ما الذي سيحصل بعد قرار العقوبات الاميركية الجديد ؟وما هي تداعياته على المبادرة الفرنسية وعملية تشكيل الحكومة،بل على الوضع العام على الساحة اللبنانية ؟ القرار الذي طاول الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس يحمل في طياته رسالة متعددة الاهداف تريد الادارة الاميركية منها ان تمارس المزيد من الضغوط لاملاء سياستها على لبنان واللبنانيين تحت عنوان محاربة حزب الله ومكافحة الفساد متناسية تغطيتها لعقود من الفساد الذي اوصل البلاد الى ما وصلنا اليه.
واذا كانت العقوبات الاميركية على لبنان واللبنانيين بحجة الانتساب او التعامل مع حزب الله ليست جديدة فان توسيع دائرة الاستهداف لتطال المعاون الســياســي لرئيس مجلس النواب واحد ابرز قياديي تيار المردة المسيحي تطرح علامات استفهام عديدة حول التوقيت والابعاد والغايات لا سيما ان الادارة الاميــركية على لسان كبار المسؤولين فيها هددت بدفعات جديدة من المسؤولين اللبنانيين الذين على جدول العقوبات.
والسؤال الذي يطرح ايضا هو هل ان القرار الاميركي هو استهداف للمبادرة الفرنسية ام محاولة لتكون اكثر تشددا ولتسير كليا في منهج السياسة الاميركية؟ وهل هذا يعني ايضا اعاقة عملية تشكيل الحكومة وعرقلة ولادتها في غضون ايام كما كانت تسـير الامور؟ واللافـت في هذا المجال ماورد في بيان حركة امل امس ردا على العقوبات الذي اشار بوضوح الى ان القرار الاميركي جـاء في توقيت «كان فيه اللبنانيون بغالبية قواهم السياسية والنيابية قاب قوسين اوادنى من الوصول الـى الى حكومة جامعة يعول عليها ان تعمل على اخراج لبنان من ازماته».
ووفقا للمعلومات فان عملية تشكيل الحكومة كانت تسير الى الامام من دون عراقيل كبيرة وانه يقدر ان تبصر النور قبل نهاية الاسبوع الحالي ، وكان الرئيس المكلف قد تداول ببعض الاسماء مع اكثر من مرجع وتشاور في هذا الصدد مع الرئيس الحريري الذي التقاه مؤخرا . لكن القرار الاميركي طغى على ما عداه في الثماني والاربعين ساعة الماضية ما ابطأ المشاورات التي كانت تجري على نار قوية وربما فرض واقعا مستجدا يساهم في تصليب المواقف لا سيما الرئيس بري الذي قالت مصادر سياية انه سيكون اكثر تشددا جوابا على الرسالة الاميركية وهذا ما عكسه ايضا بيان امل.
ولفتت الى ان الثنائي الشيعي سيتمسك اكثر بوزارة المال اولا انطلاقا من مبدأ الشراكة في التوقيع على المراسيم والقوانين وثانيا تأكيدا على عدم الرضوخ للضغط الاميركي مهما تنوعت واشتدت العقوبات الاميركية.
وقال مصدر سياسي بارز للديار ان قرار العقوبات الاميركية بحق الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس يأتي مترافقا مع العمل الجاري لتشكيل الحكومة الجديدة في اطار المبادرة الفرنسية ما يعطي انطباعا بان الادارة الاميركية التي اوحت في البداية بانها ليست ضد المبادرة دخلت على خط التشويش وخربطة الاوضاع ، مشيرة الى مطالبة مساعد وزير الخارجية الاميركية شينكر بحكومة حيادية يعكس بوضوح رغبة واشنطن في اثقال مبادرة الرئيس الفرنسي بالشروط المتشددة ما يهدد بفشلها .
وقالت المصادر ان استهداف حسن خليل المعاون السياسي للرئيس بري هو رسالة ايضا لرئيس المجلس في اطار الضغط المستمر الذي مارسته وتمارسه الادارة الاميركية لفك الارتباط بين حركة امل وحزب الله، وان هذه الخطوة تعتبر تصعيدا اميركيا واضحا لا بستهدف امل وحزب الله فحسب بل ايضا شريحة كبيرة من اللبنانيين والسيادة اللبنانية، عدا انه يشكل محاولة ضغط على الرئيس بري في موضوع الحدود البحرية بعد ان كان توصل لاتفاق مع الاميركيين ويبدو انهم يحاولون اجراء تعديل جديد عليه لتحقيق مكاسب معينة لاسرائيل عشية الانتخابات الرئاسية الاميركية وحاجة ترامب للصوت اليهودي.
وسبقت وسائل اعلام لبنانية وفضائيات عربية قرار العقوبات الاميركية بحق الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس بالتبشير بعقوبات على مسؤولين لبنانيين . ولاحظت مصادر مطلعة ان ما استند اليه قرار الخزانة الاميركية يندرج في اطار التقارير ذات الطابع السياسي انطلاقا من العلاقة العلنية بين الوزيرين مع حزب الله .
واضافت المصادر ان الاتهامات بحقهما هي اتهامات سياسية بامتياز ، خصوصا ان حسن خليل وفنيانوس على تواصل دائم مع قيادات في حزب الله بحكم علاقات التعاون السياسي بين امل والمردة مع الحزب.
رد امل على العقوبات الاميركية
وغداة قرار العقوبات الاميركية بحق الوزير علي حسن خليل ترأس الرئيس نبيه بري اجتماعا طارئا لهيئة الرئاسة في حركة امل، وجرى البحث في حيثيات واهداف القرار.
وصدر بعد الاجتماع بيان اكد» ان الرسالة وصلت»، متوجها للادارة الاميركية بالقول»انتم مخطئون في العنوان وفي الزمان وفي المكان».
ورأى ان استهداف الوزير خليل ليس استهدافا لشخصه ، انما هو في الحقيقة استهداف للبنان ولسيادته ولخط حركة امل خط الدفاع عن لبنان ووحدته وعروبته وعن حقنا في الدفاع عن ثوابتنا وحقوقناوحدودنا.
ولفت في بيان قيادة امل التأكيد « ان حدودنا وحقوقنا السيادية في البحر والبر نريدها كاملة ولن نتنازل او نساوم عليها مهما بلغت العقوبات والضغوطات ومن اي جهة اتت . وكشفا للحقيقة ان اتفاق السير بترسيم الحدود البحرية في الجنوب اللبناني اكتمل مع الولايات الاميركية ووافقت عليه بتاريخ 2020/7/9 وحتى الآن ترفض توقيت اعلانه دون اي مبرر».
واكدت الحركة ان القرار الاميركي لن يغير قناعاتها وثوابتها الوطنية والقومية على الاطلاق.
وفي تصريح له رأى عضو كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم ان القرار الاميركي هو استهداف سياسي، مشيرا الى «ان الادارة الاميركية عودتنا ان تختار توقيتا يخدم سياستها».
وقال» نتوقع قرارات مماثلة، وهذه العقوبات تزيد من الاصرار على ان تكون وزارة المال بعيدة عن الاملاءات الاميركية باي شكل من الاشكال ، ولن تسحب وزارة المال من دائرة حركة امل وهذه الحقيبة تتعلق بالتوازن الوطني السياسي الذي كرسته الاعراف».
فرنجية يرد
وردا على العقوبات بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس اكد رئيس تيار المرده سليمان فرنجية أن القرار هو «قرار اقتصاص لموقفه وقناعاته وموقعه، ونحن كمرده لم ولن نخجل يوما بمواقفنا بل نفتخر ونجاهر بها من منطلق ايماننا بارضنا وسيادتنا وهويتنا ، وعليه نعتبر القرار قرارًا سياسيا ما يزيدنا تمسكا بنهجنا وخطنا».
وحزب الله أيضاً…
علق حزب الله في بيان على القرار الأميركي بفرض عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، مشيرا الى أنه «في الجانب المعنوي إننا نرى أنّ هذا القرار الجائر هو وسام شرف للصديقين العزيزين ولكل من تتهمه الإدارة الأميركية بأنه مقاوم أو داعم للمقاومة».
وشدد على أن «الإدارة الأميركية هي سلطة إرهابية تنشر الخراب والدمار في كل العالم وهي الراعي الأكبر للإرهاب الصهيوني والتكفيري في منطقتنا ولا يحق لها أساساً أن تصنف الشرفاء والمقاومين وتصفهم بالإرهاب وكل ما يصدر عن هذه الإدارة مدانٌ ومرفوض».
ورأى أن «سياسة العقوبات الأميركية هذه لن تتمكن من تحقيق أهدافها في لبنان ولن تؤدي إلى إخضاع اللبنانيين وإجبارهم على التنازل عن حقوقهم الوطنية السيادية، بل ستزيدهم تمسكاً بقرارهم الحر وكرامتهم الوطنية وسيادتهم الكاملة، وإن المواقف الصادرة عن هيئة الرئاسة في حركة أمل وعن رئيس تيار المردة تؤكـد هذه الحقيقة»، مؤكدا «تضامننا مع الأخوين العزيزين ووقوفنا إلى جانبهم ونحيي موقفهما الثابت والراسخ والمضحي من أجل الدفاع عن لبنان وحريته وكرامته».
جبهة التيار ـ القوات تشتعل
على صعيد آخر، واصل رئيس حزب القوات اللبنانية هجومه العنيف على العهد والتيار الوطني الحر واطـراف الاتفاق الحكومي ووصفهم «بالزمرة الحاكـمة».
ورأى في بيان له امس انه «معيب ما يحدث على مستوى تشكيل الحكومة «، معتبرا انه على الرغم من كل ما حصل» عود على بدء ، الثنائي الشيعي لا يوافق، وجبران باسيل يريد، ومحاصصة من هنا ومواقع نفوذ من هناك وهلمّ جرّا».
وقال»طالما هذه الزمرة الحاكمة متمسكة بزمام الامور لا امل يرجى».
وردّ الأعلام المركزي للتيار ببيان شديد اللهجة متهما جعجع بالاستمرار بمسلسل الكذب، مؤكدا ان باسيل لم يلتق رئيس الحكومة المكلف الا خلال الاستشارات النيابية وابلغه انه لا مطلب ولا شروط للتيار بتأليف الحكومة سوى التزامها بالبرنامج الاصلاحي المتفق عليه واختيار الوزراء القادرين على تنفيذه سريعا. والحقيقة ان باسيل ان كان بريد شيئا فهو ان تنتهي حفلة الكذب والقتل السياسي التي يمارسها امثال سمير جعجع».
فرنسا تتابع التأليف : ايمييه في بيروت
علم ان رئيس المخابرات الفرنسية برنار ايمييه زار بيروت لساعات في مهمة لمتابعة عملية تشكيل الحكومة عن كثب موفدا من الرئيس ماكرون . وقد التقى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم وشخصيات اخرى.
ولم يكشف النقاب عن تفاصيل المحادثات التي اجراها ، لكن مصدرا ربط الزيارة برغبة باريس في ولادة الحكومة خلال الايام الباقية من المهلة وتذكير المسؤولين اللبنانيين بهذا الالتزام.