الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار : حرب واشنطن على حلفاء المقاومة عقوبات أميركية على خليل وفنيانوس
الاخبار

الأخبار : حرب واشنطن على حلفاء المقاومة عقوبات أميركية على خليل وفنيانوس

حطّت العقوبات الأميركية، أمس، فوقَ بركان الانهيار المالي الذي تتشابك خيوطه مع مخاطِر اقتصادية واجتماعية ‏وصحية، وأزمة حكومية. واستعاد لبنان، البعد السياسي للخناق الاقتصادي الكامل الذي تريد الولايات المتحدة ‏الأميركية إطباقه حول لبنان بذريعة تطويق المقاومة، ليسَ باستهداف شخصياتها وحسب، بل بليّ ذراعها من خلال ‏حلفائها، لقلب المشهد على الساحة الداخلية. وللمرة الاولى، تصل العقوبات إلى سياسيين رفيعي المستوى من حلفاء ‏الحزب، ومن الذين يُعتبرون صلة وصل أساسية بينه وبين حلفائه وأصدقائه، كما الحزب وخصومه على الساحة ‏السياسية. ولم يكُن أدل على ذلِك، سوى ما قاله مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر تعليقاً على العقوبات بأنها ‏‏”رسالة الى كل من يتعامل من الحزب‎”.

مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) فرض عقوبات على المعاون السياسي ‏لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس “لتعاونهما مع حزب الله ‏وضلوعهما في عمليات فساد” ضمن قانون مكافحة الارهاب، مؤكداً “معاقبة كل سياسي لبناني يساعد حزب ‏الله”. وقالت وزارة الخزانة إن “خليل وفنيانوس ما زالا فاعلين رغم خروجهما من الحكومة”، وإن “بعض ‏السياسيين اللبنانيين استخدموا أبواباً خلفية لعقد صفقات مع حزب الله من أجل منافع شخصية على حساب الشعب ‏اللبناني”. هذه العقوبات المقررة مسبقاً، حاول المكتب ربطها بعمليات فساد وتفجير مرفأ بيروت لإعطائها ‏شرعية، علماً بأنها رسالة سياسية بامتياز للحزب وحلفائه. قالها شينكر بالفم الملآن أمس: “يجب أن تكون هناك ‏سياسات مختلفة‎”.

كما أن هذه العقوبات تُعد رسالة تهديد شخصية لكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المردة الوزير ‏السابق سليمان فرنجية بأن تحالفهما مع حزب الله يضعهما في دائرة الاستهداف من قبل واشنطن، فالمستوى الذي ‏طالته العقوبات هذه المرة يؤكّد أن واشنطن أطلقت محركات التصعيد داخل لبنان. ومن المعنيين بهذه الرسالة ‏أيضاً، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والنائب جبران باسيل. تقول لهما واشنطن إن التعامل مع باسيل لن ‏يكون مختلفاً عن التعامل مع فنيانوس وخليل، في حال قرر رئيس التيار الوطني الحر الاستمرار في التحالف مع ‏الحزب. عقوبات يوم أمس هي محطة مفصلية في الحرب الأميركية على المقاومة، لجهة السعي إلى عزلها في ‏الداخل، بعد ممارسة الضغوط القصوى على عدد من الدول الأوروبية، كألمانيا، لتصنيف الحزب منظمة إرهابية. ‏وليس أدل على الجهود الأميركية المبذولة ضد المقاومة من اتفاقية التطبيع بين صربيا وكوسوفو التي وقعتها ‏الدولتان في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي. ففي الاتفاق الذي رعاه دونالد ترامب، تمكّنت الإدارة الأميركية من ‏فرض بند وقّع عليه رئيسا الدولتين البلقانيتين، تعهدا فيه بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية‎!

وفيما يرى مراقبون أن قرار العقوبات الأميركية على خليل وفنيانوس يناقض المسعى الفرنسي لتأليف حكومة، أكّد ‏سياسيون رفيعو المستوى أن القرار الأميركي يأتي في سياق ضغوط مكمّلة لمبادرة ماكرون. فواشنطن وباريس، ‏وبصرف النظر عن اختلاف السياسات التي تنتهجها كل منهما وعن المدى الذي تريد كل من العاصمتين بلوغه، ‏تهدفان إلى إضعاف حزب الله وحلفائه. والعقوبات سلاح تستخدمه واشنطن، فيما تلوّح به باريس، للضغط على ‏القوى غير الموالية للغرب في لبنان. وفي مقدور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، استخدام عصا العقوبات ‏الأميركية للضغط على مختلف القوى السياسية للسير بما يريده‎.

مكتب الخزانة الأميركي اتهم حزب الله باستغلال علاقته مع المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم فنيانوس، لسحب أموال ‏من الميزانيات الحكومية، وتجيير عقود مع الدولة لصالح شركات مرتبطة بالحزب، وأن الأخير منح فنيانوس ‏مئات الآلاف من الدولارات مقابل خدمات سياسية. وقال مكتب الخزانة إن “فنيانوس يلتقي بوفيق صفا أحد قياديي ‏الحزب، وساعد حزب الله في الوصول إلى وثائق قانونية حساسة متعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وعمل ‏كوسيط بين الحزب وبعض السياسيين”. وإضافة الى أنشطته مع الحزب، “انخرط فنيانوس في عمليات فساد، ‏وذلك أثناء توليه منصبه كوزير للنقل من خلال تحويل أموال لدعم حلفائه وتقديم الامتيازات لهم”. أما الوزير ‏خليل فهو، بحسب ما صنّفه مكتب الخزانة، “كانَ واحداً من المسؤولين الذين استخدمهم الحزب لتحقيق مكاسب ‏مالية”. وقال إن “حزب الله عقد مع خليل اتفاقاً قبل فترة وجيزة من الانتخابات النيابية الأخيرة، حيث كان خليل ‏مستعداً لتلقّي الدعم مقابل نجاحه. كما عمل خليل على نقل أموال للالتفاف على العقوبات وضمان عدم فرضها على ‏مؤسسات أو وزارات تابعة للحزب. كما استخدم منصبه كوزير مالية في محاولة لتخفيف القيود المالية على ‏الحزب كي لا يواجه الأخير صعوبات في نقل الأموال، وقد أعفى أحد المسؤولين أو المنتسبين للحزب من دفع ‏الضرائب على الإلكترونيات المستوردة الى لبنان. ومنذ العام 2019 رفض خليل التوقيع على شيكات مستحقة ‏الدفع للموردين الحكوميين في محاولة منه للحصول على عمولات، وكان يطالب بنسب من العقود له مباشرة‎”.‎

وبعد إعلان العقوبات على الوزيرين خليل وفنيانوس التي ستشمل تجميد الأصول، أعلن وزير الخارجية الأميركي ‏مايك بومبيو أن بلاده “ستُعاقب كل سياسي لبناني يساعد حزب الله”، كما “سنُحاسب أي شخص يساعد حزب ‏الله على تنفيذ أجندته الإرهابية”، بينما لفت مساعده ديفيد شينكر، في إيجاز صحافي، إلى أن “العقوبات سببها ‏توفيرهما الدعم لحزب الله، ولذلك يجب أن يتحملا المسؤولية والعقوبات”، مشيراً الى أن “خليل وفنيانوس قدّما ‏دعماً ماديا لحزب الله وكانا منخرطين في توفير الدعم السياسي والاقتصادي له، إضافة الى انخراطهما في الفساد ‏في لبنان”. أما في ما يتعلّق بالحكومة فقال “إننا نختلف مع الحكومة الفرنسية في ما يتعلق بوجود جناح سياسي ‏للحزب، نحن نعتبر أنه تنظيم إرهابيّ”، وأضاف “نحن نركّز على المبادئ أكثر من الأشخاص، ونريد أن يتحمّل ‏الفاسدون مسؤولية أفعالهم وأن تتمّ محاربة الفساد”، وإذا “التزمت الحكومة بهذه الأمور، فنحن نتطلع الى العمل ‏معها”، مشدداً على أنه “يجب أن لا يكون هناك تدخل خارجي في تأليف الحكومة. الفرنسيون حاولوا دفع الأمور، ‏ونحن على تنسيق معهم. وأكد شينكر “أننا لم نصل الى اتفاق بشأن ترسيم الحدود. ديفيد ساترفيلد قضى سنة كاملة ‏بين لبنان وإسرائيل محاولاً الوصول الى إطار عمل لبدء المفاوضات. هذا الأمر كان يجب أن ننتهي منه منذ وقت ‏طويل، لأنه سيفتح المجال أمام لبنان وإسرائيل لتحقيق التقدم‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *