كتبت صحيفة الأنباء تقول: 10 أيام على انفجار المرفأ المفجع، وبيروت تعجّ بموفدين من الخارج، وبزحمة بوارج حربية قبالة شاطئها الدامي، يتنافسون في العلن على تقديم الدعم للبنان ويختلفون في الجوهر، والخاسر، لا شك، لبنان وشعبه.
وإذا كانت زيارة وكيل مساعد وزير الخارجية الأميركية، ديفيد هيل، نقلت رسالة في الشكل لمساعدة لبنان، والإعلان عن تخصيص قاضيَين من مكتب التحقيق الفيدرالي للمشاركة في التحقيقات لكشف ملابسات الانفجار، فهي في المضمون حملت موقف الإدارة الأميركية من ملف تشكيل الحكومة: “شبعنا وعوداً فارغة”.
تزامن ذلك أيضاً مع زيارة وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، والتي أعلنت عن تكليف اثنين من القضاة الفرنسيين للمشاركة في التحقيقات، فيما وزير خارجية ايران، محمد جواد ظريف، الذي وصل إلى لبنان في الوقت نفسه مع الموفد الأميركي، حمل الكثير من الرسائل المضادة. وقد جاءت مواقفه من تشكيل الحكومة والتحقيقات خير تعبيرٍ عن ذلك. إذ في حين تركزت تصريحات هيل بمعظمها على ضرورة إيفاء لبنان بالتزاماته، لم تخلُ تصريحات ظريف من الانتقادات اللاذعة التي قصد بها الولايات المتحدة وفرنسا، مبدياً انزعاجه من وصول البوارج الحربية إلى السواحل اللبنانية، ومن المشاركة الأميركية والفرنسية بالتحقيقات، معلناً أنه ينبغي على لبنان أن يتولى بنفسه ملف التحقيق، وهو الأمر الذي تجلّى بشكل واضح في تصريحات الأمين العام لحزب اللّه، السيّد حسن نصراللّه، الذي رفض الحكومة الحيادية، كما التحقيق الدولي.
كل ذلك يحصل فوق معاناة أهالي بيروت المنكوبين، والذين طالبوا بإنشاء محكمة دولية، لأن مهلة الأيام الخمسة التي وضعتها الحكومة المندثرة انتهت، فيما التحقيق المحلي يسير كالسلحفاة بانتظار أن يبدأ القاضي العدلي، فادي صوان، تحقيقاته يوم الإثنين المقبل. وتأتي عريضة أهالي الضحايا لتتلاقى مع العريضة النيابية التي أطلقها اللقاء الديمقراطي مطالباً بلجنة تحقيقٍ دولية إحقاقا للحق والعدالة.
مصادر مواكبة أشارت عبر “الأنباء” إلى أن حادث الانفجار أعاد لبنان إلى محور الاهتمام الدولي، على قاعدة وضع اليد الدولية عليه بشكلٍ مباشر، وبالتالي دخوله مرحلة جديدة من الكباش.
ورأت المصادر أن لبنان بذلك سيعود ورقة مساومة، مستدلةً بذلك بكلام ظريف الذي يوحي بأنه يدفع باتجاه استئناف المفاوضات مع الغرب، ورفع العقوبات عن طهران، مشيرةً إلى زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرتقبة إلى طهران قبل عودته إلى لبنان مطلع أيلول.
وفي الشأن الحكومي، لا مؤشرات حتى الآن توحي بإعلان رئيس الجمهورية، ميشال عون، موعد الاستشارات النيابية الملزمة مطلع الأسبوع المقبل.
وفي السياق، أفاد مصدرٌ مطّلع أن الاستشارات قد لا تُحدّد الأسبوع المقبل، لأن الاتفاق على اسم الرئيس المكلّف لم يحصل بعد، في ظل رفض الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة في هذه الظروف، ومع ظهور تراجعٍ في التأييد الدولي لحكومة وحدة وطنية، وتأكيد نصراللّه رفضه لحكومة حيادية.
مصادر بيت الوسط أكّدت عبر “الأنباء” أن الحريري ما زال على موقفه الرافض لتشكيل حكومة سياسية أو تقليدية كما جرت العادة. فإما ان يُمنح صلاحيات استثنائية لتشكيل حكومة حيادية، وإلّا فهو غير متحمسٍ لتشكيل حكومة كسابقاتها، لأن الوضع في لبنان تجاوز المسار الذي كانت تُشكّل بموجبه الحكومات، لكن المصادر أسفت لأن هناك قوى سياسية لا زالت تفكّر بهذه العقلية.
وهذا ما يعني، بحسب المصادر، أن تشكيل الحكومة قد يطول، وربما إلى ما بعد عودة ماكرون إلى لبنان، هذا إذا لم يطرأ ما يوحي بحلحلة هذه العقدة.
وفي الشأن القضائي، أوضحت مصادر قضائية عبر “الأنباء” ضرورة الفصل بين مهلة الأيام الخمسة التي تعهدت بها الحكومة المستقيلة، وبين تكليف القاضي فادي صوان كمحقق عدلي. ورأت ان أهم ما في الموضوع أن مجلس القضاء الأعلى أصبح يقف بالمرصاد في مواجهة السلطة السياسية.
وقالت المصادر، “صحيحٌ أن الرئيس عون ردّ التشكيلات القضائية أكثر من مرة، لكن وزيرة العدل المستقيلة اليوم قد اضطرت مرغمةً إلى تغيير 3 اسماء قضاة، والسبب أن مجلس القضاء الأعلى كان حاسما في موقفه إلى أن طُرح اسم القاضي فادي صوان، فوافق عليه”.