يعود الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت يوم الثلاثاء المقبل لاستكمال جهوده التي بدأها في زيارته الاولى بعد انفجار المرفأ الذي احدث نتائج كارثية فاقمت الوضع اللبناني المتردي الذي بات على شفير الهاوية.
وتأتي الزيارة الثانية لماكرون وسط اجواء ملبدة على الساحة اللبنانية والتعقيدات التي تواجه تاليف الحكومة الجديدة رغم الحاجة الملحة لها في هذه الظروف الصعبة والاستثنائية.
وقد اعلن الأليزيه امس رسميا وصول الرئيس الفرنسي الى لبنان في الاول من ايلول، وسبق ذلك تصريح مقتضب لوزير الخارجية جان ايف لودريان قال فيه ان ماكرون «سيكرر رسالته بضرورة التغيير».
وشدد على ان كارثة بيروت «يجب الا تكون ذريعة لاخفاء حقيقة ان لبنان على شفير الهاوية».
وقال مصدر بارز للديار امس ان عودة ماكرون الى لبنان وفق ما تعهد به سابقا يبقى الامل في امكانية احراز تقدم او فتح ثغرة في جدار الازمة القائمة رغم التعقيدات الكثيرة، وانه عازم على المضي في جهوده لمساعدة لبنان من اجل الخروج من محنته ، متوقعا ان تكون له مواقف متشددة لحث الاطراف اللبنانية على تحمل مسؤولياتها.
واضاف ان الوضع في عنق الزجاجة اليوم فاما ان نخرج منها الى الحل او نسقط الى قعر الازمة، مذكرا بما اكده ماكرون لجهة ان على اللبنانيين مساعدة انفسهم ليساعدهم الاخرون.
ولفت المصدر الى الاتصالات التي سبقت وتسبق الزيارة ومنها الاتصال بين وزيري خارجية فرنسا وايران، مشيرا الى ان باريس ورغم الصعوبات التي تواجهها فانها مصممة على لعب دور انقاذي تجاه لبنان وتأكيد علاقتها وحضورها القوي في هذا البلد.
وعشية زيارة ماكرون بدا المشهد على الساحة اللبنانية اكثر تعقيدا في ما يتعلق بعملية تأليف الحكومة خصوصا بعد اعلان الحريري بانه ليس مرشحا لرئاسة الحكومة الجديدة، ما اعاد البحث الى نقطة البداية للتفتيش عن بديل مقبول ويحظى بغطاء واسع او ملحوظ لعدم تكرار تجربة حكومة حسان دياب.
وعلى الرغم من هذه الاجواء الملبدة لم تستبعد مصادر قصر بعبدا للديار امس دعوة رئيس الجمهورية الى الاستشارات النيابية يوم الاثنين المقبل اي قبل وصول ماكرون وقالت «من الممكن حصول ذلك».
ولدى سؤالها عن نسبة احتمال هذا الشيء قالت «المسألة لا تحدد بنسبة معينة بل هي مرتبطة بالمشاورات المتسارعة والجهود المبذولة في هذا المجال».
وردا على سؤال ما اذا كانت المشاورات قد تجمدت او توقفت بعد اعلان الحريري عزوفه عن الترشيح، قالت مصادر بعبدا «نعتقد ان المشاورات ستتكثف اكثر في الثماني والاربعين ساعة المقبلة لانه في السابق كان هناك مرشح واحد معروف هو الرئيس الحريري اما اليوم فان موقف الاطراف غير معروف، بمعنى ان مرشح كل طرف غير معلن لذلك نعتقد ان الاتصالات والمشاورات ستتكثف، وقد تتوضح الصورة قبل مطلع الاسبوع المقبل».
واشارت الى تحركات يتوقع ان تنشط في اطار توحيد الموقف لدى المراجع السنية لاختيار شخصية مقبولة لرئاسة الحكومة، مستبعدة الذهاب الى مزيد من التصعيد او التفجير.
وعما اذا كان الحريري سيسمي مرشحه اكتفت المصادر بالقول «من الطبيعي ان يسمي مرشحه في الاستشارات».
الى ذلك، قالت مصادر مطلعة للديار امس ان هناك خلط اوراق لمعرفة التوجه لاختيار الرئيس المكلف بعد عزوف الحريري عن الترشح، وان الجهد ينصب على المجيء بشخصية تحظى بغطاء سني قوي وباغلبية واضحة.
واشارت الى ان الثنائي الشيعي الذي رشح الحريري ما زال يسعى لحكومة جامعة وقوية كما عبّر بري اكثر من مرة، وعبر نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم امس عن تكليف الرئيس وتشكيل الحكومة بقوله «نحن مع اوسع تأييد للقوى السياسية والنيابية لنتمكن من العمل معا لانقاذ لبنان ، وما رغبة حزب الله بحكومة الوحدة الوطنية او ما تشابهها الا لحشد الطاقات والمسؤولية من الجميع في بناء لبنان».
وعبّر مصدر في التيار الوطني الحر للديار عن موقف التيار بالقول ان تكتل لبنان القوي مع كل التسهيلات لحكومة انقاذ تحقق الاصلاحات وتحارب الفساد وتنهض بلبنان، ونحن لم نسم احدا بعد.
وقال مصدر في كتلة المستقبل للديار ايضا ان موقف الرئيس الحريري واضح وهو لا يناور كما انه لا يخضع الى اي نوع من الابتزاز.
تصاعد المخاوف من كورونا
في هذا الوقت تصاعدت التحذيرات من تطور انتشار كورونا والمخاطر المتفاقمة جراء هذا التوسع بالانتشار بشكل لا سابق له.
وتوقفت مصادر مسؤولة عند ارتفاع عدد الوفيات كما حصل اول امس بتسجيل 12 وفاة في يوم واحد، محذرة من الوضع الذي تشهده المستشفيات من ضغوط متزايدة وعجز في الاستيعاب خصوصا بعد خروج بعضها عن الخدمة بسبب انفجار المرفأ.
لذلك لفت المجلس الاعلى للدفاع الذي اجتمع امس برئاسة الرئيس عون والذي كلف وزير الصحة التواصل مع المستشفيات الخاصة لجهة وجوب التعاون والتجاوب والتوصل الى قرار بفتح اجنحة خاصة للكورونا خلال مهلة 5 ايام. وطلب من الاجهزة العسكرية والامنية التشدد في قمع المخالفات.
وقرر تمديد التعبئة الى نهاية العام الحالي، والتأكيد على تفعيل التدابير والاجراءات، والطلب من اللجنة المكلفة متابعة كورونا استكمال التواصل مع الجهات المعنية على ان يصدر وزير الداخلية القرار اللازم عن امكانية التعديل.
وشهد امس كالعادة خروقات متعددة لقرار الاقفال في مختلف المناطق باشكال متفاوتة بنسب بلغت احيانا اربعين وخمسين بالمئة. لكن دعوة نقابات القطاع الصحي الى التمرد على القرار وبالتالي اعادة فتح المطاعم والمقاهي والمسابح لم تنجح وبقيت نسبة كبيرة منها مقفلة خصوصا بعد تحذير وزارة الداخلية وتأكيدها على قمع ومحاسبة المخالفين. لكن قنوات التواصل والنقاش فتحت مجددا بين الوزير والقطاعات التجارية والسياحية للتوصل الى حل يوفق بين تأمين السلامة العامة والالتزام بالاجراءات الوقائية من كورونا ومصلحة هذه القطاعات والحاجة الى فتح ابوابها ضمن الشروط المطلوبة واللازمة.
ولفت الرئيس عون في تغريدة له الى انه اعادة فتح المطاعم والمقاهي امر حيوي لقطاع السياحة والخدمات ولكن تبقى صحة اللبنانيين هي الاساس، مشيرا الى ان لذلك نتابع عن كثب مناقشات لجنة مكافحة كورونا مع القطاعات الاقتصادية المعنية للتوصل الى اجراءات اعادة العمل في هذا القطاع وفق الشروط الصحية الصارمة.
شكوى على اسرائيل
على صعيد آخر قرر لبنان تقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي ضد اسرائيل لاعتدائها ليل اول امس وقصفها قرى جنوبية حدودية باكثر من مئة قذيفة فوسفورية ومتفجرة ما ادى الى حرائق في الاحراج والمزروعات وتضرر منزل ونفوق عدد من الماشية.
واعلنت قيادة الجيش بان القصف طاول ميس الجبل، مارون الراس، وعيترون. كما استهدفت المروحيات الاسرائيلية مراكز تابعة لمؤسسة «اخضر بلا حدود» البيئية في راميا ومحمية عيترون وخراج عيتا الشعب.
وكالعادة ادعى العدو الذي اطلق عشرات القنابل المضيئة انه رصد عملية تسلل عبر الحدود ،واعلن رئيس وزرائه نتنياهو «ان اسرائيل تنظر ببالغ الخطورة الى قيام حزب الله باطللاق النار على قواتنا، ولن نقبل بشن عدوان على مواطنيننا وسنرد بقوة على اي اعتداء كان».