذبا كل الادعاءات الاسرائيلية، والاهم كان تأكيده ما يعرفه الاسرائيليون بان الرد «آت لا محالة» ليس فقط على استشهاد علي كامل محسن وانما على استهداف احد المنازل في بلدة الهبارية، وهذا يعني ان الاوضاع عادت الى «المربع الاول» بحيث يبقى الجيش الاسرائيلي على «اجر ونصف» بانتظار الرد، بينما تظهر كل المؤشرات عدم رغبة اي من الاطراف بتصعيد الموقف الميداني باتجاه حرب شاملة، خصوصا بعد تسريب تقارير اسرائيلية عن عدم جهوزية قوات الاحتياط للقتال…
وفي معلومات «الديار»، فان ما حصل لم يكن سوى عملية «استطلاع» لمجموعة من المقاومة، لم تدخل في اي اشتباك مع قوات الاحتلال، وبعد ان ظن الاسرائيليون انها تحضر لعملية عسكرية في المنطقة، فقدوا «اعصابهم» وقاموا بعمليات قصف مركزة في مزارع شبعا ومحيطها، وسواء كانت النية لدى المجموعة تنفيذ عملية عسكرية في هذا التوقيت او مقدمة للرد، فقد بات لدى مجموعات الرصد التابعة لحزب الله معلومات شديدة الاهمية حيال الجهوزية الاسرائيلية، وكيفية تعامل قوات الاحتلال المستنفرة ميدانيا منذ اسبوع، مع الاحداث على الارض، وهذا ما يعطي المقاومين اسبقية في المرحلة المقبلة بعدما نجحت عملية «جس النبض» الميدانية في كشف مكامن الخلل على طول الجبهة.
انهيار «الثقة»
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد اعلن ان إسرائيل مستعدة لكافة السيناريوهات وعقد مشاورات أمنية إسرائيلية لتقييم الاحداث في مزارع شبعا،وفي مؤتمر صحافي مع وزير الحرب بيني غينتس، كرر نتانياهو الرواية الاسرائيلية حول تسلل مقاتلين من حزب الله، محذرا السيد نصرالله ولبنان من رد اسرائيلي قوي حيال اي عملية، وقال «يجب ان يعلم حزب الله انه «يلعب بالنار» واي هجوم ضدنا سيواجه برد كبير… وفي انتقاد مباشر للحكومة الاسرائيلية اكد وزير الحرب الاسرائيلي السابق افيغدور ليبرمان ان «السيد نصرالله مع الاسف اثبت ان «الكلمة» عنده» كلمة «السن بالسن والعين بالعين»، للاسف عنصر من حزب الله قتل في دمشق، وكل الشمال مشلول..؟»
وقد انعكس الارباك الاسرائيلي، مزيداً من انهيار الثقة بين الاسرائيليين وقيادتهم السياسية المأزومة، وقد عكست وسائل الاعلام الاسرائيلية اتساع هذه الهوة من خلال التعامل المرتبك مع الاحداث، في بداية الامر قالت القناة الـ13 العبرية إنّ »حدثاً أمنياً خطيراً جداً يجري على الحدود»، وقالت وسائل إعلام عبرية أخرى إن «الحديث يدور عن إطلاق صاروخ مضاد للدروع تجاه قوة من الجيش الإسرائيلي»، من جهته اشار المراسل العسكري للقناة الـ10، أور هيلر، ان الجيش الإسرائيلي «رصد مجموعة من حزب الله، واستهدفها»، مشيراً إلى تصفية المجموعة، من جهته اكد المحلل العسكري الإسرائيلي للقناة الـ13، ألون بن ديفيد، أنّ «المجموعة تسلّلت إلى داخل الحدود ثم هرب عناصرها»… أما صحيفة «معاريف» فوصفت الحادثة بأنها محاولة تسلّل، وعملية إطلاق صاروخ كورنيت، واشارت الى ان حزب الله أراد الرد بعملية مزدوجة.
سخرية وتشكيك اعلامي
وبعد ساعات «انقلب المشهد» واشارت قناة «كان» الى ان «توتراً في الجيش الإسرائيلي قد يكون أدّى إلى إطلاق نار متبادل بين الجنود، ولم تحصل أيّ عملية من قبل حزب الله»! وبدورها شكّكت القناة الـ12 بكلّ الرواية الأمنية لجيش العدو، وتساءلت: «ما هذه الرواية؟». كذلك، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّه «إذا كان صحيحاً ما قاله الجيش الإسرائيلي، فلينشر «فيديوات»، وإلا ما أعلنه سيكون عملية احتيالية»، من جهتها اعتبرت صحيفة «هارتس» ان «أداء الجيش الاسرائيلي مُقلق، وقالت «ليس هكذا يتصرّف الجيش القوي في الشرق الأوسط، لقد بثّ الهلع بدعم من وسائل الإعلام، لقد ربح حزب الله بالضغط على الوعي»…
«الغموض البناء»…
وفي استمرار لاستراتيجية الغموض البناء، وبعد «صمت» لساعات، اصدر حزب الله بيانا قال فيه، أن حالة الرعب التي يعيشها جيش الاحتلال الصهيوني ومستوطنوه عند الحدود اللبنانية، وحالة الاستنفار العالية والقلق الشديد من ردة فعل المقاومة على جريمة العدو التي أدت إلى استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن، و كذلك عجز العدو الكامل عن معرفة نوايا المقاومة، كل هذه العوامل جعلت العدو يتحرك بشكل متوتر ميدانياً وإعلامياً على قاعدة «يحسبون كل صيحة عليهم».
واكد البيان، إن كل ما تدعيه وسائل إعلام العدو عن احباط عملية تسلل من الأراضي اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلة، وكذلك الحديث عن سقوط شهداء وجرحى للمقاومة في عمليات القصف التي جرت في محيط مواقع الاحتلال في مزارع شبعا هو غير صحيح على الإطلاق، وهو محاولة لاختراع انتصارات وهمية كاذبة. واكدت المقاومة الإسلامية أنه لم يحصل أي اشتباك أو إطلاق نار من طرفها «حتى الآن»، وإنما كان من طرف واحد فقط هو العدو الخائف والقلق والمتوتر.. وختم البيان بالقول، إن ردنا على استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن الذي استشهد في العدوان الصهيوني على محيط مطار دمشق الدولي آت حتماً، وما على الصهاينة إلا أن يبقوا في انتظار العقاب على جرائمهم، كما أن القصف الذي حصل على قرية الهبارية وإصابة منزل أحد المدنيين لن يتم السكوت عنه على الإطلاق».
تخبط اسرائيلي
وفيما كشف اعلام العدو قبل ساعات من الاحداث في شبعا، بان اسرائيل تعمل جاهدة لمنع حزب الله من الرد، وذلك عبر ارسال تهديد للحكومة اللبنانية بواسطة جهات غربية، عبر التأكيد ان اسرائيل لن تقبل بمقتل أي جندي، وأنها ستضرب العمق اللبناني لمهاجمة أهداف حزب الله… في المقابل اشارت مصادر اسرائيلية اخرى ،ان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو شدد في وقت سابق على قياداته الأمنية والعسكرية بالعمل على إفشال قيام حزب الله برد موجع أو تناسبي أو ردعي، لان اسرائيل ليست بوضعية تتيح لها القيام بحرب واسعة او حتى رد محدود داخل لبنان…لكن عمق ازمة قوات الاحتلال تظهر في تسريبات عسكرية لوسائل اعلامية اشارت الى ان التحدي الأكبر يتمثل بإبقاء الجنود بعيدا عن الحدود لعدم توفير أهداف لحزب الله والدفاع عن البلدات والبؤر العسكرية الموجودة بالقرب من الحدود.
قلق من ضعف الجهوزية؟
وقبل ساعات من التوتر العسكري جنوبا، كشف استطلاع رأي أن أغلبية جنود الاحتياط في جيش الاحتلال، يعتقدون أنهم غير مستعدين للحرب، وقالت الإذاعة الاسرائيلية العامة، إن قيادة الجيش قلقة من الصورة القاتمة التي عكسها الاستطلاع الذي يظهر تدنيا متواصلا في قدرات وجاهزية وحماس جنود الاحتياط، وحسب هذا الاستطلاع الداخلي، يقول 15% فقط من جنود الاحتياط إنهم يتدربون بشكل كاف، فيما انتقد غالبيتهم جودة العتاد الخاصة بهم. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن ضابط كبير قوله إن نتائج الاستطلاع تكشف عن عمق أزمة طالما حذر منه ضباط وجنود منذ سنوات مثلما يكشف عن أزمة ثقة بينهم وبين الجيش. وقال «من الواضح أنه من واجب جيش الاحتياط أن يتمتع بلياقة وجاهزية قتالية لعدم وجود بديل له وبدونه لا يوجد انتصار»… واشارت الاذاعة الى انه وعلى الرغم من التحذير بوجود ازمة في قوات الاحتياط ليس جديدا، الا ان قيادة سلاح البر عرضت مؤخرا تقارير معمقة حول وجود ثغرات في التدريب والجهوزية امام رئيس اركان الجيش افيف كوخافي.
مواجهة الانهيار الصحي
على المستوى الصحي عادت البلاد الى «نقطة الصفر» مجددا، ففي محاولة «مرتبكة» لتجاوز المنعطف الخطير بعد الارتفاع الكبير في عداد الإصابات اليومية بفيروس «كورونا»، الذي بلغ بالامس 132 اصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 3882، سيتبنى المجلس الاعلى للدفاع والحكومة اليوم توصيات لجنة المتابعة لمكافحة «الوباء» التي اوصت بالعودة الى تدابير الصارمة، لكن اللافت بالامس حصول «بلبلة» صحية بعد حصول تغيير في نتائج الفحوصات المخبرية التي اجريت للنائب جورج عقيص، وبعض المصابين في قرطبا، بعدما تبين حصول خطأ ادى الى بلبلة كبيرة في البلاد، وهو ما يضعف الثقة بنتائج بعض المختبرات الرسمية والخاصة، اما كيفية العودة الى الاقفال فيتم حسمها اليوم بعد نقاش حوله بين وزير الصحة الذي كان يريد الاقفال التام لاسبوعين، لكن وزير الداخلية محمد فهمي رفض ذلك لاسباب اقتصادية، فخرجت التوصيات «خليط» من مرحلتين من غير المعروف اذا ما كانت كافية لاعادة «الوباء» الى الوراء…
اجراءات الاقفال
واعلن فهمي، أنه سيتم اقفال البلاد بشكل كامل من مؤسسات وشركات خاصة وقطاعات مصرفية»، موضحا أنه «تستثنى من هذا القرار المؤسسات الاستشفائية، الصحية، الامنية، العسكرية، الصناعية، الزراعية، والاعلامية، وذلك بالإضافة إلى المرافئ البحرية والبرية والجوية والبلديات والمرافق العامة وفقا لجدول مناوبة يتم تحديده».
واشار الى ان التدابير الوقائية المعتمدة، وتبعا لواقع الاقفال من 30 تموز 2020 إلى 10 آب 2020، سيتم التقيد بإقفال الحانات والملاهي الليلية، والغاء السباقات، واقفال غرف المؤتمرات والصالات، والاسواق الشعبية، وملاهي الأطفال والحدائق العامة، بالإضافة إلى إلغاء المناسبات الدينية، واقفال المسابح الداخلية في الأندية ووقف حالات التدريب الجماعي، في حين أن الآلات ستظل مفتوحة أمام المتدربين»، لافتا الى انه «سيتم التواصل مع الفعاليات الدينية لإغلاق دور العبادة، توازيا مع منع جميع الحفلات والسهرات».
وأكد فهمي أن «المطاعم والملاهي سيتم فتحها ب 50% من قدرتها الاستيعابية، بينما سيتم اقفال جميع دور السينما والمسارح»، طالبا من «المواطنين البالغين من العمر 65 سنة وما فوق، التزام منازلهم والابتعاد عن الاختلاط». ونوه بأن «وسائل النقل سيتم تسييرها ب 50% من قدرتها الاستيعابية».
اما بالنسبة للمراكز الحدودية، فاكد وزير الداخلية انه ابتداء من 31 تموز، سيتعين على الوافدين ابراز نتيجة فحص نتائج سلبية، كما انه على جميع الوافدين الى لبنان من البلدان التي تشهد نسبة اصابات منخفضة الخضوع لفحص «بي سي آر» والتزام العزل المنزلي لمدة اقصاها 48 ساعة حتى صدور نتيجة الفحص، في حين أنه على جميع الوافدين التي تشهد بلدانهم اصابات مرتفعة، الخضوع لفحص كورونا والانتقال للعزل ضمن مراكز الحجر على نفقتهم الخاصة لمدة اقصاها 48 ساعة، على ان يصار خلال هذه المدة تحديد اسم المختبر وموعد الفحص الثاني الذي سينفذه الوافد.
«ارباك» التحقيق الجنائي؟
وتناقش الحكومة في جلستها اليوم ايضا عقد وزير المال غازي وزني مع شركة «مارسال اند الفارز» للقيام بالتحقيق الجنائي، وفي هذا السياق، تشير مصادر وزارية الى وجود نية لاحالة مسودة الاتفاق الى هيئة الاستشارات في وزارة العدل، لابداء الراي في تفاصيل العقد، خصوصا ان عددا من الوزراء لديهم علامات استفهام حول جدوى المضي بالخطوة، وهدر نحو مليوني دولار، اذا كان مصرف لبنان محصناً قانونيا بالسرية المصرفية التي تمنع موظفيه من الافصاح عن اي معلومات في هذا الاطار، ودون حصول تعديل قانوني ستكون النتائج مخيبة.. وفي هذا السياق يناقش مجلس الوزراء اقتراح قانون يرمي الى رفع السرّية المصرفية، وكذلك مشروع قانون اعده وزير الداخلية محمد فهمي يرمي الى إعفاء كافة المركبات الآلية من رسوم السير السنوية ورسم اللوحات المميزة للعام 2020 او العام 2021 حصراً والغرامات المرتبطة بها.
التهديد «بالعتمة»
في هذا الوقت، وفيما تحدثت المعلومات عن عودة مادة البنزين الى المحطات خلال 24 ساعة، لا تزال الكثير من المحطات تمتنع عن بيع الوقود بسبب عدم تسلمها المحروقات من الشركات، وفيما لا يزال التقنين الكهربائي على قساوته، نفذ تجمع أصحاب المولدات الكهربائية اعتصاما أمام وزارة الطاقة، أعلنوا خلاله بدء التقنين في كل المناطق، وطالبوا الحكومة بإيجاد آلية لتزويدهم بالدولار وتأمين مادة المازوت بالسعر الرسمي، لا عبر السوق السوداء»، كما طالبوا برفع سعر التعرفة، وأعلنوا عن «البدء بالتقنين المكثّف»، وهددوا بالاطفاء الشامل بعد اسبوع، اذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم…
«موديز» وتخفيض جديد
ومن المؤشرات الاقتصادية السلبية تخفيض وكالة موديز تصنيفها الائتماني للبنان من«سي اي» الى «سي»، وقد عللت «الوكالة» ذلك بأنه يعكس تقديراتها بأن الخسائر التي يتكبدها حائزو السندات خلال التعثر الحالي للبنان عن السداد من المرجح أن تتجاوز 65 في المئة، كما أوضحت أن قرار عدم وضع نظرة مستقبلية للتصنيف الائتماني للبنان يستند إلى احتمالات مرتفعة جدا لخسائر كبيرة للدائنين غير الرسميين…