ما إن انكشفت مجدداً أمام اللبنانيين الجهة التي تحمل عن جدارة لقب فريق التعطيل، وذلك بعد إمعانها، كما العادة، في تأخير تشكيل الحكومة عبر تأخير المسار الطبيعي الذي يبدأ بتحديد موعد للاستشارات النيابية، انبرى هذا الفريق نفسه في محاولة مكشوفة لنفض يده من الموضوع تحت ذريعة الزهد بالمشاركة في الحكومة، على النحو الذي عبّر عنه النائب جبران باسيل، فيما الوقائع والاشتراطات والمطالب التي رفعها كانت، ولا تزال، العقبة الأساس أمام ليس فقط قيام الحكومة، بل العقبة التي واجهت كل الحكومات السابقة.
وفي حين شكّل لقاء الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أمس رسالةً إضافية عن الجهة المعرقلة للمسار الحكومي، ومع إصرار رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، على سحب يده من مسار المشاورات بعد أن تمنّعت الأيدي عن ملاقاته، ردّت مصادر عين التينة على كلام الفريق التعطيلي بقولها لجريدة ”الأنباء”: “إذا كان باسيل وفريقه السياسي ليسا مسؤولَين عن العرقلة، فما كان المبرّر لزيارته عين التينة، ولقائه الرئيس بري بحضور الخليلين على مدى ثلاث ساعات؟” مشيرةً إلى أن، “كل المحادثات في هذا اللقاء تمحورت حول تشكيل الحكومة، وعندما وصلت الأمور إلى اسم الرئيس المكلّف، أبلغ الوزير باسيل أن رئيس الجمهورية، وتكتل لبنان القوي، ليسا راغبَين بإعادة تكليف الرئيس سعد الحريري في تشكيل الحكومة، وأن لا مانع لديهما في اعتماد نفس الأسلوب الذي جرى في تكليف الرئيس حسان دياب”، وذلك وفق مصادر عين التينة التي تابعت، ”كان بري سأل باسيل: هل تعتقد أن حكومة دياب استطاعت أن تفعل شيئاً؟ ولماذا العودة إلى تكرار الغلطة ذاتها؟ فالوضع اليوم لا يحتمل المناورة والبلاد على كف عفريت، فإما أن تتشكّل حكومة إنقاذ تتولى تنفيذ الإصلاحات، وتمتص غضب الشارع والناس، وإما سنبقى ندور في الحلقة المفرغة”.
وسألت مصادر بري عن أسباب التأخير في تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، “فهذا الإجراء يأتي من باب الحرص على تفعيل المؤسّسات، وضرورة تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد”، محملةً “فريق العهد والنائب باسيل أسباب كل تأخير في تشكيل الحكومة”. وطالبت المصادر بمراجعة حساباتهما، “قبل استفحال الأزمة، خشية بروز عُقدٍ جديدة ليست بالحسبان”.
من جهتها، مصادر “التيار الوطني الحر” رفضت اتّهامها بعرقلة تشكيل الحكومة لإطالة أمد حكومة تصريف الأعمال، وقالت لـ”الأنباء”: “كل مرة يحاولون تحميلنا مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة، فيما المسؤولية في مكانٍ آخر. فرئيس الجمهورية يتصرّف وفق الدستور، وليس هناك من مهلةٍ محدّدة لتحديد موعد الاستشارات، وهو يريد أن يأخذ وقته لبلورة المواقف التي تساعد على الحل”، كاشفةً أن موعد الاستشارات النيابية الملزمة، ”سيُعلَن عنه نهاية هذا الأسبوع، وأن رئيس الجمهورية مدركٌ لمسؤولياته، وليس بحاجةٍ للنصح من أحد”.
وعن مصير زيارة رئيس الجمهورية الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى لبنان في ضوء التأخير في تشكيل حكومة إنقاذ، والتي اتّفق عليها مع الرئيس عون، أبلغت مصادر دبلوماسية “الأنباء” أن، “الرئيس ماكرون منزعجٌ جداً من تراخي المسؤولين اللبنانيين، وعدم جدّيتهم في تنفيذ ما اتُّفق عليه، وأبرزه تشكيل حكومة إنقاذ، والشروع في تنفيذ الإصلاحات والمطالب، وإجراء تحقيقٍ شفافٍ ونزيه في انفجار المرفأ، وهو أوفد فريقاً من المحقّقين الفرنسيين لمساعدة المحقّقين اللبنانيين في عملهم”.
المصادر عينها أكّدت أن، “عودة ماكرون إلى لبنان في الأول من أيلول ما زالت قائمة، إلّا في حال لمس إهمالاً متعمداً من المسؤولين اللبنانيين تجاه قيامهم بواجباتهم، وعندها لا مناص من تأجيل الزيارة، وعلى المعنيين بالأمر تحمّل مسؤولياتهم”.
إلى ذلك، وفي مجال التحقيقات في انفجار المرفأ، أفادت مصادر قضائية “الأنباء” أن، “المحقّق العدلي، فادي صوان، عقد اجتماعاً مع فريق المحقّقين التابعين للـFBI الذي يتولى التحقيق في انفجار المرفأ، وتمحورت المحادثات حول ما إذا كان الانفجار ناجماً عن عمل إرهابي، أم بسبب الإهمال”.
توازياً، كشفت مصادر متابعة للسجال القائم بين بكركي من جهة، وحزب الله وفريقه الإعلامي من جهة ثانية، لـ”الأنباء” أن “تشديد البطريرك في خطبه عن السلاح المتفلّت، وعن مخازن السلاح المخبّأة بين البيوت وفي الأحياء السكنية، أنه قد يؤسّس لمرحلة جديدة من المواقف والاتّهامات التي تندرج تحت هذا العنوان”.
المصادر وصفت ردّ بكركي على إعلام حزب الله بأنه، “الأعنف منذ تسلّم الراعي سدّة البطريركية، ما يعني أن الأمور متّجهة إلى التصعيد أكثر في الأيام المقبلة، وعلى الأخص ما تضمّنه بيان بكركي من إلقاء اللوم على الفريق المسيحي الذي يحمي هذا السلاح، بالإشارة إلى فريق العهد”.
في الشأن الصحي، ومع دخول خطة التعبئة العامة يومها الخامس، وتسجيل 457 إصابة، وثلاث حالات وفاة، أكّدت مصادر متابعة لـ”الأنباء” أن، “خطة التعبئة قد فشلت على ما يبدو في احتواء كورونا لأنه، وبالرغم من التعبئة العامة، ما زال عدّاد الإصابات يتراوح ما بين 450 و600 إصابة وأكثر. وهذا دليلٌ على أن لبنان دخل مرحلة التفشي المجتمعي الذي لا قدرة للدولة على احتوائه، ما يفرص التعايش معه بالطريقة التي تجنّب الناس الأخطار الكارثية”.
مصادر طبيّة عزت في اتّصالٍ مع “الأنباء” أسباب التفشي الكبير في كورونا إلى، “عدم جدّية الناس باعتماد الوسائل الوقائية. وهذا ما يلاحَظ في تحركات المواطنين وتنقّلاتهم اليومية من دون كمّامات، ومن دون اعتماد التباعد المطلوب، وبالأخص في الدوائر الرسمية والأماكن العامة، وفي زياراتهم للعائدين من الخارج من دون التأكد إذا ما كانوا مصابين بالكورونا أم لا”.
المصادر أشارت إلى، “شكوى القطاع الخاص من شمول خطة التعبئة لهم دون سواهم”، ولفتت إلى “صرخة التجار الذين هدّدوا في اجتماعٍ يُعقد اليوم بتحدّي الدولة، لأنهم مضطرون لإعادة فتح محالهم التجارية يوم غد الأربعاء، وهو ما أجبر وزير الداخلية محمد فهمي على التراجع عن قراره، والسماح لهم بفتح محلّاتهم شرط التقيّد بالشروط الوقائية التي تفرضها خطة التعبئة”.
مصادر جمعية التجار في لبنان أكّدت في اتّصالٍ مع “الانباء”، أن “موضوع إعادة فتح المحلات التجارية كان أكثر من ضروري، لأن جمعية التجّار هي المتضرّر الوحيد من هذه الأزمة، ومن قبل أزمة كورونا، بالأزمة الاقتصادية، وبالأزمة المعيشية التي انعكست سلباً على الوضع التجاري في لبنان بشكلٍ عام، وأدّت إلى إقفال العديد من المحال التجارية، وكان علينا المحافظة على البقية الباقية، فجاءت خطة التعبئة بمثابة الضربة القاضية على القطاع التجاري برمّته، ولذلك كانت صرختنا مدوّية، ولم نكن في وارد مخالفة قرار التعبئة بقدر ما يهمّنا إنقاذ ما تبقّى من هذا القطاع، إذ لا يعقل أن يُسمح لكل إدارات الدولة، والمصارف، والعديد من المرافق العامة بالعمل ما عدا قطاع التجّار، فهذا أمر مرفوض ولن نقبل به. وفي النهاية كان قرار وزير الداخلية متفهماً لموقفنا، وأعلن مشكوراً عن رفع الإقفال”.