كاد نصف الحكومة ان يستقيل لولا جهود رئيسها حسان دياب الذي افشل هذا السقوط… فاستقال وزيران، وزيرة الاعلام منال عبد الصمد معتذرة من اللبنانيين ووزير البيئة والتنمية الادارية الذي استقال مساء في بيان عنونه «نفسي حزينة حتى الموت».
وكانت المعلومات متناقضة حول استقالة الوزير قطار، فقد اكدت مصادر مطلعة انه لن يستقيل، بينما مصادر اخرى شددت على اصراره على الاستقالة وانه لن يحضر جلسة مجلس الوزراء اليوم، وبالفعل اصدر مساء بيان استقالته.
كما كانت هناك استقالات لنواب هم: نعمة افرام، ميشال معوض، ديما جمالي، واعلن النائب هنري حلو انه سيقدّم اليوم استقالته خطياً في مجلس النواب.
بموازاة ذلك، حرّك رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسات المجلس، ودعا الى جلسة اليوم لهيئة مكتب رئاسة المجلس، ويوم الخميس ستكون الجلسات مفتوحة في قصر الاونيسكو «لمناقشة الحكومة حول الجريمة المتمادية التي لحقت بالعاصمة والشعب وتجاهلها».
اذاً، يمكن القول ان انفجار 4 آب الذي دمّر نصف بيروت تسبب بشلل حكومي ونيابي ادّى الى الاستقالات.
الاّ ان زيارة الرئىس الفرنسي مانويل ماكرون الى بيروت اعطت بعض الامل للبنانيين، اذْ كرر اكثر من مرة خلال جولته واجتماعاته مع المسؤولين ان زيارته هي لدعم الشعب اللبناني، لان الشعب لم يعد يثق بالسلطة الحاكمة، وبمعظم الطبقة السياسية، كما قال، واكمل الرئىس الفرنسي كلامه بالافعال، اذ دعا الى تسليم المساعدات الى المجتمع المدني في لبنان والى مؤسسات وهيئات غير حكومية وباشراف الامم المتحدة، وهذا ما جعل الحكومة في وضع صعب.
كلام الراعي قوي جداً
وفي السياق، كان كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس في عظة الاحد قوياً جداً، اذ طالب بتحقيق دولي في انفجار المرفأ، ووصف هذا الانفجار بـ«جريمة موصوفة ضد الانسانية». كما طالب بانتخابات نيابية مبكرة، وعملياً بحكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات.
وقال البطريرك الراعي: «… فلا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك، بل يجب، تحسساً مع مشاعر اللبنانيين وللمسؤولية الجسيمة، الوصول الى استقالة الحكومة برمتها، اذ باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد، والى اجراء انتخابات نيابية مبكرة بدلاً من مجلس بات عاطلاً من عمله. اننا نؤمن ايماناً وطيداً ان لبنان سيقوم كدولة الى نظام جديد هو نظام الحياد الناشط الذي، ما ان اطلقنا فكرته، حتى هبّت موجة تأييد عارمة».
كلام الكنيسة المارونية ادّى الى استقالة النواب الموارنة والوزير دميانوس قطار الذي يعتبر كلام رأس الكنيسة المارونية خطاً احمر لذلك اصرّ على الاستقالة.
مؤتمر المانحين
وتنفيذاً لما وعد به الرئىس الفرنسي، فقد عقد امس المؤتمر الدولي الافتراضي لمساعدة لبنان في فرنسا بدعوة من ماكرون وبالاشتراك مع الامم المتحدة وبمشاركة 36 مسؤولا من رؤساء وملوك ورؤساء حكومات ووزراء خارجية ومدراء مؤسسات مالية دولية، وقرّر المشاركون العمل بحزم وبالتضامن لمساعدة بيروت والشعب اللبناني على تجاوز نتائج مأساة الرابع من آب. واتفقوا على حشد موارد مهمة في الايام والاسابيع المقبلة بهدف تلبية الاحتياجات الفورية على اكمل وجه.
وقد توافق المؤتمرون في البيان الختامي للمؤتمر، على ان تكون مساعداتهم سريعة وكافية ومتناسبة مع احتياجات الشعب اللبناني ومنسقة جيدا تحت قيادة الامم المتحدة، وان تسلم مباشرة للشعب اللبناني، بأعلى درجات الفعالية والشفافية. كما ابدوا «الاستعداد لدعم النهوض الاقتصادي والمالي للبنان، مما يستدعي، في اطار استراتيجية لتحقيق الاستقرار، التزام السلطات اللبنانية بالكامل القيام سريعا بالاجراءات والاصلاحات التي يتوقعها الشعب اللبناني».
كما قرّر المؤتمر تقديم مساعدات فورية بـ250 مليون يورو تصل مباشرة للبنانيين.
وفي كلمته في المؤتمر، شكر رئىس الجمهورية العماد ميشال عون الرئىس ماكرون على مبادرته عقد المؤتمر الافتراضي لدعم لبنان بعد كارثة الانفجار في مرفأ بيروت مع الامم المتحدة، كما وجه الشكر للدول الشقيقة والصديقة على مسارعتها لمساعدة لبنان. واكد الرئيس عون ان «تلبية الاحتياجات بعد هذه الكارثة كبيرة جداً وعلينا الاسراع في تلبيتها خصوصاً قبل حلول فصل الشتاء حيث ستزداد معاناة المواطنين الذين هم من دون مأوى في ظل كل تلك الاوضاع الضاغطة».
واشار الى ان العدالة وحدها يمكن ان تقدم بعض العزاء للبنانيين، جدد التزامه بأن «لا احد فوق سقف القانون، وان كل من يثبت التحقيق تورطه، سوف يحاسب وفق القوانين اللبنانية». وشدد على وجوب ان تكون ادارة صندوق التبرعات المالية المنوي انشاؤه، منبثقة عن المؤتمر.
بدوره، شدد ماكرون خلال المؤتمر «على وجوب العمل بسرعة وفاعلية لمساعدة لبنان وشعبه لمواجهة الكارثة التي حلت به، والرد بسرعة على حاجات اللبنانيين من خلال ايصال المساعدات عبر الامم المتحدة مباشرة الى الشعب بمشاركة صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية».
كما طالب الرئيس الفرنسي بـ«تحقيق غير متحيز، ذي مصداقية، ومستقل لكشف ملابسات الانفجار»، ودعا الى «الحرص على وجوب عدم حصول اي فوضى في لبنان منعا لتهديد الامن والاستقرار فيه وفي المنطقة»، معتبرا «ان مستقبل لبنان وشعبه على المحك. ولفت الى اهمية ان تقوم السلطات اللبنانية باصلاحات سياسية واقتصادية».
وقال ماكرون: «دقت ساعة النهوض والبدء بالعمل، وعلى السلطات اللبنانية ان تباشر بتطبيق الاصلاحات التي ستسمح للمجتمع الدولي بالعمل بشكل فعّال لاعادة الاعمار».
مواجهات عنيفة في ساحتي الشهداء والنجمة
ولليوم الثاني على التوالي، تبدو مشاهد ساحتي الشهداء والنجمة مأساة بكل معنى الكلمة، حيث جرى كرّ وفرّ بين المتظاهرين والقوى الامنية اذ سقط جرحى من الجانبين، ودارت مواجهات عنيفة بينهما في محيط مجلس النواب، فالمحتجون رشقوا عناصر الامن بالحجارة، فيما استخدمت قوى الامن قنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
كما اندلعت حرائق صغيرة في عدد من الشوارع، كما دخل المتظاهرون مبنيي وزارتي الاشغال والمهجرين في «ستاركو»، لكن الجيش تمكّن من اخلائهما.
في غضون ذلك، اقرت قوى الامن الداخلي اللبنانية، على حسابها الرسمي في «تويتر»، بازدياد اعمال الشغب وارتفاع وتيرة الاعتداءات المتكررة على عناصرها، داعية المتظاهرين السلميين الى الخروج فورا من الاماكن التي تحصل فيها الاعتداءات حفاظا على سلامتهم.
كما وجهت قيادة الجيش اللبناني تحذيرا عبر «تويتر» الى «بعض المتظاهرين الذين تجاوزوا الاطر السلمية للتظاهرات وعمدوا الى القيام باعمال شغب وتكسير وحرق وتعد على الممتلكات العامة والخاصة»، مؤكدة عزمها على «التعامل مع هؤلاء بالطرق المناسبة»، وجددت دعوتها للعودة الى سلمية التظاهر.(التفاصيل ص5)
«كورونا» : 294 إصابة جديدة
ووسط كل ما يحصل سياسياً وامنياً، لا بدّ من الاشارة الى ان وباء «كورونا» لا يزال يأخذ خطاً تصاعدياً في الاصابات، حيث سجلت وزارة الصحة امس 294 اصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 6517 حالة.