وسط استمرار الأجواء عن تباينٍ بخصوص تشكيل الحكومة بين الرئيس المكلّف مصطفى أديب، ورئيسالجمهورية ميشال عون، حول شكل الحكومة وحجمها، وبعدما فُهم أن أديب يصرّ على أن تكون مصغّرة لا تتعدى 14 وزيرًا غالبيّتهم من جيل الشباب، في حين أن عون لا يزال يفضّل حكومة تكنو- سياسية من 24 وزيراً، فإن السؤال هو إذا ما سيتمكّن أديب من إعادة أجواء التفهّم والتفاهم، كما أُعلن عنها بعد الاستشارات التي أجراها في عين التينة، وهل تكون زيارته إلى القصر الجمهوري يوم غدٍ الأربعاء لتسليم عون مسودة تشكيلة الحكومة العتيدة، أم قراراً بالاعتذار.
مصادر بعبدا أوحت عبر “الأنباء” بعدم وجود اختلافات وتباينات في الرأي بين عون وأديب، على عكس ما يشاع عبر وسائل الاعلام، وقالت إن الرئيس عون أعطى الرئيس المكلّف تفويضاً لكي يشكّل الحكومة التي يراها مناسبةً وفي أقرب فرصة، وأنه لم يتحدث معه لا في شكلها، ولا في المداورة في الحقائب، وأنه لم يطلب لنفسه أية حقيبة وزارية.
وعزت مصادر بعبدا “الأجواء المشاعة” إلى، “وجود طابور خامس يعمل على تضليل الرأي العام من أجل اتّهام فريق العهد بالعرقلة”.
توازياً كشفت مصادر مطّلعة عبر “الأنباء” أن حقيقة ما يجري “مختلفة جداً” عما لفتت إليه مصادر بعبدا، وقالت: “إذا كانت الأمور تسير فعلاً بهذا الاتّجاه، فذلك يعني أنه حال انتهاء أديب من إعداد تشكيلته سيوقّعها عون فوراً، والأربعاء لناظره قريب”.
وكان واضحاً في هذا السياق تحذير رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، من أن التأخير في إنجاز الحكومة، “يضع لبنان على المحك”.
عضو كتلة “المستقبل”، النائب محمد الحجار، أكّد في حديثٍ مع “الأنباء” وجود عراقيل “قد تحول دون ولادة الحكومة في وقتٍ قريب”، مشيراً إلى أن “بعض الفرقاء الذين كانوا يعرقلون في المرحلة السابقة طمعاً بحصصٍ، ومواقع، ومغانم، وتمسكاً بحقائب معيّنة، ما زالوا يعرقلون ولم يتغيّروا، كما ولو أن البلد في حالةٍ جيّدة ورائعة، والوزارات تُشكّل لتخدم طبقةً معيّنة تعيش على كوكبٍ آخر، ولا يهمّها وجع الناس”.
وتساءل الحجار: “إلى متى ستبقى الأمور هكذا؟ هل المبادرة الفرنسية قادرةٌ أن تفرض مشيئتها على هؤلاء ليلتزموا ويسهّلوا تشكيل الحكومة؟” مشيراً إلى أنه، “في حال تمّ وضع العصي في دواليب الرئيس المكلّف فمن الأفضل له أن يعتذر عن التكليف، وليتحملوا هم المسؤولية”.
على صعيد آخر، وعلى خط الكباش الحاصل بين بعبدا وعين التينة حول التدقيق المالي الجنائي، ومحاولة وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، تدوير الزوايا خلال لقائه عون، والحديث عن أن التدقيق أصبح ساري المفعول، وأن التعديلات عليه تناقَش لاحقاً، معتبراً أنه عنوان من عناوين الإصلاح المالي، فقد أوضح الخبير المالي والاقتصادي، أديب طعمة، عبر “الأنباء” أن، “عقد التدقيق الجنائي يجب أن يوضع بشكل علني وشفاف، لأن مهمته هي التدقيق على المصارف. فإذا أراد المسؤولون القيام بإصلاحٍ مالي حقيقي فيجب أن يُعلَن ذلك أمام الشعب اللبناني، والتدقيق يجب أن يفسّر كيف دخلت الأموال إلى مصرف لبنان، وكيف تمّ إقراض هذه الأموال للدولة لمدة 30 سنة، وكيف تمّ اختراع وهم الليرة الثابتة. فاذا جرى تدقيق شفاف تُحلّ كل قصة لبنان”.
طعمة أشار إلى انفجارَين حصلا في لبنان، “الأول تمثّل بالدَّين، أو ما يسمى قنبلة الدَّين، والثاني انفجار المرفأ، ويتمّ التعامل معهما بالطريقة نفسها، والإهمال نفسه”، مشككاً بإمكانية الوصول إلى الحقيقة، “لأنه سيُحكم على السارقين بالبراءة، وسوف تضيع أموال الناس”.
من جهةٍ أخرى، برزت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيّة إلى لبنان، والذي زار كليمنصو أمس والتقى جنبلاط. وقد استغرب مسؤول الجماعة الإسلامية في لبنان، النائب السابق عماد الحوت، في حديثٍ مع ”الأنباء” أن تُحمّل الزيارة أكثر مما تحتمل، “فهي تأتي في إطار وحدة الفصائل الفلسطينية، وهي المرة الأولى التي يحصل فيها مثل هذا التوجّه منذ أكثر من 10 سنوات، وذلك للعمل في إطارٍ مشتركٍ واحد”، لافتاً إلى أن مجيء مشعل إلى لبنان تم تحت هذا العنوان. ولكن هناك في لبنان من يريد إعطاء ذلك بعداً سياسياً”، موضحاً أن، “الرجل لم يتحدّث في الشأن السياسي اللبناني طيلة وجوده في لبنان ولقائه مع عددٍ من قادة الأحزاب، ولم يتحدَّى أحداً، ولم يتحدث عن محور الممانعة كما اتُّهم، وهو تحدّث عن القضية الفلسطينية باعتبارها قضية شعبه. وإذا كان هناك من يتحسّس من دعم القضية الفلسطينية ويسعى إلى التطبيع فهذه مشكلته”.