يبدو ان الرئيس المكلف مصطفى اديب مُتكتم جداً بشأن تأليف الحكومة ولم يتسرّب منه اي اسم او هيكلية للحكومة العتيدة، او اي شيء عن الميثاقية او المداورة، بل كل ما تمّ الحصول عليه من معلومات هو ان الرئيس المكلف الدكتور مصطفى اديب يُريد حكومة مُصغرة مؤلفة من 14 وزيراً من ذوي الاختصاص والخبرة، فيما ذكرت معلومات نيابية وسياسية، ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يُريد الحكومة من 24 وزيراً ويُويّد المداورة في الوزارات السيادية، و يرغب في الحصول على »الداخلية« و»المالية« مقابل اعطاء وزارتي الخارجية والدفاع لجهات اخرى، لكن لم تتم معرفة موقف الرئيس مصطفى اديب نظراً للتكتم الشديد الذي يُحيط بعمله لتشكيل حكومته.
ويبدو، ان الرئيس اديب سيلتقي رئيس الجمهورية يوم الاربعاء او الخميس ليعرض عليه اول تصوّر له بتشكيل الحكومة، وذكرت وسائل اعلام فرنسية ان اسم الدكتور غسان سلامة مطروح ليكون وزيراً للخارجية، لكن لم تتمّ معرفة ما اذا كانت حركة 8 آذار توافق عليه، او ان الدكتور غسان سلامة الذي هو وزير سابق يُوافق على الاشتراك في الحكومة، كما ان اسم المصرفي الكبير سمير عساف مطروح لان يكون وزيراً او مفاوضاً مع صندوق النقد الدولي. اشارة الى ان المصرفي الكبير سمير عساف رافق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في زيارته لبيروت وهو صديق كبير له، ويُذكر ان الرئيس الفرنسي عمل في مصرف اوروبي كبير، وكان المصرفي سمير عساف مديراً للمصرف، وكان ماكرون يعمل مساعداً له.
تكتم الرئيس مصطفى اديب المكلف تشكيل الحكومة، والحديث عن المداورة جعل مُساعدي الرئيس نبيه بري وسماحة السيد حسن نصرالله الوزير علي حسن خليل والسيد حسين خليل يطلبان اللقاء بالرئيس مصطفى اديب، ولم تتسرّب معلومات كثيرة عن الاجتماع، بل رجحت اوساط ان الوزير علي حسن خليل نقل الى الرئيس المكلف ان بري مُصرّ على التوقيع الثالث في الحكومة، وان يكون الوزير من الطائفة الشيعية ومُقرّباً من بري، كما ان السيد حسين خليل نقل طلب حزب الله في ان يستمرّ الوزير حمد حسن وزيراً للصحة او ان تبقى وزارة الصحة مع حزب الله دون ان يكون وزير الصحة ينتمي الى حزب الله، لكن ان يكون حليفاً للحزب، ويبدو ان الرئيس المكلف لم يُعطِ جواباً بعد.
على صعيد آخر، يُتابع السيد برنار ايمييه رئيس جهاز المخابرات الفرنسي موضوع تأليف الحكومة، وذكرت احدى محطات التلفزة الفرنسية ان فرنسا اقترحت ان يكون الوزير السابق غسان سلامة وزيراً للخارجية في الحكومة الجديدة، وان يكون السيد سمير عساف وزيراً ايضاً او رئيس الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي، وراجت شائعات انه يتمّ تحضير السيد سمير عساف لكي يكون حاكماً لمصرف لبنان في ظل الحكومة العتيدة ، ولكن من المستبعد جداً ان يحصل تغيير في حاكمية مصرف لبنان، بل سيبقى الحاكم رياض سلامة حاكماً للمصرف المركزي والسيد سمير عساف يُساعد في الملف المالي بين لبنان والمؤسسات المالية الدولية.
وهنا السؤال: هل يقبل حزب الله أن يكون غسان سلامة وزيراً في الحكومة الجديدة ام يضع »فيتو« عليه كونه في السابق، تمّ اتهام الدكتور غسان سلامة بانه شارك في كتابة القرار رقم 1559، لكن في ظل كلام الرئيس عون انه الاب وصانع القرار 1559 والحلف القائم حالياً بين الرئيس عون وحزب الله، يبدو ان حزب الله قد لا يضع »فيتو« على الدكتور غسان سلامة، واذا اشترك سلامة بالحكومة سيكون هنالك الرئيس المكلف ووزير الخارجية فيها من حصّة فرنسا مُباشرة ومن اقرب المقرّبين الى الادارة الفرنسية.
على صعيد هيكلية الحكومة، فان الرئيس المكلف يُريدها مُصغرة من 14 وزيراً كي تكون مُتجانسة، لانه برأيه ان الحكومات الموسّعة والكبيرة تفقد التجانس بين الوزراء، بينما يُريد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الحكومة من 24 وزيراً، وعلى الاقل 20 وزيراً وهذه النقطة سيتمّ بحثها في الاجتماع القادم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وتقول المعلومات، ان رئيس جهازالاستخبارات الفرنسي برنار ايمييه سيُساعد على حلحلة العقد وعلى تحديد ما اذا كانت الحكومة ستتألف من 14 وزيراً او 24 وزيراً.
وبالتالي، لم يعد امام الرئيس المكلف الا مهلة عشرة ايام لكي يلتزم بشروط الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي تمنى على الكتل النيابية والرئيس المكلف تأليفها خلال اسبوعين، وقد حصل على وعد منهم بتسهيل التأليف. فهل يتمّ الاخلال بموعد الاسبوعين او الالتزام بهذا الموعد؟ لان الرئيس الفرنسي سيُصاب بأول صدمة على الساحة اللبنانية وعلى صعيد مُبادرته الانقاذية السياسية والاقتصادية والمالية اذا لم تتألف الحكومة خلال اسبوعين.
ولقد اكد وزير الخارجية الفرنسي لودريان انه يجب تأليف الحكومة بسرعة والالتزام بمهلة الاسبوعين، في مُقابلة مع اذاعة فرنسية، كي تبدأ الحكومة بعملية الاصلاح، لذلك، فان مهلة الاسبوعين اذا مرّت ولم تتألف الحكومة، فقد يبدأ الرئيس الفرنسي ماكرون باعادة النظر بشأن طريقة عمله بمتابعة الازمة اللبنانية.
على صعيد موقف الولايات المتحدة من الحكومة، فقد هاجم وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو حزب الله وقال عنه انه المشكلة، وان الولايات المتحدة لا تفرّق بين الجناح السياسي والجناح العسكري في حزب الله، وصادف كلام بومبيو مع خطاب للدكتور سمير جعجع انتقد فيه انتقاداً شديداً سلاح حزب الله وطالب بان يكون السلاح في يد الدولة وحدها، وقال جعجع انه بدلاً من ان يكون حزب الله في اطار الدولة اصبحت الدولة في اطار حزب الله.
واذا كان موقف بومبيو من حزب الله بهذا الشكل حيث ركز على الصواريخ الدقيقة مُعتبراً انها تهدّد السلام في الشرق الاوسط، فقد لاقاه موقف جعجع بشأن سلاح الحزب، الا ان وزير الخارجية الفرنسي لودريان فرّق بين الجناح السياسي لحزب الله والجناح العسكري وقال: ان نواب حزب الله انتخبهم الشعب بطريقة ديموقراطية، وبالتالي لا يُمكن تجاهل الجناح السياسي في الحزب، على عكس موقف عدد من الدول الاوروبية والولايات المتحدة التي تعتبر حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري “حزباً ارهابياً”.
كتلة الوفاء للمقاومة التي تمثل حزب الله في المجلس النيابي وعدت الرئيس الفرنسي بتسهيل تأليف الحكومة الى اقصى حدّ، وقابلها ماكرون بمبادرة تجاه حزب الله من خلال اجتماعه مع نوابه ومناقشة الاوضاع كلها ، حيث نقلوا موقف السيد حسن نصرالله الى الرئيس ماكرون، كما نقلوا بعد اجتماعهم به وجهة نظر الرئيس الفرنسي الى سماحة السيد حسن نصرالله، ويُذكر هنا، ان جو الاجتماع بين ماكرون ووفد حزب الله كان مُريحاً جداً.
هل ستتألف الحكومة خلال اسبوعين؟ الجواب نعم من حيث المبدأ، لكن الصعوبة بدأت تظهر، وقد تؤخر تشكيل الحكومة اسبوعاً ثالثاً، لكن هذا الامر لن يمرّ مرور الكرام لدى الرئيس الفرنسي ماكرون ومدير المخابرات الفرنسية الذي يُطلع الرئيس الفرنسي على كل مجريات تأليف الحكومة.
وتؤكد المعلومات، ان مسألة التأليف تتمّ تحت انظار رجل المخابرات الاول برنار ايمييه الذي قد يتدخل بإيعاز من ماكرون لتذليل كل الصعوبات والالتزام بمهلة الاسبوعين لتشكيل الحكومة، لان فرنسا تعتبر انه اذا تمّ الاخلال بموعد تأليف الحكومة، فذلك سيُؤدي الى الاخلال بمهلة اجراء الاصلاحات خلال ثلاثة اشهر كي تكون مُنتهية كلياً.