لا شيء في الافق السياسي اللبناني يؤشر الى ما يمكن ان يطمئن اللبنانيين الفاقدي الامل بغدهم في وطنهم واحتمال انتشاله من الهاوية. كل المعطيات والمواقف تصب في خانة السيىء والاسوأ والاكثر سوءا. سياسيون «كذبة» انتظروا الرئيس الفرنسي «المنقذ» ايمانويل ماكرون ليدير ظهره فينقضّوا على وعود قطعوها بتشكيل حكومة سريعا وتقديم كافة التسهيلات، راحوا يضعون عصي مماحكاتهم في دواليب الرئيس المكلف الذي لا يبدو حتى الساعة في وارد التساهل معهم، واسهل خياراته، اعادة ورقة التكليف لاصحابها وليتحملوا المسؤولية. سياسيون غير مهتمين بأبناء الوطن المشردين في شوارع عاصمة تسبب اهمالهم بانفجارها، يقحمون دولتهم في محاور الممانعة والمقاومة لمن يمدون لها يد العون والمساعدات غير آبهين بالنتائج الكارثية. انتظروا افول نجم ماكرون في بيروت ليشرّعوا ابوابهم لرموز مصنفة في القاموس الدولي «ارهابية» ويسموا شوارع العاصمة الجريحة بأسمائهم، ويسحبوا صفة «النأي بالنفس» المطلوبة بإلحاح كشرط للانقاذ عن لبنان. انها دولة الفشل وانعدام الامل والهرولة نحو السقوط.
حراك بطيء
في اليوم الاول من الاسبوع الثاني على تكليف الرئيس مصطفى اديب، والذي يفترض، وفق التفاهم اللبناني – الفرنسي، أن تبصر في خواتيمه الحكومة العتيدة النور، اذ اتفق على التشكيل خلال 15 يوما، تحرّكت المياه ببطء في المستنقع الحكومي، علما ان اي لقاءات علنية للرئيس المكلف لم تسجل… فعلى هذا الخط، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل ابو فاعور.
لقاء مرتقب؟
وفي حين تضاربت المعلومات بين من اشار الى اجتماع مرتقب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف في الساعات الـ48 المقبلة يضع خلاله اديب الرئيس عون في جو التصور الاولي الذي لديه للحكومة العتيدة ومن اعتبر ان لا موعد مع رئيس الحكومة المكلف حتى الان على رغم وجود تصور حكومي جاهز يتناقش فيه مع الاطراف الذين يلتقيهم، افادت اوساط متابعة ان اديب عازم على تقديم تشكيلته المصغرة التي تضم فريق عمل متجانسا قادرا على احداث تغيير جذري في طريقة العمل الحكومي، والا فإنه ليس في وارد تغيير تصوره ولا الدخول في مساومات وبازارات سياسية.
انتهاك النأي
والى الخشية من عقبات بدأت تفرض نفسها على طريق اديب، منها رفض المداورة في الحقائب وتمسك الثنائي الشيعي بالمالية، واصرار رئيس الجمهورية على حكومة موسّعة من اختصاصيين مسيّسين، في مقابل تفضيل أديب حكومة مصغّرة، برز مطب من نوع آخر، تمثل في خرق قوي تعرضت له سياسة النأي بالنفس، علما ان العرب وحتى باريس، وواشنطن، يتمسّكون بها كشرط لمساعدة الحكومة المقبلة، يضاف الى الاصلاحات.
فبعد رفع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، من بيروت في الساعات الماضية، الصوت ضد واشنطن والخليجيين منتقدا تطبيعهم مع تل ابيب، ، عمدت بلدية الغبيري منذ ساعات، في قلب الضاحية الجنوبية للبنان، معقل حزب الله، إلى إطلاق اسم «الحاج قاسم سليماني» على أحد شوارعها، وهو قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الذي اغتيل في عملية عسكرية أميركية في 3 كانون الثاني 2020، في العراق.
وكانت زيارة هنية اثارت غضباً في لبنان، خصوصا تهديده اسرائيل واعتباره أن «المقاومة في غزة تمتلك صواريخ لتدك بها تل أبيب وما بعد تل أبيب»، إضافة الى استقبال هنية في مخيم عين الحلوة في ظل انتشار لعناصر مسلحة.
وصدرت مواقف منتقدة لهنية للقاء سيدة الجبل وعدد من نواب القوات اللبنانية ، وتوجه الوزير السابق اشرف ريفي الى هنية بالقول: لبنان وطن مستقل وليس مسرحا لإيران، والفلسطينيون الذين تيقنوا من درس الحرب، إستخلصوا عبر قيادتهم الوطنية، خطورة تجيير قضيتهم، للمتاجرين في محور الممانعة الذين أمعنوا قتلا بالفلسطينيين في مخيمات الشتات ومنها مخيم اليرموك».
اضاف: «نقول لك: فلسطين في قلوبنا، لكن لسنا مستعدين للقبول بالمؤامرات والمغامرات التي ألحقت بقضية فلسطين الأذى، والتي مست بسيادة لبنان».
وسجل امس اشتعال سجال كلامي حاد بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على خلفية خطاب سمير جعجع يوم الاحد، فاعتبر التيار ان هذا الخطاب ان خطابه خاوياً من أي طرح وممتلئاً تحريضاً وافتراءات؛ امّا طبعه الميليشياوي فيغلب قدرته عل التطبّع مع السلام. لم يخرج من ماضيه بل بقي أسير زنزانة الحقد، يرفض أيّ مصالحة بين اللبنانيين، ولو إستطاع أن يخرّبها جميعها لما قصّر. يزعجه تفاهم مار مخايل لانه قرّب اللبنانيين من بعضهم، ويندم على المصالحة بين المسيحيين لأنّها لم تلبِّ رغبته بالاستيلاء على السلطة».
عون ووزني
الى ذلك، بحث رئيس الجمهورية، مع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني في موضوع عقد التدقيق المالي الجنائي. وقال وزني بعد اللقاء: التدقيق الجنائي هو عنوان من عناوين الإصلاح الأساسية، وسوف ينسحب على ادارات الدولة ومؤسساتها وصناديقها كافة. وأضاف «وُقّع العقد مع شركة Alvarez وأصبح ساري المفعول، وإن كانت ثمّة تعديلات عليه فتُناقش مع الشركة لاحقاً». وتابع «هيئة التشريع والاستشارات ممثلةً برئيستها، ستكون عضواً في اللجنة التي سأشكلّها لمتابعة عمل التدقيق».
كونتي
على صعيد آخر، بعد زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ومساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر لبنان، يصل الى بيروت اليوم رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي في زيارة رسمية تستمر يومين.