سيمرّ وقت طويل جداً، قبل ان تستفيق بيروت واهلها، ومن خلالهما كل لبنان واللبنانيين، من صدمة انفجار «نيترات الموت» في مرفأ بيروت، وحجم الكارثة التي حلّت، وحجم الوجع من الجراح التي بضعت اجساد اللبنانيين الآمنين، ومن آلام استشهاد الآباء والامهات والاخوة والاخوات والاحباء والاصدقاء، وحجم الدمار الزلزالي الذي سوّى ارزاق اللبنانيين بالأرض، أصعب واكبر من أن يُحتوى.
تحديد المسؤوليات
المريب في الأمر، هو الغموض القاتل الذي ما زال يكتنف هذا الانفجار الرهيب، فلا أجوبة واضحة وشافية حول حقيقة ما حصل، ومسببات هذا الانفجار، وهو أمر يرسم اكثر من علامة استفهام حول جدّية ما قيل انّه تحقيق قد بدأ لجلاء الملابسات وتحديد المسؤوليات، وطال مجموعة من الموظفين الحاليين والسابقين ممن لهم علاقة مباشرة بمرفأ بيروت، وممن كانوا على علم بوجود شحنة الموت.
وما خلا بعض التوقيفات التي حصلت، فإنّ التحقيق لم يُرسل أي اشارة حتى الآن، تفيد بوصوله الى حقيقة من هو صاحب هذه الشحنة ومن جلبها الى لبنان، او تفيد بأنّه سيتوسّع صعوداً ليطال الرؤوس الكبيرة ممن كانوا في مراكز السلطة على مدى السنوات التي خُزِّنت فيها هذه الشحنة في مرفأ بيروت، بوصفهم شركاء مباشرين في هذه الجريمة التي ارتكبتها السلطات اللبنانية المتمادية منذ 6 سنوات حتى الآن.
وإذا كانت حكومة حسان دياب قد قرّرت إحالة هذه الجريمة على المجلس العدلي، فإنّ العبرة ليست في هذه الخطوة، بل في سلوك التحقيق العدلي مساره الصحيح، الذي يُفترض ان يصل الى الإجابات الدقيقة والواضحة، ويحدّد المسؤوليات بكل جرأة مهما كان مستواها، سواء اكانت تطال موظفاً او مسؤولاً، او وزيراً، او حتى في موقع رئاسي حالي او سابق.
وتجدر الاشارة هنا، الى انّ وزيرة العدل في الحكومة المستقيلة، ارسلت كتاباً الى مجلس القضاء الاعلى، مقترحة فيه تعيين القاضي سامر يونس محققاً عدلياً في جريمة انفجار مرفأ بيروت، واعتبرته «قاضياً متحرّراً من السياسيين والقضاة والاجهزة الامنية»، الّا انّ المجلس رفض هذا التعيين، طالباً الى الوزيرة اقتراح بديل، ما حدا بها الى ارسال كتاب الى مجلس القضاء طلبت فيه تبرير رفضه تعيين القاضي يونس. ويُذكر هنا، انّ النائب وائل ابو فاعور تحدث عن «انّ هناك تدخّلات من اعلى مواقع السلطة من أجل تعيين محقق عدلي مطواع، يدير التحقيق بما يرضي بعض المتورطين».
تنقيب قبل التكليف
سياسياً، التنقيب عن الشخصية التي سترأس الحكومة الجديدة، يسير بوتيرة متسارعة، تسابق الوقت، لتشكيل هذه الحكومة في اسرع وقت ممكن، وهذا التسريع متفق عليه بين مكونات الاكثرية التي كانت حاضنة لحكومة حسان دياب المستقيلة.
هدفان
مشاورات التنقيب، تجري بصورة مكثفة، وتحاط بتكتم شديد، وثمة هدفان مرسومان لها، الأول وهو الأساس، هو الخروج بسرعة من مأزق الفراغ الحكومي الذي يبقى احتمالاً قائماً، طالما لم يتمّ العثور على ذلك «الفدائي» الذي سيقبل ترؤس حكومة، في وضع هو أصعب ما مرّ على لبنان منذ نشوئه، تتجاذبه ازمات قاتلة، إن على صعيد ازمة «كورونا» التي انتقلت الى مرحلة التفشي المجتمعي الخطير، او على صعيد الأزمة الاقتصادية والمالية التي بلغت ادنى درجات الانهيار والاهتراء، او على صعيد زلزال «نيترات الموت» والنتائج الكارثية التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت.
واما الهدف الثاني، فهو تجنّب تكرار دوامة تضييع الوقت ذاتها قبل اشهر، والوقوع في بازار الاسماء المحروقة، على ما جرى قبل تكليف الرئيس حسان دياب تشكيل الحكومة. وبالتالي الحسم السريع لإسم «الفدائي»، وتقريب الاستشارات النيابية الملزمة لتسميته، الى موعد لا يتجاوز نهاية الاسبوع المقبل، وكذلك حسم شكل الحكومة الذي لم يتبلور بعد، سواء حكومة اختصاصيين مستقلين، او حكومة وحدة وطنية مختلطة بين سياسيين واختصاصيين.
نصائح بالتعجيل
في المعلومات، انّ نصائح أُسديت من اكثر من مستوى دولي، الى مستويات رسمية لبنانية، بوجوب التعجيل في تشكيل الحكومة الجديدة، وعدم استنساخ محطات التشكيل السابقة، التي كانت تراوح في المماطلات ومحاولات التعطيل وتضييع الوقت في شروط وشروط مضادة. واللافت للانتباه، انّ حنفية النصائح الفرنسيّة، مفتوحة على آخرها في هذه الفترة، وجوهرها «انّ على اللبنانيين ان يلتفتوا الى انّ وضع بلدهم لا يحتمل مزيداً من الانتظار، وبالتالي لا بدّ من ان تكون للبنان حكومة في غضون ايام قليلة، وقبل نهاية الشهر الجاري، حيث تنتظرها مهام كبرى لمواجهة تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية، بإصلاحات جذرية تحدّ من الانهيار والاهتراء الذي اصاب لبنان، يضاف الى ذلك، العبء الكبير الذي خلّفه الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت والوضع الكارثي الذي نتج منه».
وبحسب المعلومات، انّ هذه المشاورات التي تجري بين قوى الاكثرية الاساسية؛ اي «التيار الوطني الحر» وحركة «امل» و«حزب الله»، ويتولّى ادارتها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، مرتكزة على مبدأ «الذهاب الى حكومة بحجم المرحلة وتحدّياتها، اي حكومة طوارئ انقاذية، لمهمة محدّدة؛ اجراء الاصلاحات الفورية في شتى المجالات، تبدأ بشكل خاص بملف الكهرباء وحسمه نهائياً، بما يوقف النزيف الدائم لمليارات الدولارات، واستعادة ثقة اللبنانيين بالدولة، وكذلك استعادة ثقة المجتمع الدولي، وخصوصاً انّ الانفجار الرهيب، اتاح للبنان فرصة ذهبية، تتمثل في انّ دول العالم، ومن دون استثناء، عيونها مفتوحة اليوم على لبنان، وعادت ودخلت اليه من الباب الانساني، وهذا امر يوجب على اللبنانيين ان يلتقطوا هذه الفرصة، ويتشاركوا في محاولة فتح ابواب الدعم الدولي الاقتصادي والمالي للبنان، والتي اكّد المجتمع الدولي انّ لها مفتاحاً وحيداً هو اجراء الاصلاحات الجدّية والمقنعة».
وكشفت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، انّ حركة المشاورات الداخلية للتنقيب عن رئيس الحكومة العتيد، متواكبة مع رصد خارجي وتحديداً فرنسي، لمجرياتها، ولم تستبعد المصادر ان تُواكَب هذه المشاورات، بتواصل حول الملف الحكومي اللبناني، على الخط الاميركي – الفرنسي – السعودي. وتوحي بذلك الاجواء الواردة من العاصمة الفرنسية، من انّ باريس مستعدة للقيام بكل ما يمكن ان يسهِّل التوافق بين اللبنانيين على تشكيل حكومة وحدة وطنية، سبق ان اكّد عليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، معربة عن الامل في ان يتمّ تشكيل هذه الحكومة قبل زيارة ماكرون الى بيروت، والتي ما زالت مؤكّدة مطلع ايلول المقبل.
من هو الرئيس؟
اجواء المشاورات الجارية لا توحي حتى الآن بحسم اي اسم. ويقول مشاركون فيها لـ«الجمهورية»: «انّه مجرّد ان اعلن الرئيس حسان دياب استقالة حكومته، فُتح نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، وبدأت بعض الماكينات السياسية وغير السياسية في رمي الاسماء وادخالها اليه، وهذا أمر طبيعي يسبق تشكيل اي حكومة، وبالتأكيد انّ هذه الاسماء ستزيد اكثر فأكثر، طالما انّ التوافق لم يُحسم بعد على اسم معيّن».
وبحسب هؤلاء، فإنّ المشاركين في هذه المشاورات، ينطلقون من مسلّمة عدم تكرار الدخول في بازار الاسماء الذي افقد التشكيل وهجه، على ما حصل قبل تشكيل حكومة دياب المستقيلة، ومن هنا قرارهم بالذهاب مباشرة الى محاولة التوافق على الشخصية التي تُعتبر مؤهّلة لتشكيل الحكومة في هذه المرحلة، وعلى هذا الاساس فإنّ العين مركّزة بشكل جدّي جداً على مرشح وحيد حتى الآن هو الرئيس سعد الحريري.
هل سيقبل الحريري؟
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ قنوات التواصل المباشر وغير المباشر قد فُتحت مع الحريري، وتحديداً من قِبل الرئيس نبيه بري سواء عبره مباشرة او عبر معاونه السياسي النائب علي حسن خليل. وتجدر الاشارة هنا، الى انّ الشريكين الآخرين، اي «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» ليسا بعيدين عن هذا التوجّه نحو الحريري، وكذلك الامر بالنسبة الى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، الذي قال كلاماً بهذا المعني في لقائه امس الاول مع الرئيس بري في عين التينة، وخرج من هذا اللقاء متبنياً لحكومة الطوارئ الإنقاذية التي يدعو اليها بري، مناقضاً، اي جنبلاط، لدعوته قبل يومين الى تشكيل حكومة حيادية.
وكشفت مصادر معنية بحركة المشاورات لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس الحريري قد فوتح في أمر عودته، ولكن حتى الآن، لم يُكشَف ما اذا كان قد اعطى اشارات ايجابية أو سلبية او «بَين بَين»، حيال هذا الطرح. الّا انّ ما ينبغي لحظه هو اعلان مقرّبين من الحريري بالأمس بأنّه غير معني بكل الروايات التي تُنسج حول امكان عودته الى رئاسة الحكومة؟
واذ تقرّ المصادر عينها، بأنّ مهمة اقناع الحريري تبدو صعبة حتى الآن، وخصوصاً بعدما تحدثت اوساط قريبة من الحريري عن انّ عودته مرهونه بالالتزام بجملة شروط يضعها، الّا انّ المحاولات ستستمر بشكل مكثف معه.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة، انّ المشاورات مع الحريري، ترتكز على امرين:
الاول، انّ الوضع الداخلي تعرّض لانقلاب، ولبنان دخل بعد زلزال المرفأ في 4 آب، في عالم كارثي آخر، لا يحتمل شروطاً من اي نوع، بل يوجب شراكة كل المكونات في عملية الانقاذ.
الثاني، توفير المساعدة وكلّ ما يسهّل عليه تشكيل حكومة جامعة ومختلطة من سياسيين واختصاصيين في اقرب وقت ممكن، تقوم بمهامها بتغطية من كل الاطراف. علماً انّ الحريري كان قبل انسحابه من نادي المرشحين لرئاسة الحكومة قبل تشكيل حكومة حسان دياب، قد خفّض سقف شروطه، وقَبِل بحكومة مختلطة من سياسيين واختصاصيين، بناء على الطرح الذي قدّمه آنذاك الرئيس نبيه بري بتشكيل حكومة غالبيتها من اختصاصيين وتتضمن في صفوفها سياسيين لا يشكّلون استفزازاً لأحد.
الشروط
الّا انّ الصورة في المقلب الحريري، ما زالت ثابتة عند النقطة التي عاد واكّد عليها الحريري قبل ايام قليلة، حينما قال: «لديّ شروط للعودة الى رئاسة الحكومة ونقطة على السطر، والبلد يحتاج الى طريقة مختلفة في العمل، وتغيير الآلية والمحاصصة، وبناء البلد على اسس جديدة». متبعاً ذلك بموقف حاسم بأنّه لن يغطي احداً قريباً منه لترؤس الحكومة. علماً انّ الحريري، وكما يقول مقرّبون منه، ليس راكضاً وراء رئاسة الحكومة، وسبق له ان اشترط لعودته ان يكون على رأس حكومة من اختصاصيين فقط، تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الازمة.
ومعنى ذلك، انه يريد حكومة بلا سياسيين، وبلا جبران باسيل، وبلا دور لجبران فيها، و»حزب الله» خارجها. وكان مستشاره غطاس خوري واضحاً قبل ايام حينما قال: «انّ عودة الحريري تتطلب تضحية كبيرة من جميع القوى السياسية، وانّ اي حكومة ستُشكّل على غرار الحكومات السابقة لن تنتج بل ستتعرّض للعرقلة، كما حصل معه في حكومته الاخيرة، حيث لم تكن التجربة ناجحة».
ماذا لو اصرّ الحريري؟
موقف الحريري، إن بقي على شروطه السابقة، يلقي الكرة في ملعب الثلاثي «امل» و«حزب الله» و«التيار» وسائر القوى الحليفة التي تشكّل مجتمعة الاكثرية النيابية. فإما ان تقبل بها، واما ان تنتقل الى البحث عن شخصية ثانية لتشكيل الحكومة.
في هذا السياق، اكّدت مصادر هذه الاكثرية لـ»الجمهورية»، انّها تتمنى ان يكون الحريري واقعياً، ولا يذهب الى وضع شروط تعجيزية، غير قابلة للقبول بها من سائر المكونات السياسية، واذا كانت «الأفضلية الآن هي لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، لما يمثله من ثقل سياسي وسنّي، الّا انّ الأولوية ايضاً في الظرف اللبناني الحالي مصيري، هي لعدم الذهاب الى حكومة من لون واحد، خصوصاً بعد التجربة الفاشلة مع حكومة حسان دياب، بل حكومة شراكة تكنو – سياسية عنوانها الأساس الوحدة الوطنية للانقاذ والاصلاح. ومن هنا ليس في امكان ايّ طرف أن يتجاوز المكونات السياسية، او ان يلغي تمثيلها. كما انّ ايّ طرف، سواء أكان حركة «امل» او «حزب الله» او «التيار الوطني الحر»، لن يقبل بأن يُستبعد، وان يتفرّد طرف بعينه بمسار الحكم في لبنان ويتخذ ما شاء من قرارات».
ورداً على سؤال عمّا اذا اصرّ الحريري على شروطه التي تسميها الاكثرية تعجيزية، قالت المصادر: «دعونا لا نستعجل، فما زلنا في بداية الطريق، مع انّ هذا الطريق قصير جداً، ولا نملك متسعاً من الوقت، والمحاولات معه ستستمر، فإن وافق كان به، وان لم يوافق فساعتئذ لا حول ولا، حيث سيتمّ البحث عن بديل».
وعمّا اذا كان الحريري ينتظر ضوءًا اخضر من جهات خارجية، قالت المصادر: «لا علم لنا بذلك، اسألوه».
وماذا عن نواف سلام؟ تجيب المصادر: «هناك من يفتح باب نادي المرشحين لرئاسة الحكومة ويُدخل اليه الكثير من الاسماء، دعونا لا نستبق النتائج، ولا نغرق في لعبة الاسماء، المشاورات مع الرئيس الحريري في بدايتها، ولم تصل الى نهاياتها بعد، ونأمل ان تفضي الى ايجابيات، اما اذا كانت النتائج خلاف ذلك، فبالتأكيد سيُبنى على الشيء مقتضاه».
ماكرون وروحاني وباسيل
والبارز امس، ما أُعلن عن اتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني، تمحور حول الوضع في لبنان. واعلن قصر الاليزيه انّ ماكرون قال لروحاني، انّ على كل الاطراف المعنية الكف عن التدخّل في لبنان ودعم تشكيل حكومة جديدة. ويأتي ذلك في وقت اعلن فيه الاليزيه «انّ ماكرون اتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين داعياً الى المشاركة في جمع تبرعات للبنان».
كذلك اتصل ماكرون برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وتباحثا في «آخر التطورات والسبل الآيلة الى متابعة المبادرة والجهد الذي يقوم به ماكرون بخصوص الازمة اللبنانية».
هل هذا تشويش؟
الّا انّ ما لفت الانتباه في توقيته، المتزامن مع التحضيرات الداخلية لتشكيل حكومة جديدة، وما اذا كان ينطوي على «أبعاد تشويشية» على الحراك الفرنسي تجاه لبنان وسعيه الى التسريع في حكومة جديدة في لبنان، هو ما كشفته صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مسؤولين اميركيين ومن سمّتهم «آخرين مطلعين على الخطط» من «انّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تستعد لفرض عقوبات لمكافحة الفساد ضد سياسيين ورجال أعمال لبنانيين بارزين، في محاولة لإضعاف نفوذ «حزب الله» في أعقاب انفجار الأسبوع الماضي في مرفأ بيروت.
ويرى المسؤولون الأميركيون بحسب الصحيفة، أنّ هناك فرصة لدق إسفين بين «حزب الله» وحلفائه، كجزء من جهد أوسع لاحتواء القوة المدعومة من طهران.
زيارة هيل
أعلنت السفارة الأميركية في بيروت أنّ وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل يزور لبنان في الفترة ما بين 13 و15 آب، وسيعبّر عن تعازيه للشعب اللبناني على خسائره جرّاء الانفجار المدمّر الذي وقع في بيروت في 4 آب.
وأكدت انّ هيل سيكرر التزام الحكومة الأميركية بمساعدة اللبنانيين على التعافي من المأساة، وإعادة بناء حياتهم.
وفي الاجتماعات مع القادة السياسيين والمجتمع المدني والشباب، سيؤكد وكيل الوزارة هيل على الحاجة الملحّة لتبنّي الإصلاح الاقتصادي والمالي والإصلاح الأساسي، والقضاء على الفساد المستشري، وتحقيق المساءلة والشفافية، وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العاملة.
وأضافت السفارة أنّ هيل سيؤكد استعداد أميركا لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب، وتلتزم التزاماً حقيقياً بأجندة الإصلاح هذه وتعمل وفقاً لها.
جلسة الاونيسكو
في سياق متصل، يعقد مجلس النواب جلسة عامة في قصر الاونيسكو عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، حول بند وحيد يتعلق بمناقشة موضوع اعلان حالة الطوارئ في بيروت.
الّا انّ الجانب المهم في هذه الجلسة، هو تلاوة كتب الاستقالة من المجلس النيابي التي قدّمها النواب: مروان حمادة، سامي الجميل، نديم الجميل، الياس حنكش، بولا يعقوبيان، هنري حلو، نعمة افرام، وميشال معوض.
وقالت مصادر مجلسية لـ«الجمهورية»، انّ رئيس المجلس سيبادر فور انعقاد الجلسة الى تلاوة كتب الاستقالة التي تصبح نافذة فور تلاوتها، وذلك عملاً بأحكام النظام الداخلي للمجلس، الذي يوجب في مادته السابعة عشرة، على رئيس المجلس ان يعلم المجلس بالاستقالات، بأن يتلو كتاب الاستقالة في اول جلسة علنية تلي تقديمها، على ان تُعتبر الاستقالة نهائية فور اخذ المجلس علماً بها.
واذا ما بقي النواب المستقيلون على موقفهم، فإنّه بعد تلاوة كتب الاستقالة، يتعرّض النصاب المجلسي الى تعديل فوري، فبدل ان يكون 65 نائباً كأكثرية مطلقة و86 نائباً في اكثرية الثلثين في مجلس الـ128 نائباً، تصبح الاكثرية المطلقة 61 نائباً، ويصبح الثلثان 80 نائباً، ويبقى هذا الامر سارياً حتى اجراء الانتخابات النيابية الفرعية وفق النظام الاكثري، لملء هذه الشواغر. والمادة 41 من الدستور تنصّ على الآتي («اذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخابات الخلف في خلال شهرين، ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد اجل نيابة العضو القديم الذي يحلّ محله»).
جعجع
وما لفت في هذا السياق، هي الدعوة التي وجهّها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى النواب المستقيلين بالعودة عن استقالاتهم.
وقال جعجع في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع «تكتل الجمهورية القوية» في معراب امس: «أدعو النواب الذين استقالوا ان يستردوا استقالاتهم قبل جلسة يوم الغد»، مشيراً الى انّ نواب «القوات» لن يشاركوا في جلسة الاونيسكو.
ولفت جعجع الى انّ «استقالاتنا في جيوبنا، ولنفترض أننا استقلنا الآن، هناك مجموعة مصالح كبيرة في البرلمان وستتوقف الأمور عند استقالة 25 نائباً وسيدعو وزير الداخلية لانتخابات فرعية، وعندها يفوز نواب بـ200 أو 300 صوت».
وقال: «بـ95 نائباً يصبح لديهم إمكانية تعديل الدستور أو انتخاب رئيس جمهورية من الدورة الأولى. وفي اجتماع معراب كنّا على قاب قوسين من الاستقالة». وغمز جعجع من قناة «الحزب التقدمي الاشتراكي» وتيار «المستقبل» وقال: بعد استقالة الحكومة، تريث «المستقبل» و»الاشتراكي» في تقديم الاستقالة من المجلس النيابي وبقيت «القوات» وحدها كالعادة.
وعن إعادة تسمية الرئيس سعد الحريري، قال: «نحن مع حكومة جديدة ومستقلة تماماً وحيادية تماماً، ولسنا مع طرح حكومات الوحدة الوطنية».
وحول انفجار المرفأ قال: «نطالب بلجنة تحقيق دولية، واذا لم يتحقق هذا المطلب سنتوجّه الى تقديم عريضة للمطالبة بتحقيق دولي وتقصير ولاية مجلس النواب».
وكان جعجع قد تلقّى مساء أمس إتصالاً مطولاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث تناولا خلاله الوضع الحكومي في لبنان.
«الكتائب»
ومساء، زار وفد من «القوات اللبنانية» رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل في مكتبه في بكفيا. وطرح الوفد القواتي فكرة العدول عن الاستقالة التي تقدّم بها نواب الكتائب قبل الجلسة النيابية اليوم. فيما أكّد رئيس الكتائب على صوابية استقالة نواب الحزب وسائر النواب المستقيلين، لما لهذه الخطوة من أهمية لجهة سحب الشرعية من المجلس النيابي، وبالتالي من المنظومة السياسية المهترئة والفاسدة. وكرّر مطالبته باقي النواب بتقديم إستقالتهم، لأنّ لا مهادنة مع هذه المنظومة خصوصاً بعد سقوط الحكومة.