كتبت صحيفة النهار تقول: لم يكن ينقص المشهد المتصل بالاستحقاق الحكومي والذي ارتسمت معالم تأزمه منذ الجمعة الماضي سوى تفجر سجالات حادة بين افرقاء أساسيين معنيين بالمشاورات المفترضة لاطلاق الاستحقاق من أسره الراهن كما اعتمال معركة سلبية بين قدامى الحلفاء في قوى 14 آذار . واذا كان من معالم واضحة تستشف من تطورات الساعات الأخيرة والتحركات والمواقف التي سجلت خلالها فيمكن استخلاصها بانها تعكس فوضى وارتباك سياسي واسعين لن يؤديا في الحصيلة الا الى خدمة مآرب مكشوفة للسلطة في تأخير خطوات الاستحقاق والتمهل المفتعل في استعجال التكليف والتأليف لاهداف سافرة ومكشوفة يستشعر حيالها الحكم وبعض حلفائه بانهم لا يزالون قادرين على التحكم بزمام التطورات وتوجيهها لمصلحتهم . وفي الواقع فان الشكوك زادت وتفاقمت في الساعات الأخيرة حيال آفاق الاستحقاق الحكومي خصوصا مع غياب أي مؤشرات جدية حتى الان حيال الاجراء الدستوري البديهي الذي يفترض ان يلي استقالة الحكومة وهو تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة . واذا كان التباطؤ سمة الموقف من جهة رئاسة الجمهورية بحجج لا تقنع أحدا وتكشف إمعان الحكم في السعي الى تكريس عرف غير دستوري يتجاوز عبره صلاحيات رئاسة الحكومة كما صلاحيات مجلس النواب نفسه فان المثير للغرابة اكثر هو سكوت وصمت معظم المراجع والقوى السياسية على هذا التجاوز الدستوري بما ينذر بتداعيات وخيمة . ثم ان انعدام الأفق حيال الاستحقاق الحكومي فيما العد العكسي يقترب من نهاية آب وحلول الأول من أيلول الموعد المنتظر لزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثانية في اقل من شهر يضع الحكم وحلفاءه والقوى السياسية الأخرى أيضا امام محك حساس جدا سيتحملون من خلال تبعات أي تأثيرات سلبية على هذه الزيارة سواء ثبت موعدها ام لا باعتبار ان القاصي والداني يدرك حجم الضرر الكبير الذي يمكن ان ينجم الان عن التسبب باي غضب فرنسي جديد فيما فرنسا لم توفر أي مجال لإغاثة لبنان ودعمه ومساعدته على تجاوز كارثة الانفجار الا وقدمتها . ولذا اكدت مراجع سياسية واسعة الاطلاع ما كانت أوردته النهار امس من ان زيارة ماكرون باتت المحور الأساسي الذي سيتركز عليه الجهد السياسي في الأيام الطالعة تجنبا لنكسة خطيرة يمكن ان تنشأ في حال تسببت التعقيدات السياسية والعرقلة والمناورات باحتمال عدول الرئيس الفرنسي عن الزيارة في اللحظة الأخيرة .
في أي حال لم تعكس صورة الواقع السياسي في الساعات الأخيرة أي ملامح إيجابية او مشجعة على دفع الاستحقاق الحكومي قدما . فإلى جانب المماطلة المتمادية في تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة تفاقمت خلف الكواليس تباينات اضافية حيال تسمية الرئيس المكلف . فاذا كان موضوع التكليف المحتمل للرئيس سعد الحريري والذي اندفع به الرئيس نبيه بري منذ أيام اصطدم الجمعة الماضي في اجتماع عين التينة برفض “التيار الوطني الحر” فان الساعات الأخيرة شهدت تفاعلات سلبية وراء الكواليس حول موقفي كل من الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية من رفضهما أيضا لتكليف الحريري بما يجعلهما في نقطة تقاطع مع التيار الوطني الحر ولو لاهداف وأجندات مختلفة بين الأطراف الثلاثة . ومن غير المستبعد ان تطرأ مواقف وتطورات في اليومين المقبلين وسط مؤشرات عن ان الرئيس الحريري لن يبقى صامتا حيال كل ما يتردد في شأن تكليفه وان موقفا على جانب كبير من الأهمية سيترك تداعيات بارزة قد يطلقه قبل منتصف الأسبوع الطالع .
وكان النائب وائل أبو فاعور زار امس عين التينة موفدا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كان غرد متسائلا “لماذا لا تجرى الاستشارات النيابية وفق الأصول بدل الهمسات في الكواليس وتختار الكتل من تشاء وتحترم نتيجة التصويت ؟ “.واضاف ” بالنسبة للحزب الاشتراكي لا علاقة له باي تيار سياسي آخر ولا ندين لاحد باي جميل ان نتائج الانتخابات السابقة خير دليل ان ما من احد بادلنا الأصوات “.
وسط هذه الأجواء اشتعل سجال بالغ الحدة بين كتلتي القوات اللبنانية النيابية والتيار الوطني الحر بعد حديث ناري ادلى به عضو كتلة الجمهورية القوية النائب بيار بو عاصي وشن فيه حملة عنيفة غير مسبوقة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون . وقد ذهب بو عاصي في حديث الى محطة ام تي في الى نعت الرئيس عون ب”غول الموت” وطالب باستقالته محملا إياه المسؤولية الأولى عن انفجار مرفأ بيروت . كما ان بوعاصي اعلن بوضوح الرفض القواتي لتكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة الجديدة معتبرا ان الحريري “لم يعد المنقذ ” . وأشعل كلامه ردودا حادة من نواب في تكتل لبنان القوي ومنهم النائب آلان عون الذي علق على بوعاصي بقوله ” ابطال الاقتتال في الحرب عادوا ليروجوا له في السلم “. كما رد النائب سيزار بو خليل بعنف فقال ” دراكولا الموت وشياطينه لا حاجة لتذكير اللبنانيين بجرائمهم “. كما كانت ردود أخرى في سجالات حادة بين الفريقين .