كتبت صحيفة الديار تقول: ما الذي احدثه حكم المحكمة الخاصة بلبنان بشأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ هذا السؤال طرح غداة القرار الذي خيب آمال المغالين في الرهان عليه لانعاش آمالهم في محاربة حزب الله وحلفائه، وترك انطباعا لدى الاوساط المراقبة بأن مرور هذا الاستحقاق فى اطار هذا الحكم الذي يبرىء الحزب وقيادته ومن دون حدوث مضاعفات سلبية على الارض يساعد على التعامل مع الملف الحكومي بأجواء اكثر مرونة .
ووفقا لهذه الاوساط، فان رد فعل الرئيس الحريري المعتدل وقدرته على التحكم بالشارع السني اول من امس عزز فرصته بالعودة الى رئاسة الحكومة لا سيما في ظل الدعم الذي يلقاه من قوى وكتل وازنة في المجلس.
وتضيف المعلومات ان الرئيس بري الذي زار بعبدا امس والتقى رئيس الجمهورية ينشط ويضغط للاسراع في تشكيل الحكومة في اقرب وقت، وانه التقى مع الرئيس عون على هذه الرغبة وتوفير كل الظروف لتحقيق هذا الهدف.
وتكشف مصادر مطلعة “للديار ” ان بري لا يخفي بل اكد مؤخرا غير مرة انه يؤيد تكليف الحريري وانه عبر عن هذا الموقف للرئس عون امس بعد ان كان اعلن موقفه هذا اكثر من مرة.
وتضيف المصادر ان لقاء الرئيسين امس جاء بعد الاتصال الذي جرى بينهما الاثنين الماضي، وانهما اتفقا على العمل والتعاون لتنضيج الاجواء للحكومة تمهيدا للاستشارات النيابية الملزمة التي سيحدد موعدها الرئيس عون في وقت لاحق.
وتقول المصادر ايضا عون وبري اتفقا على ابقاء التواصل بينهما ناشطا في هذا الاطار، وان الاجواء مشجعة وليست سلبية لكنها تحتاج الى مزيد من المشاورات على اكثر من صعيد. ومن المنتظر ان تنشط الاتصالات بين عين التينة وبيت الوسط حول تركيبة الحكومة الجديدة وطبيعتها.
وترى المصادر ان حركة الرئيس بري الناشطة من شأنها ايضا ان تخلق مناخا اكثر ملاءمة لتقبل رئيس الجمهورية عودة الحريري لا سيما بعد ابلاغه من يهمه الامر انه لا يضع فيتو عليه مع التأكيد في الوقت نفسه على مراعاة الاصول ومصلحة الجميع.
وحول الاجواء والمواقف التي تحيط بتسمية الرئيس المكلف، كشفت معلومات لـ”الديار” ان مرجعا بارزا قال امام بعض زواره ان الحريري بات يملك فرصة اقوى للعودة الى رئاسة الحكومة، لكنه حرص ايضا على القول ان كل شيء مرهون ايضا بالتوافق على طبيعة وتركيبة الحكومة، وان هذا الامر خاضع للاخذ والرد في ظل رغبة من الاطراف الاخرى على ابداء مرونة واضحة لتأليف الحكومة وعدم اطالة فترة الانتظار كما كان يحصل في السابق.
في هذا الوقت تقول المعلومات ايضا ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يتابع عن كثب الجهود التي تجري في شأن تشكيل الحكومة، وانه عازم عل استكمال ما بدأه في زيارته للبنان.
وتضيف ان السفير الفرنسي في بيروت مكلف اجراء اللقاءت والاتصالات مع القيادات والاطراف اللبنانية للمساعدة في دفع المشاورات والجهود المتعلقة بالحكومة الجديدة الى الامام، وانه يركز تواصله مع بعبدا وعين التينة.
وحسب المعلومات، فان باريس ترغب في وضع عملية تأليف الحكومة على السكة وحسم التكليف والاطار العام لطبيعة هذه الحكومة قبل عودة ماكرون الى لبنان في اول ايلول.
اما في شأن المواقف الداخلية، فإن المشهد لا يزال في طور التكوّن، فرئيس الجمورية يركز على حكومة قادرة وفاعلة تلتزم مكافحة الفساد والاصلاحات ومحاسبة المسؤولين عن جريمة وكارثة انفجار المرفأ. وهو لم يدخل في مسألة اسم الرئيس المكلف، مرددا ان هذا يخضع لنتائج الاستشارات النيابية والمشاورات التمهيدية التي تسبقها.
ويركز الرئيس بري على تعزيز المساحة المشتركة بين القوى السياسية كما عبر في بيانه بعد قرار المحكمة الدولية، ويعمل لتأليف حكومة قادرة وجامعة برئاسة الرئيس الحريري مستبعدا ما يسمى الحكومة الحيادية.
وتقول مصادر عين التينة ان التشكيلة الحكومية لتحقيق حكومة فاعلة قابلة للنقاش والاخذ والرد بروح مسؤولة، وان علينا ان نتعاطى بروح المسؤولية بعيدا عن المزايدات والمناكفات والمصالح الضيقة لان وضع البلد لا يحتمل مثل هذا الاسلوب في التعاطي مع الاستحقاق الحكومي.
من جهتها، تلتزم اوساط الحريري الصمت، لكنها توحي بتمسكه بموقفه السابق لجهة ربط تكليفه تشكيل حكومة من غير الحزبيين.
وقد عمم الحريري على نواب كتلته والمسؤولين في التيار عدم التطرق الى هذا الموضوع في وسائل الاعلام.
ويبدو واضحا ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اخذ موقفا اكثر مرونة بعد استقالة حكومة الرئيس دياب وبعد زيارته مؤخرا لعين التينة ، وانه ليس مصرا على الحكومة الحيادية كما كان يصرح في السابق. وهو يؤيد ترشيح الحريري لتأليف الحكومة الجديدة.
اما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فيصر على حكومة حيادية بالكامل ويعارض تكليف الحريري.
ويلتزم حزب الله الصمت لكنه يؤيد تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولا يمانع تكليف الحريري في هذا الاطار.
ووفقا للمعلومات، فإن رئيس التيار الحر ابلغ البعض ان التيار وتكتل لبنان القوي يتخذ اقصى مرونة ممكنة لتشكيل الحكومة مع الاخذ بعين الاعتبار التمثيل السياسي والنيابي، وهو منفتح في الوقت نفسه على كل الافكار.
ويحرص على عدم الدخول في تسمية الرئيس المكلف مع عدم ممانعته سابقا تسمية السفير نواف سلام. لكن المعلومات المتوافرة تشير الى انه لن يمانع تكليف الحريري في اطار التوافق على صيغة الحكومة.
المواقف الخارجية
وعلى صعيد المواقف الخارجية، علمت الديار من مصادر مطلعة ان زيارة السفير السعودي وليد البخاري للحريري مؤخرا لم تتناول موضوع الحكومة بل اقتصرت على موضوع المحكمة الدولية.
وقالت مصادر مطلعة ان السعودية ما تزال تنأى بنفسها عن تغطية تكليف الحريري، وتحرص في الوقت نفسه على ابعاد حزب الله عن المشاركة بالحكومة الجديدة.
لكن مصر تحبذ عودة الحريري وتسعى لدى المملكة ومع الاطراف اللبنانية الى تكليفه لتشكيل حكومة فاعلة.
ووفقا لمصادر مطلعة، فان واشنطن التي ضغطت سابقًا لتكليف نواف سلام لا تمانع مجيء الحريري وتضغط في الوقت نفسه لابعاد حزب الله عن الحكومة العتيدة.
وعكس تصريح وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو استمرار محاولة واشنطن التضييق على حزب الله واتهامه بالارهاب تعليقا على قرار المحكمة الدولية رغم تبرئتها قيادة الحزب من مسؤولية اغتيال الرئيس الحريري.
ورأى ان الحزب “يقوم باستخدام النظام المالي في لبنان ويهدد احتمال تعافيه”.
أول موقف رسمي لحزب الله من قرار المحكمة
أعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أنه “لم يتغير موقفنا من المحكمة الدولية ، لا قبل إصدار الحكم ولا بعده، ولا يعنينا ما صدر عنها إطلاقا، موضحا أنه بمعزل عن كل التفسيرات لقرار المحكمة، نحن في حزب الله قرارنا ألا نتدخل في تقييم ما صدر عنها، وكل جهة تقيم قراراها من زاويتها، أما نحن فلا نرى ضرورة لنجري أي تقييم لأنها لا تعنينا.
كورونا
على صعيد آخر، يبدأ غدا قرار الاقفال لمدة اسبوعين بعد تفاقم تفشي كورونا وانتشاره في معظم المناطق وارتفاع عدد الاصابات بشكل مخيف.
ونقل عن وزير الصحة حمد حسن ان الوضع المتفاقم فرض العودة لقرار الاقفال، مشددا على تعاون المواطنين الى اقصى حد لتنفيذ التدابير الاحترازية الصارمة. ولم يخف الوضع الصعب في المستشفيات من جراء ارتفاع عدد الحالات.
وعلمت الديار ان الوزارة بصدد العمل سريعا لتعويض حالة النقص في الاسرة والمعدات في المستشفيات والاستعانة بخدمات المستشفيين القطريين.
وتجري اتصالات متواصلة مع منظمة الصحة الدولية لتدارك النقص الحاصل وزيادة قدرات استيعاب المستشفيات.
هيل يتحدث عن لبنان
أشار المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ديفيد هيل، إلى أن “لبنان بحاجة لتطبيق إصلاحات اقتصادية ونقدية ومحاربة الفساد المستشري وتحسين الشفافية، مشاكل لبنان لا يمكن حلها من الخارج وتتطلب قيادة ملتزمة بالإصلاح”.
وأعلن هيل عن أن “واشنطن لن تقدم مساعدات طويلة الأجل للبنان حتى ترى قيادة قادرة على الإصلاح والتغيير”، لافتا إلى أن “بعض الإصلاحات الإضافية المطلوبة في لبنان يشمل تنويع الاقتصاد ومراجعة نظام الكهرباء ومراجعة حسابات البنك المركزي”.
كما قال أن الشعب اللبناني يرى حكاما يستغلون النظام لإثراء أنفسهم ويتجاهلون المطالب الشعبية.
وأوضح أن “الولايات المتحدة تمكّنت من التعامل مع حكومات لبنانيّة سابقة تضمّنت عناصر من حزب الله، فهو جزء من الاختلال في النظام اللبناني الذي يسمح له بالتعاطي كدولة داخل الدولة، ونحن مستعدون لمساعدة حكومة قادرة على تحقيق الإصلاحات بوجود حزب الله أو عدمه”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: التكليف معلق على انضاج صيغة الحكومة… وعودة الحريري مرهونة بالتوافق عون اكثر مرونة … وبري مع سياسة الأبواب المفتوحة لحكومة فاعلة الإقفال يبدأ غداً لفرملة كورونا… والمستشفيات تواجه ضغوطاً كبيرة