انتهت حكومة حسان دياب. أطلقت على نفسها رصاصة الاستقالة هرباً من سقوطها المحتّم في محاكمةٍ كانت تنتظرها الخميس في المجلس النيابي، بعد أن رجمها الشارع المنتفض.
أمّا وقد تحقق هذا الإنجاز لمطالب الناس، والذي كان أحد البنود التي حملها اللقاء الديمقراطي، وجال بها في اتصالاته السياسية وفق الخارطة التي رسمها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، فإن الأنظار باتت متجهةً إلى النقاط المتبقية، أي تشكيل حكومة حيادية تشرف على انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون لا- طائفي، وتحقيقٍ دولي في جريمة المرفأ.
ما تشير إليه الوقائع غير المعلنة، وفق مصادر مراقِبة للتطورات السياسية تحدثت لـ”الأنباء”، فإن ثلاثة عناوين رئيسية أدّت إلى استقالة الحكومة التي ولدت عرجاء، أولها تعثّر رئيسها وفشله في انتهاج سياسة إنقاذية تنتشل البلاد من الأزمات الاقتصادية، والنقدية، والمعيشية، ما ضاعف من حجم المخاطر التي يتعرّض لها اللبنانيون منذ بداية تشكيلها؛ والثاني زلزال الرابع من آب الذي دمّر العاصمة بيروت، وأوقع ما يقارب الـ 200 شهيداً، وأكثر من 7,000 جريح، فضلاً عن الدمار الذي لحق بالمنازل السكنية والمؤسّسات العامة والخاصة، وأدّى إلى تشريد 300 ألف نسمة بعد أن أصبحوا بلا مأوى بفعل الدمار الذي أصاب بيوتهم. وقد أعاد كل ذلك إشعال فتيل غضب الشارع بعد أن كانت اعتقدت السلطة أنها دجّنته؛والثالث، هو الضغط السياسي المحلي، كما الخارجي، والذي ازداد حجمه بشكلٍ كبير في الأيام الماضية، وتحديداً مع لحظة وصول رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون إلى لبنان.
المصادر المراقِبة لم تستبعد في نهاية الأمر الذهاب إلى تقصير ولاية مجلس النواب، والدعوة إلى انتخابات مبكّرة، بعد تشكيل حكومة حيادية تشرف على إعادة إنتاج سلطةٍ جديدة تساعد على انتشال لبنان من أزماته. وعليه فإن الاتصالات السياسية ستتمحور في الساعات المقبلة على شكل الحكومة المقبلة، ودورها الذي يجب أن لا يتعدى إطار الإصلاح الفعلي لوقف الأزمة الاقتصادية، والعمل على انتخابات جديدة.
عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله، لفت في حديثٍ مع “الأنباء” إلى أن الاتصالات التي أجراها وفد اللقاء الديمقراطي مع القوى السياسية كانت بنّاءةً وهادفة، مشيراً إلى أن مطلب استقالة الحكومة كان من البنود التي طرحها اللقاء “لأنها فشلت”.
وحول احتمال الاستقالة من مجلس النواب، لفت عبدالله إلى أن “الاستقالة على الطاولة، وقد تتم حسب التوقيت، والشكل، والهدف. لكن لسنا مستعجلين”، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة التمسّك بالمطالبة بلجنة تحقيق دولية في انفجار مرفأ بيروت، “وهذا ما يستدعي تقديم طلبٍ رسمي من الحكومة، وفيما اللقاء الديمقراطي سوف يقدم عريضةً بهذا الصدد. لنرى ماذا سيحصل”.
عضو تكتل الجمهورية القوية النائب أنيس نصار، لفت بدوره في اتصالٍ مع “الأنباء” إلى تأجيل اللقاء الذي كان مقرراً ليل أمس في معراب، وذلك بعد استقالة الحكومة التي دفعت إلى التريّث بشأن الاستقالة من مجلس النواب، “لنرى ماذا سيحصل بالنسبة إلى تشكيل الحكومة، وعلى ضوء ذلك نتخذ القرار المناسب”، داعياً إلى تشكيل حكومة إنقاذ مصغرة تضم اختصاصيين ومحايدين تُشرف على انتخابات نيابية مبكرة تستطيع أن تفرز سلطة جديدة تعمل على إنقاذ البلد.
عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم، أشار عبر “الأنباء” إلى أنه، “من المفترض تشكيل حكومة في وقت قريب جداً، وأن يصار إلى نقاشٍ وطني مسؤول يساعد على تشكيل حكومة. فإذا كانت النوايا صادقة، والجميع يريدون إنقاذ البلد، ولملمة جراحه بعد المصيبة التي حلّت به، فينبغي أن توضع الخلافات جانباً، والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تأخذ على عاتقها إنقاذ البلد”.
وعن الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة، رأى هاشم أنه، “بغض النظر إذا حصلت أم لا، فهل سنعود إلى هذا القانون المسخ؟ العلة في هذا القانون الطائفي الذي يُعتبر أسوأ ما في تركيبة هذا النظام، وإجراء انتخابات بموجب هذا القانون الطائفي سيزيد الأمور تعقيداً”.
وعليه، تتجه الأنظار في الساعات المقبلة إلى ما ستفضي إليه الاتصالات المحلية بالدرجة الأولى على مستوى نوعية وبرنامج الحكومة المقبلة، وما إذا كانت القوى المعنية مستعدة للسير في سلةٍ واحدة تكفل حصول انتخاباتٍ مبكرة، وتحديداً في ظل خشية واضحة لدى بعض أفرقاء السلطة من خوض انتخاباتٍ حاليةٍ لاعتبارات تتعلق بوضعها الشعبي، فيما لا تبدي أطراف أخرى رغبة في طرح قانون انتخابي لا- طائفي، والذي ينادي به رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وتتطلع إليه غالبية المنتفضين بوجه السلطة السياسية.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : مطلبٌ تحقّق واثنان ينتظران… حراكٌ محلي ودفعٌ دولي لحكومة جديدة دياب أطلق “رصاصة الاستقالة” على حكومته هرباً من محاكمة نيابية