بعد خمسة عشر عاماً على إغتيال الرئيس الشهيد رفق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط، رفعت المحكمة الدولية الخاصة بالبنان الستار عن الحكم النهائي لـ”جريمة العصر” والذي لم يُضف شيئاً جديداً على الاحكام التي أصدرتها في وقت سابق لجهة توجيه الإتّهام لأربعة عناصر من حزب الله.
ومع ان القانون الخاص لتشكيل المحكمة يتضمّن عدم صلاحيتها في توجيه الاتّهام الى حزب او دولة، غير أن اللافت في الحكم تأكيد المحكمة أن “لحزب الله وسوريا استفادة من اغتيال الحريري لكن لا يوجد دليل على مسؤولية قيادتي الحزب وسوريا في الاغتيال، والسيد حسن نصرالله ورفيق الحريري كانا على علاقة طيّبة في الاشهر التي سبقت الاعتداء”.
وادانت المحكمة سليم عياش كمذنب بارتكاب عمل ارهابي عبر أداة متفجرة وقتل رفيق الحريري عمداً أما حسين عنيسي وأسد صبرا وحسان مرعي فغير مذنبين في ما يتعلق بجميع التهم المسندة اليهم.
أما مصطفى بدر الدين فهو من خطّط لعملية الاغتيال، وفق المحكمة، إلا أنّه قُتل لاحقاً في سوريا.
وفي تأكيد على الابعاد السياسية للإغتيال، اشارت المحكمة الدولية الى “ان قرار الاغتيال جاء بعد اجتماع البريستول الثالث الذي دعا الى انسحاب سوريا من لبنان”.
وفي الختام، حددت المحكمة موعد الحادي والعشرين من ايلول لاصدار العقوبة بعد صدور الحكم اليوم، ولفتت الى ان أمام الدفاع مدة شهر للرد على منطوق الحكم أو طلب الاستئناف عليه.
انتحاري نفّذ الاعتداء: وأكدت المحكمة أن “لحزب الله وسوريا استفادة من اغتيال الحريري، لكن لا يوجد دليل على مسؤولية قيادتي الحزب وسوريا في الاغتيال، والسيد حسن نصرالله ورفيق الحريري كانا على علاقة طيّبة في الاشهر التي سبقت الاعتداء”.
وأعلنت ان “غرفة الدرجة الاولى استنتجت أن انتحاريا نفّذ الاعتداء وهو ليس أبو عدس والمتفجرات تم تحميلها في مقصورة شاحنة ميتسوبيشي سرقت من اليابان وبيعت في طرابلس لرجلين مجهولي الهوية”.
واشارت الى ان “المحققين تمكنوا من تحديد نمط استخدام الهواتف، والادّعاء قدم أدلة على تورط عياش عبر نشاطه الخلوي”. واكدت ان “المتهم سليم عياش لم يسافر لأداء فريضة الحج كما زعم بل بقي في لبنان”، موضحةً “ان عياش كان يستخدم 4 هواتف وكان يملك شقة في الحدت وعمل في الدفاع المدني. وأعلنت غرفة الدرجة الأولى انها مقتنعة بأن عياش مرتبط بحزب الله”.
ولفتت الى ان “أدلة من هاتفين خلويين أثبتت دور المتهم حسان مرعي بالاغتيال، وان عنيسي كان المستخدم الرئيسي للهاتف الارجواني.”
وأعلنت انه “لم تقدم أي ادلة قاطعة للمكان الذي كان يعيش فيه أسد صبرا خلال التحقيق ولم تستطع غرفة الدرجة الاولى اثبات أن صبرا هو صاحب الهاتف الارجواني”.
وأكدت ان بدر الدين “شارك مع المتهمين الأربعة بعملية الاغتيال وتولى عملية المراقبة كما قام برصد التنفيذ الفعلي للاعتداء وتنسيق عملية إعلان المسؤولية زورا”، مشيرة الى انه “يزعم أن بدر الدين كان من مناصري حزب الله شأنه شأن المتهمين الأربعة”. واوضحت ان ” 10 شهود تعرفوا على أرقام تعود لبدر الدين أي سامي عيسى”.
هواتف الشبكة الحمراء: وبعد إستراحة قصيرة، إستأنفت غرفة الدرة الثانية في المحكمة الدولية جلسة النطق بالحكم بقضية الحريري و21 اخرين، أعلنت المحكمة “ان هواتف الشبكة الحمراء استخدمت للتخطيط لعملية اغتيال الحريري الذي كان قيد المراقبة، وان عمليات المراقبة التي حصلت مرتبطة بعملية اغتياله”، مشيرةً الى ”ان القرار باغتياله اتّخذ في بداية شهر شباط عام 2005، وتعذّرت معرفة تاريخ بيع الشاحنة التي استخدمت في الاغتيال”.
ولفتت الى ان “إعلان المسؤولية عن التفجير كان مزيفاً، وان المتهمين الأربعة المرتبطين بـ”حزب الله” لفقوا مسؤولية التفجير”.
واوضحت “أبو عدس قد يكون “كبش محرقة” في عملية اغتيال الحريري، لم يكن لديه إلمام بالسياسة ولم يكن يعرف قيادة السيارات وهذا ما يجعل من المستبعد أن يكون قاد سيارة التفجير”.
وشددت على ان “عنيسي انتحل شخصية محمد وتقرّب من اشخاص في مسجد جامعة بيروت العربية ومنهم ابو عدس”. واعلنت ان “لا دليل يربط أبو عدس بمسرح الجريمة وأغلب الظن أنه توفي بعد اختفائه بوقت قصير، لكنه ليس الانتحاري، واختفاؤه يتوافق مع احتمال أن يكون منفذو الاعتداء استخدموه بغرض إعلان المسؤولية زورا”، مشيرةً الى ان “ما من دليل موثوق يربط أيا من المتهمين بدر الدين وعنيسي وصبرا باختفاء أبو عدس”.
وأعلنت المحكمة ان “اغتيال الحريري كان عملاً إرهابياً نفّذ بقصد إيجاد حالة ذعر وهلع، والهدف المنشود منه كان زعزعة الاستقرار في لبنان عموما. وكان من المتوقع أن يؤدي تفجير المواد المتفجرة إلى مقتل عدد كبير من الناس في ذلك اليوم”.
إدانة عياش: وأعلنت المحكمة “ان اغتيال الحريري عمل سياسي اداره من شكّل الحريري تهديداً لانشطتهم، وان منافع اغتياله اكبر من اضراره مهما كانت”، مشيرةً الى أن “الذين وضعوا المتفجرات هم إما جزء من المؤامرة أو محل ثقة كافية لضمان ألا ينكشفوا”.
وأوضحت أن “مستخدمي الهواتف الحمراء مشاركون في الاغتيال”.
وذكرت أن “بعد لقاء البريستول اتّخذ نهائيا قرار الاغتيال، وان القيّمين على تنفيذه كانوا جاهزين لوقف الاعتداء في أي لحظة او إكماله”.
ووجدت المحكمة أن “سليم عياش مذنب بارتكاب عمل ارهابي عبر أداة متفجرة وقتل رفيق الحريري عمداً، أما مرعي وعنيسي وصبرا فغير مذنبين في ما يتعلق بجميع التهم المسندة اليهم”.