علم لبنان مُنكّس فوق أنقاض عاصمته المنكوبة التي تغيّرت معالمها بالكامل، وفوق جثامين شهدائها الـ135، وآلام جرحاها الخمسة آلاف، وعشرات المفقودين، والذين انهارت منازلهم وأصبحوا بلا مأوى في بيروت الحزينة، التي كانت وستبقى «ست الدنيا»، ولا بد لها من أن تقوم من تحت الرماد، وتعود كما كانت دائماً عروس العواصم الأجمل في هذا الشرق.
سنة مشؤومة
لقد دخل لبنان فعلاً موسوعة المصائب؛ لم يعد التوصيف يُجدي وسط الدمار الشامل الذي حلّ ببيروت؛ منذ بداية هذه السنة ولبنان ينساق الى الذبح، لجريمة، او لجرائم، لم يرتكبها، بل ارتُكبت بحقه من قبل مجموعة المتسلّطين عليه والمتحكّمين بأمره والقابضين على انفاسه سياسياً واقتصادياً ومالياً، مجموعة فرّخت عصابات عاثت فيه فساداً ونهباً، وخرّبته بسوء إدارتها وإهمالها الذي جاء بأبشع صوره الكارثيّة في زلزال مرفأ بيروت.
منذ بداية السنة وحتى اليوم المشؤوم الثلاثاء 4 آب 2020، يبدو لبنان وكأنه لم يبقَ منه شيء سليماً، فكل شيء فيه صار متهالكاً. فمنذ اللحظة الاولى التي بدأ فيها خَطوه في اليوم الأول من هذه السنة، دُفع بلبنان ليقف على مفترق مصائب متناسلة من بعضها البعض، ومتتالية كحلقات متواصلة؛ المصيبة الاقتصادية والمالية خَلّعته بالكامل، والمصيبة الكورونية تفتك بواقعه الصحي، والمصيبة السياسية هي وحدها أم المصائب، وها هي المصيبة الكيميائيّة تدمّر العاصمة برمشة عين، وتهوي بها الى قعر الوجع والحزن والخراب.
بالأمس، انقشعت صورة الانفجار، وهول المشهد فظيع، الوضع الانساني في منتهى الكآبة، والألم في ذروته، والبلد من أدناه الى أقصاه مصدوم، والناس تريد ان تعرف ما الذي حصل بالفعل، وهل انّ الانفجار ناجم عن خطأ غير مقصود، او انه مفتعل، ناجم عن عمل تخريبي من الداخل او من الخارج، الناس لا يمكن ان تقبل ان يُلَفلف هذا الامر.
ضبابية
حقيقة ما جرى تتوارى خلف رواية رسمية عن انّ التدمير ناجم عن انفجار كميات هائلة من نيترات الامونيوم، انفجرت بسبب تلحيم لإحدى البوابات فيه، وكذلك خلف الكثير من الروايات التي تتوالى من كل حدب وصوب، وترجّح فرضية العمل التخريبي او العدواني.
وزاد من ضبابية المشهد ما ذكرته صحيفة هآرتس الاسرائيلية من أنه «تم استهداف أسلحة لـ«حزب الله» في مرفأ بيروت». ومن دون ان تقدم اضافات، وكذلك التصريحات الاميركية المتضاربة حول الانفجار، حيث اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب «انّ ضبّاطاً أميركيين أبلغوه أنّ الانفجار الرهيب في بيروت ناجم عن قنبلة من نوع ما»، إلّا انّ 3 من مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أبلغوا قناة «سي إن إن»، أمس، انه «لا يوجد لدى الجيش الأميركي أي دليل على أنّ الانفجار في بيروت نَجمَ عن هجوم، كما أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سابقاً.
ونَوّهت المصادر الثلاثة، في ذات الوقت، بأنها «لا تعرف ما الذي يتحدث عنه الرئيس». وأشار أحدهم الى أنه، لو كان لدى الجيش أيّ دليل على أنّ ما حصل كان هجوماً مدبّراً، فإنّ السلطات الأميركية كانت ستقرّر على الفور اتخاذ إجراءات إضافية لحماية القوات المسلحة الأميركية والممتلكات الأميركية في المنطقة. وشدّد المصدر على عدم صدور مثل هذه الأوامر حتى الآن».
وكان ترامب، في موجز صحفي في البيت الأبيض، قد أجاب بالإيجاب عندما سُئل عما إذا كان يعتقد أنّ سبب ما جرى في بيروت كان هجوماً، وليس نوعاً من الحوادث.
وقال: «إنطلاقاً من طبيعة الانفجار، يبدو الأمر كذلك. إلتقيتُ بعض جنرالاتنا الرائعين، ويبدو أنهم يعتقدون أنه كان هجوماً. السبب كان نوعاً من القنابل، نعم».
من جهته، إستبعد وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر أن يكون الأمر نتيجة قنبلة كما اقترح الرئيس دونالد ترامب، وتبنّى عِوض ذلك رواية السلطات اللبنانية التي قالت إنه نتج عن تخزين 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت في غياب تدابير وقاية.
وقال اسبر في منتدى أسبن للأمن: «لا زلت أتلقى معلومات حول ما حصل»، مشيراً إلى انّ «الأغلبية تظن أنه حادث».
وفي وقتٍ برزَ موقفٌ مريب لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، حيث أعلن استعداد تل أبيب «لتقديم المساعدات الإنسانية إلى لبنان، مِن بَشر لِبشر»، أشارت إيران على لسان رئيس منظمة الدفاع المدني غلام رضا جلالي إلى «احتمال أن يكون انفجار مرفأ بيروت ناجماً عن فِعلٍ مُتعمد من قبل أعداء جبهة المقاومة»، فيما لفتت وكالة «فارس» الإيرانية إلى أصابع «الكيان الصهيوني الخفية وراء كارثة بيروت».
الرواية الرسمية
حتى الآن، لا تبدو المعطيات مكتملة، وفي غياب ما يُثبت سائر الروايات، تبقى الرواية اللبنانية هي المُعطى الرسمي المُتاح، والنقاش الجاري استناداً إليها، يسعى الى إماطة اللثام عن كل خفايا هذه المسألة وألغازها، وهو ما يفترض ان تتوصّل اليه التحقيقات سريعاً، وتقدم الحقيقة الكاملة لهذا الزلزال وأسباب انفجاره.
واضح انّ البلبلة هي سيدة الموقف، وبالتأكيد انّ لعبة الاستثمار السياسي ومحاولة الرقص فوق دماء الشهداء والجرحى وفوق ركام العاصمة، قد تُعادِل الانفجار. وبالتأكيد ايضاً انه إذا صحّت الرواية الرسمية، فإنّ الدخول في لعبة تَقاذف المسؤوليات وتجاوز محاسبة المسؤول أو المسؤولين عما جرى، في أيّ موقع كانوا، سواء لناحية الاهمال او التخزين، يعدّ جريمة أكبر من هول الإنفجار نفسه، فكيف يعقل ان تخزّن مواد كيميائية قابلة للانفجار وتعادِل قنبلة نووية، بالقرب من المناطق الآهلة بالسكان؟ ومن البديهي التأكيد هنا على انّ هذا التخزين، وبمعزل عن الطريقة التي تم فيها، او مَن أوحى به، سياسياً كان او أمنياً او قضائياً، ولأيّ سبب او ذريعة، ما هو سوى فساد لا يمكن فصله ابداً عن منظومة الفساد، وبنية الفساد الحاكمة في البلد، والذي أدى الى تجميع كميات هائلة من نيترات الأمونيوم (2700 طن)، بين الناس وانفجرت فيهم، والعدد النهائي للشهداء زاد عن المئة، والجرحى فاقوا الأربعة آلاف، امّا الخسائر المادية فقدّرت بما يزيد عن 5 مليارات دولار.
أسئلة
وبالتوازي مع استمرار عمليات البحث عن مفقودين وسط الدمار الهائل في المرفأ، ثمة اسئلة كثيرة تتطلب إجابات دقيقة:
– لماذا لم تتم ازالة هذا الخطر على مدى عهود الحكومات التي تشكلت منذ العام 2013 وحتى اليوم؟ وما أو من الذي منعَ ذلك؟
– مَن سيطال التحقيق؟ هل سيطال الموظفين فقط؟ او المسؤولين عن المرفأ فقط؟ ام انه سيتوسّع ليشمل بالمسؤولية مستويات رفيعة في الدولة ممّن كانوا في السلطة في السنوات الماضية من وزراء وغير وزراء؟
– لماذا لم يؤخذ بتحذيرات الاجهزة الامنية؟
– من أهمل هذه التحذيرات؟ ومن وما الذي كان يمنع إزالة هذه المواد من العنبر رقم 12؟
– هل صحيح انه كانت هناك ثغرة في العنبر حيث كانت المواد الكيميائية مخزّنة؟ ما هي هذه الثغرة؟ من فتحها؟ وكيف فتحت؟ ومن قرّر سدّها؟ وهل تمّت الاستعانة بخبراء عسكريين قبل عملية سد الثغرة وأثناءها؟
(يُشار هنا الى انّ رئيس مجلس إدارة والمدير العام لمرفأ بيروت حسن قريطم استغربَ في بيان «كيف أنه، وبالرغم من المراسلات المتكررة بين إدارة الجمارك وقضاء العجلة، لم يتم التخلّص من هذه المواد؟ مضيفاً أنه تمّ تعيين حارس قضائي عليها، ووُضِعت في عنبر منفرد حيث بقيت لمدة 6 سنوات من دون أن يكون للإدارة الحَق في التصرّف بها، مشيراً إلى أنّ الإدارة تلقّت تعليمات من القضاء مؤخراً وبعد كل هذه السنوات تقضي بإقفال فجوة في بوابة العنبر لحماية محتوياته من التلف والسرقة، وهذا بالتحديد ما أقدمت عليه إدارة المرفأ).
– هل صحيح انّ مديرية أمن الدولة وضعت تقريراً بالمواد المتفجرة في 10 كانون الاول 2019 وتمّ رفعه الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والى حكومة سعد الحريري التي كانت مستقيلة في ذلك الوقت؟ ولماذا لم تتخذ الاجراءات المناسبة تِبعاً لهذا التقرير؟
– هل صحيح انّ أمن الدولة وضع تقريراً ثانياً حول الموضوع نفسه في 4 حزيران 2020 وجرى تسليمه الى رئيس الجمهورية والى رئيس الحكومة حسان دياب؟
– هل صحيح انّ أمن الدولة وضع تقريراً ثالثاً حول الموضوع نفسه في 20 تموز 2020 ورُفع مجدداً الى رئيسي الجمهورية والحكومة؟
مجلس القضاء
الى ذلك، أعلن مجلس القضاء الاعلى انه « تابع ويتابع مع النائب العام التمييزي مسار التحقيقات التي باشر بها، ويعاهد الشعب اللبناني، ومن منطلق دوره في السهر على حسن سير القضاء، العمل من دون هوادة على أن تُنجَز هذه التحقيقات للوصول الى تحديد المسؤوليات وإنزال العقوبات الملائمة بحقّ المرتكبين». وطلبَ مجلس القضاء الأعلى عدم إطلاق الأحكام المسبقة التي تتناول القرارات والإجراءات القضائية، بعيداً عن الإحاطة بكل المعطيات الثابتة المتعلقة بالملف.
تضامن دولي
العالم متضامن مع لبنان، ودول كثيرة هرعت لِمد يد العون لتجاوز هذه الكارثة، قداسة البابا فرنسيس قال: «إننا نصلي من اجل ضحايا انفجارات بيروت وعائلاتهم، ونصلي من اجل لبنان لكي يتمكن بالتزام جميع مكوناته الاجتماعية والسياسية والدينية من مواجهة هذه المرحلة المأساوية والاليمة».
ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية أعربت عن «حزنها العميق» للانفجار الضخم الذي هَزّ بيروت، في رسالة تعزية إلى الرئيس اللبناني ميشال عون. وكتبت الملكة في رسالتها: «الأمير فيليب وأنا نشعر بحزن عميق للأخبار المتعلقة بالانفجار الذي وقع أمس في مرفأ بيروت. أفكارنا وصلواتنا مع عائلات وأصدقاء مَن أصيبوا بجروح أو خسروا حياتهم، ولكل من تضرّرت بيوتهم وسُبل معيشتهم».
فرنسا مُستنفرة بالكامل تجاه لبنان، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في بيروت اليوم في زيارة لـ6 ساعات يلتقي خلالها الرؤساء الثلاثة ويتفقّد مكان الانفجار. ورئيس الوزراء الفرنسي جَمع بعد ظهر امس الوزراء المعنيين بمساعدة لبنان، ووزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان اتصل بوزير الخارجية شربل وهبه، وأعلن «اننا سنقترح حَشد المجتمع الدولي لتوفير المساعدات الانسانية للبنان». ووزير المال الفرنسي برونو لو مير إتصل بوزير المال غازي وزني مُستفسراً عن حاجات لبنان لينقلها إلى الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، وأعرب عن تضامن فرنسا مع اللبنانيين. ونقل وزني لـ لو مير «حاجة لبنان الى المساعدة الفرنسية على مختلف الصعد الغذائية والطبية ومواد البناء، وطلب منه مساعدة لبنان من أجل تأمين ضمان فتح اعتمادات للخارج. (تجدر الاشارة في هذا السياق الى انّ نيابة باريس قررت فتح تحقيق، إثر إصابة 21 فرنسياً على الأقل في انفجار المرفأ).
الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصل برئيس الجمهورية ميشال عون مؤكداً التضامن مع لبنان، ووزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو اتصل بالرئيس سعد الحريري ثم برئيس الحكومة حسان دياب مؤكداً دعم الولايات المتحدة الاميركية للبنان واستعدادها لتقديم مساعدات عاجلة له. وقال: تحدثتُ هذا الصباح مع رئيس الوزراء اللبناني للتعبير عن خالص التعازي بعد الانفجار المروع في بيروت، قائلاً له إنّ الولايات المتحدة تتضامن مع الشعب اللبناني وتبقى ملتزمة بالمساعدة في أعقاب هذا الحدث المرعب.
رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح خالد الاحمد الصباح اتصل برئيس الحكومة مؤكداً وقوف الكويت الى جانب لبنان وإرسال مساعدات، وكذلك اتصل به وزير الخارجية البريطانية دومينيك راب الذي أعلن عن مساعدات بقيمة 5 ملايين جنيه استرليني، كما اتصلت وزيرة الخارجية الاندونيسية رتنو مرسودي، والنائب الاول للرئيس الايراني. فيما رافق نائب وزير الخارجية اليونانية كوستا فراغوبانيس طائرتَي مساعدات الى بيروت. هذا في وقت أعلنت مصر عن تشكيل جسر جوي للمساعدات للبنان، فيما بدأ فيه وصول طائرات مساعدات من الكويت وقطر والعراق واليونان وايران والاردن وروسيا والامارات العربية المتحدة وتونس وغيرها من الدول العربية والاجنبية، إضافة الى طائرة أدوية من منظمة الصحة العالمية.
تأجيل الحكم
امّا داخلياً، وفيما اعلنت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تأجيل النطق بالحكم الى يوم الثلاثاء 18 آب الجاري، بقيت مواقف القوى السياسية من الانفجار متأثرة بالانقسام السياسي، والاشتباك القائم بين الحكومة وقوى المعارضة، فيما صدرت دعوات الى تشكيل لجنة تحقيق دولية او عربية، لا سيما رؤساء الحكومات السابقين وتيار المستقبل، دعا مجلس المطارنة الموارنة الى تخصيص يوم السبت 8 آب الجاري يوم صوم وصلاة وتوبة على نية وطننا المجروح، وصلاة لراحة أنفس الشهداء ومن أجل شفاء الجرحى.
مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء قد عقد جلسة استثنائية في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، وتبنّى ما صدر عن المجلس الأعلى للدفاع لجهة إعلان بيروت مدينة منكوبة، واعلان حالة الطوارىء فيها لمدة أسبوعين قابلة للتجديد. وقرر تشكيل لجنة تحقيق إدارية لإدارة التحقيق في الاسباب التي أدّت إلى وقوع الكارثة والطلب من السلطة العسكرية العليا فرض الاقامة الجبرية على كل مَن أدار شؤون تخزين نيترات الأمونيوم وحراستها ومَحَصَ ملفها أيّاً كان منذ حزيران 2014 حتى تاريخ الانفجار. ومن دون ان تتحدد أسماء من ستشملهم الاقامة الجبرية.
وخلال الجلسة تركزت مداخلات الوزراء على اسباب ترك هذه المواد طوال 6 سنوات في العنبر، وصدرت مطالبات باتخاذ إجراءات بحق المسؤولين ومَن أهملوا صيانة العنبر.
كذلك جرى عرض المساعدات التي عرضها عدد من الدول، وكانت هناك رغبة بتوزيع المستشفيات الميدانية لا سيما في المناطق التي توقف العمل في مستشفياتها جرّاء الانفجار.
وطرح الوزير عماد حب الله موضوع الاقامة الجبرية، فأيّدها عدد كبير من الوزراء، فطلب الوزير مرتضى أن تكون مَنع سفر وليس إقامة جبرية تَحدّ حركة المعنيين قبل صدور نتائج التحقيق، وقال: يجب ان تحددوا الاشخاص قبل الاقامة الجبرية لا ان نتحدث في هذا الامر بالمطلق، عندها يُلاحق المُدان قانوناً ولا يتم التعرّض لغير المُدان. فحصل تصويت على هذا الامر، وحسمت أكثرية وزارية اللجوء الى اعتماد الاقامة الجبرية.
وعلمت «الجمهورية» انّ مشادّة كلامية حصلت بين رئيس الحكومة حسان دياب والوزير عماد حب الله على خلفية تحديد المسؤولية في ملف التفجير، والوزير حب الله أراد شَمل الجميع، لكنّ رئيس الحكومة حصرَ المسؤولية بالتفجير فقط. وارتفع صوت حب الله الى حدّ إثارة غضب دياب الذي خاطبه بصوت عالٍ: «وَلا كلمة يا عماد، وخَلص بَقا».
وخلال مناقشة حالة الطوارىء، قالت وزيرة الدفاع: يحقّ للجيش في حالة الطوارئ وضع يده على كل شؤون البلاد. فقال لها الوزير عماد حب الله: هذا كلام غير دقيق. واعترض على عبارة إعطاء صلاحيات مطلقة في البلاد لقائد الجيش.
واقترحت وزيرة الدفاع ملاحقة الاعلاميين والحَد من الحرية الاعلامية وتماديها واعتمادها على المادة القانونية رقم 11، التي تقول انه في حالة الطوارئ يحقّ للجيش قمع الوسائل الاعلامية والسوشال ميديا ومصادرة الصحف، وان يصبح الاعلام تحت رقابة الجيش، خاصة انّ هناك تطاولاً من قبل الاعلاميين، ويجب ان نضع لهم حداً من خلال الصلاحيات الممنوحة لوزارة الدفاع. وقد عارَضها الوزراء منال عبد الصمد وعباس مرتضى ودميانوس قطّار.
وفي معلومات «الجمهورية» أنّ كل وزير عرض تقريراً حول الاضرار التي لحقت بوزارته وكذلك بكل المؤسسات الرسمية، وخصوصاً الوزارات الممتدّة على الخط الساحلي. وقد درس مجلس الوزراء إمكانية أخذ مراكز مؤقتة للوزارات التي لم يعد يصلح العمل فيها، أمّا الوزارات التي يمكن ترميمها بشكل سريع فستتخَذ كل الاجراءات للإسراع في رفع الاضرار ومباشرة العمل فيها، وخلية الازمة ستبحث بكل هذه الامور تفصيلياً، علماً أنها عقدت اوّل اجتماع لها مساء امس. كما طُلب من وزير الاشغال ان يعمل على تشغيل مرفأ طرابلس بأقصى قدراته لتغطية عمليات الاستيراد والتصدير التي أصبحت مستحيلة في مرفأ بيروت.
كذلك جرى عرض نتيجة الاجتماع الذي عقد صباحاً في وزارة الدفاع، والذي اطّلع فيه المجتمعون على المسح الأولي للاضرار في بيروت والادارات الرسمية والوزارات، حيث تقرر ان تؤخَذ أماكن مؤقتة للوزارات التي لم يعد يصلح العمل فيها بسبب حجم الدمار، امّا الوزارات الاخرى فسيتم العمل داخلها بالحد الأدنى.
وبعدما جرى التأكيد على أن يتم تشغيل مرفأ طرابلس بأقصى قدراته، عرض وزير الصحة لحال المستشفيات وخصوصاً تلك المتضررة بالكامل، والتي أصبحت خارج الخدمة، كالروم والجعيتاوي والكرنتينا، وأكد انّ هناك عدداً كبيراً من المفقودين لا يزال الاتصال معهم مستحيلاً ولم يتم العثور عليهم.
كذلك عرض للمساعدات المقدمة من الكويت وقطر عمان والاردن ومصر وسويسرا وروسيا، التي تبرعت بإرسال مستشفيات ميدانية وأدوية وأمصال، وأبلغ مجلس الوزراء أنه سيوزّع هذه المستشفيات على المناطق الأكثر تضرراً في بيروت وضواحيها. وقال وزير الصحة انّ هذا الحدث لا يجب ان يُثنينا عن كورونا التي تجاوزت عدد إصاباتها الـ 200 حالة.
وحصل سجال بين وزير الصحة والوزيرة زينة عكر حول المستشفيات، حيث اعترض وزير الصحة على وضع يد وزيرة الدفاع على المساعدات الطبية، كما اعترض على طرد فريق وزارة الصحة من المطار وتبليغهم انه ليس لديهم أي صلاحيات. وقال لرئيس الحكومة اذا لم يحلّ هذا الامر سيكون لديّ موقف في المساء، فأجابه رئيس الحكومة: لسنا بصدد هذا الكلام.
ثم سأل وزير الصحة: «هل المطلوب إلغاء وزارة الصحة وإعطاء الصلاحيات لوزيرة الدفاع ومصادرة كل التقديمات الطبية؟».
حسن
وأوضح وزير الصحة لـ«الجمهورية» انّ «هناك اتفاقاً على آلية لوضع المستشفيات الميدانية بالسرعة القصوى من اجل إنقاذ الجرحى والمصابين ضمن ضوابط التعبئة والطوارئ، ونحاول ان نجد آلية سَلِسة لتوزيع هذه المستشفيات ووضع المستشفيات المدنية وفقاً لطلب وزير الصحة بعد تحديد الاماكن المناسبة لها، امّا المستشفيات العسكرية فتكون إدارتها بقيادة الجيش ووزارة الدفاع، ولا مشكلة لدينا ان يكون هناك ادارة مشتركة لإدارة الهِبات والمساعدات الطبية منعاً للتأويل والتشكيك وضمانة للثقة المُطلقة بالجيش اللبناني.
أضاف: أمّا موضوع استلام المستشفيات الميدانية فهي من اختصاص وزارة الصحة للاسراع بإقامتها وإنقاذ الجرحى والمصابين، ولا مانع لدينا أن يستلمها الجيش في المطار ويحوّلها مباشرة الى الصحة.
كما أوضح وزير الصحة انّ المستشفيات الميدانية هي التي تقدَّم كمساعدات من وزارات الصحة للدول التي أبدَت استعدادها للمساعدة، أمّا المستشفيات العسكرية فتكون وجهتها من العسكر الى العسكر.